يحي ابن سعيد الانطاكي م. 455/1063

اولا: عصره وميزات عصره

      1- ميزات عصره السياسية: في اواخر القرن الرابع/العاشر ومطلع الخامس/الحادي عشر، عرف المشرق العربي تحولات مهمة، ولعل من ابرزها: تفسّخ الدولة العباسية الى عدد من الدويلات العرقية والمذهبية وانحطاط سلطة الخلفاء امام طغيان الامراء الاتراك المتصارعين ابدا  فيما بينهم على مراكز النفوذ، والشرهين باستمرار الى المال. وتلاهم في المسار عينه البويهيون القادمون من بلاد الديلم الواقعة على شواطئ بحر قزوين. وكانت الخلافة الفاطمية قد تأسست في المغرب عام296/ 909 وانتقلت الى مصر عام 359/969، على اثر انهيار السلطة فيها بعد وفاة كافور الاخشيدي وعجز العباسيين عن فرض سيطرتهم عليها. وادخلهم انتقالهم هذا، في صراع مرير وطويل مع القوى العسكرية والسياسية المنتشرة في بلاد الشام، ومنها دولة القرامطة التي كانت قائمة في جنوبه ومسيطرة عسكريا على دمشق ومحيطها باعتبارها مجالا حيويا لنفوذهم السياسي والعسكري والمذهبي. ومنها ايضا: امارة او دويلة حمدانية في الموصل، واخرى اسسها سيف الدولة في حلب، آلت على نفسها الجهاد ضد البيزنطيين، ودخلت معترك احداث المشرق العربي الداخلية المتنوّعة الاتجاهات والولاآت. هذا، فضلاً عن الامارات العربية في فلسطين التي دخلت معترك الصراعات الى جانب القوى الاخرى على النفوذ والبقاء. وتشابكت المصالح في المشرق العربي جراء الحملات البيزنطية المتكررة على بلاد الشام، مما جعل المنطقة في حال من الصراع الدائم. 

2– حياته: ان تاريخ ولادته بالضبط غير معروف، ويرجّحه ماريوس كنار في حوالى عام 369/980، كما اننا لا نعرف شيئا مهما عن حياته الشخصية سوى انه كان رجل دين مسيحيا على المذهب الملكي وطبيبا ومؤرخا، ومن اقرباء المؤرخ سعيد بن البطريق. هاجر الى انطاكيا عام 405/1015 على اثر اضطهاد الحاكم لمسيحيي مصر، بعد ان كان اقام فيها فترة تتراوح بين 35 الى 40 سنة. وسيم بطريركا على انطاكيا واستقرّ في بلاد الروم حتى وفاته سنة 455/1063[1]

ثانيا- مضمون كتابه ونظرته التاريخية.

1– محاور الكتاب الاساسية: ترك الانطاكي كتاباً وحيدا هو: “تاريخ الانطاكي المعروف بتاريخ اوتيخا” أرّخ فيه لحقبة مهمة جدا من التاريخ العربي(326- 425 / 938-1035) شهدت مفاصل تاريخية اساسية: قيام الخلافة الفاطمية في المغرب سنة 296/909 وانتقالها عام359/969الى مصر، وانهيار السلطة العباسية شبه التام في اواخر العصر العباسي الثاني او ما يعرف بالعهد التركي، وتلاه، في المسار عينه، تسلّط البويهيين الذين حلّوا مكان الاتراك[2].

 وابتغاء للدقة قسّمت الكتاب منهجياً الى اربعة محاور اساسية: الخلافة العباسية في ظل سيطرة الاتراك المتصارعين فيما بينهم على مراكز النفوذ، وعلاقة الخلفاء العباسيين بالملوك البويهيين الذين خلفوا الاتراك. وثانيها، الفاطميون في المغرب ثم انتقالهم الى مصر، وتطوّر دولتهم خلال عهود: المعز، والعزيز، والحاكم بامر الله، ومطلع عهد الظاهر. وثالثها، الحمدانيون المتأرجحون بين ثلاثة ولاآت: خضوع اسمي للعباسيين، رفض التبعية للفاطميين رغم التناغم المذهبي( الشيعي) بين الفريقين، صراع ووئام مع البيزنطيين وفق ما كانت تقتضيه مصالحهم، الى ان اسقط الفاطميون دويلتهم عام 1002. واخيرا: اوضاع الامبراطورية البيزنطية الداخلية والخارجية.

   اما المضمون التسلسلي للكتاب فيقسم الى فصول عديدة: يبدأ اولها من اواسط خلافة الراضي العباسي وتحديدا من عام 326/938 وتتخلله احداث تتعلق بمسيحيي مصر. والثاني خلافة المتقي( 329 – 332/941-944). الثالث خلافة المستكفي (332- 338/ 944-950). والرابع خلافة المطيع بالله (338- 363/950-974 ) ولكن هذا القسم لا يمكن اعتباره مستقلا لتداخله مع احداث اخرى قد تكون اكثر اهمية، منها: ابتداء الخلافة الفاطمية وتطوّرها وتقاطع احداثها احيانا مع احداث الخلفاء العباسيين حتى بات الفصل بينها عسيراً رغم ان الانطاكي، في هذه المرحلة، جعل الخلفاء العباسيين محور الاحداث، بقوله:« عودة الى اخبار الدولة العباسية»[3]. ويخصّ سيف الدولة بقسم:« اخبار سيف الدولة الحمداني»[4]، ولكنه يقطعه بالكلام على خلافة المعز لدين الله (الفاطمي)، ليعود بعد تسعة اسطر للموضوع الرئيسي:« عودة الى اخبار سيف الدولة »[5] ما يجعل تقسيم الكتاب عسيرا الى فصول واضحة. ورغم ذلك يمكن تحديد مفاصل اساسية فيه: مثل خلافة المعز، وخلافة العزيز، وخلافة الطائع العباسي، ويحتل عهد الحاكم بامر الله حيزا واسعا، وخلافة القادر العباسي، وخلافة الظاهر لاعزاز دين الله الفاطمي. هذا اضافة الى فصول عديدة تتعلق باخبار الامبراطورية البيزنطية لن اتطرق فيها الا للمحاور ذات الصلة بالمشرق العربي.

  لقد أرّخ الانطاكي لهذه الاحداث، باستثناء الاوضاع الداخلية للامبراطورية البيزنطية وعلاقاتها بالبلغار، عدد وافر من المؤرخين العرب، نذكر منهم: مسكويه في « تجارب الامم وتعاقب الهمم » والهمذاني في « تكملة او صلة تاريخ الطبري»، والمسعودي في « التنبيه والاشراف » و « مروج الذهب ومعادن الجوهر »، وابن العديم في « زبدة الحلب في تاريخ حلب »، ومؤرخ مجهول في « العيون والحدائق في اخبار الحقائق » ، وابن الاثير في”« الكامل في التاريخ »، وابن الجوزي في « المنتظم في تاريخ الامم »، وابن القلانسي في« ذيل تاريخ دمشق» والمقريزي في« اتعاظ الحنفا باخبار الائمة الفاطميين الحنفا»  وابن تغري بردي في« النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة» وآخرون غيرهم.

2– قيمة مضمون الكتاب قياسا بمؤلفات مؤرخين آخرين:

أ- الفترة السابقة على عهد الحاكم بامر الله

 سأدرس منهج الانطاكي تبعا للمحاور التي ذكرتها آنفا، مركّزاً بالنسبة للعصر العباسي الثاني والعهد البويهي: على صلة تاريخ الطبري للهمداني، والعيون والحدائق في اخبار الحقائق، ومسكويه في تجارب الامم، وابن الاثير في الكامل في التاريخ. وبالنسبة للمرحلة الفاطمية على اتعاظ الحنفا للمقريزي لانه اعتمد في مؤلفه على معظم من عاصر الفاطميين من المؤرخين كابن زولاق، وابن الطوير، والمسبحي وغيرهم. وعلى ابن القلانسي الدمشقي في « ذيل تاريخ دمشق » لغناه، وتقصّيه احداث بلاد الشام لا سيما علاقة القرامطة والامارات العربية في فلسطين بالفاطميين، من دون ان يهمل احداث مصر. اضافة الى ابن العديم في « زبدة الحلب » الذي يتحدث عن الحمدانيين، ناهيك بمؤرخين آخرين سيرد ذكرهم خلال تقويم منهج الانطاكي.         

    تبدأ حوادث الكتاب باخبار مقتضبة عن الفداء بين الروم والمسلمين على اثر هدنة ابرمت بين الطرفين، من دون تحديد الجهة المعنية أعباسية هي ام حمدانية. ويليها كتاب بطريرك القسطنطينية الموجّه الى بطاركة الشرق ليذكروا اسمه بقداديسهم[6]، محدداً بهذا الخبر نهاية تاريخ ابن البطريق:« هذا ما انتهى اليه كتاب ابن البطريك»[7]. ما يعني ان تاريخه يبدأ باخبار خلافة الراضي العباسي الذي استحدث منصب امير الامراء وقلّده لابن رائق، شارحاً خطورة هذا المنصب وتداعياته على الامراء الاتراك، مبيّناً انه لم يربأ الصدع الداخلي بل ازّم الخلافات بين الامراء الاتراك من جهة، وبينهم وبين الخلفاء العباسيين من جهة ثانية، ومع حكام الدويلات في مصر وبلاد الشام من ناحية ثالثة كصراع ابن رائق مع الاخشيد[8]. اضافة الى الصراع المثلث المحاور في العراق نفسه بين ابن رائق وبجكم التركيين، وكورتكين الديلمي، فافاد منه البريدي المتسلط على واسط ودخل الى بغداد، ما دفع بالمتقي الخليفة العباسي الجديد الى اللجوء الى الحسن بن حمدان في الموصل، الذي انتصر على خصومه واعاده الى بغداد فولاه الخليفة امرة الامراء[9]. وبعجزه عن الصمود ومجابهة المؤامرات المتنوعة والمتعددة، تنازل عن المنصب وعاد الى الموصل، فتولاه ابن رائق مجددا. يتطابق هذا المضمون مع ما ورد في العديد من المصادر العربية، ولكنه جاء اقل تفصيلا عمّا ورد في تجارب الامم، والكامل في التاريخ[10]. وكان الانطاكي يقطع سياق هذه الحوادث باخبار المسيحيين، مثل: الصراع الذي وقع بين مسيحيي مصر انفسهم وسمح لعامل الاخشيد في تنّيس بمصادرة اموال الكنائس ومصاغها بما فيها الاواني المقدسة. او ثورة للمسلمين على كنيسة في عسقلان ادت الى هدمها بمساعدة اليهود، من دون ان تفلح الجهود التي بذلت لاسترجاعها او اعادة بنائها[11].

   ثم يتابع احداث خلافة المتقّي شارحاً الصراع على الوزارة ودور الامراء الاتراك بدعم احد ثلاثة مرشحين هم: البريدي، وعبد الله الاصفهاني، وعلي بن محمد بن المقلة، كلّ جريا وراء مصالحه الخاصة، ليعود الى اخبار العراق المضطربة: بروز توزون اميرا للامراء الجديد، واجتماع الاخشيد المستقل بمصر بالخليفة بمحاولة لنقل مركز الخلافة الى مصر، ما ادى الى مقتل الخليفة[12].

     ويتناول في حوادث عام 334/946 دخول احمد بن بويه الى بغداد بعد موت توزون، وخلعه الخليفة المستكفي بعد ان نصبه اميرا للامراء، وينهيها بتداعيات الغلاء الذي ضرب بلاد الشام والعراق معا،[13] لينتقل للحديث عن التاريخ الفاطمي.

   وفي حوادث 335/947 يعود الى صراعات العراق؛ احمد بن بويه وانتصاره على ناصر الدولة بن حمدان، صراع سيف الدولة مع البيزنطيين مفصّلاً حملتي ابن الشمشقيق، ونقفور فوكاس[14].

ما قيمة معلومالت الانطاكي على مستوى المضمون قياسا ب« العيون والحدائق »، و« تكملة تاريخ الطبري » لمحمد بن عبد الملك الهمذاني المتوفي عام 521/1128؟

   أرخ الهمذاني حولياً، وبايجاز واضح فلم تتعد اخباره للسنة الواحدة الثلاث صفحات، وقد تحمل عنوانا واحدا اوربما اثنين، وقد لا تحمل اي عنوان[15]. وتضيف على مضمون الانطاكي احيانا معلومات تتعلق: بالمال، والزواج، والعقوبات[16]، والمصادرات والرشوة[17]. وفي نهاية كل سنة، وتماشياً مع الطريقة الحولية، يدرج بعض الوفيات وتراجم قصيرة جدا لأبرز المتوفين[18]. ولا يهتم الانطاكي بالوزراء ودورهم في الحياة السياسية، على عكس الهمذاني الذي يوليهم اهتماما لافتا[19]. وقد يكون مردّ ذلك، الى ان الاول كتب تاريخا عاما للعراق استكمالا للمشهد التاريخي في المشرق من دون كبير عناية باخبار العراق، على عكس الهمذاني العراقي الذي دوّن تاريخا مناطقيا للعراق. وقد يجد المؤرخ الحديث، في اضافات الهمذاني، معلومات مفيدة على ندرتها، وتبدو اخباره اكثر تماسكا من حيث الاسلوب والمشهد العام، لأنها انحصرت بالعراق والمناطق المرتبطة مباشرة بالخلفاء العباسيين او بالمتسلطين السياسيين عليهم من اتراك او بويهيين. ولا يختلف مضمونها العام عمّا ورد عند الانطاكي الذي اتخذ المشرق العربي كلّه مسرحا لتأريخه، ما جعل اخباره تفتقر الى شدة الترابط.

اما معلومات العيون والحدائق فجاءت مقتضبة الا فيما يتعلّق باعتلاء الخلفاء سدّة الحكم[20]. وحوت احيانا معلومات اضافية عمّا ورد عند الانطاكي مثل: طلب البريدي من الخليفة خمسماية ألف دينار للديلم وهدده اذا لم يلب طلبه[21]. وشرح بعض الاوضاع الداخلية الاجتماعية كالحصبة[22]، والغلاء[23]، وكثرة الجراد[24]. وفي تراجمه للخلفاء العباسيين ذكر معلومات تتعلق: بصفتهم، ونقوش خاتم كل منهم، ووزرائه، وحجابه، واصحاب شرطته، وقضاته، وجملة من اخباره العامة[25]، وانهى اخبار السنوات بالوفيات[26]. وتعدّى تأريخه العراق الى المغرب باختصار بالغ لا يجاوز الاسطر القليلة 3 الى 4 اسطر، مثلا: «استفحال امر مخلد بن كيداد صاحب الحمار »[27]، او بسطر واحد، كقوله :« حفر القائم خندقا حول المهدية »[28]، او« بناء سور لمدينة المهدية » بنصف سطر[29]، وهي لا تعكس اي رؤية لأنها غير معبّرة عن تطوّر الاحداث. ولا يهتّم بامور سيف الدولة الحمداني الا بالتي لها صلة بالعراق، مسقطا علاقاته بالروم، الا نادرا وكأنها رفع للعتب؛ شأن اختصاره هزيمته الروم بمرعش في سطر واحد. ولكنه يتوسع اكثر من الانطاكي بتحرك احمد بن بويه الى بغداد وتقلّده امرة الامراء[30]. ما يجعلنا نعتبر العيون والحدائق تأريخا مناطقيا يهتم بامور العراق والقسم الشرقي من الدولة العباسية أكثر من اهتمامه بمصر وبلاد الشام، جاعلا من الخلافة العباسية محور الاحداث رغم وَهَن سلطة خلفائها. وبالتالي جاءت رؤيته الى التاريخ كما  الهمذاني ضيقة شبه محصورة في العراق ومحيطه، في حين بدت نظرة الانطاكي أكثر سعة وابعد افقا، تناولت الاحداث افقيا على مدى مساحة المشرق العربي، وتخطّته احيانا الى احداث المغرب، ما يعني أنه تفوّق بها على معاصريه عموما.

   اما تقي الدين احمد المقريزي من مؤرخي القرن الخامس عشر فقد خصص مؤلفا كاملا لتاريخ الخلافة الفاطمية اسماه “اتعاظ الحنفا باخبار الأئمة الفاطميين الخلفا”. سنحاول مقارنته هو و”ذيل تاريخ دمشق” لابن القلانسي  بما ورد عند الانطاكي عن الفاطميين.

   أرخ المقريزي للخلافة الفاطمية منذ قيامها في المغرب وحتى سقوطها، بما في ذلك مرحلة التمهيد لقيامها [31]. معتمدا على مصادر متعددة، من ابرزها: ابن الاثير في « الكامل في التاريخ »[32]، وابن خلدون في « ديوان العبر »[33]. مفرّعا الخبر الى اقسام لكل واحد عنوانه الخاص وتفاصيل وافية.

   واعتمد في تأريخه على مفاصل اساسية عكست رؤيته للتاريخ؛ فجعل الفترة الممتدة من قيام الخلافة الفاطمية في المغرب وحتى انتقال المعز لدين الله الى مصر مرحلة واحدة، متخذا من العناوين الثانوية نقاط ارتكاز تشدّ اواصر المرحلة المذكورة. واليك بعض النماذج:« خروج عبيد الله المهدي الى المغرب »[34]، « ظهور عبيد الله المهدي في سجلماسة »[35]، « قتل ابي عبد الله الشيعي »[36] ، « القائم بامر الله…»[37]، « ذكر ابي يزيد مخلد بن كيداد الخارجي وحروبه »[38]. وهكذا ، وصولا الى خلافة المعز لدين الله [39]. ويعتبر بناء جوهر الصقلي للقاهرة مفصلاً تاريخيا مهما جدا تتوقف عنده الاحداث السابقة، ومنه ينطلق التاريخ الفاطمي المشرقي[40].

  اما الانطاكي فلم يهتم بتفاصيل التاريخ الفاطمي في المغرب، لأنه، على ما ازعم، لم يرد التأريخ لهذه المرحلة بشكل مفصّل، مكتفياً بترجمة طويلة نسبيا للخليفة المهدي[41] اختصر فيها، من وجهة نظره، ابرز المحطات الرئيسة الممهدة لقيام الخلافة الفاطمية وبعض احداثها اللافتة: دعاة اليمن، ولقاءهم حج كتامة في مكة، دور ابي عبد الله الشيعي في نشر الدعوة «الهادية»، صراعه مع دويلات المغرب[42]، مسيرة المهدي الى افريقيا، وقبض الاغالبة عليه وسجنه في رقّادة، واسراع ابي عبد الله الشيعي لانقاذه. وبعض اعمال المهدي: ومنها قتل ابي عبد الله الشيعي واخيه[43]، وثورة ابي يزيد الخارجي هامشيا، فموت المهدي[44]. وجاءت معلوماته موجزة ودقيقة جدا تطابق ما ورد عند المقريزي، ما يدفعنا باستنتاج اولي الى القول: ان الانطاكي اراد التأريخ للمرحلة الفاطمية التي عاصرها، من دون البدء من فراغ، فقدّم لمجيء المعز الى مصر بالترجمة المذكورة. ولم يتوسّع بانجازات المعز بل ركّز على جوهر الصقلي قائد جيشه، متحدثا عن حملته التي احتلت مصر بعد فراغ السلطة فيها على اثر وفاة كافور الاخشيدي، وعن اعماله العسكرية الاخرى في مصر وبلاد الشام، وبناء القاهرة الذي مرّ عليه سريعا. ما يجعلنا نعتقد ان الانطاكي ركّز على التأريخ للشخصيات الاساسية وجعلها، ان جاز التعبير، صانعة التاريخ. في حين ان المقريزي فصّل عهد المعز في المغرب (افريقيا)، بما في ذلك ترتيباته الادارية: ولاية يوسف بن زيري على افريقيا، وبلكين على المغرب، وكيفية انتقال المعز الى مصر: حفر الآبار على الطريق، صناديق المال التي حملها معه[45]

   اهتمّ الانطاكي باعمال جوهر العسكرية: حملة جعفر بن فلاح على الشام، وصراعه مع الدمشقيين، وتدخّل القرامطة وقتلهم جعفر، فهجومهم على القاهرة ومحاصرتها بمحاولة للقضاء على جوهر[46]. وفصّل المقريزي هذه الاحداث اكثر من الانطاكي معتمدا على مؤرخين مصريين عاصراها هما: ابن زولاق، وابن الطوير[47]، وعلى ابن عبد الظاهر المتأخر نسبيا،[48]وغيرهم. وفصّل ابن القلانسي هذه الاحداث بدوره، وهو مؤرخ دمشقي اوْلى دمشق اهتماما خاصا، مستهلاً تأريخه بهجوم القرامطة على دمشق عام 360/970، شارحاً ادق التفاصيل[49]. اما حركة ألفتكين او ألبتكين التركي فقد فصّلها بدقة متناهية وربطها بحملة ابن الشمشقيق، وتتبّع احداثها في عهدي المعز والعزيز بطريقة فذّة شديدة التماسك[50]. وقد احتلّت حيّزا مهمّا عند الانطاكي تضاهي اخبار ابن القلانسي، من دون تماسك شديد. لأنه حاول الاحاطة بكل حدث على حدة، وفي الوقت عينه بمسرح الاحداث كله: لذا، عطف حركة ألبتكين على الصراع بين الاتراك والديالمة في العراق، وربطها من منظار آخر بمحاولة الفاطميين استرداد بلاد الشام، ومن جهة ثالثة بتدخّل القرامطة لإسترداد مجالهم الحيوي، ومن ناحية رابعة بحملة ابن الشمشقيق. فتقاطعت هذه الاحداث كلها حول محور واحد، ظناً من الانطاكي ان طريقته هذه تساهم اكثر في توضيح رؤية الاحداث[51]في المشرق العربي( مسرح الاحداث)، ممّا جعلها تتقطع تبعا لكل محور، وتتداخل في الوقت عينه، لأنها تدور حول حدث رئيسي واحد. وقد يكون لتأريخه من خلال الشخصيات دور اضافي في بعثرة احداث الشام المذكورة لأنها تخطت مدتها عهد المعز الى عهد العزيز. هذا، ناهيك ان العزيز احتلّ عند مؤرخنا مركزا مرموقا، فهو اول الخلفاء الفاطميين بنظره، اذ يقول: « اول خلافة العلويين-خلافة العزيز بالله » وذيّل هذا العنوان ب« حوادث سنة 365 » وفرّع الموضوع الى عناوين ثانوية هي: هزيمة جوهر امام ألفتكين التركي، وفاة الاعثم ( المقصود الحسن الاعصم قائد القرامطة)، الصلح بين ألفتكين وجوهر، خروج العزيز بالله لقتال ألفتكين…

   وفي عهد العزيز تتنوّع مواضيعه من دون ان يحصرها في كيان سياسي واحد: وزارة يعقوب بن كلّس[52]، اخبار الحمدانيين، احداث العراق، احوال الدولة البيزنطية، علاقات القبائل العربية في بلاد الشام في ما بينها، وعلاقاتها بالفاطميين، وبالحمدانيين، بطريقة تجعلك تتبيّن صورة التأريخ الفذ بجلاء، وهي طريقة اعتمدها ابن الاثير، فيما بعد، في « الكامل بالتاريخ »[53]. وينفرد بخبر مفاده ان العزيز بالله قطع صلوات القنوت عام 370. وذكر ان النيل توقف عن الزيادة عام 372 ما ادى الى غلاء شديد.

وتتطابق اخباره عن العباسيين والحمدانيين والقبائل العربية مع ما ذكره عدد من المؤرخين العرب والمسلمين، مضاهية بعضها، ومقلةً عن بعضها الآخر.

ب- اوضاع المسيحيين في العهد الفاطمي: وتحتل اخبار المسيحيين حيّزا واسعا في كتابه، وتفرّد ببعض اخبارهم في عهود: العزيز، والحاكم بامر الله، والظاهر لآعزاز دين الله، عكست احدى غاياته التأريخية. واورد اخبارا تتعلق بمسيحيي انطاكيا بعد وفاة بطريركهم، مظهرا الدور الاحتيالي لاغابيوس اسقف حلب حتى استقر بطريركا على انطاكيا، اورد فيها معلومات غاية في الاهمية على المستوى اللاهوت المسيحي من خلال تبادل رسائل بين اغابيوس مع انبا الاسكندرية تظهر تبايناً في وجهات نظرهما اللاهوتية.[54]

  وعلى اثر خروج الامبراطور باسيل (الثاني) الى الشام امر الوزير بن نسطوريوس باعداد اسطول، ولمّا اكتمل احترق بعضه، مما اثار المغاربة والرعية متهمين المسيحيين وبعض التجار الاجانب المسيحيين بافتعال الحريق، فقتلوا منهم 160شخصا ونهبوا متاجر التجار وبعض الكنائس في مصر. ورد هذا الخبر بتقارب تام عند المقريزي ، وبايجاز عند ابن الاثير[55].

  اما اوضاع المسيحيين في عهد الحاكم  فيستهلّها بموت البطريرك الاسكندري[56]. وذكر في احداث سنة 393 ان الحاكم قبض على كتاب الدواوين المسيحيين لمدة اسبوع ثم افرج عنهم[57]– لم يرد الخبر عند المقريزي او غيره-. ثم تحدّث عن هدم كنيسة راشدة وبناء مسجد مكانها، وهدم كنيستين اخريين كانتا بجواره. واضاف: ان الحاكم اجلى مسيحيين عن احدى حاراتهم وهدم كنائسها وشيّد مكانها الجامع الازهر، وبنى لهم، في المقابل، حارة جديدة وثلاث كنائس. في حين اكتفى المقريزي بالقول وهُدمت كنيستان كانتا بالقرب من جامع راشدة[58]. وعلى الرغم من انه امر بمصادرة اوقاف الكنائس والاديار بمصر[59]، فقد كان بنظر الانطاكي عادلا احيانا ويقنع بالحوار، ومن الادلة على ذلك حواره مع الانبا سليمان رئيس دير طور سينا، فبعد ان شكا له بؤس حالة رهبان الدير، امر الحاكم باعادة ما كان صادره من الكنائس والاديار، وسمح للانبا بتجديد دير القُصير، وكتب له سجلاً بذلك انفرد الانطاكي من بين بقية المؤرخين بتدوينه كاملاً.

    وذكر في حوادث عام 395/1005 التدابير في اللباس التي اتخذها الحاكم ضد المسيحيين واليهود- اكّد المقريزي هذا الخبر[60]. واضاف انه ثار مجددا على المسيحيين فهدم مقابرهم وكنائسهم بما فيها كنيسة القيامة. وقد اوضح المقريزي سبب هدم كنيسة القيامة[61]، وذكر في اماكن اخرى انه:« تتابع هدم الكنائس ومصادرة اوانيها »[62]. وتابع الانطاكي اوامر الحاكم ضد المسيحيين ومنها تعذيب الكتاب ومصادرة اموالهم، مما ادى الى تحوّل بعضهم قسرا الى الاسلام[63]. وأرّخ شأن عدد من المؤرخين تجديد الحاكم تمييز المسيحيين واليهود من المسلمين باللباس[64]، على ان يحمل المسيحيون، في هذه المرة، الصلبان الخشبية في اعناقهم[65]. واستهجن موقف الحاكم المعادي للصليب بحيث منع ظهوره في كل الاماكن، وبعد مدة اعاد الامور الى نصابها، بعد ان كان قد تحوّل عدد من المسيحيين الى الاسلام قسرا.[66]

  نستدل مما اورده الانطاكي من تصرفات الحاكم انه لم يرد اظهار الاضطهاد ضد ابناء دينه فقط، بل أرّخ لهم من ضمن مرحلة تاريخية كانت حبلى بالعديد من المشاكل والاشكالات. وتتبدى موضوعيته بانصافه للحاكم، في حين تحامل عليه مؤرخون مسلمون كثيرون. واذا كان اهتم باخبار المسيحيين الذاتية: اعيادهم، وخلافاتهم فيما بينهم، من دون ان يتطرّق اليها مؤرخ آخر، فانه لم يوفّر اخطاءهم الداخلية التي كانت تسمح للسلطات الفاطمية بالتدخل بشؤونهم، والنيل منهم. وان تبريره لممارسات السلطة في هذا الشأن[67] يؤيد ما ذهبت اليه.  

ج- اخبار الوزراء:لم تنل اخبار الوزراء شأنا مهما في تاريخ الانطاكي، سوى ما اسبغه على الوزير يعقوب بن كِلِّس، الذي رغم ومقدرته الاداريةلم يسلم من المصادرة. وبسبب حاجته اليه اعاده العزيز الى منصبه بعد مرور شهرين، ورد له ما كان صودر منه[68]. وتحدث عن وزارة جعفر بن الفرات، ووزارة عيسى بن نسطوريوس[69].

4 نظرته الى الحاكم: وتسهيلاً لدراسة عهد الحاكم بامر الله سأقسمه الى عناوين من اجل تماسك السياق، بعد ان تناولنا وضع المسيحيين على حدة[70].

لما تسنّم الحاكم الخلافة انتدب الحسن بن عمار لتدبير شؤون الدولة فازال الرسوم الجائرة التي كان استحدثها عيسى بن نسطوريوس[71]، مما ادى الى صراع بين المغاربة والمشارقة انتهت بهزيمة الكتاميين وقتل ابن عمّار[72].

كان يجوب القاهرة ليلا وشوارعها مضاءة بالقناديل بامر شخصي منه[73]. وكان مولعا بمشاهدة صراع الرعاع بين يديه التي كانت تنهي مرات بحوادث مأسوية[74].-لم يرد هذا الخبر عند المقريزي على الاقل باحداث هذه السنة-. وفي سنة 395/1005 نهى الحاكم عن بيع النبيذ واهرق كميات كبيرة منه. – ذكره المقريزي بايجاز-[75]. وفيها ابتدأت تدابيره ضد النساء[76] – لم يرد الخبر عند المقريزي-.

بدأت هذه العلائق بثورة علاقة- وهو خارجي بنظره- من دون ان يحدد الانطاكي تاريخها، وتوسّع باحداثها اكثر من المقريزي الذي حدد تاريخها بعام 388/998[77]. وتليها معركة افاميا، فاحداث حملة الامبراطور باسيل عام 389/999 على « بلاد الاسلام »، على حد تعبيره، مفصّلاً كل احداثها: احتلال سيزر، وحصن ابي قيس، ثم حمص التي تحصّن بعض اهلها بكنيستها فاحرقها قادة جيشه « وكانت كنيسة معجزة وحمل نحاسها ورصاصها »، ثم احرق عِرقة، وحاصر طرابلس وعجز عنها. اما المقريزي فاوجزها كثيراً[78].   

  ثم يعود الى اخبار الدولة العباسية وتحديدا حوادث عام 335/947 متناولاً صراع ابن بويه مع ناصر الدولة ابن حمدان وانهزام الاخير.[79]واخبار سيف الدولة وصراعه مع البيزنطيين بشيئ من التفصيل بما في ذلك حملتي ابن الشمشقيق ونقفور فوكاس[80]. وتداعيات غزو الروم على بلاد الشام والساحل اللبناني على اوضاع المسيحيين في مصر، لأنها ادت الى نهب الكنائس[81]. وشرح الاوضاع الصعبة في مصر بعد موت كافور الاخشيدي[82].

أ- الدرزية: اتخذ موقفا معاديا عموما من الدرزية، وتحدث عنها منذ دعوة الدرزي الناس للاعتقاد بألوهة الحاكم، وهي مرتبطة، برأيه ، باسس المذهب الاسماعيلي” ان الامامة اجل قدرا من النبوة، وانها كانت في آدم وانتقلت الى نوح…”[83] وهكذا دواليك وصولا الى عبيد الله المهدي مؤسس الخلافة الفاطمية، واستقرت الالوهة في الحاكم. وبما ان الانطاكي كان رافضا لهذا المبدأ، ازعم انه، توسّع بالحديث عن ممارسات الحاكم كلّها مظهرا حبه لسفك الدماء، ورعب الناس من سطوته وتقلّب مزاجه، واضطهاده للمسيحيين. من دون ان يهمل ورعه وزهده وعدله، واسقاطه عن الناس رسوما جائرة كثيرة، وتلبيته حاجاتهم . ولم ترفع اعماله الحميدة مستواه الديني الى مرتبة الانبياء، انما مارسها ليخدع الناس، حسب زعم الانطاكي:« وانخدع كثيرون له وانحرفوا الى متابعته…»[84] واغضبت دعوة الدرزي كبار رجال الدولة الى المذهب الجديد المشارقة ( الاتراك في الجيش والادارة الفاطمية) مما ادى الى مقتل الدرزي. فاكمل حمزة بن احمد الملقب بالهادي الدعوة من بعده بطريقة شائنة – دائما حسب الانطاكي- لأنه « دعا الى الرخص والاباحة »[85]. ونقل المقريزي الدرزية عنه نقلا شبه حرفي[86].

   وفي المسار عينه كفّر قاضي القضاة سبعة اشخاص من اصحاب الهادي، فثار العامة وقتلوهم. وتزايد امر الدرزية فلعن اتباعها الانبياء، وعملوا كتابا جديدا لتعاليمهم اسموه الدستور. وارتبط الحاكم بالمذهب الجديد وقطع صلواته والخطب في الجوامع، وعطّل الحج الى مكة عدة سنين. وهدد الناس متوعدا حينا ومتسامحا حينا آخر لحملهم على اعتناق المذهب الجديد. وانفرد الانطاكي، من غيره من المؤرخين، بربط الدرزية بحريق الفسطاط انتقاما من اهلها لرفضهم القبول بدعوته، في حين ارجعه بعضهم للانتقام من اهل الفسطاط، لأن بعضهم وضع رقعة بيد تمثال لامرأة صنعوها من القراطيس يشتمون فيها الحاكم وسلالته[87]، وهو تفسير سطحي.

    وادى انتشار الدرزية في وادي التيم ومنطقة الغرب اللبنانيتين، الى اضطراب الاحوال العامة في دمشق. في حين اكتفى المقريزي بالقول:« وفيها – اي سنة 425/1034- ظهرت الطائفة بجبل السماق من الشام يدعون الى الحاكم بامر الله.»[88]

ب- نهاية الحاكم: يستهلها بالقول:« مال الحاكم لى الانبا صلمون منذ اول مشاهدته »[89] واستجاب لطلباته فالغى التدابير المتخذة بحقهم، وشارك رهبان الدير لبس الصوف، ممّا اثار عليه العامة من المسلمين واعتبروه تلميذا للانبا. وكان يقصد دير القُصير ويستحث العمال للإسراع بإنهاء بنائه « ويعدل الى ديارات جددها اليعاقبة في ناحية القرافة »[90]، ممّا يجعلنا نستشف من كلامه: ان الحاكم مال في اواخر حياته الى المسيحيين محاولا تعويضهم الاساآت المتكررة التي كان قد ألحقها بهم. ويرجع الانطاكي موته الى خلافه مع سبعة اشخاص من البادية اغلظوا له بالكلام وطلبوا منهم مالاً، فانفذ لهم رقعة مع غلامه المعروف بالقارفي صحبة احدهم، ولما رجع الغلام لم يجد سيده. فبحثت عنه اخته ست الملك من دون ان تعثر له على اثر.[91] اما المقريزي فارجع اختفاءه او مقتله  الى تآمر اخته ست الملك عليه لأنه اتهمها بالفجور. وتتوافق روايتا اختفائه المذكورتين مع روايتي ابن القلانسي وابن الاثير.[92]

5- عهد الظاهر: اما عهد الظاهر فيستهلّه باعتلائه العرش، وينفرد الانطاكي وحده بنقل السجل الذي قرئ على الناس في هذه المناسبة، ويورد فيه معلومات غاية بالاهمية، منها: التسامح مع اهل الذمة والسماح لمن اعتنق من المسيحيين الاسلام قسرا بالعودة الى دينه الاساسي[93]. واوضح ان السلطة الفعلية، في هذا العهد، كانت بيد عمّته ست الملك التي ألغت تدبير الحاكم وتحريماته فعاد الناس الى الحياة الطبيعية[94]. وحاولت عقد معاهدة مع البيزنطيين اقترحت فيها تجديد بناء كنيسة القيامة والبيع المسيحية كافة واعادة الكنائس الى اصحابها، ولكن موتها افشل المشروع[95]. وكانت المعاهدة بنظر الانطاكي مطلبا فاطميا، ومن اجل ابرامها، تمّ تبادل الرسائل بين نيقيا امير جيوش الظاهر وقطبان انطاكيا. وقد اورد ابرز بنودها المقترحة، مفصّلاً بشكل مترابط الاسباب التي منعت ابرامها. في حين ان المقريزي لم يذكرها، مكتفياً بادراج المعاهدة التي ابرمت بين الظاهر والامبراطور مخائيل[96]. وأكّد الانطاكي خبر هذه المعاهدة على ان يذكرها في موقعها المناسب، لكنه انهى كتابه قبل الوصول الى احداث السنة المذكورة. وفصّل عملية اعتقال ولي العهد عبد الرحيم بن الياس وقتله بما يتطابق مع جوهر روايتي ابن القلانسي الاكثر تفصيلاً، والمقريزي الموجزة.[97]وتطرّق الى مقتل الهادي وحَظْر مذهبه.

   لم يهمل الانطاكي احداث بقية المناطق؛ فقد فصّل الصراع البويهي البويهي بعد وفاة عَضُد الدولة بما يتوافق مع اخبار ابن القلانسي، ومسكويه في تجارب الامم[98]. واورد خبر كسر الحجر الاسود في مكة وتداعياته، من دونة ان ترقى روايته الى مستوى تفاصيل الخبر عند ابن الاثير او عند المقريزي[99]. واحتلت اخبار حلب حيّزا مهما في تارخه: شكّل صالح بن مرداس محورها الاساسي في هذه المرحلة، فقد احتلها بالتعاون مع حسّان بن المفرّج وسنان بن عليان امير الكلابيين بهدف تقاسم بلاد الشام فيما بينهم. ثم دخل بصراع مزدوج: مع الحلبيين، ومع الدزبري[100]. وانتهى دوره بهزيمته ومقتله في معركة الاقحوانة، مما مكّن الفاطمين من استعادة بعبلبك والساحل اللبناني[101]. وانهى هذا القسم من الكتاب المتعلّق باخبار العالم العربي والاسلامي بترجمة للامبراطور البيزنطي رومانوس، لأنه خصص القسم الاخر لأخبار الدولة البيزنطية غير الواردة عند المؤرخين العرب.

6- قيمة نظرته التاريخية:  بناء على ما اوردناه من محتوى الكتاب، يمكن القول ان  نظرته جاءت عمودية وافقية في آن معا: افقية لأنها لم تنحصر في منطقة معينة من العالم العربي والاسلامي، ولا في ظلّ خلافة واحدة من الخلافتين المتنازعتين في المشرق العربي، بل شملت كل هذا العالم بتلاوينه السياسية المتعددة، والمتنوعة الولاآت، من دون ان نتبيّن ميولاً واضحة او مواقف مسبقة من هذا الفريق او ذاك، بل أرّخ لكل الفرقاء من منظار واحد. وقد نستشف من خلال اقلاله التوسّع باخبار بعض الشخصيات قلة اهتمام بها، لأنه اعتبر ادوارها ثانوية تتممّ الاحداث الكبرى التي احتلت الحيّز الاوسع في تأريخه، من دون ان نصنّف هذا الموقف بانه مسبق من الاحداث. ونجد تفاصيل اوفى للتأريخ لمصر الفاطمية في عهد الحاكم بأمر الله، تأتت من اهتمامه بهذه الشخصية، التي  اعتبرها مميّزة بين اقرانها من دون ان تكون متميّزة بذاتها وترقى لمستوى فذ، بل ربما اعطاها هذا البعد من خلال تصرفات الحاكم التي استهجن بعضها، واعتبر بعضها الاخر متميّزا لا بل مهما جدا كالدعوة الى الوهته، ونشوء المذهب الدرزي الذي احتلّ فيه الحاكم مركزا مرموقا لا بل مقدسا. من هنا، اعطى اهمية خاصة لمصر في هذا العهد ذي الابعاد السياسية والاجتماعية الواضحة قياسا بعهود والده وجده المعز.

    ولم تكن نظرته التاريخية  عسكرية فقط وان طغى هذا التطلع على غالبية تاريخه، بل تعدتها الى الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية: فتناول الضرائب الجائرة والعادلة على حد سواء، والغلاء واسبابه وتداعياته وطرق معالجته، والاوبئة والامراض[102]. وطالت ايضا اخبار الادارة عند الفاطميين وبدرجة اقل عند العباسيين. وكونه رجل دين فقد أرّخ للبطارقة والاساقفة على اختلاف درجاتهم، وحتى  يمكن الحصول من خلال كتابه على ثبت باسمائهم وسني توليهم مناصبهم ومراكز كراسيهم، اضافة الى الخلافات فيما بينهم واسبابها ونتائجها.

     وتتبدى عمودية نظرته التاريخية بتحليل بعض الاحداث، وربط بعضها بالبعض الاخر بطريقة شبه متكاملة، وربط بعض الحوادث باسبابها: بسبب هجوم لاون على ديار بكر… هاج الرعاع بمصر…وخربوا الكنائس. او بسبب غزوة نقفور جزيرة اقريطش وتخريبه مساجدها هاج الرعاع بمصر وخرّبوا ونهبوا كنيسة مار ميخائيل.[103] كما ايضا بقوله:« سيّر جعفر بن فلاح من دمشق عسكراً عظيما الى انطاكيا…ولما عاد ابن الشمشقيق من البلغر غزا الشام.»[104] وتتّضح بتتبعه لأدوار شخصياته التاريخية التي صدّرها الاحداث شأن الحاكم بأمر الله: الانسان، والخليفة، والزاهد، وبتحليله نفسيته بمحاولة لاكتشاف اسباب مرضه على حد تعبير الانطاكي. ويصبّ في الاطار عينه تحليله لاسباب الصراع فيما بين المسحيين انفسهم، وتداعياته الكارثية عليهم بسبب تدخل السلطة الحاكمة بشؤونهم الداخلية، محمّلا رؤساءهم الدينيين مسؤولية وقوع تلك الصراعات. ويصبّ في الخانة عينها ربطه المذهب الجديد الذي اعتنقه عهد الحاكم، حسب تعبيره، بالعقيدة الاسماعيلية، ومحاولته تفسير موقف الحاكم منه بطريقة تحليلية تعليلية.

 ثالثا: طريقة المعالجة:

1 – المصادر: ان الكلام على منهج الانطاكي يستدعي العودة الى مقدمة كتابه الذي حدد فيها منهجه، بقوله:« قصدي من هذا الكتاب ان اذكر جُمَلَ ما انتهى اليّ وصحّ عندي من الاخبار السالفة والحوادث الكائنة، منذ المدة التي انتهى اليها تاريخ سعيد ابن البطريق…الى زماننا هذا.»[105] وقال في مكان آخر:« ووقع اليّ بعد ذلك تواريخ لم أكن وقفت عليها عند شروعي في عمله، فغيّرته باجمعه وبدّلت نظمه، وألفته تأليفا ثانياً. ثم ايضا بعد انتقالي الى انطاكيا…تصفحته تصفّحا ثانياً، وتحصّل لي تواريخ أخر، فخرجت منها ما ألحقته به وأضفته اليه، وغيّرت بعضه، وقررّت الامر على هذه النسخة.»[106] ومن الواضح ان الانطاكي اطلع على العديد من المصادر وتبحّر فيها أكثر من مرة للتأكد من انه كتب المضمون صحيحاً، مما يدفعنا للاعتقاد ان مصادره صحيحة، بل دقيقة وان لم يذكرها. واظهرت المقارنات العديدة التي اقمناها مع مضامين مصادر أخرى عديدة ذات منزلة علمية مرموقة صحة معلوماته ودقتها من دون اي لبس، رغم التباين بينها من حيث الاسهاب او الاختصار فقط. وكان الانطاكي شاهد عيان على احداث عاصرها، منها ما كان يطال رعيته المسيحية مباشرة، ما كان يضعه في خانة المسؤولية المباشرة، وتاليا الاطلاع المباشر والمستمر على اوضاعها.

   ان هذه الادلة تدفعنا الى اعتبار مصادر الانطاكي موثوقة، متعددة، غنية وشاملة، ولست ادري لماذا لم يذكرها في متن الحوادث جريا على الاسلوب المتبع في عصره؟!

2- منهج التراجم : ويمكن استلهام منهجه العام ممّا ذكره في مقدمة الكتاب:« فأقصد فيه المناهج التي قصدها- يعني ابن البطريق- فأضيف اسماء جميع الخلفاء والملوك الذين وقفت على اسمائهم، وأضيف الى ذلك جملاً ممّا انتهى اليّ من اخبارهم وسِيَرهم…وأذكر اسماء بطاركة الاسكندرية، وبيت المقدس، وانطاكيا، والقسطنطينية، واعمارهم وكراسيهم…» [107] ان كلامه هذا لا يتوافق تماما مع منهج التراجم، ولا ينسجم مع سِيَر الشخصيات الواردة في تأريخه باستثناء الترجمة الطويلة التي خصّ بها سعيد ابن الحسين مؤسس الخلافة الفاطمية. اذ لا يمكن اعتبار ما ذكره عن عدد من الخلفاء مثل: المستكفي العباسي، والخلفاء الفاطميين: المنصور بالله، والمعز، والمعز، وغيرهم، تأريخا وفق نمط التراجم، لأنه اكتفى بتعريف سريع بسني حكمهم ووفياتهم.   

3- التأريخ الحولي: ان النمط الذي اعتمده الانطاكي يصعب اعتباره تأريخاً حولياً صرفاً، لأنه اتخذ من الخلفاء اساساً للتأريخ، وازعم ايضا انه صدّر بعض القادة العسكريين والسياسيين الاحداث لأنهم فاقوا الخلفاء منزلة سياسية وقيادية، اما بتفويض من سادتهم، او انهم باشروا الامور بأنفسهم، فصاروا محور الاحداث التي كان يتممّها دور الخلفاء. ولعلّ جوهر الصقلّي من ابرز نماذج هذا النمط، اذ ركّز مؤرخنا عليه أكثر من عنايته بالمعز لدين الله: فهو من احتل مصر وبلاد الشام، وبنى القاهرة، وأمّن كل مستلزمات الدولة تمهيداً لدخول سيده الى مصر. وتمحورت الاحداث في عهدي الراضي والمتقي العباسيين حول ابن رائق، وحول معز الدولة بن بويه في عهدي المستكفي والمطيع العباسيين. وتصدّر سيف الدولة الحمداني الاحداث أكان بالنسبة للخلفاء العباسيين ام الفاطميين ام الاباطرة البيزنطيين الذين عاصرهم. اما الحاكم بامر الله الفاطمي فقد اختصر كل احداث عصره بشخصه، وشكّل احد اهم مفاصل الحركة التاريخية. لذلك، نقول انه صاغ الاحداث تبعاً للشخصيات البارزة، وكلما كانت الشخصية مهمة بالمقدار عينه ربط الاحداث بها، وجعل الشخصيات الاخرى مهما كانت منزلتها او صفتها السياسية مكمّلة لها.

لذلك، يمكن القول ان الانطاكي أرّخ حسب الموضوع مراعياً التسلسل الزمني، وللموضوع عنده مستويان: المنطقة الجغرافية، والشخصية البارزة، وهو نمط يتوافق من هذه الزاوية مع التأريخ لتوالي عهود الحكام،. ممّا يفسّر تناوله اخبار العراق على حدة، وكذلك اخبار مصر، وسيف الدولة، وحوادث البيزنطيين. وقد ميّزة ببراعة بين الحوادث الداخلية الصرفة الخاصة بمنطقة جغرافية وسياسية محددة، وبين الحوادث الخارجية عنيت تلك التي تتداخل بين منطقتين او أكثر. ممّا يفسّر تداخل احداث العراق باحداث مصر وبلاد الشام والدولة البيزنطية تبعاً لظروف المكان والزمان والشخصيات المحورية. فقد احتلّ نقفور فوكاس قائد الجيش، ثم الامبراطور لبّ الحوادث، واتمّها سيف الدولة، وربط ايضا تطوّر الاحداث في بلاد الشام بالامبراطور المذكور، وتابع احداثه حتى خلافة المعز لدين الله الفاطمي.[108]وانسجاما مع التأريخ حسب الموضوع حاول جاهداً تناول الخبر الواحد بشكل تام ومتكامل، وان اضطر احيانا لقطعه احتراما للتأريخ الحولي، او افقية الاخبار ( التأريخ لكامل المشرق العربي) ليورد خبراً موجزاً من منطقة اخرى باسطر معدودة: شأن خبر الاسقف اغابيوس الذي يقطعه مرة واحدة بثورة للارمن في انطاكيا[109]، او اخبار نقفور فوكاس التي يقطعها باستطرادات سريعة بعضها عباسي وبعضها الاخرحمداني[110]. وهو بلا شكّ عيب تأريخي وقع به مؤرخون كبار مدى التاريخ الوسيط كله[111]، ممّا يعني ان هذه الهنات كانت من صلب المنهج التأريخي ولم تبخسه قيمته في ذلك العصر.

   واذا كان وقع بالخطأ السابق فانه اعطى الافضلية مرات عديدة لتكامل الاحداث، بجعل الخبر يتجاوز التأريخ الحولي: فهو يورد في مستهل اخبار الخلافة الفاطمية حوادث عام 365 ثم يتعداها الى حوادث عام 367 ليجعل من خبر السقلارس كلاً متكاملاً، ليعود مجددا الى حوادث 365 ثم الى 366 ويتابع احداث 367[112] بمحاولة للانسجام مع التأريخ الحولي ومراعاة لاكتمال لخبر الواحد. ويتكرّر العيب عينه في حوادث عام 405/1015 بقطع اخبار ولي العهد عبد الرحيم بن الياس ليستطرد باخبار عن  تقليد الحاكم قاضي القضاة، ومستوى القضاء في العهد الفاطمي، ليتابع بعدها اخبار ولي العهد، واخبار لؤلؤ غلام ابن حمدان، واخبار الاعوام: 399و 402 و 403، ليعود الى استكمال اخبار 405[113]. وقد فرض عليه المنهج الحولي التنقّل بين ارجاء المشرق العربي استكمالاً لافقية الرؤية التاريخية وان على حساب قطع الحادثة الرئيسة باخبار ثانوية جرت في مناطق اخرى، من دون ان يبخسه مقدرته التاريخية.

    وأرّخ الانطاكي وفقا للتقويم الهجري جريا على عادة المؤرخين العرب والمسلمين محددا اليوم والشهر والسنة[114]، وبالتقويم عينه حدد المسار الزمني لأخبار الدولة البيزنطية ذات الصلة باحداث العرب والمسلمين:« وفي هذه السنة – 348- مات قسطنطين.»[115] كما أرّخ بالتقويم الاسكندري معطوفا على التقويم الهجري،[116] واستخدم ايضا سني عهود الاباطرة البيزنطيين تقويما خاصا ومربوطا ايضا بالتقويم الهجري.[117]

   كان الانطاكي دقيقا بذكر اخباره، كما اثبتنا، فادرج ارقاما كلّما دعته الحاجة:« ولمّا لم يبقَ عند سيف الدولة من الروم من يفادي به اشترى بقية اسرى المسلمين وكان عددهم ثلاثة الآف نفس بمائتي واربعين ألف دينار رومي.»[118] وتتبدى دقّته بالاخبار التي انفرد بها وايّد صحتها العديد من المؤرخين المحدثين، وتلك التي فصّلها وحده واوجزها معاصروه. وهي دفعت بالمقريزي للاقتباس منه كثيرا في مؤلفه اتعاظ الحنفاء.

    تقويم: وعلى هذا، يعتبر تاريخ الانطاكي مصدرا غنيا جدا، ولا اغالي ان قلت ان لا مندوحة من الاعتماد عليه لا سيما في الفترة التي تناول فيها مصر الفاطمية، وبخاصة عهد الحاكم بامر الله.

 


[1] Canard, Marius, EI2, art. Antaki, TI, p. 531

[2] – لمزيد من الاطلاع، انظر: ضومط( انطوان)، واخرين، الشرق العربي في القرون الوسطى، الدار اللبنانية للنشر الجامعي، بيروت، 1996، ص112-115، 135-171

[3]  – الانطاكي، (يحي بن سعيد)، تاريخ الانطاكي، تحقيق عمر تدمري، جروس برس، طرابلس،1990، ص 73

[4] – الانطاكي، ص 75

[5]  المصدر عينه، ص 83

[6] – الانطاكي ، ص21

[7] – المكان عينه

[8]  – الانطاكي، ص 29-30

[9]  – نفسه ،ص 38

[10]  – مسكويه، (محمد بن علي)، تجارب الامم وتعاقب الهمم، تحقيق امدروز، طبعة ليدن، دون تاريخ، ج1  ص289 – 413- -404 – 420

الهمذاني،( محمد بن الحسن)، تكملة تاريخ الطبري، تحقيق البرت كنعان، بيروت، 1961، ص82 – 116-117،118

ابن الاثير،( علي بن محمد)، الكامل في التاريخ، دار صادر، بيروت، 1965، ج8 ، ص 282-369

[11]  – نفسه ، ص 25-28

[12] – نفسه ، ص 46-47

[13] – ص 55-  56

[14] – الانطاكي، ص83-92، 95-102، 106-108، 113-117

[15]  – الهمذاني، محمد بن عبد الملك، تكملة تاريخ الطبري، تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، دار المعارف ، مصر، دون تاريخ، ص 314-316،335-340، 341-346

[16]  – الهمذاني، ص 314-315

[17] – نفسه ، ص 320، 322، 335 وغيرها كثير

[18]  – الهمذاني، ص 334

[19] -نفسه، ص 318،322، 336،338،

[20] – مؤرخ مجهول، العيون والحدائق في اخبار الحقائق، تحقيق عمر السعيدي، دمشق، 1973، الجزء الرابع، القسم الثاني، ص 252 

[21] – نفسه، ص 355-356

[22]  – نفسه، ص 392

[23]  – نفسه، ص 380

[24] – المكان عينه

[25]  –  نفسه، مثلا: ترجمة المتقي، ص 410-411 ، وترجمة المستكفي، ص 441-443

[26]  – نفسه، ص 381

[27]  – نفسه، 422-423

[28]  – العيون، ص 424

[29]  – نفسه 457

[30]  – العيون والحدائق، 427-432

[31] – المقريزي، (تقي الدين احمد)، اتعاظ الحنفا باخبار الأئمة الفاطميين الخلفا، تحقيق جمال الدين الشيال، القاهرة، ط2، 1996 ، ج1، ص 41 وما بعد ولا سيما ص 57-59

[32]  – انظر مثلا : اتعاظ، ج1، ص 43

[33]  – عينه، ص 44، 50

[34]  اتعاظ، ص 60

[35] – اتعاظ، 1/65

[36] – المصدر السابق،، 1/67

[37] – نفسه، 1/74

[38] – اتعاظ، 1/75

[39] – نفسه، 1/95

[40] – لن ندخل في كل هذه التفاصيل خصوصا ثورة ابي يزيد الخارجي التي خصص لها 13 صفحة، واعمال الخلفاء الفاطميين في المغرب لأنها افاضات طويلة غير متوفرة عند الانطاكي.

[41]  – الانطاكي، ص 62-68

[42] – نفسه، ص 59 – 61

[43] – الانطاكي، ص 62 -67

[44] –  المصدر السابق، ص 68 – 70

[45]  – اتعاظ، ص96-100

[46]  – الانطاكي، ص 143، 146-147

[47]  – اتعاظ، ص 107، 113، واحداث الصراع بين الفاطميين والقرامطة بما فيها تبادل الرسائل بين المعز والحسن الاعصم ص 187-202 ، و220-241

[48] – نفسه، ص 113

[49]  – ابن القلانسي، حمزة بن علي التميمي، ذيل تاريخ دمشق، تحقيق سهيل زكار، دار حسان، دمشق، 1983، ص 1-8

[50] –  ابن القلانسي، ذيل تاريخ دمشق، ص 21-37

[51]  – الانطاكي،161-162، 179، 180-182،

[52] – الانطاكي، ص 182

[53]  – ابن الاثير، الكامل، ج8 ، وانظر منهج ابن الاثير في هذا الكتاب

[54]  – الانطاكي، ص 169-179

[55] – الانطاكي، ص 233-234، وابن الاثير، الكامل، ج9، ص 90 ، واتعاظ، ج1، ص 287-290

[56] – نفسه، ص249-250

[57] – المصدر السابق، ص250

   [58] – الانطاكي ، ص 250-253، اتعاظ، ص 48

[59] – نفسه، ص 277

[60] – الانطاكي، ص256، اتعاظ الحنفا، 2/35، ووفيات الاعيان، 5/293-294

[61] – الانطاكي، ص279-280، 282-283، اتعاظ، 2/75، ابن القلانسي، ص 108-111

[62] – اتعاظ، 2/94-95

[63] – الانطاكي، ص 277، ابن القلانسي، ص61-62

[64] – المصدر السابق، ص256، اتعاظ، 2/53

[65] – الانطاكي، ص 296، اتعاظ، 2/94-95، 100

[66] – الانطاكي، ص296-297

[67] – نفسه، ص 271-274

[68] – الانطاكي، ص202-203

[69] – نفسه، ص227-228

[70] – سأشير الى تطابق المعلومات في الحواشي باسنادها الى مصادر اخرى، واذا انفرد بخبر سأشير اليه في المتن.

[71]  – الانطاكي، ص 238 ، الكامل، ج9، ص 118-119، واتعاظ، ج2، ص 3

[72]  – نفسه، ص 239، الكامل، ج9، ص 119، واتعاظ، ج2، 12-13

[73]  – الانطاكي، ص 250 ، اتعاظ، ج2، ص 38

[74] – المصدر السابق، ص251-252

[75]  – الانطاكي ، ص 253-254 ، اتعاظ، ج2، ص 54

[76] – نفسه، ص254

[77] – الانطاكي، ص 240-241، اتعاظ، ج2، ص 18-19

[78]  – نفسه، ص 243-246، اتعاظ، ج2، ص32

[79]  – المصدر السابق، ص 73 – 74

[80]  –  نفسه، ص83 – 92، 95 – 102 ،106-108 ، 113- 117

[81] – الانطاكي، ص 92 – 93

[82]  – نفسه، ص 121-123

[83] – الانطاكي، ص335

[84] – نفسه، ص 338

[85] –  الانطاكي، ص342

[86] – اتعاظ، ج2، ص 113 وما بعد

[87] – الانطاكي، ص 334-3352، وانظر قصة التمثال في الحاشية رقم 8، ص348-349

[88] – اتعاظ، 2/181

[89] – الانطاكي، ص359

[90] – الانطاكي، ص360

[91] – نفسه، ص360-361

[92] – الكامل، 9/314-319،  ابن القلانسي، ص 69-70، اتعاظ، 2/114

[93] – انظر السجل مفصل، الانطاكي، ص 366-367

[94]  – الانطاكي، ص374-375، اتعاظ، 2/129

[95] – الانطاكي، ص387

[96] – المصدر السابق، ص 430-438، اتعاظ، 2/ 182

[97] – الانطاكي، ص368، ابن القلانسي، ذيل تاريخ دمشق، ص69-70، المقريزي، اتعاظ، 2/114

[98] – الانطاكي، ص182-186، ابن القلانسي، ص15-20، الهمذاني، ص225-229، 231-235، مسكويه، تجارب الامم، 2/366-375، 380-381

[99] – الانطاكي، ص387، الكامل، 9/332-333، اتعاظ، 2/118

[100] – الانطاكي، ص 392- 398، ابن العديم، زبدة الحلب، 1/227-229

[101] – الانطاكي، ص410-412، زبدة، 1/231-232، ابن خلّكان، وفيات الاعيان، 2/487، اتعاظ، 2/160، 176

[102] – الانطاكي، انظر على سبيل المثال: ص122، 353

[103] – الانطاكي، ص 93-94

[104] – نفسه، ص 146-148

[105] – الانطاكي، ص 17

[106] – الانطاكي، ص19

[107] – نفسه، ص17-18

[108] – الانطاكي، ص97، و130وما بعد

[109] – نفسه، ص169-171

[110] – نفسه، ص 102-108

[111] – انظر منهجي المقريزي، ص 250 وما بعد، وابن تغري بردي، ص 295 وما بعد.

[112] – الانطاكي، ص 165-180

[113] – نفسه، ص 311-319

[114] – انظر مثلاً: مات ابو القاسم انوجر…يوم السبت لتسع خلون من ذي القعدة سنة 349، اوكانت الوقعة يوم الخميس النصف من شهر رمضان سنة 349، الانطاكي، ص 94، والنماذج كثيرة جدا

[115] – نفسه، ص91

[116] – المصدر السابق، ص141-142

[117] – الانطاكي، ص 190

[118] – نفسه، ص 114

رأي واحد على “يحي ابن سعيد الانطاكي م. 455/1063”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *