نظرة في تجارة كونتية طرابلس

ان العلاقات بين الشرق والغرب قديمة جدا تعود جذورها الى ما قبل الميلاد، وقد حكمتها بطريقة ما الدوافع والمصالح التجارية، فاختلط في فهمها وتقويمها السياسي بالاقتصادي، الطموح الفردي للحكام، بالجنوح العام للدول او الدويلات بما في ذلك المدن الدول.من هنا فان الاحاطة بالمسائل السياسية لا بل سبر غورها ضروري جدا للوقوف على الابعاد التجارية التي لا تنفصل بدورها عن التطور الحرفي او الصناعي، ان صح التعبير على حرف العصور الوسطى، وعن الزراعة التي هي في اساس الميدانين المذكورين.وتكمن اشكالية التجارة في العصور الوسطى بقلة الوثائق الرقمية بل بندرتها.وتجابهنا في هذا البحث مشكلة اساسية هي الوصول الى الارشيف الايطالي العائد لفترة الحروب الصليبية من جهة، ومن ناحية ثانية اتقان اللغة الايطالية القديمة او اللاتينية التي دونت فيها تلك الوثائق.لان الوثائق الرقمية والبيانات والموازنات ان جاز التعبير ، ومواعيد رحلات السفن ونوعها، السلع التي تحملها واسعارها محفوظة في ذلك الارشيف.ولكي نتجاوز نسبيا هذه المعضلة اعتمدنا على الدراسات الاجنبية التي استندت ببعض وجوهها الى الارشيف المذكور، خصوصا ان المصادر العربية لا تؤمن بيانات رقمية ونوعية تحدد الاوزان والاثمان.

          وتتنوع المصادر العربية تبعا لاهمية واختصاصات مؤلفيها:التاريخ العام او ما يعرف بالحوليات وهي تدرس النواحي الساسية  والعسكرية تتطرق جزئيا احيانا الى المواضيع التجارية.وكتب الجغرافيين التي اصطلح على تسميتها “الرحلة” وهي اشد افادة لموضوعنا لانها تتناول السلع التجارية من حيث انواعها ومصادرها واسواقها، كما تصف الطرق التجارية التي تعبرها القوافل محددة المحطات التجارية عليها ولا تبحث بالارقام الا نادرا، وموسوعات الادارة والخطط التي تتناول مواضيع حضارية متعددة من دون ان تدرس النواحي التجارية بطريقة علمية.

       ان كل ذلك يشكل عقبة حقيقية في هذا النوع من الابحاث الذي يظل اجمالا باطار دراسة الطرق التجارية، والسلع من حيث مصادرها وتوفرها في الاسواق المشرقية الاساسية التي شكلت طرابلس احد مخارجها الاساسية للغرب الاوروبي، وبالعكس.اضافة الى السلع اللبنانية التي كانت متوفر في طرابلس.اما حجم التجارة والحركة التجارية العامة فتظل اجمالا باطار التقدير التي توفرت جزئيا من بعض الوثائق.

    وعلى هذا فان هذا البحث يقسم الى اربع نقاط اساسية:

اولا : تأسيس الكونية.

ثانيا : الامتيازات التجارية.

ثالثا :السلع والطرق التجارية

رابعا: الحركة التجارية.

اولا: تأسيس كونتية طرابلس: يرتبط تأسيس كونتية طرابلس بأمور ثلاثة على الاقل:رغبة الفرنجة بالحصول على امارت او سنيوريات او كونتيات في المشرق العربي يكون لكل منها استقلالها الكامل، او الذاتي المرتبط بمملكة القدس اللاتينية.وكان دون تحقيق هذه الاهداف عقبات مركزية مرتبطة اساسا بافتقار الفرنجة للاساطيل البحرية،ما جعلهم بحاجة ماسة للقوى البحرية التي كانت تحوزها الجمهوريات الايطالية ولا سيما؛ البندقية، وجنوا، وبيزا،وأمالفي. وبالتالي صار الفرنجة تحت رحمة الجمهوريلت المذكورة.ويدفعنا هذا الامر لدراسة اوضاع تلك الجمهوريات عشية الحروب الصليبية ان من حيث اوضاعها الداخلية، اومن حيث علائقها ببعضها من جهة ثانية، كما من حيث علاقة كل منها بالخدمات العسكرية التي قدمتها للفرنجة. ومن ثم الى دراسة اشكالات الامتيازات التجارية التي حازتها كل من الجمهوريات المذكورة في كونتية طرابلس، لأن امتيازاتها في مملكة القدس وامارة انطاكيا لا تدخل ضمن نطاق هذا البحث

1-اوضاع الجمهوريات الايطالية عشية الحروب الصليبية : كان يبرز في القرن الحادي عشر في الميدانين العسكري والتجاري معا ثلاث جمهوريات ايطالية يحكمها برجوازيون هي : البندقية ، وجنوا ، وبيزا0وادركت كل مدينة ، لشدة التنافس التجاري في ما بينها ، اهمية بناء الاساطيل التجارية واولوية حمايتها من القراصنة من جهة، ومن منافسيها التجاريين من ناحية ثانية.كما ادركت ايضا اهمية تنظيم الرحلات التجارية.وهكذا صممت البندقية نوعين من السفن: المستديرة المخصصة للشحن التي تعتمد  كليا على الاشرعة وتستخدم في الشحنات الثقيلة، والطويلة التي استخدمت لاغراض حربية صرفة[1].اما جنوى فقد اعتمدت ثلاثة انواع : السفن الشراعية فقط، والشراعية ذات مجذاف او اثنين، والثالث المخصص للحمولة الثقيلة ويعتمد على عدد من الاشرعة والمجاذيف[2]0غير ان هذه النماذج ستتطور خلال القرنين الثاني والثالث عشر لتلائم ازدهار الحركة التجارية المضطرد0كما ان  الوضعين السياسي والتجاري في الجمهوريات الايطالية قبيل الحروب الصليبية اثٌرا على دور كل منها حربيا وتجاريا0فكيف كانت اوضاع كل جمهورية؟ 

 جنوا :في اواخر القرن الحادي عشر،كان يحكم جنوا قناصل انتخبهم البرجوازيون الاحرار[3]، ثم شهدت هذه الجمهورية حربا اهلية ادت الى الغاء النظام القديم، حتى بدت بلا حكام شرعيين0وما كان بوسع برجوازييها تفويت فرصة المشاركة بالحروب الصليبية، لذلك انتظم بعضهم فيما بينهم، وتولوا تجهيز السفن الضرورية[4]، وكان ابرزهم بلا شك،الاخوان امبرياكو وبريمس امبرياتشي Embriaco Guillaume et Primus، الذان سيكون لهما شأن في كونتية طرابلس0[5]وعادت الاوضاع بعد ذلك في جنوا الى ما كانت عليه ونشأت فيها حكومة جديدة شبيهة بحكومة القناصل، رغم معارضة الاحزاب السياسية ورجال الدين0[6]ما دفعها للمشاركة الفعالة في الحروب الصليبية منذ بدايتها[7] وما تجدر ملاحظته ان تجارا جنويين كانوا قد قدموا الى بلاد الشام في العهد الفاطمي، كما ان بعضهم كان اتى الى الاسكندرية والفسطاط بعد عقود على قدوم الفاطميين الى مصر عام 969، ويؤكد ذلك نصوص ديوان التجارة الذي يشير الى رسوا سفن جنوية عام 1070 في ميناء الاسكندرية0[8]ما يعني ان الجنويين تعرفوا الى اهمية التجارة المشرقية، ما زاد اندفاعهم للمشاركة بالمشروع الصليبي.

بيزا:كان وضعها مماثلا لوضع جنوا السياسي اذ بعد عدة صراعات بين الفيكونت، الذين انضموا الى الكومون، مع بعض الاسر البرجوازية، اعترفت كل القوى المتنازعة في بيزا بسلطة القومون البرجوازيين بموجب ميثاق للسلام[9]0

      وهكذا انتظم الوضع السياسي في الجمهوريتين جنوا وبيزا، وصار بامكانهما دخول حلبة الصراع الاقتصادي والسياسي، الذي كانت البندقية قد مارسته قبل ذلك التاريخ واقامت علاقات اقتصادية في اماكن عديدة في غربي المتوسط، واخرى خجولة في المشرق العربي على ما يعتقد ” بالار”[10]في حين يؤكد كلود كاهن ان التجار الايطاليين كانت لهم علاقات تجارية في مصر قبل الحروب الصليبية من حيث انها كانت تؤمن الخشب والحديد اللازمين لبناء الاساطيل[11]، وعلاقات تجارية بارزة في القسطنطينية0

 البندقية:كانت احدى اهم الجمهوريات الايطالية، ووضعها السياسي مستقرا اجمالا قياسا بزميلاتيها، يحكمها دوق يساعده مجلس – من البرجوازيين -، وكانت تربطها علاقات تجارية مميزة بالدولة البيزنطية، ولها اسواق فيها0ويرجح ميشال بالار، انها كانت على علاقة تجارية مع الفاطميين او مع المشرق العربي عامة قبل عام 1095[12]0وقد يكون مرد تريثها بالمشاركة بالمشروع الصليبي الى عدم ترجيحها نجاحه الامر الذي قد يفقدها مركزها التجاري او يضعفه0

   ان التنافس التجاري بين الجمهوريات الايطالية، وحاجة الفرنجة الملحة لقدراتها العسكرية البحرية جعلا العنصر البرجوازي الايطالي يدخل مسرح الحروب الصليبية من بابه الكبير0 فانطلقت السفن الايطالية الاولى باتجاه المشرق العربي تحمل من ثغورها المؤن واسلحة الحصار والجنود الصليبيين[13] متوخية  ان يحتل الايطاليون المركز الاول في العملية التجارية بين الشرق والغرب0ان كل ذلك باعتقادي دفع الحكام الصليبيين لتقديم تنازلات مهمة للجمهوريات الايطالية، التي كان حكامها مقتنعين بحاجة القادة والحكام الصليبيين لخدماتهم  لذلك كانوا يشترطون، قبل الاقدام على تنفيذ اية مهمة عسكرية، ثمنا لمساعدتهم0وهكذا عقدوا معهم معاهدات لتحفظ لهم حقوقا مشروعة.وما يهمنا في موضوعنا هذا هي المعاهدات التي ابرمها كونتات طرابلس مع الجاليات الايطالية بالدرجة الاولى، ومع الجاليات الاخرى بمستوى اقل.

2-سقوط طرابلس بيد الافرنج وتوسعها: ان الباحث المدقق يدرك ان خطة الصليبيين العسكرية قضت باحتلال الساحل بدءا من انطاكيا وانتهاء بالساحل المصري لهدفين اثنين على الاقل أ- حصر القوى الاسلامية في الداخل تمهيدا للاستيلاء عليه فيما بعد، وتاليا على كامل المشرق العربي، خصوصا انه كان يعاني من انقسامات داخلية حادة؛ الاتابكيات السلجوقية في بعض بلاد الشام والعراق، والفاطميون في مصر وبعض بلاد الشام، وكان الزنكيون يطمحون باسترداد اراضي الخلافة الفاطمية الى سلطة الخلافة العباسية التي كانوا يستمدون منها شرعية حكمهم، والفاطميون يعانون عجزا سياسيا واداريا واقتصاديا. ب- السيطرة على مخارج التجارة المشرقية وحصرها بهم ما يضعف القوى الاقتصادية الاسلامية كلها.ولكن الهدف لا يعني التحقيق خصوصا ان اوضاع الصليبيين بعد ان احتلوا المشرق العربي غدت مشابهة لاوضاع المسلمين فيه من حيث التفتت والشرذمة وتضارب المصالح على اختلاف مستوياتها.هذا اضافة الى ان نظرة الفرنجة الى مدن سواحل المشرق العربي كانت جد مختلفة عن رؤية الجمهوريات الايطالية.فقد اعتبر الفرنجة ان مدن الساحل هي نقاط وصل عسكرية بين الشرق والغرب تؤمن الامدادات العسكرية من الغرب الى الشرق بهدف احتلال كامل المشرق ان سنحت لهم الظروف، او على الاقل السيطرة على مواقعهم. كما انهم اعتبروا انفسهم اصحاب الحق السياسي فيه، وان المساعدة الايطالية دفع ثمنها حقوقا تجارية.في حين انها كانت بالنسبة للايطاليين محطات تجارية بين الشرق والغرب تؤمن لهم السيطرة العالمية على التجارة، وتزيد في قدراتهم الاقتصادية وتاليا العسكرية ليستمروا سادة البحر من دون منازع .كما انهم اعتقدوا ان لمساعدتهم البحرية للفرنجة اثمانا كلما دعت الضرورة العسكرية الى ذلك، وانهم غير معنيين بالحروب الداخلية بين الفرنجة والقوى المشرقية فيه.

     تأسست كونتية طرابلس متأخرة عشر سنوات عن قيام امارة الرها ومملكة القدس[14]نتيجة المقاومة العنيفة التي ابدتها في ظل فخر الدولة بن عمار (1099-1108م).وكان بنوا عمار قد استقلوا بطرابلس عن الفاطميين استقلالا داخليا وعملوا على توسيع رقعة حكمهم ما جعل طرابلس تضم:جبلة، طرطوس،عرقة، حلبا، جبيل، وجونيه[15].فازدهرت عسكريا وسياسيا واداريا وثقافيا، وهذا ما أكده بعض المؤرخين والرحالة[16].وفي سنة 1109او1110 سقطت طرابلس اثر هجوم كبير قاده برترام[17]بعد ان كان الفرنجة قد استولوا على عرقة[18].وكان سانجيل استعان بمراكب قادمة من اوروبا على الارجح ايطالية لفتح طرابلس ولما عجزوا عن فتحها توجهوا الى جبيل واحتلوها[19].ومن ثم تمٌ احتلال طرابلس بمساعدة الايطاليين وخصوصا الجنويين.

    عند التأسيس لم تشكل كونتية طرابلس أكثر من “كورنيش” يضيق كلما اتجهنا جنوبا ويتسع من جهة الشمال، وكان يحدها البحر غربا وجبال لبنان وجبال انصارية شرقا، وتمتد في الجنوب حتى جونيه، وشمالا حتى نهر بانياس وتحديدا على خط يربط مرعش بمرجة[20].ومن ثم توسعت كثيرا في القرن الثاني عشر فامتدت في الشمال الشرقي الى وادي العاصي مخضعة على التوالي:جبال النصيريةAnsarie1110، رفنية Raphane1126، وبعرينMont Ferrant ، القليعات، ارواد، طرطوس، مرقية، المرقب، وبانياس[21]، ووصلت الى قرب شيزر وصار بامكانها مراقبة طريق حمص –حماه عن طريق عدة قلاع مثل قلعة رأس بعلبك[22].وفي الجنوب الشرقي حتى البقاع مشتملة على: المنيطرة[23]، حدث الجبة، سير، حصن عكار، أغباز، حصن الاكراد، حصن الطوفان، والاكمة[24]، وكان يحميها في هذا الاتجاه حصنان فقط:بشراي عبر وادي قاديشا، والمنيطرة عبر نهر ابراهيم [25].واشتملت في الداخل على:البلمند، ارتوسية، عرقة، حلبا، والتليل، والعريمة، والحصن الاحمر، والخوابي[26]، واهدن، قلعة الحصن، وأريما[27].وضمت ايضا في الجنوب اقطاعات في:أنفة Nephin، والبترون Batron، وجبيل[28].ان هذا التوسع زاد باهمية كونتية طرابلس على مستويات عديدة:فكثرت فيها المرافئ وتنوعت من حيث القدرة على استيعاب السفن، وضمت مناطق زراعية متنوعة الانتاج ما كان يسهل الحصول على المواد الاولية الضرورية للصناعة وبالتالي تصديرها الى الخارج، كما توفرت فيها بكثرة الايدي العاملة.وتحولت بذلك الى دولة تتمتع بكل المقومات الضرورية.

ثانيا:الامتيازات التجارية

1- الامتيازات : لا يهدف هذا البحث الى دراسة كل الامتيازات التي نالها الايطاليون في الموانئ الصليبة، بل الى دراسة الامتيازات في كونتية طرابلس، مع الاشارة الى ان ذكر بعض الامتيازات في الموانئ المذكورة ليس الا لايضاح مثيلاتها في طرابلس.وقد عمدت الى تقسيم الامتيازات الى مرحلتين:من تأسيس الكونتية وحتى عهد صلاح الدين الايوبي(1171-1192) لان الخطر الذي شكله على الوجود الصليبي في الشرق دفع الفرنجة الى اعادة العمل بالامتيازات التي كانوا قد اختزلوا بعضها والى اعطاء الجمهوريات الايطالية امتازات اضافية كما سيتضح لاحقا.

    و بديهي القول ان الجيوش الفرنجية حشدت في الموانئ الايطالية وشحنتها اساطيل الجمهوريات الايطالية ولا سيما جنوا التي كانت السباقة في هذا المجال، وتلتها بيزا وتريثت البندقية وأمالفي[29].وكان الاخوان امبرياتشي الجنويان رائدين في هذا المجال ومكٌنا الفرنجة من احتلال مدينة جبيل سنة 1104، فمنحهم ريمون دي سانجيل ثلثها[30]. ثم في عام 1109وقع خلاف بين برتران ابنه وابن اخيه وليم جوردانJourdain   Guillaume كونت سردينيا ، وشارك الجنويون في هذا النزاع وآزروا الاول مشترطين عليه الحصول على جبيل كاملة، وعلى ثلث مدينة طرابلس0وبانتصاره حصلوا على الارث، وتم فتح المدينة ، ولكنه رفض تنفيذ المعاهدة فاحتل الجنويون كامل مدينة جبيل،[31].ولكن لألبير دكس، المعاصر للاحداث، رأي آخر حول جبيل، اذ يقول ان اسطولين احدهما جنوي والآخر بيزاوي انطلقا من اللاذقية فطلب منهما سان جيل مساعدته بالاستيلاء على المدينة التي كان يحاصرها من البر فسقطت بيده من دون ان يشير انه عطاها للجنويين[32]، في حين ان ديشان يؤكد رأي لامونت، موضحا ان سبب اعطائه المدينة للجنويين نتج عن الضريبة السنوية المتوجبة عليه لهم[33].ولكن هايد يرى ان المعاهدة نفذت واعطى الجنويين ثلث مدينة طرابلس المطل على البحر بما في ذلك الميناء والجزر المحاذية له، ويذكر في الصفحة عينها ان سانجيل اعطى الجنويين عوضا عن ثلث المدينة قرية تعرف باسم (جبل القائد العام Puy de connetable  )[34]، وان سانجيل حصل على كل املاك برتران في سوريا ولبنان بعد وفاته. ويؤكد جان ريشار هذه الرواية ويضيف ان الجنويين تنازلوا عن جبيل كاملة الى اسرة امبرياتشي[35]. ويعتقد ريشار ان البنادقة هم اول من حصل على امتيازات في طرابلس قبيل سقوطها، انما جاءت نظرية فقط او انهم لم يستمروا فيها[36].وقد يكون مرد اعتقاده هذا الى المعاهدة الاولى التي حازها البنادقة عندما قدم اسطولهم المؤلف من مئتي سفينة ورسا في يافا عام 1110 وتعهد القادمون عليه ان يخدموا غودفروا دي بويون من 24حزيرا الى 15 آب على ان يتعهد بالتنازل لهم عن كنيسة وموقع ملائم لإقامة سوق في كل مدينة يستولي عليها الفرنجة ليس خلال هذه الفترة فحسب بل في قابل الايام، كما عن ثلث كل مدينة يشاركون باحتلالها[37].انما عمليا وتبعا لرأي هايد فقد انحصرت حقوق البنادقة داخل اسوار المدينة اعتبارا من 1117في حيهم الخاص[38]  وفي سنة 1168 قدم آل امبرياتشي وتحديدا هيو امتيازات تجارية للجنويين تقوم على حرية التجارة والاعفاءات الضرائبية والجمركية[39].

   ولم يحصل البيازنة على امتيازات في طرابلس الا اعتبارا من سنة 1179حين وهبهم ريمون الثالث بيتا، ثم حصلوا على محكمة خاصة بهم، كما اعفوا من الضرائب الجمركية[40]. وتظهر دراسة ميشال بالار، من خلال الوثائق التجارية بين 1179و1184، عشرة اسماء بيزاوية في طرابلس، ويضيف ان البيازنة دفعوا اموالاً ساهمت باعداد الحملة الصليبية الثالثة[41]، وانهم حصلوا على حيهم الخاص في المدينة.وتضيف الدراسة عينها ان بليبانوس البيزاوي اشترى حق الارث في اقطاع البترون واصبح من تابعي كونت طرابلس[42].

واقتصرت املاك الامالفيين على بضعة منازل وسوق[43].ونال الفرنسيون حقوقا تجارية في طرابلس ولا سيما جاليتا مرسيليا ومنبوليه[44].لقد خدم اهل مرسيليا الصليبيين في القدس وكونتية طرابلس اما عبر المساعدة العسكرية المباشرة، او باموال نقدية، او عن طريق تقديم المشورة.وقد اثبت هذه الخدمات الملكان:فولك دانجو Foulques d Anjou في سنة 1136، وبغدوين الثالث في 1152 فكوفئت مرسيليا واعطيت جاليتها فرنا وحيا في كل مدينة صليبية، واعفاء من الضرائب الجمركية[45]

  ان الجاليات التي حازت على حيها الخاص حصلت ايضا على فندق ومركز قنصلي وكنيسة وطاحون وحمام ومسلخ وفرن وعدد من المساكن[46].واذا اضفنا الى ذلك الاعفاءات الضرائبية، وحصول بعض الجاليات على محاكم خاصة ندرك خطورة وضع الجاليات الاقتصادي والاداري على دور الكونتية الاقتصادي، وانعكاس ذلك على دور كونتاتها الاداري العام.

   ويبقى سؤال اساسي هل فعلا حصلت الجاليات الايطالية في طرابلس على هذه الحقوق؟! على الارجح لا، لان كل جالية كانت تشترط الحصول على ثلث المدينة او على الاقل على حي خاص تديره بنفسها واعفاآت ضرائبية ما يعني عمليا ان الفرنجة لم يعد لهم بطرابلس اية ملكية، خاصة اذا حازت فقط ثلاث جاليات كل واحدة على ثلث المدينة.وان سير الاحداث يوضح بجلاء النزاع المستمر بين حكام المدن الساحلية والجاليات الايطالية على نوعية هذه الامتيازات.ويرجح كاهن ان الايطاليين لم ينتفعوا بالضرورة ومباشرة من الامتيازات،ولم يحصلوا دائما على حيهم الخاص.ويضيف ان الشك يحوم حول بعض العقود التي بحوزة المؤرخين المحدثين او على الاقل حول جزء منها[47].ما يعني ان الفرنجة بعد استقرارهم بالمدن اللبنانية والفلسطينية حاولوا التملص من التزاماتهم، ويؤيد هذا الامر سير الاحداث ولا سيما التطورات العسكرية التي احدثتها حروب صلاح الدين الايوبي.وبالتالي فان قسما مهمٌاً من الامتيازات جاء نظريا بمجمله أكثر مما مورس فعليا.

    ان هذا التصرف من قبل الصليبيين عموما ينسحب على كونتية طرابلس، فالاستقرار النسبي التي نعمت به دفع كونتاتها الى التملص من حقوق الايطاليين او على الاقل اختزالها نتيجة عجز الفاطميين والسلاجقة عن ازعاج الفرنجة فعليا، من دون ان يعني ذلك انحسار الحركة التجارية.انما حروب صلاح الدين وانتزاعه القدس بعد معركة حطين في 4 تموز 1187 واحتلاله عكا احدى ابرز المراكز الصليبية من دون قتال في التاسع منه، وسقوط الثغور الساحلية التالية بيده: يافا، صيدا، جبيل، بيروت، قيصرية، عسقلان، طرطوس، واللاذقية، ومن ثم هجومه على كونتية طرابلس، الذي استهله بمحاصرة عرقة، والاستيلاء على بعض حصون طرابلس الداخلية والساحلية[48].اضف الى ذلك ان الحملة الصليبية الثالثة احدثت تحولا اساسيا في الحركة التجارية في الشرق الادنى نتيجة قطع الايطاليين علاقاتهم التجارية مع مصر وتحولهم الى مناطق أكثر امنا في الشرق اللاتيني اي سواحل لبنان وفلسطين[49].

  ان كل ذلك جدد حاجة حكام المدن الصليبية الى القدرة العسكرية الايطالية، وهؤلاء بدورهم كانوا بامس الحاجة لتجديد الامتيازات السابقة ومحاولة الحصول على اخرى جديدة لتسد الفراغ التجاري الناتج عن تركهم مواقعهم التجارية في مصر. فجددوا لهم الامتيازات السابقة واضافوا اليها امتيازات جديدة.ولكنها جاءت هذه المرة مفصلة واضحة، وبالتالي منحت كل مدينة امتيازات للجاليات الايطالية فيها بغض النظر عمما كانت تمنحه مدينة أخرى[50].

  وعلى هذا جاءت امتيازات الجنويين في طرابلس مفصلة، وكان الحكم قد انتقل فيها الى امراء انطاكيا من السلالة النورماندية تنفيذا لوصية ريمون الثالث الذي لم يترك وريثا ذكرا[51]، ما انتج عهدا أكثر ملاءمة للجنويين خصوصا ان زواج بوهيموند الرابع من بلاسنتيا ابنة هوغ امبيراكو حاكم جبيل، وهي جنوية، اثمر خصوصا في عهد بوهيموند  الرابع اذ حصل الجنويون على اعفاءات ضرائبية كاملة اعتبارا من 1203 وقد حصل القنصل الجنوي على وثيقة خطية مفصلة بكل هذه الحقوق[52].وفي سنة 1205 اعفاهم من ضريبة البيع في اسواق المدينة ، وسمح لهم بمحكمة خاصة بهم[53].

    ويبدو ان طرابلس استندت عسكريا على الجنويين بالدرجة الاولى، وان البيزيين قدموا مساعدات عسكرية للصلبيبيين ابٌان معركة حطين فنالوا اعفاءات جمركية في طرابلس على السلع المستوردة والمصدرة، ومنحوا حق المتاجرة في جبيل.ولكن اسقف المدينة، الذي كان يملك ربع ريع الجمارك، رفض اعفاءهم من الضرائب الجمركية، ولم يتحقق ذلك الا في عام 1202بعد الاحتكام للسيف من جهة، ما انزل اضرارا جسيمة بالمدينة، وبعد ان اصدرت المحاكم الاحكام لصالحهم، من ناحية ثانية، على ان يدفعوا بدل الاضرار خمسة آلاف دينار بيزنطي مباشرة لكونتها واربعة أخرى لاحقة، وثلاثة آلاف للرعايا[54].ويعتبر هايد ان هذا المبلغ ما كان يساوي الا ربع ارباح البيزيين في طرابلس ما يعني ان نسبة الاراح التجارية كانت عالية جدا.

     ويبدو ان البنادقة لم يحصلوا في طرابلس على امتيازات مهمة لان المراجع العديدة التي اطلعت عليها لا تشير الى امتيازات لهم في طرابلس بعد عهد صلاح الدين الا تلك التي ذكرها هايد من انهم كانوا ما يزالون يدفعون ضريبة قيمتها 4،5% على سلعهم في جبيل حتى عام 1217، وتناقصت القيمة المذكورة الى النصف بعد ذلك التاريخ[55].

   وحاز تجار منوبيليه في عهد بوهيموند الخامس على حي ومركز قنصلية من دون الحصول على اعفاءات ضرائبية كاملة[56] وفي عام  1251تمكن برجوازيوها من الحصول على تخفيضات ضرائبية وحقوق جديدة[57].

2- مستوى الامتيازات او الحقوق الفعلية :تبعا للمصادر والمراجع يمكن القول : ان الايطاليين شاركوا الفرنجة السكن في كونية طرابلس، وحصلت كل جالية من الجمهوريات التي ذكرنا على حيٌها الخاص وفندقها.وقد امتاز الجنويون من غيرهم بامتلاكهم جبيل كاملة اضافة الى حقوق اخرى في المدينة وما كان يتبع حيهم خارجها.ولم يكتف البيزاويون بحيهم الخاص بل حازوا على منازل كثيرة كانت تزداد باستمرار عن طريق الشراء[58]. واقتصرت املاك الأمالفيين على بضعة منازل وسوق[59].وانحصرت املاك البنادقة عمليا داخل اسوار المدينة فكان لهم حيهم الخاص اعتبارا من 1117[60].ونال الفرنسيون حقوقا تجارية.

      واذا تفحصنا بدقة الامتيازات التي حازتها الجاليات التجارية في طرابلس نقع في حيرة حول قيمتها ومستواها ونتساءل فيما اذا كانت قد نفذت باستمرار وبحذافيرها؟! لانها لو نفذت لغدا الفرنجة فقط اداريين للمدينة ويتمتعون بسلطة سياسية وعسكرية ويجنون ما تبقى من الضرائب، وباعتقادي ان قيمتها كانت قليلة.وهذا ما يفسر محاولة الفرنجة التملص باستمرار من تنفيذ الاتفاقيات كما ذهب كلود كاهن، ويفسر من جهة ثانية ارتباك المؤرخين والباحثين في تحديد قيمة الامتيازات كما مر معنا على الاقل ما اورده هايد في صفحة واحدة حول امتيازات الجنويين في طرابلس فهو يقول: انهم حصلوا على ثلث المدينة ومن ثم ارتضوا عوضا عن ذلك بضيعة جبل القائد العام ما يعني رفض الفرنجة اعطاءهم هذا المستوى من الحقوق في المدينة. ويبقى سؤال مركزي ما كان مدى التزام الفرنجة بالاعفاء من الضرائب الجمركية عل السلع المصدرة والواردة؟ تؤكد سهير نعينع ان الجاليات التي كانت معفية تماما من الضرائب عاد الحكام الفرنجة وفرضوا بعضها عليها، مثل الضرائب على البضائع التي يصدرها التجار، وعلى تلك الآتية بالبحر او بالبر من البلاد المشرقية اذا بيعت في في المدن الصليبية [61]0 ثم فرضت ضرائب على السلع القادمة الى موانئ مملكة القدس، ما ادًى الى نزاعات دامية بين الحكام والجاليات[62]. على الارجح ان هذه الاعافاآت لم تنفذ باسترار لانها لو نفذت لحرم الفرنجة من مواردهم الاساسية وأكتفوا بما تدر الكونتية من ارباح زراعية وصناعية فقط. ان هذا الموضوع ما يزال مطروحا على النقاش وتنتظر الاجابة عليه بدقة الكشف عن الوثائق في الارشيفات الايطالية.

ثالثا:السلع والطرق التجارية :

1- الصادرات : كان طلب الاوروبيين على السلع في المشرق العربي شديدا أكانت منتجة فيه او مصدرة اليه من الشرق الاقصى او من بلاد فارس0وقد اورد بيرين Pirenne ثبتا بابرز السلع المشرقية : الارز، الليمون، المشمش، الزبيب، العطور، الادوية، الاصباغ، الاخشاب الممتازة كالصندل … والقطن الذي اعطى اسمه العربي الى كل اللغات، والحرير الخام0هذا اضافة الى انواع من الملبوسات، التي عرفت باسماء مصادرها، مثل الدمسق نسبة الى دمشق، و بلدكان BALDAQUIN نسبة الى بغداد، والموسلين نسبة الى الموصل، gaz  نسبة الى غزة [63]0هذا فضلا عن اقمشة  Samit و Camelot وانسجة سميكة من وبر الجمال او الماعز او الصوف، والصابون والاواني النحاسية المكفتة0[64] ناهيك عن المسك، وخشب الصبر، والبهار، والهال، والقرفة، والخولخان[65]، وجوز الطيب، والكافور، والقرنفل، والتين واللوز، وقصب السكر، والنبيذ، والسمسم، والثمار الزيتية، والنيلة، والفوة[66]، والخزف والزجاج0[67]

اما سلع الشرق الاقصى التي كانت تصدر الى اوروبا فقد ذكرها كل من ابن خرداذبة والادريسي0 بعضها مواد طبية مثل القسط والبقم[68]، والبعض الآخر شديد التنوع مثل : البهار والقنا[69]، والخيزران، والعود[70]، والعنبر الطيب الرائحة تزن الواحدة منه ما يقارب القنطار احيانا، واللؤلؤ، والياقوت، والماس، والزمرد، والاحجار الكريمة، واصناف عدة من العطر والبلور[71]0وكانت المنسوجات الحريرية من ابرز الصادرات الى الغرب الاوروبي، وقد تميزت طرابلس بهذه الصناعة خلال العصور القديمة والاسلامية والبيزنطية وخلال العصر الصليبي ايضا [72]0وكان فيها وحدها حوالى اربعة آلاف شخص يعملون في صناعة الحريرخلال القرن الثالث عشر على حد تعبير عادل زيتون[73]، انما على الارجح كان هؤلاء يعملون في مختلف انواع صناعة النسيج[74]. ونقلت الى المدن الصليبية وبخاصة اللبنانية منها الاقمشة الحريرية والمنسوجات الاخرى على اختلاف انواعها من المدن السورية ولاسيما دمشق ، وصدرت منها الى اوروبا[75]0و كان الزجاج يصنع في طرابلس بطريقة ممتازة وان لم يكن يضاهي الزجاج الصوري[76] 0

 ونقل الصليبيون ايضا من السلع المشرقية الى الغرب الاوروبي  المنسوجات الكتانية التي اشتهرت بصناعتها المدن المصرية مثل تنٌيس ودمياط والاسكندرية والفرما وغيرها ، اضافة الى المنسوجات الحريرية والقطنية والصوفية0[77] اما عبر الاسكندرية مباشرة، او عبر الموانئ اللبننانية[78]0ومن بينها طرابلس وتعرٌف الايطاليون الى اهمية الشب في الصباغة، وغدا استخدامه ضروريا في الصناعة الاوروبية0[79] كما نقلوا ايضا من مصر الزمرد[80]، وقصب السكر0[81]وسيتبين دور طرابلس في هذه الصادرات من خلال دراسة الطرق التجارية الداخلية اي طرق القوافل وايضا من خلال الحركة التجارية. 

    وقد وفرت طرابلس اصنافا عديدة من السلع من منتوجاتها الزراعية0اذ كانت سهول طرابلس فسيحة وتتمتع بخصوبة مدهشة، وغنية بالحدائق والبساتين والمزارع الغاصة بالفواكه المتنوعة بخاصة النارنج، والترنج، والتين، واللوز، فضلا عن وقصب السكر، وحقول السمسم، والثمار الزيتية خصوصا في انفة، والكروم التي يستخرج منها الزبيب[82]       0ناهيك عمما كان ينتجه سهل البقاع من مختلف انواع الحبوب حيث كان لطرابلس ثلث انتاجه على الاقل في العهد السلجوقي0[83]

    ولم تقتصر في طرابلس السلع الزراعية بل صنٌع عدد كبير من اصنافها اضافة الى تصنيع سلع اخرى توفرت في اسواقها عبر تجارة القوافل.فهي اشتهرت بصناعة النسيج اذ بلغ عدد عمال النسيج فيها ما يزيد على الاربعة آلاف عامل ينسجون الحرير وهي الى ذلك كانت من اشهر المراكز في المشرق العربي بصناعة الحرير[84]. كما نسج فيها ايضاcamelote ، والقطن، والكتان الوارد اليها من دمشق وحلب وغيرهما، وانسجة سميكة من وبر الجمال او الماعز او الصوف.واشتهرت ايضا بصناعة الزيت والسكر، والصابون، وصناعة الاواني الخزفية المكفتة.اضف الى ذلك استخراج النيلة والفوة من سهول العاصي.وبالتالي فقد كانت طرابلس أنذاك احد ابرز المراكز الصناعية على الساحل الشرقي للمتوسط ما كان يوفر سلعا كثيرة للتجار الايطاليين.

 2 –  الواردات الصليبية:  ان السلع التي صدرها الايطاليون الى المدن الصليبية كان قسم منها معدا للاستهلاك المحلي والقسم الاخر لإعادة التصدير للداخل المشرقي الى اسواق مصر وسوريا وفلسطين بواسطة الصليبيين انفسهم او بواسطة تجار مشرقيين[85].وبعض هذه السلع تولى تصديرها تجار مشرقيون الى الشرق الاقصى0اما اهم السلع التي صدرها التجار الايطاليون الى الشرق فهي: الاخشاب والاسلحة ولاسيما الخوذ[86] والسيوف [87]،والرقيق وقد شكلت صور احد اهم اسواقه[88]، والاقمشة على اختلاف انواعها ومن مصادر متعددة:ايطالية وفرنسية0[89] مثل اقمشة شامبانيا Champagne ، واللانغدوق Languedoc  ، الفلاندر ، بال ، انكلترا ، أفنيون Avignon 0 واخرى مصنوعة من خيوط الذهب في جنوا ولوك ، ونسيج القطن والكتان المشبوك الحبك، ومنسوجات باريسية، فضلا عن شحنات من القصدير والمرجان والزئبق وجلود الثعالب ، والقمح وزيت الزيتون والفراء[90]0وجلب الايطاليون ايضا الرقيق ، والعسل ، والشمع [91]0ان هذا الكم الكبير من السلع التجارية المتبادلة يعطي فكرة عن الزخم المضطرد  في الحركة التجارية، وعن الارباح الهائلة التي حققتها الجاليات الايطالية، وما كان ذلك ليتم لولا التطور في المواصلات، وانتظام الطرق التجارية العالمية بين الشرق والغرب، والسهر على سلامتها بحمايتها من اللصوص وقطاع الطرق، لأن الافادة كانت مزدوجة ان لم نقل مثلثة الاطراف : صليبيون ( فرنجة ) ، ايطاليون على تنوٌع انتماءاتهم ، وحكام مسلمون في بلاد الشام ومصر0

3-الطرق التحارية : من المسلم به ان الجاليات الايطالية لم تكتف بالسلع التي توفرت في المدن اللبنانية وحدها من الانتاجين الزراعي والصناعي، بل سعت للحصول على سلع المشرق العربي التي وفٌرتها الزراعة والصناعة، فضلا عن بضائع الشرق الاقصى، التي كانت تصل الى الحواضر المشرقية في مصر وبلاد الشام عبر خطوط تجارية واضحة، وتنقل منها الى المدن اللبنانية عبر طرق القوافل، او في البحر0

أ -طرق الشرق الاقصى :كان هناك ثلاثة طرق رئيسية تربط الشرق الاقصى بالمشرق العربي تراوحت الخطورة عليها تبعا للظروف السياسية والعقبات الطبيعية0فالاول بحري ينطلق من الصين فالهند ثم الى الخليج العربي فالبصرة، حيث يتفرع باتجاهين غربا الى دمشق، وشمالا الى ديار بكر[92]0اما الثاني فيأتي من الشرق الاقصى عبر المحيط الهندي الى البحر الاحمر، ثم يسلك اتجاهين : عبر سيناء الى دمشق، فالموانئ اللبنانية والفلسطينية على المتوسط، او الى القاهرة[93]0اما الثالث فهو بري من الهند وجبالها[94]، وهو لا يعنينا في هذه الدراسة0وقد تعددت المحطات التجارية على هذه الطرق بحيث سهٌلت عبور القوافل عليها0[95]وقد امنت هذه الطرق الرئيسة سلع الشرق الاقصى بانتظام الى موانئ المشرق العربي وعبرها تم تصدير السلع الاوروبية كما سلع المشرق العربي الى الشرق الاقصى0وقد حرص حكام المشرق العربي وخصوصا في منطقة الخليج العربي كي تبقى مسالك الطرق المذكورة خافية على الصليبيين، لا بل تشددوا في منع الايطاليين من الاقتراب منها بشتى الوسائل0

  ب-الطرق الداخلية : اما طرق الداخلية، التي تربط المدن الرئيسية حيث تتفرع الطرق التجارية الكبرى بمدن الشام الداخلية مثل دمشق وحلب وغيرهما، فكانت عديدة0 وتنطلق منها طرق قوافل تنتهي بالموانئ اللبنانية _ويهمنا في هذا البحث الطرق التي تنتهي بطرابلس0وتكمن اهمية هذه الطرق انها وفرت في الحواضر المذكورة مختلف انواع السلع بما فيها القادمة من الشرق الاقصى، وزادت باهمية الحركة التجارية الداخلية والخارجية، عن طريق تبادل السلع بين الايطاليين والتجار المشارقة على اختلاف جنسياتهم0

   ولعل ابرز طرق القوافل التي تعنينا هو الطريق الذي يأتي من الفسطاط ( مصر القديمة ) الى دمشق مارا بالرملة وطبرية0وكانت الموانئ اللبنانية صيدا وبيروت وجونية وجبيل وطرابلس ، وفق ابن خرداذبه ، تشكل مخرج التجارة الدمشقية[96]0ووفق ناصر خسرو ، المعاصر للفترة الصليبية، كانت حلب ملتقى الطرق التجارية القادمة من انحاء مختلفة وتتفرع فيها اما الى دمشق، او الى حماه فحمص ثم الى طرابلس[97]0وكانت حمص ايضا محطة مهمة للقوافل القادمة من الرقة والفرات بمحاذاة الصحراء[98]، ويتفرع طريق حماه باتجاهين : احدهما بجانب الساحل غرب الشام يتجه الى عرقة  ومنها الى طرابلس، والآخر في الجنوب ينتهي بدمشق[99]0اما ابن جبير المعاصر بدوره للصليبيين فهو يصف بدقة الطريق الذي يربط حلب بدمشق ويعتبره شديد الازدهار:” تقيد اسواقها – أي حلب – الابصار حسنا وعجبا ، ومليئة بالحوانيت، واكثر حوانيتها من خشب بديع الصنعة[100]، ومنها الى قنٌسرين فمريحين وفيها خان كبير…” ويضيف : ومنها الى ثمنى وفيها ايضا خان شبيه بخان التركمان، فبلاد معرة النعمان، ومنها الى جبال لبنان او الى اللاذقية[101]، ومن معرة النعمان الى حماه واسوقها حافلة بانواع الصناعات، وفي ربضها عدد من الخانات، ثم الى حمص فبعلبك ( ومن بعلبك عموما الى بيروت لان هذا الطريق معروف منذ القدم ) الواقعة على طريق دمشق، ثم الى مشعر، فإلى القارة وفيها خان كبير يشبه الحصن المشيٌد، ثم الى النبك، فخان صلاح الدين، ومنه الى بثنية العقاب المشرفة على دمشق، التي يتفرع منها طريقان:احدهما الى حمص ( وهذا الفرع يتجه الى بعلبك فبيروت، او باتجاه الساحل نحو عرقة وطرابلس)، والآخر يتجه شرقا في برية السماوة0ومن بثنية الى القصير وفيها خان كبير، ثم الى دمشق[102]0

     يمكن الخلوص من وصف ابن جبير لهذا الطريق ومتفرعاته بعدة ملاحظات : اولا كثرة الخانات المشادة عليه ، والخان هو في الاساس محطة تجارية للتجار المشارقة، لانه يتألف من مجموعة ضخمة من الحوانيت والمستودعات التجارية في وسطها بهو كبيرمسقوف معد لحفظ سلع التجار0وفي الخان يرتاح التاجر ويريح دوابه، ويمكنه ان شاء المبيت فيه وزرب دوابه، واذا اراد اكمال رحلته يمكنه الافادة من سبيل الماء ومن الحانوت الواقعين خارج الخان حيث يستطيع التزود بما يحتاج اليه[103]0ثانيا سهولة عبوره لكثرة التسهيلات عليه بفضل كثرة الخانات، وامكانية التفرع منه باتجاهات متنوعة[104]0ثالثا امكانية التبادل التجري في خاناته، او التزود بسلع جديدة ينقلها التاجر الى حيث يريد0 وتؤشٌر كثرة الخانات على الطريق المذكور ان  التجار كانوا يسلكونه باستمرار، وان الحركة التجارية بين الموانئ اللبنانية عموما، وطرابلس خصوصا، وحواضر الداخل كانت شديدة الازدهار.ورابعا:أن وفرة الابنية والحوانيت المشادة على الطرق المؤدية الى طرابلس من حيث جودت خشبها وصنعها تدلل على وفرة الربح ازدهار الحركة التجارية عليها0

  ما هي الاهداف من دراسة السلع والطرق التجارية ولا سيما الداخلية؟

يتمثل الهدف الاول بتبيان المنزلة التجارية لكل من حلب ودمشق من حيث غناهما بمختلف انواع السلع المشرقية المنتجة في المشرق العربي، او القادمة اليهما من الشرق الاقصى . وتظهر دراسة هذه الطرق من ناحية ثانية ان رحلات القوافل كانت منتظمةعلى هذا الطريق ويؤشر على ذلك عدد الخانات، وسعتها، وكثرة الحوانيت. ومن ناحية ثالثة فان الرحلات المنطلقة من المدينتين المذكورتين كانت تنهي بحمص، وهي من اقصر الطرق مسافة ما يوفر على التجار مشقة سلوك طرق أكثر طولا وربما اصعب مسالك. ومن ناحية رابعة فان الموانئ الاكثر قربا الى حمص كانت خاضعة الى سيطرة كونت طرابلس؛ فعلى مسافة يومين منها يقع ميناء طرطوس[105]، ويليه ميناء طرابلس الحصين بفضل المدينة المسورة وحصونها القوية العالية وهو يستقبل السفن من مختلف الانواع والاحجام، ومن ثم مرفأ جبيل المعد لاستقبال السفن الصغيرة[106].وبالتالي فان طرابلس حظيت بمختلف انواع السلع المشرقية المنتجة في المشرق العربي والمصنعة فيه، وكذلك تلك القادمة من الشرق الاقصى.

رابعا:الحركة التجارية  ان فهم الحركة التجارية في طرابلس والمشرق العربي عموما يستوجب استيعاب ملاحظات عدة: التنافس التجاري بين الجمهوريات الايطالية على الزعامة التجارية ليس في المشرق العربي وحده بل في اوروبا ايضا، وقد تحول الى صراع عسكري منذ بدايات القرن الحادي عشر بسبب الزعامة على بحر ايجة.وتتركز الملاحظة الثانية على الصراع العسكري حينا والدبلوماسي حينا آخر بين الايطاليين والحكام الصليبيين بما فيهم كونت طرابلس. ومن جهة ثالثة بين الفريقين معا وحكام المشرق العربي بدءا بالزكيين وانتهاء ببدايات عصر المماليك الذين اجلوا الصليبيين عن الشرق.ويقتضي الوقوف، من ناحية رابعة، على الحركة التجارية الايطالية في مصر الفاطمية والايوبية والمملوكية.وقد تكون النقطة او الملاحظة الاخيرة شديدة الاهمية.اذ حسب كلود كاهن لم تتوقف التجارة الايطالية مع مصر خلال الوجود الصليبي في الشرق لا بل عملوا احيانا كثيرة على خطب ود حكامها[107] . وبالمقابل كانت حاجة الايوبيين والمماليك من بعدهم الى الاخشاب والحديد والرقيق الابيض شديدة، ولم يكن يوفرها الا التجار الايطاليين الذين لم يمتثلوا دائما للتحريمات البابوية، ما جعل هؤلاء الحكام يمنحون الايطاليين امتيازات تجارية خاصة[108].اضف الى ذلك ان قيام حركة تجار الكارم الذين مارسوا تجارتهم بين مصر والشرق الاقصى جعل مصر تزخر بسلع المنطقة المذكورة[109]وباسعار اقل عما كانت عليه في طرابلس او غيرها من ثغور السواحل . اولا بسبب النقل البري، وخضوع السلع لاكثر من ضريبة جمركية تبعا لمرورها بالمحطات التجارية الداخلية.ان كل ذلك يقتضي دراسة خاصة لفهم الحركة التجارية في المشرق العربي والوقوف على الخصائص التجارية في كل مدينة صليبية، وميناء مصري.ومن العسير جدا دراسة الحركة التجارية في طرابلس وحدها لافتقارنا للارقام، ومن ناحية ثانية لان الاسطول التجاري ما كان يقصد ميناء واحدا فقط، بل كانت تتوزع سفنه على المرافئ الصليبية كلها اجمالا تبعا للقدرة التجارية للجالية في المدن المذكورة.كما ان بعض السفن كانت تقصد المرافئ المصرية.ان كل ذلك يجعل من دراسة الحركة التجارية في طرابلس وحدها عسيرا جدا.

     وعلى هذا يمكن القول ان التجارة الايطالية في المشرق العربي عموما لم تزدهر الا بعد مرور عقدين من الزمن على قيام الفرنجة فيه.لان الحدود التي رسمت بين الساحل الفرنجي والداخل العربي شكلت عوائق بين المنطقتين ستزول تدريجا.وكان الايطاليون مندفعين للاستحواذ على خيرات المشرق وذهبه من دون التخلي عن مراكزهم التجارية السابقة على الوجود الفرنجي فيه[110].وهذا ما يفسٌر تنافسهم الشديد وتقربهم من الحكام الفرنجة للحصول على امتيازات تجارية في المدن الساحلية، كما تقربهم من كونتات طرابلس.

1- المخازن ومن الملاحظ انه كان لكل جالية اوروبية في طرابلس مخازنها الخاصة، التي اكتظت بانواع السلع على مدار السنة، وخصوصا ابٌان انعقاد الاسواق الموسمية في المشرق العربي التي ارتبطت بهبوب الرياح المسمية، لانها كانت الاغنى بسلع الشرق الاقصى ولا سيما التوابل والافاويه[111]

2- الضرائب ان مسألة دفع الضرائب في الموانئ الفرنجية خضعت لعملية مد وجذر تبعا لحاجة الفرنجة للخدمات الايطالية العسكرية، وبالتالي لم تنفذ بنود المعاهدات التي تحدثنا عنها الا كيفيا ان جاز التعبير0انما من الواضح، وفق المصادر والمراجع الصليبية، ان  السفن، عندما كانت تصل الى قبالة اي ميناء صليبي، كانت تخضع للتدابير التالية : تقرع الاجراس ايذانا بوصولها، ويتوجٌه نحوها قارب صغير لارشادها للمكان المخصص لرسوها، او تعمد عدة قوارب صغيرة لتفريغ حمولتها ونقلها الى الشاطئ0ومن ثم تخضع لاربعة مراحل: انزال البضائع، وتسجيلها في الدوائر المختصة منعا للتلاعب بمقدار وقيمة السلع ونوعيتها، وبعد ذلك تخزن البضائع، واخيرا تتم عملية البيع0 وادت هذه العمليات الاربع الى تنوع الضرائب وتعددها بحيث دفع التجار الايطاليون الضرائب التالية : الرسو، والميناء ، والمبادلات التجارية او حركة السوق من بيع وشراء ، واخيرا ضريبة العودة او مغادرة السفينة الميناء[112]0وقد عمد المؤرخ البريطاني الحديث ماير Mayer  بالاستناد الى مصادرة متعددة الى تحديد الى حد بعيد قيمة الضرائب التي دفعها الايطاليون في الموانئ الفرنجية، وميٌز بين الضرائب على السلع بحيث استوفى الصليبيون ضرائب مرتفعة على السلع المعدة للاستهلاك المحلي فوصلت قيتها الى 15% ، في حين تراوحت قيمة الضرائب المعدة لاعادة التصدير والتي جلبها الايطاليون بين 6،4 و2،11 % من قيمتها الاصلية0

3- قيمة الحركة التجارية :ويلخٌص بالار هذه القيمة بما يلي:” فقد حدث في هذا الوقت – القرن 12 – انقلاب لمصلحة الحركة التجارية باتجاه الشام – فلسطين[113] ، وتكاد تكون هذه الحركة حكرا على بعض الافراد والاسر ذات اصول فيكونتية – اشراف – الذين يتحكمون باربعة اخماسها0وبحسب العقود المسجلة في دوائر كتاب العدل الجنويين من 1179 الى 1203، فان التجارة مع الشام استغرقت من الاستثمارات… بحيث سبقت باشواط عريضة القسطنطينية والاسكندرية…”[114]وبما ان بالار لم يحدد المدن في الشام وفلسطين، فانني ارجح ان المدن هي عكا في فلسطين وطرابلس وصور في لبنان، وبدرجة اقل جبيل وبيروت وصيدا.وبالتالي ينطبق كلامه بشكل واضح على طرابلس لان المرافئ التي كانت خاضعة لها كانت من افضل المرافئ، ولأنها ايضا، وكما اسلفنا، حاز الايطاليون فيها على امتيازات كبيرة ومارسوا دورا تجاريا بارزا، ولان الكونتية شكلت دولة مستقلة على العموم، على الرغم من ارتباطها بمملكة القدس بالامور العسكرية العامة0

    ولكن هذا النشاط التجاري سينحسر بتولي المماليك(1250-1517) السلطة في مصر ومن ثم في بلاد الشام.فهو قد بلغ بين المتوسط الشرقي والمتوسط الغربي نسبة قدرها 71%، وقد بدأت النسبة المذكورة بالتقهقر لتصل الى 54% عام 1258 والى 40% عام 1259 عندما نقل الجنويون مرطز نشاطهم من عكا الى صور وطرابلس[115]0

كما ادى الصراع بين المماليك والصليبيين في عهد بيبرس(1260-1277) الى تقليص الوجود الصليبي بنسبة مرتفعة، حتى لم يبق للصليبيين سوى صور وطرابلس[116]، كما الى تقليص المبادلات التجارية: اولا بسبب نقص بالسلع التي سيطر على معظمها المماليك بهيمنتهم على معظم الطرق التجارية بين الشرق والغرب، وعلى المحطات التجارية الداخلية الواقعة على طرق القوافل0 وثانيا بسبب القرصنة في المتوسط، وثالثا بسبب محاولة الفرنجة المحافظة على ما تبقى بايديهم من المواقع، ما افرز اصطداما شبه مستمر مع المماليك، الذين عمدوا الى تهديم الموانئ التي سقطت بأيديهم منعا لعودة الصليبيين اليها واستخدامها عسكريا0 ورابعا فقد دفع الخطر المحدق بالفرنجة الايطاليين للتعامل معهم بحذر[117]، بدليل ان الحركة التجارية الجنوية لم تستعد قط الاتساع الذي كانت قد عرفته بين عامي 1230 و 1255، ولم تحتل في طرابلس وصور في مطلع عام 1280 سوى المرتبة الرابعة ، وحتى المرتبة السادسة[118]0ولأن الايطاليين بدأوا يؤسٌسون مراكز لهم في كنف الحكم المملوكي وجاءت بداياته خجولة. كما نشٌطوا مراكزهم التجارية في الدولة البيزنطية وكأنهم ادركوا ان نهاية سيطرة الفرنجة على شرقي المتوسط باتت قريبة.وفعلا لم يطل امر الفرنجة بطرابلس التي سقطت على يد السلطان قلاوون عام 1280 ليبدأ عهد جديد من التجارة في طرابلس في ظل الحكم المملوكي.

                            د. انطوان ضومط استاذ في الجامعة اللبنانية الفرع الثاني


[1] – زيتون عادل ، العلاقات الاقتصادية بين الشرق والغرب في العصور الوسطى ، دار دمشق ، دمشق ، 1980 ، ص 55 – 56

2- Byrne , E. H. , Genosese Shipping in the twelfth and thirteenth centuries , Cambridge , 1930 , pp. 5-6

[3]  – هايد ، تاريخ التجارة في الشرق الادنى في العصور الوسطى، الهيئة المصرية العامة، القاهرة، 1994، ج 1 ، ص 146

[4] – كاهن، كلود، الشرق والغرب زمن الحروب الصليبية، ترجمة احمد الشيخ، دار سينا للطباعة والنشر، بيروت، 1995، ص105

[5] – المكان عينه

[6] – بالار ( ميشال ) ، ” الجمهوريات البحرية الايطالية والتجارة في الشام- فلسطين ، من القرن الحادي عشر الى القرن الثالث عشر ” ضمن كتاب الصراع الاسلامي – الفرنجي على فلسطين في القرون الوسطى ، تحرير هادية الدجاني شكيل و برهان الدجاني ، مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، بيروت ، 1994 ، ص 182- 183 

[7] – كاهن، الشرق، ص 105

[8] – Ashtor , E. , A Social an Economic History of the Near East in the Middle Ages , London , 1977 , pp. 196, 353

[9]  – هايد ، ج 1 ، ص 146

[10] – بالار ، الجمهوريات البحرية ، ص 183

[11] – كاهن ، الشرق، ص 160

[12] – بالار ، الجمهوريات البحرية ، ص 184

[13] – Recuil des Historiens des croisades , Lois , 2 T. , T.I , Assises de Jerusalem , publie par le conte

Deugnot , T.I , pp. 276 , 290

[14]  – Grousset R, L’Empire du levant, Payot, Paris, 1979, pp 306- 307

[15] – تدمري، عمر، تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1984، ص380

13- ” كانت من اعظم البلاد واكثرها ثروة وتجملا ” انظر ابن الاثير، عز الدين، الكامل في التاريخ، دار صادر، بيروت، 1979، ج10، ص 413.” ان فيها من الفاكه ما يضاهي مئة مرة ما في كل بلاد الشام، وفيها سفن لحاكمها تتاجر لحسابه مع الافرنج وصقلية وبلاد الغرب” انظر: خسرو ،ناصر، سفرناماه، ترجمة يحي الخشاب، دار الكتاب الجديد، بيروت، 1983، ص 47-48.

[17] -ابن الاثير، عز الدين، الكامل في التاريخ، دار صادر، بيروت، 1979، ج10، ص 413

[18] – ابن القلانسي، حمزة بن اسد، ذيل تاريخ دمشق، تحقيق سهيل زكار، دار حسان، دمشق، 1983، ص 260-261

[19] -ابن الاثير، ج10، ص 372

[20]– Richard J, Le comte de Tripoli sous la dynastie Toulousaine, Paris, Guethner, 1945 pp. 3-1

 القطار، الياس، الادارة في المناطق اللبنانية في ظل الاحتلال الفرنجي، ضمن كتاب المناطق اللبنانية في ظل الاحتلال الفرنجي، فيلون لبنان، 1997، عدد الصفحات 255-288، ص274

[21] – Grousset, op. cit p306، وتدمري، المرجع السابق، ص519

[22] – Richard. La dynastie.p2

القطار، الياس، الادارة في المناطق اللبنانية في ظل الاحتلال الفرنجي، ص274

[23]  – Grousset, ibid

[24] – تدمري، تاريخ طرابلس ، ص 519 ورسم خارطة جغرافية بما تشتمله كونية طرابلس

[25] – القطار، المناطق، ص 274-275

[26] – تدمري، ص 519

[27]– Grousset, op.cit. p275

[28] -ibid

[29]  – Cahen, C. Orient et occident au temps des croisades. Paris, 1983, pp. 78-79

[30] – ابن القلانسي، ذيل، ص 162

 [31] Lamonte , J. L., Feudal monarchy in the latin kingdom of Jerusalem , 1100 to 1291 , Cambridge , Massachusetts , 1932 , p 229

[32] – D ‘Aix, A , Conqu‏ête de la terre sainte (1096-1118),2t , trad. Guizot, tII, Beyrouth, 1993, p 64

[33] –  De Champs, La d‏éfense du comte de Tripoli, Paris, 1977, p 205

القطار ، الياس، الادارة في المناطق اللبنانية في ظل الاحتلال الفرنجي، (1104-1191)و ضمن كتاب، المناطق اللبنانية في ظل الاحتلال الفرنجي، فيلون لبنان، 1997، ص297

[34] – هايد، تاريخ التجارة، ص 162

[35] – Richard J, Le comte de Tripoli, pp.84-85

[36] – Richard. Op. cit. p84-85

[37] – هايد ، تاريخ التجارة، ج1، ص 150

[38] – المكان نفسهزوالمقصود بداخل الاسوار ان الايطاليين حصلوا ليس فقط على ثلث بعض المدن انما ايضا على ثلث الاراضي التابع لها خارج الاسوار

  [39] Lamont , feudal , p. 269

[40]  – Lamonte, J. L.,Feudal monarchy in the latin kingdom of Jerusalem. 1100-1291.Cambridge. Massachusetts. 1932, p. 271

[41] – بالار، الجمهوريات، ص 202

[42] – المكان عينه

[43] – هايد، ج1، ص 160

[44] – Germain, Histoire du commerce de montpelier, t2 , p513

[45] – هايد، ج1، ص159

[46] – Cahen , op. cit. p 79

[47] – كاهن، الشرق، ص 142

[48] – ابن الاثير، ج11، ص 531-534، 540- 543، 594، وانظر ايضا: الاصفهاني، العماد، الفتح القسي، تحقيق محمود صبيح، القاهرة، 1965، ص 225، 283-284

[49] – كاهن، ص 193

[50] – رالار، ص 191

[51] – رانسيمانز، ستيفن، تاريخ الحروب الصليبية، ترجمة السيد الباز العريني، القاهرة، 1960، ج2، ص 759

– كاهن، الشرق، ص 200

[52] – هايد، ج1، ص 328

[53] – القطار، الياس ، المجتمع في صور في العهد الفرنجي ، ضمن كتاب وثائق المؤتمر الثاني لتاريخ مدينة صور ، 1998 ، ص 123

[54] – هايد ، ج1، ص 329

[55] – المرجع عينه، ج1، ص 326

[56] – Germain , op. cit. p 513

[57] – ibid, t1 , p 214

[58] – هايد ، ج1، ص 162

[59] – المرجع عينه، ص 160

[60] – المكان نفسه

[61] – نعينع ( سهير ) ، الاهمية التجارية لمدينة صور في الحروب الصليبية ، ضمن كتاب وثائق المؤتمر الثاني لتاريخ مدينة صور ، منتدى صور الثقافي ، 1998 ، ص100

[62] – نعينع ، المرجع السابق، ص 101

[63] Pirenne , H. , Histoire economique et sociale du Moyen-Age , Presse universitaire , Paris , 1969 , p 122

[64] –  Grousset , op. Cit. , pp. 323 – 324

[65] هو نبات طبي من فصيلة الزنجبيل

[66] – هي عشبة يستخرج من جذورها مادة عشبية تستعمل في صناعة الصوف والحرير

[67] – هايد ، تاريخ النجارة ، ج1 ، ص 176 – 177 و 188 – 189 و 191

[68] – دواء يستخرج من سم الافاعي

[69] – قصب يصنع منه الحصر

[70] – ابن خرداذبه ، المسالك والممالك ، تحقيق محمد مخزوم ، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، 1988 ، ص 62 – 63

[71] – الادريسي ( ابو عبدالله محمد ) ، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ، طبعة نابولي-روما ، دون تاريخ ، ج1 ، ص 64 – 66 ، 68 –69 ، 73 – 74 ، 77 ، 81 – 82 ، 84 ، 88 ، 91 – 92 ، 99

[72] – Prawer , J. , The Latin , kingdom of Jerusalem , London , 1972 , p 393

[73] – زيتون ،  ص 172- 173

[74] – هايد ، ج1 ، ص 188 – 189 ، و Grousset , op. Cit. Pp. 223 – 224

[75] – زيتون ، المكان عينه

[76] – Riley- Smith , nobility , pp. 64 – 65

[77] – المقريزي ، ( تقي الدين احمد ) ، كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك ، تحقيق سعيد عاشور، القاهرة ، 1970 ، ج1 القسم 2 ، ص 449 ، وايضا: الظاهري ، ( خليل بن شاهين  ) ، زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك ، تحقيق ، بولس راويس، باريس ن 1894 ، ص 41

[78] – المقريزي ، ( تقي الدين احمد ) ، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، دار صادر، بيروت ، لا تاريخ ، جزءان ، ج1 ، ص 101 – 102

[79] – ابن مماتي ، ( اسعد بن الخطير ) ، قوانين الدواوين ، جمعه وحققه عزيز عطية ، القاهرة ، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، ط1 ، 1991 ن ص 328 ، والمقريزي ، خطط ، ج1 ن ص 108

[80] – ابن مماتي ، ص 81 ن

[81] – المقريزي ، خطط ، ج1 ، ص 102 ، والظاهري ، ص 35

[82] – خسرو ( ناصر ) سفر نامة ، ترجمة يحي الخشاب ، ص 47 ، وهايد ، ج1 ، ص 188 – 189 ، و كاهن ( كلود ) الشرق والغرب زمن الحروب الصليبية ، ترجمة احمد الشيخ ، دار سنا للنشر، القاهرة ، 1995 ، ص 207

[83] – ابن القلانسي ( حمزة بن اسد ) ، ذيل تاريخ دمشق ، تحقيق سهيل زكار، دار حسان ، دمشق ، 1983 ، ص 264

[84] – هايد تاريخ التجارة، ج1، ص 188-189، 190-191،

Grousset, op. cit. pp. 223-224

[85] – زيتون ، ص 178

[86] – Riley-Smith , nobility , p 64

[87] – Prawer , op, cit. , p 100

[88] – Fleming , op. Cit., pp. 113-114

[89] – Prawer , op cit. P 100

[90] – بالار ، الجمهوريات البحرية ، 208

[91] ضومط ، الدولة المملوكية ، ص 240

[92]   – فهمي ( نعيم زكي ) ، طرق التجارة الدلية ومحطاتها بين الشرق والغرب ، الهيئة المصرية العامة ، القاهرة ، 1973 ، ص 124 ، وضومط الدولة المملوكية ، ص 182

[93]  – فهمي ، 124 ، وضومط ، ص 182

[94] – فهمي – طرق التجارة ، ص 154 ، وضومط ، الدولة المملوكية ، ص 183 0لمزيد من التفاصيل حول الطرق التجارية انظر المرجعين المذكورين

[95] – لا مجال لتفصيل كل ذلك في هذا البحث ، ومن يريد مزيدا من التفصيل يراجع : Heyd , T I ,457 , TII ,58   و Depping Histoire du commerce entre le Levant et l’Europe depuis les croisades jusqu’a la fondation des colonies d’Amerique, T II, Paris, 1865, pppp. 76 – 77 , 102 – 103  

و اليوزبك ( توفيق اسكندر ) ، تاريخ تجارة مصر البحرية في العصر المماليكي ، الموصل ، مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر ، 1975 ، ص 73 – 77 ، وضومط ، الدولة المملوكية ، ص 184 – 189

[96] – ابن خرداذبه ، المسالك والممالك ، تحقيق محمد مخزوم ، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، 1988 ، ص 74 – 76

[97] – خسرو ، سفر نامه ، ص 46 47

[98] – الادريسي ( ابو عبد الله محمد ) ،  طبعة نابولي-روما  ، ج2 ، ص 137

[99] – خسرو ، ص 46 – 47

[100] – ابن جبير ( محمد بن احمد ( ، الرحلة ، دار صادر ، بيروت ، 1980 ، ص 227

[101] – ابن جبير ،  ص 228 – 229

[102] – المصدر السابق ، ص 231 – 234

[103] – ابن بطوطة ( محمد بن عبد الله ) ، تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاقطار ، القاهرة ، المطبعة الاميرية ، 1923 ، ج1 ، ص 43 ، وضومط ، الدولة المملوكية ، ص 210 – 211

[104] – تم ذكرها بين هلالين

[105] – الادريسي، ج1، ص 358-359

[106] – المصدر عينه، ج1، ص 365

[107] – كاهن، الشرق، ص 141

[108] – المرجع نفسه، ص 188

[109] – القلقشندي، احمد بن علي، صبح الاعشى في صناعة الانشا، دار الكتب المصرية، القاهرة، 1913، ج3، 32، 187، 341

لبيب، صبحي، “التجارة الكارمية وتجارة مصر في العصور الوسطى”، المجلة التاريخية المصرية للدراسات التاريخية، مايو، 1952، العدد الثاني، المجلد الرابع، ص 19-20

ضومط، الدولة المملوكية، ص 214-216

[110] –  Cahen, orient, op. cit. p 107

[111] -Clerget, M, Le Caire étude de géographie urbaine et d’histoire économique. 2t, le Cairek 1934k t2, p39

فهمي، الطرق التجارية، ص 283

[112] – Riley-Smith , nobility , pp. 70-72

[113] – المقصود بالشام من خلال كلام بالار هي المدن اللبنانية

[114]  – بالار ، الجمهوريات ، ص 206

[115] – Balard , M.,” Les Genois en Romanie entre 1204 et 1261 . Recherches dans les minutiers notariaux genois “ in La Mer noire et la Romanie genoise ( XIII et XV siecles ) , London , 1989 , etudes I , pp. 489 – 490

[116] – انظر ماسبق حول التنافس التجاري

[117] – ضومط ، الدولة المملوكية ، ص 220 – 221

[118] – بالار ، الجمهوريات ، ص 207

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *