ركائز الاقطاع العثماني في القرن 16م وعلاقته بالانظمة الاقطاعية الاسلامية الوسيطة

       كانت الزراعة الدعامة الاقتصادية الاساسية في العصور القديمة والوسطى لان انتاجها  شكل الغذاء الرئيسي للغالبية العظمى من السكان.وهو عينه امن المواد الاولية للصناعة عموما وللعديد من السلع التجارية.وعلى هذا ، اعتنت معظم الدول ان لم نقل كلها بالزراعة واولتها اهتماما اساسيا ، ونظمتها بما يتلاءم مع توجهاتها العامة. وقد يكون الاقطاع احد ابرز سمات تلك الاهتمامات لانه ، بوجه عام ، ظاهرة حضارية تنظم العلاقات الزراعية بين فئات المجتمع باشراف الدولة ورعايتها.

    ومن الواضح ان الدولة العثمانية انبثقت من قبيلة تركية او تركمانية تبعا لاجتهادات المؤرخين.ولكن من الثابت انها تأسست في رحم دولة سلاجقة الروم التي نشأت على اثر معركة منزكرت عام 1071، وتاليا فان التأثير السلجوقي سيكون له دور في بعض نظمها ومفاهيمها على الاقل من حيث النظام الزراعي المرتبط اصلا بالنظام الاقطاعي.

      وبديهي القول ان السلاجقة قبائل غزية اعتنقت الاسلام وتمكنوا من تأسيس سلطنة مترامية الاطراف حكمت باسم الخلافة العباسية، وخلفت دولا ودويلات اسلامية في العراق وفي بلاد فارس متأثرة الى حد بالنظم التي كانت سائدة انذاك وطوعت بعضها بما يتلاءم مع تطلعاتهتا السياسية والادارية والاقطاعية.ولم تلك النظم التي ورثها السلاجقة وليدة من سبقهم مباشرة بل تراكما طويلا الامد تعود جذوره الى العهد الراشدي، وتأثر عبر الزمن التاريخي بتلون اشكال الحكم، على الرغم من انها كلها كانت اسلامية، ولكنها اصطبغت بميزات كل شعب من الشعوب التي تعاقبت على الحكم في ظل الخلافة العباسية.واذا كان البحث ينحصر بدراسة الاقطاع فبديهي القول ان العصر العباسي الثاني ( السيطرة التركية 232-334/ 847-945م) ترك بصمات اولية على نظام الاقطاع العسكري في الاسلام ام لم نقل انه شكل بداياته الخجولة.وسيجد هذا النظام مرتكزاته الاساسية في العهد البويهي (334-447/ 945-1055م) . اما العهد السلجوقي فقد اوجد النظام الاقطاعي العسكري الاداري.

    وعلى هذا، نطرح سؤالين اساسيين: – ما هي مرتكزات الاقطاع العثماني خلال القرن 16م، ومن اين استمدت، وهل ظلت جامدة ام تحولت لتواكب الظروف السياسية والعسكرية وحاجات الدولة العثمانية الاقتصادية؟ وهل كان الاقطاع عسكريا على غرار النظم الاقطاعية الاسلامية الاخرى التي نشات في المشرق العربي؟

  • الى اي مدى راعى العثمانيون السياسة الشرعية الاسلامية على مستوى الارض والزراعة وتاليا الاقطاع؟

    ومن المفيد التنويه ان الاقطاع العثماني تأثر ايضا بالاقطاع البيزنطي لان السلطنة العثمانية نشأت في بداياتها على ارض بيزنطية يعتاش من مردودها فلاحون بيزنطيون يخضعون لسياسة دولتهم الاقطاعية.كما ارتبط ببعض وجوهه بالاقطاع المغولي لاكثر من سبب: الصراع الحدودي بين المغول والعثمايين، واحتلال المغول الدولة العثمانية على عهد تيمورلنك[1]، والتحاق عدد من القبائل الغزية التي كانت خاضعة للمغول بالدولة العثمانية[2].ولكن الموضوعين لا يرتبطان بهذا البحث الذي سيقتصر على العلاقة بالانظمة الاقطاعية العثمانية.  

     1- مفهوم الاقطاع في الاسلام : ولم يغفل الاسلام عن ظاهرة  الاقطاع، بل عززها ونظمها وفق اصوله التشريعية0ويعتبر الرسول اول المشرعين[3] في هذا المجال تحدوه على ذلك عدة دوافع : التآلف على الدين ، والعون الاجتماعي ، والاستثمار المادي المتمثل باستصلاح الاراضي الموات0[4]ويمكن ادراج هذه العوامل في اطار الجهاد ، الذي لم ينحصر معناه في سبيل نشر الدين فحسب ، بل ايضا من اجل خير المسلمين على الصعد كافة : الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وان كان نصيب المجاهدين العسكريين اوفر من غيرهم

      وبما ان الدولة العثمانية والدول التي سبقتها في حكم الشرق العربي كانت اسلامية بوجه العموم ، وحكمت ايضا وباستمرار شعوبا  اسلامية واخرى غير اسلامية ، فلا بد ، والحال هذه ، من القاء الضؤ على السياسة الاقطاعية الاسلامية التي ارساها الرسول ومن بعده الخلفاء الراشدون وصولا لمعرفة مدى مراعاة العثمانيين لهذه المبادئ ، واين شذوا عليها ، ومدى الحداثة في تنظيماتهم الاقطاعية0

   حدد الرسول سياسته الاقطاعية بفرض الخراج او العشر على الاراضي الزراعية [5]، والمراعي [6]التي اعتبرها من المنافع العامة ، ومعادن الارض0

    واذا كان الشرع الاسلامي يعتبر عملية تراكمية لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، فان ملكية الاراضي واقطاعها خضع ، بوجه العموم ، في الدول الاسلامية للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتأثرة اصلا بالتحولات الساسية ، وبارتباط فتاوى العلماء المسلمين او على الاقل بعضها بمناحي السلطة السياسية ، ما جعل عملية الاقطاع متحولة تخدم رجال السياسة او بالحري الحكام وفق متطلباتهم المالية0وتبعا لاصول الفقه فان الشرع الاسلامي لم يجز اقطاع الضرائب ولا مردود بيت المال منها0ويمكن ايجاز مفهوم الاقطاع في الاسلام بما حدده الماوردي ” الاقطاع ضربان : اقطاع استغلال ، واقطاع تمليك “[7] ، وبما شرحه القلقشندي في شروط الاقطاع[8]0وعلى هذا، ارسي مفهوم الاقطاع في الاسلام0 ويبقى السؤال الى أي مدى روعيت روحيته ، وما هي دواعي تجاوزه ؟

2 – خلفية الاقطاع العسكري : على الرغم من التقلبات السياسية والصراعات العسكرية والتحولات الاقتصادية في الدولة العربية والاسلامية ، فان الوضع الاقتصادي لم يتأثر بها سلبا بوضوح جلي الا اعتبارا من اواسط القرن الثالث هجري / التاسع الميلادي[9]0حين حدثت تحولات شبه جذرية في بنية المجتمع الاسلامي ، وفي هيكليته السياسية ، وبدأ الصراع الاثني الثنائي حينا ، والثلاثي حينا آخر : بين العرب والفرس والاتراك والبربر وغيرهم0فتفسخت الدولة العباسية ونشأ على اطرافها وفي قلبها دويلات عرقية [10]، واخرى مذهبية [11]0فاستبعد العرب اجمالا عن المسرحين السياسي والعسكري وحل مكانهم جماعات من الاتراك ممن لا حضارة مميزة لهم0وغدا الخليفة رهن ارادتهم ان شاءوا ابقوه ، وان ارادوا عزلوه او قتلوه[12]0وتزعزعت البنية الاقتصادية في دولة الخلافة ، فقل دخل بيت المال ، بفعل المصادرات وسيطرة الاغنياء من الحكام على الولايات[13]، وتشكلت ارستقراطية جديدة في دولة الخلافة قوامها الاغراب من اتراك فديالمة ( بويهيون ) ثم سلاجقة ، حتى فقدت السلطة السياسية المدنية قدرتها على ضبط الادارة المالية[14] وافلس بيت المال[15]0ونشأ مع اتراك العصر العباسي الثاني ( 232 – 334 / 847 – 945 ) نوع من الاقطاع شبه العسكري الاداري[16]0

          وبمجيء البويهيين الى السلطة حصل تجاوز لحد السلطة والشرع معا باقطاع حقوق بيت مال المسلمين وتضمينها للعسكر فقط [17]فنشأ الاقطاع العسكري بامتياز[18]0وأسس لمن جاؤ بعدهم من اغراب عن المنطقة العربية : سلاجقة ، ايوبيين ، ومماليك ، بما في ذلك عصر الانحطاط في العهد الفاطمي او ما يعرف بفترة حكم الوزراء ، الاقطاع العسكري الذي تركز في كل تلك العهود ليجد كل مقوماته في العصر المملوكي. ويبقى السؤال الابرز : هل كان الاقطاع العثماني مشابها لتلك الانماط ، ام ان تحديثا ادخل عليه ، ام انه جاء مزيجا من هذا وذاك ؟ 

       بعد ان بسيطر العثمانيون على البلاد العربية بعد انتصارهم على المماليك في مرج دابق 1516 ، والريدانية 1517 عم نموذج من الاقطاع ارتبط بالنظامين الاداري والعسكري العثمانيين المتجذرين بانماط بيزنطية واسلامية سابقة اكان في الدول الاسلامية او في الدول المغولية المتعاقبة ، مراعيا اصولا تشريعية اسلامية الى حد ومطوعا برؤية عثمانية ترعى المصالح الذاتية العثمانية العليا0وعلى الرغم من اعتماد الفتح العثماني للبلاد العربية بداية العصور الحديثة في الشرق ، يبقى سؤال مركزي هل كانت كذلك ؟ في حين ان النظم والقوانين الوضعية والعقلية كانت آخذة بالهيمنة على اوروبا الغربية لتحل مكان القوانين الكنسية ، لتتلائم ومتطلبات قيام المدن التي ولدت على حساب النظام ( الاقطاعي الاوروبي ) الفيودالي [19]ولا سيما ان عصر النهضة كان اخضع كل المسلمات القديمة لسلطان العقل[20]0

اولا : الاقطاع العثماني الحربي

1- انواع الاراضي العثمانية : لم يخرج مفهوم الاراض من حيث تصنيف استغلالهاعلى ما عهد في الدول الاسلامية السابقة أي : العشورية ، والخراجية ، والمشاع والمنافع العامة[21]0وكانت العشورية ملكا لاصحابها المسلمين ، ولهم حرية التصرف بها شرط ان يؤدوا عنها العشر الذي غالبا ما كانت تزداد قيمته عن العشر[22]0وكانت الخراجية في الاساس ملكا للذميين يدفعون عنها الخراج الذي تراوحت قيمته بين 10 و 50% [23]، والاراضي الميرية وهي ملك خالص للدولة كانت تقطع للعسكريين واحيانا للمدنين ويؤدي عنها مستغلوها او مستأجروها الخراج[24]0انما بمرور الزمن والتحايل على القانون وتجاوزه تحول بعضها الى ملكيات خاصة غير مقيدة.اما الاراضي التي ظلت خراجية فتحولت تسميتها الى اراضي ميري[25]0وكانت اراضي الوقف على ضربين : وقف غير مشروط خيري افادت منه المؤسسات الخيرية والاجتماعية على اختلاف انواعها ودور العبادة ، ووقف ذري[26]0وكان يفيد من اراضي المشاع جميع السكان كل ضمن نطاق قريته.

        لم تكن جميع انواع هذه الاراضي عثمانية في تسمياتها الاولى ، لاننا نجد اصول معظمها في الاراضي الاسلامية التي اختط سياستها وضرائبها الرسول وتبعه في هذا النهج الحكام المسلمون على اختلاف مستوياتهم ، انما العثمنة فيها تمثلت في صيرورة بعضها ، وفي نمط استغلالها0

    2- هدف الاقطاع الحربي:

    أ –اقطاع السباهية: نشأت الدولة العثمانية قبيلة توسعت تدريجا لتضم جماعات تركية متنوعت الاصول انضوت تحت زعامة مؤسسيها بدأ بعثمان بن ارطغرل وابنه اورخان [27]0واعتمدت نظاما حربيا اقطاعيا ، قوامه تأمين مصدر ثابت لضخ جيوشهم بالجنود من دون ان تتجشم الدولة تنظيم جيش نظامي يقيم في الثكنات وتدفع رواتبه من خزينة الدولة ، بحيث اقطعت المحاربين مناطق زراعية يزرعها الفلاحون ويقدمون للعساكر اموالا نقدية او عينية [28] ويؤدون عنها الضريبة للجنود – ليست لدينا معلومات واضحة فيما اذا كانت الضريبة عشرية او خراجية –الذين يظلون ابدا على استعداد دائم للاشتراك بالحملات العسكرية ، كما كانوا معفيين من دفع الضرائب لخزينة الدولة لقاء تقديمهم عدد من الفرسان للحملات العسكرية العثمانية كل بحسب نسبة اقطاعه [29]

     كان الهدف من هذا النظام ، الى جانب اعفاء الخزينة من دفع رواتب الجند ، اعفاءها من مهام ادارية كجمع الضرائب ، وتوفير رواتب جباة الضريبة على خزينة الدولة[30]0وتطور هذا النظام عندما اتسعت رقعة الدولة عن طريق الفتوحات ، وقوي نفوذ الجند ، ما ادى بامرائهم الى ان يمارسوا مهاما امنية وادارية في مناطقهم الاقطاعية0وعرف هذا النظام عند العثمانيين بعدة اسماء ، انما الصفة الغالبة عليه كانت ” درلك ” وهي تعني المعاش او مورد الرزق ، واطلق على هؤلاء الفرسان اسم ” سباهي “[31]0اما الخاص فكان من نصيب الوزراء وغيرهم من الباشوات، فضلا عن حاشية السلطان[32].وتوزع السباهية على درجات هرمية شكل ” سباشي ” قاعدتها ، وتلاه ” علاي بك ” ثم ” سنجق بك ” واعلاها ” بيلربك “[33]0

 ب – الاقطاع السلجوقي: لم يكن هذا التنظيم جديدا كليا عند العثمانيين ، فقد عرف في عهود الضعف العباسية؛ فالعهد البويهي عرف نوعا من الاقطاع العسكري غير المتكامل الصفات [34]، ولكن هذا النظام الاقطاعي العسكري سيجد الكثير من مقوماته في العهد السلجوقي ( 945 – 1055 ) حين نشأ مع السلاجقة الاقطاع العسكري الاداري المستند على نظام الاتابكة [35]0ويعتبر  نظام الملك الطوسي وزير السلطان ملكشاه ( 465 – 485 / 1072 – 1092 ) اول من تلقب بأتابك ،[36] وايضا اول من اقطع الاراضي للجنود عوضا عن الرواتب ، لانه اعتبر هذا الحل افضل لعمارة البلاد ، وبالتالي لزيادة دخل بيت المال [37]0

        وهكذا اقطع السلاطين السلاجقة القلاع والحصون والمدن والولايات لامراء جيشهم واهل بيتهم ، وبالتالي قسمت اراضي الدولة السلجوقية الى اتابكيات اقطاعية[38]، فكان على الاتابك اقطاع جنوده الاقطاعات ، والمجيء بهم الى الحضرة السلطانية كلما دعت الحاجة الحربية.وصار الاقطاع يقاس بعدد الجند الذي يقدمه الاتابك[39]الذي مارس سلطات امنية وادارية غير محدودة في اتابكيته0

     وتجدر الملاحظة الى التشابه بنسبة عالية بين النظامين الاقطاعيين السلجوقي والعثماني ان من حيث الوظيفة العسكرية والامنية والادارية ، او الرواتب العينية والضرائبية ، وتحديد نسبة الاقطاع بعدد الجنود الذي يقدمهم الاقطاعي عند الضرورة الحربية0وكما ان الاقطاع السلجوقي كن تراتبيا هرميا : الجندي تابع لقائده ، والقائد للاتابك ، والاتابك للسلطان [40] ، كذلك كان السباشي تابع لعلاي بك ، وهذا تابع لسنجق بك ، والسنجق بك لبيرل بك ، وهذا الاخير للسلطان0 ولم يرد للاتابك ان يورث اقطاعه سلاليا ، ولكن عندما ضعفت السلطنة السلجوقية تمكن الاتابكة من توريث اقطاعاتهم[41]0في حين حق للسباهية توريث اقطاعاتهم الا في حال عدم توفر وريث[42]عندها يقطع لمن تتوفر فيه الشروط القانونية[43]

ج- الاقطاع المملوكي : من الواضح تماما ان المماليك نشأوا فرقا عسكرية محترفة لحماية سادتهم الايوبيين، وانحصرت مهامهم في العهد الايوبي بالصفة العسكرية البحتة.ولكن انقلابهم على طوران شاه آخر السلاطين الايوبيين في مصر، وصراعهم مع ايوبيي بلاد الشام، ومع المغول والصليبيين في بداية دولتهم زاد من التصاقهم بالصفة الحربية، بحيث اعتبروا انفسهم مسؤولين عن حماية البلاد.وبالتالي توزعوا الاراضي التي بسطوا سلطانهم عليها اقطاعات عسكرية يعيشون من مردودها.وعندما اشتدت شوكتهم وبسطوا سلطانهم على مصر وبلاد الشام كلها زادت قوتهم وقناعتهم باقتسام كل انتاج الدولة عوضا عن الرواتب النقدية المباشرة من بيت مال المسلمين.ومارسوا، كما سنلاحظ لاحقا، مهام ادارية وامنية وعسكرية[44]جريا. على التقليد السابق الذي مارسه كل من السلاجقة والايوبيون المرتبط بذهنية الحماية، ولكنهم طوروه بما يتناسب مع ذهنيتهم الحربية.

3- الحصص الاقطاعية ومستويات المقطعين.

  أ – الاقطاعات السباهية : وقد تنوعت اقطاعات السباهية ، وكانت على ثلاث مستويات :قاعدتها التيمار، ومتوسطها الزعامت ، واعلاها الخاص[45]0وكان التيمار اقطاعا صغيرا يدر على صاحبه بين الفين الى 19999 اوقجة او آقجة [46]، ويفترض بصاحب التيمار الذي يتقاضى الحد الادنى أي الفين الى ثلاثة آلاف آقجة ان يذهب بنفسه ولوحده الى الحرب مجهزا بفرسه وترسه ( جوشنه ) وخيمته0واذا زاد اقطاعه عن الحد الادنى توجب عليه ان يصحب معه فارسا اضافيا يسمى ” الجبه لي ” وكلما زادت مساحة تيماره وارتفع دخله كلما ارتفع عدد الجنود المتوجب عليه احضارهم الى الحرب بنسبة جندي عن كل ثلاثة آلاف اوقجة من دون ان يجاوز عددهم الخمسة فرسان[47]0ويصل مردود الزعامت الى مئة الف اوقجة ، ولا يمنح الا لمن يظهر مقدرة قتالية عالية ، ويتوجب على الزعيم صاحب ( الزعامت ) ان يجهز الى الحرب حوالى عشرين فارسا [48].وبالتالي كان الاقطاع يتناسب مع عدد الفرسان المتوجب على المقطع اعدادهم كلما دعت الحاجة الحربية، ما يعني عدالته من حيث المبدأ.

       ويبدو جليا التشابه الكبير بين الاقطاعين السلجوقي والعثماني من حيث الصفة الحربية البحتة لصاحب الاقطاع عن طريق اعداد الجنود بما يتناسب مع مساحة الاقطاع ومع مردود ضرائبه، ومن ممارسته مهام ادارية ترعى شؤون الاقطاع.ولكننا نجهل ما اذا كان الاتابك حصل على قطعة ارض اضافية معفية من الضرائب على غرار السباهي.ذلك ان بعض اقطاعات السباهية كانت تتألف من قسمين : الارض الاساسية وتسمى ” قليج “، وما يضاف اليها ويسمى ” ترقي ” وكانت هذه الاضافة تمنح بغية توفير عشر الدخل الذي يدره القليج[49] ، وكانت الاقطاع الذي يجمع النوعين معا يعرف ب ” الحصت “[50]. وكانت الحكومة العثمانية تعتمد هذا الاجراء لتشجع السباهي كي يظل ابدا متأهبا للقتال ويرعى شؤون اقطاعه على اكمل وجه[51].

        اما الخاص فكان مميزا عن الاقطاعين السابقين : اولا بعدم خضوعه لتفتيش الدفتر دار ، وثانيا بانه كان من نصيب من يشغل منصبا حكوميا عاليا مثل الوالي[52]0وكان هناك نوع آخر من الخاص المعروف ب” الخاص همايون ” وكان ملكا خالصا للسلطان ، وهو اكبر الاقطاعات وافضل الاراضي جودة ، وهو لا يدخل ضمن بحثنا0

     وكانت نسبة توزيع الاقطاع في سنجق ما على النحو الآتي : 2/5 من فئة التيمار

1/10 من فئة الزعامت

1/5 خاص

1/10 اوجقلقات أي اقطاعات ملك لفئة عسكرية

1/5 وقف[53].

     وكانت الدولة تملك رقبة هذه الاقطاعات وتمنح حق استغلالها للقادة العسكريين ممن يقدمون خدمات حربية، وهؤلاء ينقلون حق الزراعة الى الفلاحين على قاعدة حق الحيازة Possessoire يجبون منهم العشر الخاص بالدولة لقاء الاقطاع فضلا عن ضرائب اخرى تشكل راتب السباهية.وكان يطلق على عائدات هذه الضرائب ” درليك” اي الاقطاع[54]      

ب- الاقطاعات المملوكية : ان الاراضي الاقطاعية المملوكية توزعها السطان وامراؤه والاجناد جميعهم ، واعتمد على القيراط كوحدة للتوزيع الاقطاعي بحيث بلغت نسبة الاراضي 24 قيراطا0وقد وزعت في بداية الامر على الوجه التالي : السلطان مع اجناده اربعة قراريط ، تم تعديلها على عهد السلطان لاجين اثر الروك المعروف باسمه عام 1298 ، وصار نصيب السلطان وحده اربعة قراريط ، وحصة مماليكه ( المماليك السلطانية ) تسعة قراريط0[55]وجرى تعديل جديد على نصيب السلطان في الروك الناصري عام 1315 وصارت حصته تبلغ تسعة قراريط[56]0اما الامراء على اختلاف مستوياتهم واجناد الحلقة صارت حصتهم 11 قيراطا[57]0وفي عهد الناصر محمد ادخل تعديل جديد على انصبتهم في الروك الناصري بين 1313 و1315 فغدت 14 قيراطا[58]0

     وكان الامراء على عدة مستويات : امير مئة ومقدم ألف ، ويحق له ان يقتني من ماله الخاص مئة مملوك ،  وكان امراء المئة يشغلون المناصب الرئيسة في الدولة ومنهم ينتخب السلطان[59]، وكان امير المئة يقود في الحرب ألف جندي[60]

   امير اربعين او طبلخاناه ويحق له ان يقتني من ماله الخاص اربعين مملوكا ، ولامير عشرين عشرين مملوكا ، ولامير عشرة عشرة مماليك[61]0اما حصصهم الاقطاعية فتراوحت كما يلي :

امير مئة : من 80 الى مئتي ألف دينار جيشي[62]

امير اربعين : من 23 الى 30 ألف دينار جيشي

امير عشرة من سبعة الى تسعة آلاف دينار جيشي

 اعيان مقدمي الحلقة من 250 الى 1500 دينار جيشي[63]

وكانت رتبة امير الخمسة تلي رتبة امير العشرة ، وهي خصصت لامراء العربان وغيرهم من ابناء البلاد ممن اعتبروا من اجناد الحلقة ، وكان يبلغ نصيب امير خمسة ثلاثة آلاف دينار جيشي وما دون[64].

    والمقطعون المماليك، كما السباهية، نقلوا استغلال الارض الى الفلاحين الذين دفعوا الضرائب كالخراج المتوجب على العبرة الاقطاعية، اضافة الى حصة المقطع من الانتاج، ناهيك بالضرائب الاستثنائية غير المبررة[65]

ج- اوجه الشبه :استند الاقطاع العثماني على الآقجة كوحدة اساسية لمردود الاقطاع وهو كان نقدا متداولا في حين استند المردود الاقطاعي المملوكي على الدينار الجيشي الذي فقد قيمته النقدية الثابة التي كانت له في بداية الدولة، ولكنه ظل نقدا رمزيا، وبتعبير اوضح مقدارا سهميا لتوزيع الاقطاعات ولتحديد منزلة صاحب الاقطاع.كما نجد تشابها آخر يتمثل بمن يحق له بالاقطاع، وبالتراتب الهرمي للمقطعين:فنلاحظ عند العثمانيين ان الوالي مثل اعلى رتبة اقطاعية وتدرج الامر نزولا الى الجندي السباهي، في حين مثل امير المئة ومقدم ألف اعلى رتبة عند المماليك وتدرج نزولا الى الجندي الحلقة.

4 – المهام    

أ-  مهام السباهية : لم تقتصر مهام السباهية ، لقاء الاقطاعات التي منحت لهم ، على الانخراط في الحملات العسكرية ، بل انيطت بقادتهم مهام ادارية ، وانتظموا تحت قيادة قادتهم الذين توزعوا الى ثلاث مستويات :

الصنف الاول ويعرف ب الآلاي بيكي ( الآلاي ) تعني الآمر ، و( بيكي ) فوج العسكر ، أي آمر فوج العسكر ، وهو اعلى الرتب واسماها ، ويعين هؤلاء القادة من بين كبار الاقطاعيين في السناجق من اصحاب الزعامات التي تمنح لهم مدى الحياة ، والتي لا يقل دخلها عن مئتي ألف اوقجة. بحيث عندما يصبح احدهم آلاي بيكي يجب الا يقل دخله عن المليون اقجه، وقد منحه  النظام الاقطاعي حق توريث وظيفته[66]0 ويحصل القائد على علم خاص ، وتقرع الطبول على بابه مرتين في اليوم ، ويعتبر نائبا للسلطان في سنجقه[67]0وكان عليهم ايضا ان يجمعوا السباهية في السنجق الذي يديرون ، ويجهزوا الجنود والخيام وما الى ذلك مما تستدعيه حالة الحرب[68]0

     ويتألف الصنف الثاني من الجيري باشي او السوباشي وينتخبون من اصحاب الزعامت في الاقضية حيث يمارسون فيها ابان السلم مهام اصحاب الشرط[69]

     اما الفئة الاخيرة فتألفت من الجيري سروجي الذين انحصر عملهم في الحرب فقط بارشاد السباهية وبحراستهم[70]0

          ويبدو جليا ان الاقطاع العثماني في بداياته اعطي للوظيفة ، يمارس صاحبه مهام عسكرية وادارية ، ويعتاش من مردود اقطاعه من دون ان يحصل على راتب نقدي من خزينة الدولة0وكان يمكن ايضا توريث هذا الاقطاع ، بمعنى ان الوظيفة بحد ذاتها كانت احيانا وراثية ، وبالتالي لا يسقط الاقطاع عن صاحبه بتقدمه بالعمر ، او بعجزه عن اداء مهماته مادام بامكان وريثه تولي مهامه0

   ب – عند السلاجقة : لذلك يبدو التشابه واضحا بين الاقطاعين السلجوقي والعثماني ، فالاول انتظم ، كما اسلفنا ، في عهد الوزير نظام الملك عندما نشأ نظام الاتابكيات التي اصبحت وراثية0وكان يساعد الاتابك اداريون آخرون منهم الشحنة وهي وظيفة ادارية وعسكرية في آن بحيث كان يقوم بمهام الوالي ، والمقدم من دون ان نعرف بالضبط مهام كل منها بالتفصيل[71]0

  ج-   مهام الامراء المماليك : اما في العهد المملوكي فنجد بعض التشابه اضافة الى بعض الاختلاف ، ان امراء المئة شكلوا النظام الاداري العسكري المملوكي لقاء اقطاعاتهم الوفيرة ، من دون ان يتوجب عليهم اعداد ممليك للحرب ، بل على الامير منهم قيادة ألف مملوك من اجناد الحلقة او المماليك السلطانية في الحملات العسكرية التي يقررها السلطان0اما الوظائف الاساسية التي تولاها امراء المئة فهي : اتابك العسكر أي قائد الجيش ، الامير الكبير وهو لقب اكبر الامراء واقربهم الى السلطان (وهي نشأت تبعا للخالدي على عهد الدولة الجركسية)  ورأس نوبة النوب ، امير سلاح كبير ، امير مجلس ، امير آخور كبير ، الدوادار الكبير ، المشير ( نشأت ايضا على عهد دولة الجراكسة ) الوزير ، حاجب الحجاب ، الاستادار ، ونواب النيابات على حد سواء في مصر وبلاد الشام وكان اعظمهم نائب الشام [72]0وكان نواب السلطان في النيابات يحكمونها اداريا وامنيا وكأنهم سلاطين مصغرين ، وعليهم جمع الاجناد في نياباتهم ولا سيما اجناد الحلقة أكان من ابناء البلاد المحليين او التابعين لاجناد الحلقة الاساسيين النظاميين والخروج بهم الى الحرب بأمر السلطان0وهم بذلك يشابهون الى حد بعيد الآلاي بيكي ، ولكنهم يختلفون عنهم جذريا في انهم لا يمنحون الاقطاع عينه مدى الحياة ، اذ كان الاقطاع مرتبط بالوظيفة ، ولا يمكن توريثه بأية طريقة[73]0والتزم المقطعون بعمارة الجسور البلدية بالاشتراك مع الفلاحين[74]0

       اما امراء الطبلخاناه فكانت مهامهم ادارية ايضا وعسكرية ابان الحرب ، وقد تولوا وظائف مشابهة لامراء المئة ولكنها برتبة ادنى ، ولعل ابرزها نائب القلعة في النيابة ، وهو الى حد جاسوس على نائب السلطان في نيابته يجهد لاعلام السلطان بكل تصرفات نائبه خصوصا المتعلقة بالانقلاب عليه[75]

      وعلى هذا كانت الوظائف في الدولة المملوكية لخدمة السلطان اولا ، ولادارة البلاد ثانيا باشرافه ، وما المهام التي تولاها مماليك الامراء الا خدمة لهم ايضا على غرار السلاطين.  وبالتالي فان النظام العسكري المملوكي المرتبط ابدا بالنظام الاقطاعي كان ارستقراطيا بامتياز – ان جاز تعبير اليوم على العصور الماضية _ ذلك ان الاقطاعات الوفيرة التي حازها امراء المئة ، والطبلخاناه ، وصولا الى امير عشرة لم تمنح لهم الا ليعتاش منها الامير ويعيل اجناده [76]، علما ان هؤلاء الاجناد ما كانوا يشاركون بالحملات العسكرية ، التي انحصر القتال فيها بالمماليك السلطانية وباجناد الحلقة0[77]اذا كانت مهام امراء المماليك خصوصا الكبار ادارية بالدرجة الاولى، وعسكرية قيادية من جهة ثانية، وامنية من جهة ثالثة بحيث كان يتوجب عليهم استتباب الامن في اقطاعاتهم. من هنا يتمايز الاقطاع العثماني بوضوح عن نظيره المملوكي بحيث كان على القادة في الاول جمع الجنود السباهية والسير بهم الى الحرب ، في حين ان في الثاني كان يقود الامير فيه الجنود التي خولهم له النظام العسكري0

      اما التشابه الواضح بين النظامين فينحصر باجناد الحلقة الذين تألفوا من ابناء المماليك على اختلاف مستوياتهم[78]وهم معروفون باولاد الناس ، ومن ابناء البلاد خصوصا العربان ، وممن اسندت اليهم مهام جهادية كالتنوخيين والعسافيين وبني سيفا في لبنان وغيرهم ، ومن القرانصة ( مماليك السلاطين المتوفين ) بعد ان ينشئ السلطان مماليكه الاجلاب0[79]كان هؤلاء قلب الجيش المملوكي يأتمرون بالسلطان من دون ان يكونوا ملكا له[80]ويشكلون ثلث الجيش المملوكي[81] ، وبلغت حصصهم الاقطاعية في بداية العهد المملوكي 10/24 قيراطا وتراوح نصيب الجندي الواحد بين قرية ونصف قرية [82]0وفي الروك الحسامي 1298 بلغت حصتهم مع الامراء 11/24 قيراطا[83]، وفي الروك الناصري 1313 – 1315م اصبحت حصتهم مع الامراء ايضا 14/24 قيراطا وبلغ مقدار اقطاع جندي الحلقة بوجه عام 250 دينارا جيشيا[84]0وانتظموا بالحرب بقيادة مقدميهم الي كان يبلغ مقدار اقطاع المقدم الواحد ألف وخمس مئة دينار جيشي[85]0ولم تكن لهم ولا لمقدميهم مهام ابان السلم سوى الاهتمام باقطاعاتهم0

     وهكذا نلاحظ بدقة التشابه بينهم وبين السباهية من حيث الحصول على الاقطاعات ، من دون ان يكون للماليك حق توريث اقطاعاتهم ، ومن حيث المهام الحربية0

    لن ندخل في دراسة المماليك السلطانية لانهم يشابهون الى حد ” ال يني جيري “

 ثانيا الاقطاع المدني : سار الاقطاع العثماني المدني جنبا الى جنب مع الاقطاع العسكري اذ وزعت الاراضي في مطلع العهد العثماني غير ذات الصفة الحربية على امناء مدنيين تقاضوا رواتبهم من خزينة الدولة ، وجبوا الضرائب المفروضة على كل ناحية[86]0وسرعان ما تسابق الموظفون العسكريون على هذه الوظائف المربحة ، فغدا الامناء ومساعدوهم من العسكريين حتى بات الامناء شبيهين الى حد بعيد بالسباهية ، لا بل يصعب التمييز بينهم[87] ما اضر بالمصالح كلها : خزانة الدولة ، طاقة الفلاحين ، واستغلال الارض على السواء0وادركت الدولة فشل هؤلاء الامناء ، ورأبا للصدع وعدم تفاقم الامور ، ألغت عام 1524م نظام الامانة واحلت مكانه نظام الالتزام ومؤداه ان تعهد الدولة الى شخص نافذ او ثري جباية الضرائب المفروضة على الفلاحين في قرية او اكثر لمدة سنة واحدة فقط على ان يؤدي الى خزانة الدولة ، وقبل مباشرة مهامه ، مبلغا من المال يساوي قيمة ضريبة سنة كاملة على الالتزام[88]، على ان تعرض الاراضي بالمزاد العلني ، ويرسو الالتزام على من يدفع السعر الاعلى[89]

     ويمكننا اعتبار الالتزام نظاما قائما بذاته ، فهو يحدد من حيث المبدأ صلاحيات وواجبات الملتزم ومساعديه ، وحقوق وواجبات الفلاحين ، بحيث توجب على الملتزم الحصول على ثلاث مستندات : التمكين ، وفاميك  Vahmik وتقسيط الالتزام ، وحق للفلاحين بالحصول على ورقة الميرة التي تحدد لهم مقدار الميرة المتوجبة عليهم[90]0

     وما كان الملتزمون متجانسين من حيث عملهم العام ، فبعضهم من رجال الحامية العسكرية ، وبعضهم الآخر من الضباط العثمانيين المتقاعدين ، وفريق ثالث من رجال الدين ، وفريق رابع من مياسير التجار ، كما حصلت بعض السيدات على الالتزام ايضا[91]0

  2 التشابه مع الاقطاع الفاطمي: لم يكن هذا النظام جديدا كليا عند العثمانيي فهو اثر في العهد الفاطمي بحيث كانت تحصل الضرائب اما مباشرة او عن طريق الضمان[92]، يتعهد بموجبه الضامن دفع كامل المبلغ المتفق عليه سنويا ، ويكون عادة اقل مما يحصله الضامن كي يبقى له ربح معين[93]، ويلزم الضامن بتسديد كامل المبلغ حتى وان جاء متحصل الضرائب اقل من المتفق عليه [94]0ويبدو من خلال المصادر الفاطمية ان هذا النوع من الضمان لم يشمل الاراضي فقط ، بل شمل ايضا الدكاكين ( الرباع ) ، والمساكن ، والحمامات ، والمساكن ، والقياسر[95] 0وكان الضامنون من الاثرياء ” الذين جمعوا ثرواتهم في حقول اخرى من النشاط الاقتصادي ولديهم القدرة على الوفاء بمثل هذه الالتزامات الكبيرة “[96]0وكانت الالتزامات تجرى بالمزاد العلني ، ويرسو الالتزام على من يدفع المبلغ الاعلى[97]، ولم يكن الملتزم بالضرورة من ابناء الناحية على جري العادة ، بل فتح المجال امام من يرغب شرط ان يكون قادرا على الايفاء بالشروط ، فتسابق موظفو الحكومة وقادة الجيش على هذا العمل المربح[98]0وبمرور الزمن صار بمقدور الملتزم توريث التزامه وتحولت بذلك الناحية الى اقطاع[99]0وندرك من خلال ذلك ان نظام الالتزام او المالكان العثماني متجذر في القدم ، وبالتالي لم تفرزه العقلية العثمانية ، على الرغم من قضائها على دولة المماليك ، وقد اعتبرت ان من ابرز اسباب حربها عليها سوء معاملة المماليك للفلاحين0خصوصا ان العثمانيين لم يتعظوا من المساوئ التي مني بها النظام الاقطاع المملوكي ، ومن قبله الايوبي وبخاصة الفاطمي الذي اعطي فيه الالتزام مدى حياة الملتزم وتوريثه0ذلك ان العثمانيين عادوا عام 1692 _ وان كان هذا التاريخ بعيدا نسبيا عن الفترة المدروسة في هذا البحث – فاصدروا قانون المالكان واعطي بموجبه الالتزام مدى حياة الملتزم ، واطلقت يده في نقل ملكيته عن طريق البيع شرط موافقة الدولة – طبعا كانت الموافقة مشروطة بالحلوان ( البرطيل ) – [100] ، وحق له توريثه ايضا لاولاده على ان يكونوا قادرين على الوفاء بالالتزام ، وبعد ان يقدموا طلبا الى ديوان الرزناماه للحصول على تمكين جديد ، ودفع مال المصالحة ( الحلوان )[101]0

  3- الجهاز الاداري للملتزم ومصير الالتزام : كان للملتزم جهاز اداري مكون من مساعديه في الالتزام ،[102]  مثل شيخ البلد ، والمباشر ، و المشد ، والشاهد ، والصراف ، والمساح[103]-وموظفيه في ارض الوسية كانوا جميعهم معهودين منذ العهد الفاطمي- وقد توضحت مهامهم اكثر في العهد المملوكي بحيث اورد النويري اسماءهم جميعهم وحدد مسؤولياتهم مثل:شيخ البلد والخولي والشاهد والمباشر…[104] فغدا الحاكم المطلق ، وتسلط على مساعديه وموظفيه والفلاحين ، بل حل مكان الدولة من حيث مسؤولياتها الاجتماعية والاقتصادية والقضائية والامنية ما يؤشر دليل تخلف خصوصا ان الانظمة الفيودالية (الاقطاعية) في الغرب كانت اندثرت او في طريق الانحلال الكامل وكانت الدولة العثمانية على اتصال مباشر بكل ما يحصل في اوروبا0

    وكان الملتزم يترك وصية تحدد حق من يفيد من المالكان بعد وفاته ، لان بلاد الاموات كانت تلزم مجددا بالمزاد العلني اذا لم تتوفر الوصية على ان تكون الافضلية لاولاده شرط ان يكونوا قادرين الوفاء بالشروط المالية ، ومنها دفع مال المصالحة للوالي وكان يساوي ثلاثة اضعاف قيمة الدخل السنوي للملتزم المتوفي ، كما عمد بعض الملتزمين الى توريثه الى من شاءوا[105]0

    4- اوضاع الفلاحين في ظل الاقطاعين المملوكي والعثماني: كانت كثرة المغارم على الفلاح في العهد المملوكي شديدة الوطأة، من حيث التزاماته المتعددة تجاه اولي الامر من العساكر على اختلاف مستوياتهم ، او من حيث فرض نظام المسؤولية المشتركة على اهل القرية الواحدة بما يترتب عليهم من اموال[106]، اضافة الى  قيام الفلاح باعمال السخرة من دون وجه حق[107]، فضلا عن عسف المقطعين بجباية الضرائب0[108] ناهيك عن الزامه بفلاحة الارض قسرا ، ومنعه من مغادرتها تحت طائلة مسؤولية رده ومعاقتبه[109]، والزامه تقديم الهدايا الى اصحاب الاقطاعات الى جانب دفعه الخراج.ان كل ذلك حول الفلاح الى شبه قن، وبات وضعه يتعارض كليا مع نظرة الاسلام الى الارض والانسان.

   اما وضع الفلاح في العهد العثماني فلربما كان اشد سوءا0ويرى جب وبوين ان غالبية سكان القرى كانوا من المالكين الفعليين للارض – على الرغم من شكنا بهذه المقولة_ ولهم حرية التصرف بها كيف شاءوا0وعلى الرغم من ذلك ارتبط الفلاح بالملتزم بصورة غير مباشرة ، وتوجب عليه اداء ضريبة له كون الارض غدت بموجب قانون الالتزام هبة من السلطان للملتزم ، وتوجب على الاخير ابقاء الارض بيد الفلاح ما دام يؤدي الضرائب المفروضة عليها ، واذا عجز حق للملتزم نقل ملكلية هذه الارض الى فلاح آخر[110]0لقد ارتبط الفلاحون بالارض بموجب قانون ناماه الذي شرع على عهد السلطان سلميان القانوني( 1520 – 1566 ) وهو اعتبر ان بوار الاراضي ناتج عن خطأ الفلاحين الذين هجروها ، وفرض على حكام المقاطعات ومساعديهم اعادتهم قسرا اليها ومعاقبتهم والزامهم بزراعتها ، وظل هذا القانون نافذا حتى عهد الاصلاحات العثمانية في القرن التاسع عشر[111]0ومن الواضح ان القانون المذكور يتنافى والشريعة الاسلامية الذي تنص ، كما اسلفنا في مطلع هذا البحث ، اذا بارت الارض ثلاث سنوات تنقل ملكيتها ، ما يدفعنا للاعتقاد ان المصلحة الذاتية العثمانية كانت تسمو على أي عرف او قانون لا بل على كل الشرائع0

     وتميزت العلاقة المادية بين الملتزم والفلاح بالقساوة والتسلط ، فعلى الرغم من ان الضريبة كانت محددة بالميرة فان الملتزم لم يعدم وسيلة لزيادتها من دون مبرر قانوني ، اذ كان يتهم الفلاح احيانا بنقص المحصول ، او بسرقته[112]0هذا ناهيك عن ان الملتزم كان يرسل مساعديه الى الارياف لينهبوا محاصيل الفلاحين وماشيتهم ، ويقتحمون بيوتهم للسطو على ما ادخروا من مال على قلته0واذا ما اضفنا الى كل ذلك تعرض الفلاحين للاوبئة ، ندرك الاسباب التي دفعت الفلاحين لهجرة اراضيهم والالتجاء الى المدن[113]0وتوجت هذه العلائق المهينة باساءتين : اعمال السخرة التي لا مندوحة من تنفيذها ولا سيما بارض الوسية او الوصية ، وفوائد المرابين الذين كانوا يكفلون الفلاحين عن طريق رهن محاصيلهم وعسفهم بالحصول على اموالهم[114]0وقد يعبر رأي المؤرخ التركي خليل اينالجيق اصدق تعبير عن معاناة الفلاحين وسؤ تصرف الدولة العثمانية بقوله :” اصبح الفلاح في ظل اصحاب الاراضي الجدد اسوأ حالا مما كان في أي وقت مضى ، فلم يعد عليه في نظام المقاطعة ( الالتزام ) ان يدفع الضرائب العادية المستحقة للدولة فحسب ، بل كان عليه ان يدفع لصاحب الارض فرائض قررها العرف ، واذا ادخلنا في اعتبارنا ضعف الحكومة المركزية امكننا ان نتصور دون مشقة ذلك الموقف الجائر الذي كان يتخذه اولئك الملاك الجدد “[115]0

       ونخلص الى ان المعاملة التي قاساها الفلاح في العهد العثماني ضاهت بسوئها مثيلتها في العصور الوسطى وربما فاقتها ،  من حيث اعتبر معينا ماليا لا ينضب ، وخادما امينا لا يعرف معنى الثورة ، واذا تجرأ وفعل سحق ، وما ادرك يوما ان هناك سلطة تفوق تسلط سيده الاقطاعي ( الملتزم ) ، او ان حكومة قائمة ترعى شؤونه ومصالحه في حدها الادنى ، وتشعر باناته ومعاناته0ولا الدولة ادركت ان لها رعايا يفترض بها رعايتهم ليظلوا منتجين0

الخاتمة  وبعد هذا التحليل والمقارنات بين الانظمة الاقطاعية في العصور الوسطى والاقطاع العثماني في بعض مظاهره _ لاننا لا يمكننا الاحاطة بكل انماط الاقطاع العثماني لتباينها ، وبين الرومللي والبلاد الاسيوية ، بين منطقة واخرى التي تحكمت فيها خصوصيات المحلية – نجد هناك من يدعي ان الدولة العثمانية حكمت البلاد العربية وغيرها من منطلق الفكر الاسلامي ، وحدود الشريعة الاسلامية على الرغم من انها خنقت هذا الفكر ، ولم تدعه ينفلت من جمود التقليد الى الابداع0ورفضت الهيئة الاسلامية برئاسة مفتي اسطنبول او شيخ الاسلام كل نوع من مناهج الاصلاح ، ليس تمسكا بحدود الشرع الاسلامي ، الذي طالما خرقته ، وهو ايضا براء من كل تلك الادعاآت ، بل من اجل الحفاظ على مصالحها الذاتية والاقتصادية[116]0وقد يكون هذا الامر دفع بالمستشرقين جب وبوين الى اعتبار ان المجتمعات الاسلامية في العصر الحديث تميزت برعاية التقاليد الموروثة والحفاظ عليها ، واعطائها ابعادا دينية بما تسبغه عليها من قوانين شبه دينية0واعتبرا من جهة ثانية ان سمة هذه المجتمعات معادات كل انواع واشكال التغيير ما ادى الى خنق روح المبادرة الفردية الخلاقة ، والمبادرة الجماعية ، والى رفض أي نوع من انواع الابتكار[117]0طبعا نحن لا نقر هذا التعميم ، على الاقل لانه ساقط منهجا ، ولان المستشرق مهما بلغ اتقانه اللغة العربية او العثمانية لا يمكنه فهم روحية المجتمع ، ولا اراءه العامة الناتجة عن ترسبات متراكمة0وقد يكون نقده للحكومات مقبولا لو لم يعممه على كل المجتمعات الاسلامية0

    كما اننا نجد في قول المستشرقين ما يبرره ولكن ليس من منطلق ديني بحت ، لان لا دور للدين في كل ذلك، بل الدور الرئيس يتمثل بذهنية الدولة العثمانية التي رسمت حدود علاقتها بالشعب في القرى بالملتزمين ، والسباهية على اختلاف درجاتهم ، وفي المدن – وان كان موضوع الادارة العثمانية ككل خارج عن اطار هذا البحث – بالولاة وجهازهم الاداري0وجسدت هذه العلاقة باستخلاص الضرائب من دون اعتماد الوسيلة الانجع للدولة والشعب معا0ناهيك عن انها فرضت على الشعب الولاء المطلق من دون السماح باي احتجاج ، لان الشكوى كانت تمر باستمرا بالوالي0من هنا كان أي احتجاج مهم او أي تذمر شديد اللهجة مصيره القمع والسحق0فقد حكمت بذهنية العصور الوسطى.

      النتائج العامة : لقد نشأ النظام الاقطاع العسكري في الاسلام في العهد العباسي الثاني (النفوذ التركي ) ما يعكس نمط تفكير الاتراك على دفع رواتب الجيش متأثرين بانماط اقطاعية بدائية في بلادهم ، وتوسع مع البويهيين الديالمة في الذهنية عينها0ونشأ النظام الاقطاعي العسكري الاداري في عصر نفوذ السلاجقة ، وقد قامت الدولة العثمانية في كنفهم ولا سيما دولة سلاجقة الروم ، وبالتالي قد يكون انتقل اليهم النمط الاقطاعي السلجوقي0 فكان نظام السباهية الذي اعتمد الاوقجة كوحدة نقدية اساسية لتوزيع الاقطاعات ، وهو ، على هذا الصعيد ، يشابه النظام الاقطاعي العسكري المملوكي ، الذي اتخذ من الدينار الجيشي مقياسا للاقطاعات0كما يتشابه مع النظام عينه التراتب العسكري والاداري المملوكيين0

     وهكذا تكون الدولة العثمانية خرجت منذ قيامها على مفهوم الاقطاع في الاسلام ، وبدلا من ان تطوره عادت فيه القهقرة ما ادى الى تظلم الفلاحين ، الذين باتوا ، في ظله ، اشبه بالاقنان ، ما يتنافى كليا مع نظرة الاسلام الى الارض والانسان0

     لقد تمكنت الدولة العثمانية منذ اواسط القرن الخامس عشر من تهديد الدول الاوروبية ، التي كانت تشهد انحلالا في الانظمة الاقطاعية لصالح الكومونات ، وتطور المدن والعناية بالانظمة الزراعية المبنية على الملكية الفردية المتفلتة الى حد من سيطرة الاقطاعيين0ولكنها لم تتأثر بموجة التحديث تلك ، وتركت الملتزمين يحكمون باسمها ، ويمارسون مختلف انواع الاساليب الملتوية لزيادة ارباحهم ، من دون النظر الى وضع الفلاحين الآخذ بالتفاقم0

        لقد حكمت الدولة العثمانية الولايات العربية ، في ظل نظامي الالتزام والولاية ، بذهنية العصور الوسطى0ولم تحاول اختراق جدار التطور ، بل ظلت انماطها الاقطاعية ، التي اجري عليها تعديلات مختلفة ، ملتزمة الى حد اطر النظم الاقطاعية في العصور الوسطى0فتعطلت عجلة الانتاج نسبيا ، ولم تتطور وسائله التي استمرت تكرار لما كانت عليه في العصور الغابرة0

                           الدكتور انطوان ضومط استاذ التاريخ العربي والاسلامي في الجامعة اللبنانية


[1] – ابن تغري بردي، ( جمال الدين ابو المحاسن)، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، طبعة دار الكتب المصرية، القاهرة 1930-1956 ، ج12، ص 217 وما  بعد

[2] – ضومط( انطوان)، المماليك والعثمانيون، مكتبة حبيب، الزوق لبنان، 1995، ص 72

[3] لم تكن نسبة الخراج واحدة ، لمزيد من الاطلاع انظر : ابو يوسف ( يعقوب بن ابراهيم ) كتاب الخراج ، دار المعرفة ، بيروت ، 1979 ، ص 41 ، 68 ، 69

– والبلاذري  (احمد بن يحي ) ، فتوح البلدان ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1978 ، ص 31-33 ، 36 ، 42-44 ، 47-48 ، 89-90 ،

  • ابن سلام ، ( ابو عبيد القاسم ) ، الاموال ، مؤسسة ناصر الثقافية ، بيروت ، 1981 ، ص 7 ، 8 ، 56 ،
  • ابن هشام ، السيرة النبوية ، دار الكنوز الادبية ، بيروت ، دون تاريخ ، ج2 ، ص 49

[4] اجتهد بعض الفقهاء في شروط استصلاح الاراضي ومدة بقائها بيد اصحابها ، ابو يوسف ، الخراج ، ص 24

– وابن تغري بردي ، ( جمال الدين ابو المحاسن ) ، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، القاهرة ، طبعة دار الكتب ، 1930 – 1956 ، ج2 ، ص 233 –244

[6] -منع الرسول اقطاع المراعي ، بوجه عام ، وما سمح به كان مشروطا :” لا يأكلون علافها ويرعون فيها ، وقال ايضا :”المسلمون شركاء في ثلاث : الماء والكلاء والنار ، انظر الماوردي ( علي بن محمد بن حبيب ) ، الاحكام السلطانية ، القاهرة ، 1966 ، ط2 ، ص 176- 178

[7] – ويقسم اقطاع التمليك الى موات وعامر ، والثاني هو ضربان : احدهما ما يتعين مالكه ولا نظر للسلطان فيه الا بتلك الارض في حق لبيت المال اذا كانت في دار الاسلام ، الماوردي ، الاحكام السلطانية ، ص 188

[8] – ” يمكن اقطاع ارض موات لم يثبت صاحبها ، وان كانت الارض جاهلية جاز اقطاعها وتمليكها، وان كانت اسلامية وبارت لا تملك عرف صاحبها ام لم يعرف0اما الارض العامرة فلا يمكن تمليكهاسواء أكانت لذمي ام مسلم في حال عرف مالكها0وان لم يعرف تصبح ملكا لبيت مال المسلمين ووقفا مؤبدا ويحق للخليفة او السلطان اقطاعها لاي كان0اما اقطاع الاستغلال فهو جزية او اجر ، فالجزية لا يجوز اقطاع الارض لاكثر من سنة فصاحبها قد يسلم فتسقط الجزية عنه0وان كان اجرا جاز اقطاع الارض لسنين عديدة ” القلقشندي ( احمد بن علي )، صبح الاعشى في صناعة الانشاء ، مطبعة دار الكتب ، القاهرة ، 1913 ، ج13 ، ص 110 ، 113-114 ، 116 ، 117        

[9] – في هذه الفترة عمت المصادرات ، وظهر الاقطاع شبه الاداري 0انظر مسكويه ( احمد بن محمد ) ، تجارب الامم ، مطبعة التمدن ، القاهرة ، 1914 ، ج1 ، ص 43 ، 217

 وابن الاثير ( عز الدين ) ، الكامل في التاريخ ، دار صادر ، بيروت ، 1979 ، ج8 ، ص 110 وغيرها كثير0

[10] – نذكر من هذه الدويلات : الطاهرية ( 265- 292 / 820 – 872 ) ، الصفارية ( 254 – 290 / 867 – 903 ) ، الطولونية ( 254 – 292 / 868 – 905 ) الاخشيدية ( 323 – 358 / 935 – 969 )0

[11] – الحمدانية ( 929 – 1001 ) ودولة القرامطة ، والزيادية في اليمن ودويلات اخرى متعددة في شمالي افريقيا : الادارسة ، الرستمية ، المدرارية ، وبنو الاغلب …

[12] – ابن طباطبا ( محمد بن علي ) ، الفخري في الآداب السلطانية والدول الاسلامية ، مصر ، 1939 ، ص 220

[13] – مسكويه ، تجارب ، ج1 ، ص 43 ، 217

  • وابن الاثير ، الكامل ، ج8 ، ص 110
  •  ولمزيد من الاطلاع ، راجع : سعد ( فهمي عبد الرزاق ) ، العامة في بغداد ، الاهلية للنشر والتوزيع ، بيروت ، 1983 ، ص 33 ، 34 ، 37

[14] – مسكويه ، تجارب ، ج1 ، ص 8 ، 200 ، 201

  • و الصابئ ( الهلال بن محسن ) ، الوزراء ، دار احياء الكتب العربية ، القاهرة ، 1958 ، ص 13 – 14
  •  وسعد ،  العامة ، 33 ، 34 ، 37 

[15] – سعد ، المرحع السابق ، ص 36 -37

[16] – لمزيد من الاطلاع ، انظر : ضومط ( انطوان ) ، ملامح من الاقطاع العسكري في العصور الوسطى ، مجلة المسرة ، المطبعة البولسية ، جونيه ، 1985 ، العددان ، 719 –720 ، ص 724 – 725

[17] – مسكويه ، ج2 ، ص 173 –175 ، وسعد ، العامة ، ص 39 -40

[18] – لمزيد من الاطلاع ، انظر : ضومط ، ملامح ، ص 725 – 728

[19] – لمزيد من الاطلاع ، انظر هف ( توبي ) ، فجر العلم الحديث ، الاسلامالصين – الغرب ، ترجمة محمد عصفور ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، 2000 ، رقم 260 ، ص 144 وما بعد

[20]– Grawitz , M, Mèthodes des sciences sociales , Dalloz , 10 eme èdition , Paris , 1996 , pp 28-30

[21] – لمزيد من التفاصيل انظر: هرشلاغ ، مدخل الى التاريخ الاقتصادي الحديث للشرق الاوسط ، نقله الى العربية مصطفى الحسيني ، مكتبة العالم الثالث ، دار الحقيقة ، بيروت ، 1973 ، ص 54 – 55

[22] – Afetinan, Aperçu général sur l’histoire économique de l’empire Turc-Ottoman,Publications de la société d’histoire Turque,sérieVIII-No.6a, Ankara, 1916, p.24.

[23]  -ibid p 24

[24] – ibid p24

[25] – هرشلاغ ، المرجع السابق ، ص 54 –55

[26] – لمزيد من الاطلاع على الاوقاف وانواعها راجع : كرد علي ( محمد ) ، خطط الشام ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1983 ، ج5 ، ص 112 – 115

[27] – ضومط ( انطوان ) ، المماليك والعثمانيون وعهد السلطان سليم الاول ، مكتبة حبيب ، زوق مصبح ، لبنان ، 1995 ، ص 69 – 71

[28] – جب وبوين ، المجتمع الاسلامي ، ص 92

[29] – هرشلاغ ، مدخل الى التاريخ الاقتصادي ، ص 18

[30] – المرجع السابق ، ص 93

  • هرشلاغ ، المرجع السابق ، ص 18
  •  الشناوي ( عبد العزيز محمد ) ، الدولة العثمانية دولة اسلامية مفترى عليها ، مكتبة الانكلو المصرية ، القاهرة ، 1980 ، ج1 ، ص 130 – 131

[31] – جب وبوين ، المجتمع ، ص 94

[32] – Afetinan, op.cit. p 45

[33] – هرشلاغ ، مدخل الى التاريخ الاقتصادي ، ص 18

[34] – مسكويه ، تجارب ، ج2 ، ص 97 –98

[35] – لمزيد من الاطلاع على نظام الاتابكبة ، انظر : ابن الاثير ، الكامل ، ج10 ، ص 29 –30

  • والاصفهاني ، ( الفتح بن علي البنداري ، دولة آل سلجوق ، مصر ، 1318 هجري ، ص 55 –57
  •  القلقشندي ، صبح ، ج4 ، ص 18

[36] – ابن الاثير ، الكامل ، ج4 ، ص 29 – 30 ابو شامة ( شهاب الدين عبد الرحمن الدمشقي ) ، كتاب الروضتين في اخبار الدولتين النورية والصلاحية ، القاهرة ، 1278 هجرية ، ج1 ، ص 26

[37] – الاصفهاني ، دولة آل سلجوق ، ص 55 ،

[38] – الامثلة كثيرة على توزيع الاقطاعات على الاتابكة ، انظر : ابو شامة ، الروضتين ، ج1 ، ص 25 ، 35 ، 125

[39] – الاصفهاني ، آل سلجوق ، ص 55 – 57

[40] – ضومط ، ملامح ، ص 730

[41] – المكان عينه

[42] – هرشلاغ ، مدخل ، ص 19

[43] –  Afetinan , op. cit. p 45

[44] – ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج11، ص260 ، والقلقشندي، صبح الاعشى، ج3، ص448، وج12 ، ص219

[45] – BIBB , H , and BOWEN , H , Islamic society and the west , a study of the impact of western civilization on moslem culture in the near east, Oxford University press , 1962, vol I , p 247

– الشناوي ، ج1 ، ص 132

[46] – Gibb and Bowen , op. cit . V I , part I ,  p. 49

– ويعتبران ان الاوقجة نقد فضي عثماني لم تكن له قيمة ثابتة ، في حين يرى الفريق اول محمد شوكت انها كانت تساوي ثلث درهم من الفضة ، ومن ثم بعد ان دخل الغش الى النقود العثمانية قلت قيمتها ولم تعد ثابتة ، انظر : شوكت ( محمد ) ، التشكيلات والازياء العثمانية ، ترجمه عن التركية يوسف نعيسة ومحمود عامر ، دار طلاس ، دمشق ، 1988 ، ص 64

[47] – جب وبوين ، ج1 ، ص 95 ، 97

[48] – جب وبوين ، المجتمع الاسلامي ، ج1 ، ص97 ، وهما يريان ان عدد الجنود المفروضة على الزعيم هي فقط 18 جنديا ، في يرى الشناوي ان العدد هو عشرين ، الشناوي ، الدولة العثمانية ، ج1 ، ص132

[49] – الشناوي ، ج1 ، ص 133

[50] – Bibb , and Bowen , v I , part I , p 49

[51] – الشناوي ، الدولة العثمانية ، ج1 ، ص 134

[52] – الشناوي ، المرجع السابق ، ج1 ، ص 134

-Afetinan, op. cit p 45

[53] – الشناوي ، الدولة العثمانية ، ج1 ، ص 135 – 136

[54] – Afetinan , op. cit. p 45

[55] – المقريزي ( نقي الدين احمد ) ، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ، دار صادر ، بيروت ، دون تاريخ ، ج1 ، ص 87

– ابن اياس ( محمد بن احمد ) ، بدائع الزهور في وقائع الدهور ، بولاق ، 1311 ه ،  -ج1 ، ص 137

[56] – العمري ( شهاب الدين احمد بن فضل الله ) ، مسالك الابصار في ممالك الامصار ، تحقيق دوروتيا كرافولسكي ، المركز الاسلامي المركزالاسلامي للبحوث ، ط1 ، بيروت ، 1986 ، ص 94 ،

  • القلقشندي ، صبح ، ج3 ، ص 458
  •  المقريزي خطط ، ج1 ، ص 90

[57] – المقريزي ، خطط ، ج1 ، ص 87

– بولتاك ، ( أ. ن . ) ، الاقطاعية في مصر وسوريا وفلسطين ولبنان ، نقله الى العربية ، عاطف كرم ، منشورات وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة ، مطابع نصار ، بيروت ، 1949 ، ص 74 – 75

[58] – خطط ، ج1 ، ص 90

– بولياك ، الاقطاعية ، ص 75 – 76

[59] – القلقشندي ، صبح ، ج4 ، ص 14

– الظاهري ، زبدة ، ص 113

[60] – القلقشندي ، صبح ، ج4 ، ص 14

  • خطط ، ج1 ، ص 215
  •  الظاهري ، زبدة ، ص 113

[61] – الاماكن عينها

[62] – لم يكن الدينار الجيشي نقدا متداولا بل مقياسا اقطاعيا ، كما لم تكن له قيمة ثابتة ، فتراوحت قيمته عام 1315 بين سبعة وعشرة دراهم ، ثم ارتفعت الى 13 درهما عام 1377 ، وفيما بعد فقد قيمته وصار مقياسا حسابيا لمدخول الاقطاعات بالتخمين انظر : العمري ، مسالك ، 61

– ضومط ، الدولة المملوكية ، ص 112 –113

[63] – العمري ، مسالك ، ص 94

  • القلقشندي ، ج4 ، ص 50

– خطط ، ج2 ، ص 215 – 216

[64] – القلقشندي ، صبح ، ج3 ، ص68

[65] – ضومط( انطوان)، الدولة المملوكية، ص 148 – 150

[66] – جب وبوين ، ج1 ، ص 188 –189

[67] – جب وبوين ، ج1 ، ص 98 ، 189

[68] – المرجع السابق ، ج1 ، ص 188

[69] – جب وبوين ، المجتمع ، ج! ، ص 98

[70] – المكان عينه

[71] – ابو شامة ، ( عبد الرحمن بن اسماعيل الدمشقي ) ، مختصر كتاب الروضتين في اخبار الدولتين النورية والصلاحية ، دار الاندلس الخضراء ، جدة ، المملكة العربية السعودية ، 1997 ، ص 84 ، 88

[72] – العمري ، مسالك ، ص 65 ، 96 ،

  • القلقشندي ، ج4 ، 16 – 18
  •  المقريزي  ،  خطط ،  ص 222 ، 225
  • الظاهري ، زبدة ، 114

– الخالدي ( عبد الله بن عبد الله بن لطف الله ) ، المقصد الرفيع المنشا الهادي الى صناعة الانشا ، اطروحة دكتوراه غير منشورة اعدها خليل شحادة جامعة القديس يوسف ، بيروت ، 1988 ، ص 241 – 245

[73] – القلقشندي ، ج3 ، ص 488

– الطرخان ( ابراهيم علي ) ، النظم الاقطاعية في الشرق الاوسط في العصور الوسطى ، دار الكتاب العربي ، القاهرة ، 1968 ، ص 198 – 199

  • Ayalon David, “Studies on the structure of the Mamlouk Army”, Bulletin of the School of Oriental and African Studies, 15/2&16/1 (London 1953-1954) pp.203-228, 448-476, 57-90 , T 15/2 , p 459 – 460
  • Demombyne , M. G , La Syrie a l’epoque des mamlouques d’apres les auteurs arabes , Paris , 1923 , p 139

[74]–  الطرخان ، النظم ،  ص 86

[75] – القلقشندي ، ج4 ، ص 184

 –  الخالدي ، المصدر السابق ، ص 245 – 246

[76] – Ayalon , op. cit. P 459

  • Demombine , op. cit, p 139
  • –           ضومط ، الدولة المملوكية ، ص 118

[77] – القلقشندي ، ج3 ، 15

[78] – العمري ، مسالك ، ص 61

[79] – ضومط ، الدولة المملوكية ، ص 57

[80] – بولياك ، الاقطاعية ، ص 17

[81] – العمري ، مسالك ، ص 61

– المقريزي ، خطط ، ج2 ، ص 219

[82] – القلقشندي ، ج4 ، ص 50

  • ابن تغري بردي ، نجوم ، ج8 ، ص 52
  •  المقريزي ، خطط ، ج1 ، ص 87 – 90

[83] – الامكنة عينها

[84] – القلقشندي ، ج4 ، ص 50

– المقريزي ، خطط ، ج2 ، ص 215

[85] – العمري ، مسالك ، ص 66

– القلقشندي ، ج4 ، ص 50

[86] – الدوري ( عبد العزيز ) ، مقدمة في التاريخ الاقتصادي العربي ، دار الطليعة ، بيروت ، 1978 ، ص 114

[87] – جب وبوين ، ج1 ، ص 294

[88] – الشناوي ، الدولة العثمانية ، ج1 ، ص 147

[89] – Shaw Stanford , Landholding , op. cit. 95

[90] – كان يذكر في تقسيط الالتزام مال الميرة المتوجب دفعه ، واسم القرية او القرى الملزمة ، وعدد قراريطها ، ومساحة هذه القراريط ، لان القيراط كانت وحدة سهمية مبنية على التخمين ، ويحدد في التمكين مال الميرة ، اما الفاميك ، فهو عبارة عن مستند من الدولة الى الفلاحين يعلمهم انهم صاروا في عهدة الملتزم الجديد0انظر : الشناوي ، ج1 ، 147 

[91] – Shaw Stanford , J ,Landholding &land-tax revenues in ottoman Egypt . in “ Political & Social Changes in Modern Egypt.Historical Studies the Ottoman Conquest to the Unitd Arabs Republics : edited by P. M.Holt , London 1969 , p 96

[92] – Cahen, Cl , EI2 , article , Bayt al-Mal , tI , p 1178

[93] – السيد ( ايمن فؤاد ) ، الدولة الفاطمية في مصر ، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة ، ط2 ، 2000 ، ص 514

[94] – ابن ميسر ( محمد بن علي بن يوسف ) ، اخبار مصر – المنتقى من ، تحقيق ايمن فؤاد السيد ، المعهد العلمي الفرنسي ، القاهرة ، 1981 ، ص 129

– المقريزي ، اتعاظ الحنفا باخبار الائمة الفاطميين الحنفا ، تحقيق محمد حلمي احمد ، القاهرة ، 1996 ، ج3 ، ص 164

[95]  المقريزي ، خطط ، ج1 ، ص 83

– اتعاظ ، ج3 ، ص 81

[96] – السيد ، مصر ، ص 516

[97] – المقريزي ، خطط ، ج2 ، ص ص 5 –6

[98] – عينه ، ج1 ، 85

[99] – شعبان ( محمد عبد الحي ) ، الدولة العباسية – الفاطميون ، الاهلية للنشر والتوزيع ، بيروت ، 1981 ، ص 238

[100] – جب وبوين ، ج1 ، ص 295

[101] – الشناوي ، الدولة العثمانية ، ج1 ، ص 166

[102] – تقع ارض الوسية في دائرة الالتزام ، وتساوي عشره 1/10 ، ويفيد الملتزم وحده منها ، وقد عين لها موظفين يتقاضون رواتبهم من ماله الخاص مثل الوكيل والخولي والكلاف وغيرهم ، الشناوي ، ج1 ، ص 159 – 160

[103] – Shaw Stanford , J. The financial & administrative organization & development of Ottoman Egypt ( 1517 – 1798 ) , Princeton Univercity Press , Princeton N. J, 1962 , pp. 22 – 25

[104] – لمزيد من الاطلاع، انظر: النويري، نهاية الارب في فنون الادب، دار الكاتب المصري، القاهرة، 1929، ج8، ص 246-248

[105] – جب وبوين ، المجتمع ، ج1 ، ص 295 – 297

[106] – عاشور ( سعيد عبد الفتاح ) ، بحوث ودراسات في تاريخ العصور الوسطى ، دار الاحدب البحيري ، بيروت ، 1977 ، ص 149

[107] – ابن تغري بردي ، نجوم ، ج9 ، ص 51

[108] – المقريزي ( تقي الدين احمد ) ، اغاثة الامة بكشف الغمة ، نشر محمد مصطفى زيادة وجمال الدين الشيال ، القاهرة ، 1940 ، ص 45 – 47 

[109] – المكان عينه ، وخطط ، ج1 ، ص 138

[110]  – Shaw Stanford , Financial , op. cit. Pp. 20 –21

 – جب وبوين ، ج1 ، ص 294

[111] الدوري ، مقدمة ، ص 122

[112] – Shaw Stanford , Landholding , op. cit. P 100

[113] – ibid

[114] – الشناوي ، ج1 ، ص 157 – 158

[115] – اينالجيق ( خليل ) ، التقافة الاسلامية والحياة المعاصرة ، بحوث ودراسات اسلامية ، جمع محمد خلف الله ، القاهرة ، 1955 ، ص 451

[116] – كانت الهيئة الاسلامية ترعى الاوقاف التي راحت تتزايد تدريجا حتى بلغت في القرن 19م حوالى نصف اراضي الدولة العثمانية

[117] – جب وبوين ، ج1 ، ص 32 –34

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *