ادارة ندوة الدكتورين منير وعادل اسماعيل

ان الحركة الثقافية انطلياس، في اطار المهرجان اللبناني للكتاب، وفاء وتقفديرا منها لاهل الفكر، درجت على تكريمهم بتخصيص ندوات تلقي الضوء على انجازاتهم الحضارية والفكرية والانسانية عامة، شأن هذه الندوة التي نخصصها لاستذكار الدكتورين الاخوين منير وعادل اسماعيل ونخصهما بلفتة ثقافية.

ايها الاصدقاء 

كلما شاركت بتكريم مثقف كلما ازداد حبور نفسي وسمت بي مشاعر العز والافتخار ببعض من ناسنا نحن اللبنانيين ممن يزالون يقدرون جهود وانجازات من وقفوا انفسهم لخدمة الانسان، اولئك الذين اجتهدوا هم وآخرون ما يزالون يكدون من اجل تطوير الانسانية كل ضمن اختصاصه .

 ان تكريم المثقف هو خشوع للمعرفة واهلها واجلال للفكر، وتعبير عن ذواتنا في محاولة لفهم ذاتية المثقف، واحتضان لانسانيتنا في عالم بدأ نسبيا يفقد معاني الانسانية، انه حضور العقل في عالم الفكر يحفّزنا ابدا للكد والجد. وهو تبريك قربان على مذبح الحضارة، وتعبير عن تقديرنا لمدى مساهمة المثقف فيها، فاسمه، عندما تختفي معظم الاسماء في العالم الفاني، سيبقى ابدا خالدا في سجل الحضارة. وباختصار ليس استذكار مثقف الا شهادة للحق في زمان صار الحق فيه نادرا.

ايها الاصدقاء ان التكريم الذي تحتفل به مؤسسات المجتمع المدني يظل، باعتقادي، افعل من نظيره الرسمي، الذي تجرى مراسمه، بشكل عام، تبعا لآلية برتوكولية رتيبة يحضرها بعض الرسميين او من ينوب عنهم، وهي على اهميتها، تظل ابدا في الاطار الرمزي للمناسبة، ولن تضاهي احتفالا ثقافيا يجهد المشاركون فيه لتبيان مساهمات المكرم الفكرية ودورها الحضاري شأن ندوتنا اليوم التي نستذكر فيها الصديقين المؤرخين الاخوين الدكتورين عادل ومنير اسماعيل، ونحبوهما تحية ثقافية نابعة من قلب صادق، واقلام بارعة.

لقد كانا مؤرخين وترك كل منهما عددا وافرا من المؤلفات يتمحور مظمها حول تاريخ لبنان الحديث، وتشاركا احيانا باصدار المؤلف الواحد. وولم تكن مهمتهما سهلة، لأن التأريخ كما بات معروفا مسيرة شاقة، لأنه يقتضي الكثير من الاناة والجهد المتواصل والعيش في عالم الوثائق، ويجتهد المؤرخ لايقاظ الوثائق والاصول من صناديق النسيان بعد ثبات عميق ويعمد الى احيائها بعد مماتها ويرفق بها لكي لا تتلف او تصاب بضرر، وقد تغدو احيانا احد افضل اصدقائه. ويجهد لتبيان صحيحها من منحولها، وثابتها من مزيفها. ولا تقتضي مهمته التأليف في ما بينها بطريقة توليفية او سردية، بل عليه اليتبحر بالوثائق والاصول والمصادر لاعادة رسم الحدث ليس  يرغب بتكوينه تبعا لاهوائه وميوله، مدفوعا بمواقف مسبقة، بل يعمد الى اعادة رسمه بل تركيبه كما جرى في زمانه ومكانه، وبالتالي يعمل للاقتراب قدر الامكان من الحقيقة التاريخية، التي هي دائما مطلقة انما الوصول اليها يظل ابدا نسبيا ومرهونا بتوفر الوثائق والمصادر الضرورية والعمل على استجوابها او استقراءها بذكاء واناة، وع ذلك لن يكتمل العمل بطريقة سليمة الا اذا امتلك المؤرخ بصيرة ثاقبة وسليمة ومنهجية تحليلية تركيبية لاعادة تكوين الماضي.

 ولهذا ولاسباب اخرى غيرها، لست الآن بوارد ذكرها او مناقشتها، تتباين مواقف المؤرخين من احداث الماضي، وما النقد البناء الذي يصوب الى المؤرخ الا عملية تحفيذية من اجل تأريخ افضل.

وعلى هذا، الآن سينبري الاصدقاء المحاضرون العميد احمد حطيط والدكتوران سعاد ابو الروس سليم والياس القطار لدراسة او القاء الضوء، في هذه العجالة، على بعض من سيرة  ومؤلفات المغفور لهما ودورهما التأريخي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *