التجارة الصليبية في المدن اللبنانية.

  • مفهوم الحملات الصليبية: ما يزال الباحثون ينظرون الى الحروب الصليبية من زوايا مختلفة ان من حيث اسبابها ودوافعها ، او من حيث تطورها وجدواها ،وبالتالي نتائجها.ولايتطلب موضوعنا الخوض في كل ذلك ، اوانه لايتسع لها. انما من المفيد التأسيس له بالمنطلقات التالية: شكلت الغاية الدينية احدى اهم منطلقاتها ، واسست للمناخ ، الذي شحن العواطف الدينية في غرب اوروبا فانضوت تحت لوائها وتلبية لرغبة البابا جموع غفيرة متناقضة الاهداف والغايات. فانخرط فيها بعضهم مدفوعا بحب المغامرة ، ولاسيما النبلاء وحاشياتهم ، كما توسلها البعض الآخر من الفئة عينها ، ومعظمهم من الوصوليين ، للحصول على اقطاع ، او امارة في المشرق العربي كان عسيرا عليهم تحقيقه في بلادهم الاصلية. وهدفت الفئات الشعبية الكثيرة العدد ، من خلالها ، الغفران والتكفير عن الذنوب ومرضاة لله تبعا للفكر السائد انذاك ، فضلا عن انها توخت الهروب من وضعها المتردي ، ان لم نقل المأسوي.وتوخت البرجوازية ، ان جازت التسمية في ذلك الوقت ، اكتناز ثروات المشرق العربي مدفوعة بحمية مادية فاقت الحمية الدينية.

        ولم يكن بمقدور الفرنجة ، الذين شكلوا غالبية الجيش البري ان لم يكن كله ، تحقيق المشروع بفردهم لافتقارهم على الاقل للاساطيل الضرورية في هكذا مشروع ، الذي تعرف بدايته ولا تدرك نهايته.فكان ان تم الاستنجاد باساطيل الجمهوريات الايطالية وعلى الاخص : جنوا ، والبندقية ، وبيزا.وكان بعض تجار هذه الجمهوريات قد اقاموا علائق تجارية خجولة مع حكام المشرق عامة ، في مصر وبعض الساحل اللبناني وتعرفوا الى ما يمكن ان يقدمه المشرق العربي من ثروات فاقتنص “برجوازيوها” الدور العسكري البحري لتحقيق مشاريع البرجوازية المتعطشة الى الربح الوفير ، خصوصا ان جمهوريتي جنوا وبيزا كانت قد تطورت فيهما الحياة السياسية بطريقة جعلت من العسير جدا وقف تطورهما العسكري ، الذي كانت قد نعمت به البندقية قبل ذلك[1].ومع ذلك جاء انخراط الجمهوريات المذكورة في المشروع الصليبي متفاوتا ، اذ لب بعضها الطلب العسكري مباشرة ، وتريث بعضها الآخر

    وازعم ان تطور العلاقات المادية الناتج عن الحروب الصليبية وتطوره انما يرجع بالدرجة الاولى الى القوى العسكرية ، التي لم تكن تؤمن اجمالا الا بكسب الثروات المالية ، الذي سيطور وضعها الاقتصادي ولاسيما التجاري ، وتاليا قدراتها العسكرية ، التي ستدفعها للسيطرة على غالبية الاسواق التجارية في المشرق العربي وفي اوروبا.

     ويصعب فهم التجارة الصليبية في المدن اللبنانية بمعزل عن مفهوم التجارة الصليبية عامة في حوض المتوسط ، اومن دون التوقف عند العلاقات بين المدن او الجمهوريات الايطالية في ما بينها عداء ووئاما ، كما من دون التطرق للعلاقات عينها بين الحكام الصليبيين انفسهم من جهة ، ومع حكام الداخل المشرقي على تنوعهم في المدى التاريخي[2].كما يفترض فهمها دراسة تطور التجارة المشرقية العربية والاسلامية خصوصا مع الشرق الاقصى ومع بلاد فارس ، التي سيقتصرها هذا البحث على دراسة الطرق التجارية ودورها في تنمية التجارة العالمية.

     وساحاول في هذا البحث التمييز قدر المستطاع بين عدة مراحل شكلت ، بحسب تقديري ، مفاصل الحركة التجارية الصليبية :

  • منذ تأسيس الممالك والامارات الصليبية ، ولاسيما تطورها في القرن الثاني عشر حتى مجيء السلطان صلاح الدين الايوبي .
  •  العهد الايوبي خصوصا عهد صلاح الدين .
  •  واخيرا العهد المملوكي.

آخذا في الاعتبار تطور اساطيل الجمهوريات الايطالية ، وتنوع نقودها ، والمعهادات التجارية مع الحكام الصليبيين من حيث مراعاة تنفيذها وتأثيراتها ، كما تلك التي ابرمت مع حكام المشرق العربي.

      وما تجدر الاشارة اليه بايجاز ، قبل ولوج الحركة التجارية في المدن اللبنانية خلال العهد الصليبي ، هو وضع الفرنجة العسكريين من جهة ، ووضع المدن او الجمهوريات الايطالية المتنافسة تجاريا من جهة ثانية ، فضلا عن حاجة الفرنجة للاساطيل الايطالية ، ما فرض تنازلات من قبلهم لصالح الايطاليين.

الامتيازات التجارية:

  1. حاجة الفرنجة للايطليين: ويبدو ان الحكام الصليبيين ادركوا اهمية المواقع السترتيجية للمدن الساحلية اللبنانية والسورية والفلسطينية والدور التجاري الذي يمكن ان تطلع به ، وكانوا على معرفة بينة بان قدراتهم العسكرية والتجارية كفرنجة غير كافية ابدا للقيام بدور الوسيط في التجارة العالمية ، وكانوا يدركون ايضا حاجتهم الملحة للقدرة العسكرية الايطالية للاستيلاء على الثغور الساحلية اللبنانية والفلسطينية ولاسيما انهم ما كانوا يملكون الاساطيل العسكرية الضرورية لفتحها من جهة ، وللمحافظة عليها من جهة ثانية.

     وبديهي القول ان  الاستيلاء على الثغور المذكورة شكل مسألة حياة او موت بالنسبة للفرنجة على حد تعبير المؤرخ هايد :” فكان امتلاكها وحده يضمن لهذه الدول – أي الفرنجة – اتصالها بالغرب حتى تصلها منه المعونات البشرية والمالية الضرورية لبقائها “[3] .

  • اوضاع الجمهوريات الايطالية عشية الحروب الصليبية : وكان يبرز انذاك في الميدانين العسكري والتجاري معا ثلاث جمهوريات ايطالية يحكمها برجواريون هي : البندقية ، وجنوا ، وبيزا.وادركت كل مدينة ، لشدة التنافس التجاري في ما بينها ، اهمية بناء الاساطيل التجارية واولوية حمايتها من القراصنة من جهة ، ومن منافسيها التجاريين من ناحية ثانية.كما ادركت ايضا اهمية تنظيم الرحلات التجارية . وهكذا اعتمدت البندقية على نوعين من السفن: المستديرة المخصصة للشحن التي تعتمد  كليا على الاشرعة وتستخدم في الشحنات الثقيلة ، والطويلة التي خصصت لاغراض حربية صرفة[4]. اما جنوى فقد اعتمدت ثلاثة انواع : السفن الشراعية فقط ، والشراعية ذات مجذاف او اثنين ، والثالث المخصص للحمولة الثقيلة ويعتمد على عدد من الاشرعة والمجاذيف[5].غير ان هذه النماذج ستتطور خلال القرنين الثاني والثالث عشر لتلائم ازدهار الحركة التجارية المضطرد.كما ان  الوضعين السياسي والتجاري في الجمهوريات الايطالية قبيل الحروب الصليبية اثرا على دور كل منها من حيث الناحيتين الحربية والتجارية. 

أ جنوا : في اواخر القرن الحادي عشر ، كان يحكم جنوا قناصل انتخبهم البرجوازيون الاحرار[6]، ثم شهدت هذه الجمهورية حربا اهلية ادت الى الغاء النظام القديم ، حتى بدت بلا حكام شرعيين.وما كان بوسع برجوازييها تفويت فرصة المشاركة بالحروب الصليبية ، لذلك انتظم بعضهم فيما بينهم ، وتولوا تجهيز السفن الضرورية ، وكان ابرزهم بلا شك ، على حد تعبير “هايد ” الاخوان امبرياكو وبريمس امبرياتشي Embriaco Guillaume et Primus ، الذان سيكون لهما شأن في كونتية طرابلس.[7]وعادت الاوضاع بعد ذلك في جنوا الى ما كانت عليه ونشأت فيها حكومة جديدة شبيهة بحكومة القناصل ، رغم معارضة الاحزاب السياسية ورجال الدين.[8]ما دفعها للمشاركة الفعالة في الحروب الصليبية.وما تجدر ملاحظته ان تجارا جنويين كانوا قد قدموا الى بلاد الشام في العهد الفاطمي ، كما ان بعضهم كان اتى الى الاسكندرية والفسطاط بعد عقود على قدوم الفاطميين الى مصر في عام 969، ويؤكد ذلك نصوص ديوان التجارة الذي يشير الى رسوا سفن جنوية عام 1.7. في ميناء الاسكندرية.[9]مما يعني ان الجنويين تعرفوا الى اهمية التجارة المشرقية ، ما زاد باندفاعهم للمشاركة بالمشروع الصليبي.

   ب-  بيزا : كان وضعها مماثلا لوضع جنوا السياسي اذ بعد عدة صراعات بين الفيكونت ، الذين انضموا الى الكومون ، مع بعض الاسر البرجوازية ، اعترفت كل القوى المتنازعة في بيزا بسلطة القومون البرجوازيين بموجب ميثاق للسلام[10].

      وهكذا انتظم الوضع السياسي في الجمهوريتين جنوا وبيزا ، وصار بامكانهما دخول حلبة الصراع الاقتصادي والسياسي ، الذي كانت البندقية قد مارسته قبل ذلك التاريخ واقامت علاقات اقتصادية في اماكن عديدة في غربي المتوسط ، واخرى خجولة في المشرق العربي على ما يعتقد ” بالار ” [11] ، وعلاقات تجارية بارزة في القسطنطينية.

  ج- امالفي : لاتشير المعلومات التي تمكنت من الاطلاع عليها الى دور عسكري مهم لأمالفي كالادوار ، التي اطلعت فيها الجمهوريات الايطالية الاخرى ، انما دورها التجاري السابق للحروب الصليبية كان ، على مايبدو ، مهما.فهي كانت تربطها بالفاطميين علائق تجارية مهمة تعود الى عام 969 ، ويشير احد نصوص ديوان التجارة الى  وجود مئتي تاجر امالفي في القاهرة على حد تعبير كلود كاهين.[12]

   د- البندقية : كانت احدى اهم الجمهوريات الايطالية ، ووضعها السياسي مستقرا اجمالا قياسا بزميلاتها ، يحكمها دوق ، ويساعده مجلس – من البرجوازيين – ، وكانت تربطها علاقات تجارية مميزة بالدولة البيزنطية ، ولها اسواق فيها.ويرجح ميشال بالار ، انها كانت على علاقة تجارية مع الفاطميين او مع المشرق العربي عامة قبل عام 1095 [13].وقد يكون مرد تريثها بالمشاركة بالمشروع الصليبي الى عدم ترجيحها نجاحه الامر الذي قد يفقدها مركزها التجاري او يضعفه.

   ان التنافس التجاري بين الجمهوريات الايطالية ، وحاجة الفرنجة الملحة لقدراتها العسكرية البحرية جعلا العنصر البرجوازي الايطالي يدخل مسرح الحروب الصليبية من بابه الكبير. فانطلقت السفن الايطالية الاولى باتجاه المشرق العربي تحمل من ثغورها المؤن واسلحة الحصار والجنود الصليبيين[14] متوخية  ان يحتل الايطاليون المركز الاول في العملية التجارية بين الشرق والغرب. ان كل ذلك باعتقادي دفع الحكام الصليبيين لتقديم تنازلات مهمة للجمهوريات الايطالية ، التي كان حكامها مقتنعين بحاجة القادة والحكام الصليبيين لخدماتهم  لذلك كانوا يشترطون ، قبل الاقدام على تنفيذ اية مهمة ، ثمنا لمساعدتهم.وهكذا عقدوا معهم معاهدات لتحفظ لهم حقوقا مشروعة.وما يهمنا في موضوعنا هذا هي المعاهدات التي ابرمها حكام المدن اللبنانية الصليبيين ولاسيما طرابلس وصور وبدرجة اقل بيروت ، وجبيل ، وصيدا.

  • امتيازات الجنويين: ان معظم الابحاث التاريخية التي تناولت الحروب الصليبية تعتبر ان كل الجمهوريات الايطالية شاركت بالحروب الصليبية منذ انطلاقها ، انما الباحث المدقق يلاحظ تفاوتا بين تاريخ ودور وفعالية كل منها ، اذ لبت جنوا الدعوة مباشرة ، وتلتها بيزا ، وتريثت كل من البندقية وامالفي.ويبدو جليا ان العقدين الاولين من الوجود الصليبي في الشرق قد تميزا بالحروب ، التي ادت الى اقامة الحدود بين مدن الساحل – كل الساحل الفلسطين ، واللبناني والسوري – والمنطقة الداخلية التي كان يسيطر عليها الحكام المسلمون ، ما اعاق انطلاق الحركة التجارية في الثغور [15]. وقد يكون لذلك الامر دوره الفعال في حصول الايطاليين على امتيازات واسعة ومهمة ، وقد يفسر ايضا ما ذهبت اليه آنفا أي التباين في مباشرة الجمهوريات الايطالية الاشتراك بالحملات الى الشرق.

      حاولت جنوا ان تكون السباقة لتقطف ثمار مجهودها على حساب زميلاتها ، فلبت الدعوة مباشرة من خلال بعض برجوازييها ، انما حكومة ” الكومبانيا ” القناصل التي نشأت عقب ذلك اتخذت التدابير الضرورية لوضع الاساطيل الجنوية بخدمة الفرنجة.وقام الاخوان امبرياتشي بدور حاسم في هذا المجال ، وجهزا الات حصار بعض مدن الساحلية من خشبهما الخاص.ويمكن التأكيد مشاركة الجنويين الفعالة في العمليات الحربية ما بين 1098 و 1110 ما ادى الى حصولهم على امتيازات تجارية مهمة في الثغور الساحلية التي يهمنا منها طرابلس وصور وبيروت وجبيل وصيدا ، أي المدن الساحلية اللبنانية.[16]

   وقد وقع ملك القدس معهادة اولية مع الجنويين عقب احتلال يافا عام 1110، انما المعاهدة الاساسية ، التي اعتبرت المستند الرئيسي لكل الامتيازات الجنوية في المشرق العربي ، هي التي وقعت بين الجانبين المذكورين سنة 1104 ، مكافأة للجنويين ، الذين وضعوا اسطولا حربيا كبيرا في خدمة الملك بلدوين الاول ساهم بفعلية باحتلال عكا الميناء الذائع الصيت من حيث اهميته العسكرية والاستراتيجية ، وفي احتلال بيروت ايضا ، وقد اجازت للجنويين امتلاك كنيسة في عكا وثلث المدن التالية: ارسوف وقيسارية وعكا ، والتمتع بالسيادة الكاملة على شارع واحد في عكا وفي القدس ، وباعفاءات تامة من الضرائب والمكوس ، كما وعد الملك بتسليم الجنويين ممتلكات وسلع كل جنوي يتوفى في ارجاء مملكة القدس[17].وقد حرص الجنويون على نقش مضمون الامتيازات ، التي نالوها من بلدوين الاول ، خلف مذبح كنيسة القيامة ، بحروف مذهبة [18]، على الارجح كي لا يقدم الحكام الصليبيون في قابل الايام على التنصل منها.

    وقد تجددت هذه المعاهدة واضيفت اليها ملحقات او اضافات حتى بات الجنوييون يتمتعون باعفاءات ضرائبية على البضائع المستوردة من الاراضي الاسلامية ، كما حصلوا على محاكمهم الخاصة خصوصا في صور وفي عكا.[19]

    وحصل الجنويون في عهد يوحنا ابيلين حاكم بيروت على امتيازات مشابهة لما تمتعوا بها في عكا وصور اذ اعفوا من الضرائب والرسوم على الصادرات والواردات ، كما حصلوا على  محكمة خاصة بهم  , [20]  ، وسوق في بيروت نفسها[21]، مستثنيا بعض السلع من الاعفاآت الضرائبية مثل الخزف والزيت.[22] اما  الامتيازات الجنوية في طرابلس فقد تكون الاهم بين الامتيازات الاخرى التي منحها الصليبيون لهم ، بحيث ان الاخوين امبرياتشي مكنوا الصليبيين من احتلال مدينة جبيل سنة 1104 ، فمنحهم ريمون دي سانجيل ثلثها. ثم في عام 1109وقع خلاف بين برتران ابنه وابن اخيه وليم Guillaume كونت سردينيا ، وشارك الجنويون في هذا النزاع وآزروا الاول مشترطين عليه الحصول على جبيل كاملة ، وعلى ثلث مدينة طرابلس.وبانتصاره حصل على الارث ، واتم فتح المدينة ، ولكنه رفض تنفيذ المعاهدة فاحتل الجنويون كامل مدينة جبيل [23]. ولكن هايد يذكر ان برتران اعطى الجنويين ، عوضا عن ثلث طرابلس ، منطقة تعرف باسم ” جبل القائد العام – الهري-Puy de Connetable .[24] وفي سنة 1168 قدم آل امبرياتشي وتحديدا هيو امتيازات تجارية للجنويين تقوم على حرية التجارة والاعفاءات الضرائبية والجمركية[25].ولم يحصل الجنويون على امتيازات تجارية وضرائبية في طرابلس الا في مطلع القرن الثالث عشر في عهد بوهيمون الرابع بدءا من سنة 1205 الذي اعفاهم من ضريبة البيع في اسواق المدينة ، وسمح لهم بمحكمة خاصة بهم[26]

    على الرغم من مساهمة الجنويين في احتلال السواحل اللبنانية والفلسطينية فانهم لم يحصلوا في صور على امتيازات تجارية ، في بداية الامر ، على غرار امتيازات البنادقة ، لانهم لم يساهموا في احتلال المدينة. ولكن الصليبيين احتاجوا الى الخدمات العسكرية الجنوية لتحصين المدينة بعد هزيمتهم في حطين وخسارتهم القدس عام 1187 ، وبالتالي فقد حصلوا تدريجا على امتيازات شبيهة بما حصل عليه البنادقة في بداية العهد الصليبي ، اذ نالوا في بداية الامر محكمة خاصة بهم وسوق وابنية ، كما منحوا  حرية التجارة برا وبحرا. ويذكر الامير موريس شهاب ان كونراد دي مونتفرات ثبت الامتيازات المذكورة وعزز امتيازات الجنويين بمعاهدة جديدة من ابرز بنودها: الاعفاء من الضرائب على المكاييل والموازين ، وحصولهم على حقول متعددة ، وحمامين احدهما للنساء والآخر للرجال ، وفرن ، وسوق ، وعدد من المنازل فضلا عن ثلث عائدات مرفأ المدينة.[27]ويقول الياس القطار ، مستندا الى دسيموني  Desimoni ، انه بفضل دو شمباني حاكم صور اصبح للجنويين في صور محاكمهم الخاصة يتقاضون فيها  بكل ما يتعلق بشؤونهم بما في ذلك الجرائم ، ونالوا جزءا من مكوس الجمارك المفروضة على سلع العبور ( الترانزيت ) ، ولا يدفعون الضرائب على البضائع المعروضة في مخازنهم او المرسلة بطريق البر.[28]كما صار لهم مراكز صيرفة خاصة بهم ، وحمام ، ومجرى ماء لحاجياتهم.[29]ويعتبر انهم تمتعوا بكل تلك الحقوق مقابل حماية حاكم المدينة ، وترميم المرفأ ، وعلى الا يزيدوا طبقات منازلهم او يستحدثوا مسامك وملحمات في حيهم من دون ترخيص مسبق[30].

    البيازنة: من الواضح ان بيزا هي الجمهورية الايطالية الثانية التي وضعت قدراتها العسكرية في خدمة الفرنجة بعد جنوا ، وجاءت امتيازاتهم الاولى في امارة انطاكيا.[31] ومنحوا  امتيازات تجارية وضرائبية في مملكة القدس ، معظمها في المدن الفلسطينية [32].اما في عهد بلدوين الثاني ( 1118- 1131) فقد حصلوا على خمسة بيوت في صور، ووكالة تجارية قرب المرفأ[33] وفي عهد بلدوين الثالث وتحديدا في سنة 1156 على محكمة خاصة ،[34]ونالوا في المدينة عينها فرنا وخمسة افدنة من الاراضي خارجها[35].وكلما كانت تتعرض احدى المدن الصليبية الى خطر محدق يعمد حكامها الى تقديم تنازلات جديدة للايطاليين ، كما يحيون العمل بالمعاهدات السابقة التي كانوا قد اختزلوا عددا من مضامينها.ويتبدى ذلك عندما احدق الخطر بصور في عهد صلاح الدين الايوبي ، ولاسيما قبيل عام 1187  وخلاله ، بخاصة عندما  خسرالصليبيون القدس.لذلك يمكن ان يتوضح دور البيازنة التجاري في المدن اللبنانية من خلال معاهدة 1187 التي ابرمها مع كونراد دي مونتفرات حاكم مدينة  صور، وتضمنت ابرز بنودها :”منح البيازنة قطعة ارض لبناء البيوت قرب الموانىء فضلا عن حمامات وافران ، تعيين موظفين من قبلهم للاشراف على جميع المعاملات التي يقوم بها تجارهم[36] ، واعفاؤهم من الضرائب والرسوم ، ومنح القناصل البيازنة الاستقلال في ادارة كل ما يتعلق بشؤون المستوطنة البيزاوية ، منحهم ايضا سلطات قضائية على مستوطنيهم في كل الحالات ، ما عدا الجرائم الموجهة ضد غير البيازنة[37] ، حماية بضائعهم وممتلكاتهم في حال غرق سفنهم او تحطمها قرب السواحل الصليبية. كما نالوا فرنا وحماما وعدة منازل مع حقولها داخل المدينة.[38] مقابل تقديمهم المساعدة العسكرية لاسترداد مدينتي يافا وعكا من السلطان صلاح الدين الايوبي والدفاع عن مدينة صور ضد محاولات صلاح الدين للاستيلاء عليها[39].  كما حصلوا على حق استعمال المكاييل والموازين الملكية المعفاة من الضرائب .ويضيف القطار بان كونراد دي مونتفرات عزز امتيازاتهم بسماحه لهم العمل على ابواب المدينة وفي مرفئها وفي سوقها لمراقبة حسن استيفاء الضرائب ، واعفاهم ايضا من الضرائب على السفن الغارقة [40].وبذلك اضحت امتيازاتهم في صور تضاهي الى حد ، من حيث الاهمية ، مثيلاتها التي تمتع بها البنادقة والجنويين.

  ولم يحصل البيازنة على امتيازات  في مدينة طرابلس الا سنة 1179 حين وهبهم ريمون الثالث بيتا ،ثم حصلوا على محكمة خاصة بهم كما اعفوا من الضرائب الجمركية[41]

      البنادقة : منذ بداية حروب الفرنجة في الشرق تريث البنادقة فترة [42].ولما وقع امير انطاكيا في الاسر ، وازدادت هجمات الزنكيين ضد الفرنجة ارسل هؤلاء الى دوق البندقية يطلبون النجدة العسكرية على جناح السرعة ، كما تدخل البابا لدى البنادقة للغية عينها [43]، فلبوا  النداء، وقاد دوقها بنفسه اسطولا قوامه مئتا سفينة وانقذ موقف الصليبيين الحرج ، واحتلوا مدينة صور [44]، وبالتالي وقعت معاهدة 1124 بين البنادقة والبطريرك غورمون نيابة عن الملك المأسور، وهي تعتبر اساسا لكل المعاهدات والامتيازات البندقية في مملكة القدس ، وقد فصلها وليم الصوري بكل دقة : يمتلك البنادقة ملكا خالصا كنيسة وحيا وفرنا وطاحونة وساحة في كل مدينة وبارونية خاضعة لبلدوين الثاني وخلفائه.ولهم حق استخدام مكاييلهم وموازينهم ، الا اذا اشتروا سلعا من تجار آخرين ، ومنحتهم المعاهدة استخدام محاكم خاصة بهم يحتكمون اليها الا في حال حصول خلاف بين البنادقة وآخرين فيخضعون عندها لمحاكم الملك.واعفتهم ايضا من الرسوم والضرائب على انواعها في التصدير والاستيراد والمكوث في المملكة ، واستثنت منها الضرائب على نقل الحجاج .كما اقرت لهم بوراثة كل تاجر يتوفى في المملكة ، كما سلع السفن التي تغرق او تتحطم في موانئ مملكة القدس. ومنحتهم ايضا ثلث مدينة صور  وملحقاتها ملكا تاما ، واوجبت على الملك دفع مبلغ 3.. دوكة لدوق البندقية من عائدات مرفأ صور.[45] اما اولى المعاهدات التي وقعت بين الجانبين فكانت في عهد غودفروا دي بيون في تموز عام 1100 عندما قدم اسطول بندقي الى الشواطئ الفلسطينية وتوقف قبالة شواطئ يافا ، وطالب البنادقة مقابل خدماتنهم التي قاربت الشهر عقد معاهدة حصلوا فيها على اعفاء من الرسوم والضرائب الجمركية في مملكة القدس ، وثلث كل مدينة يساهمون في احتلالها، فضلا عن سوق وكنيسة   [46]

بيروت والبنادقة منحهم حنا ابلين حاكم بيروت تشجيعا لتجارة المدينة حقوقا تجارية وامتيازات نصت على الاعفاء من الضرائب الجمركية على بعض السلع.[47]

 جاليات اخرى : حصلت بعض الجاليات الافرنجية والايطالية على بعض الامتيازات التجارية انما في وقت متأخر اذ منح منح كونراد دي مونتفرات الكتلانيين ، وتجار مرسيليا ومونبليه اعفاء من الضرائب على تجارتهم ، وكذلك على موازينهم ومكاييلهم[48] .

 التنافس التجاري وعلاقة الجاليات الايطالية بالحكام الافرنج: ومن الواضح ان الايطاليين لم يتمتعوا بكامل الامتيازات التي نالوها من الفرنجة اذ عمد هؤلاء الى المراوغة للتملص من تنفيذ بنود المعهدات ولا سيما في الفترة التي تلت الاحتلال الفرنجي للمدن الساحلية على امتداد الشواطئ من فلسطين الى اعالي سورية ، وعمد بعض الملوك والحكام في طرابلس وصور وجبيل وبيروت وصيدا – وهي المدن التي تعنينا في هذا البحث- الى التلاعب بمضامين المعاهدات المتعاقبة تحصينا لمواقعهم الاقتصادية وكي يقاسموا الايطاليين الارباح.[49] وتعتبر الامتيازات التي نالها الفرنجة في القرن الثالث عشر تكملة لما كانوا قد حصلوا عليه سابقا منذ مساهمتهم العسكرية الاولى في القرن الحادي عشر انما طرأعليها تحول اثناء حملات صلاح الدين الايوبي التي استرد خلالها بعض المدن وهدد المدينتين اللبنانيتين الرئيسيتين طرابلس وصور [50]، وبالتالي عمد الايطاليون الى الابتزاز كي يعيد الفرنجة العمل بالمعاهدات الاولى وللحصول ايضا على امتيازات جديدة كي يمكن تأمين الحماية العسكرية ليس للمدينتين المذكورتين فحسب بل ايضا لاسترداد المدن التي استولى عليها صلاح الدين.

   ويمكن تسجيل اكثر من ملاحظة في هذا الشأن: ادراك الفرنجة خطورة مشاركة الايطاليين لهم في حكم المدن الساحلية عموما ومنها المدن اللبنانية على اسس فيودالية مما كان يفقدهم دور الريادة والقيادة السياسية ، وقد ادت الامتيازات الى قيام نوع من حكم اقليات ضمن مملكة القدس واماراتها ولا سيما في جبيل ،وفي احياء طرابلس وصور وبيروت التي تقاسمتها الجاليات الايطالية الجنوية والبيزية والبندقية.[51]وان نظرة على الجهازالاداري للجاليات ايطالية في المدن اللبنانية الرئيسية تعطينا فكرة واضحة عن فعالية ذلك الجهاز ، وعن دوره في تقاسم السلطة مع الحكم الصليبي الفرنجي. خصوصا ان الجمهوريات الايطالية ، بعد ان انتزعت الامتيازات من الفرنجة ولاسيما امتلاك الاحياء والمشاركة بالاشراف على الجمارك ، والحصول على محاكم خاصة الخ…، ادركت اهمية ادارة جالياتها في المشرق العربي ،فعينت كل منها مديرا يشبه عمل القنصل اليوم ولقب بلقب خاص. فعرف البندقي بلقب بايلو Bailo وكان مركزه في عكا ويساعده مساعدون في المدن الصليبية الاخرى عرف الواحد منهم بلقب فيكونت [52] ، اذ توجب على كل جالية تملك ثلث المدينة ان تعين عليها حاكما ، وقاضيا ، كانت الدجمهورية التابع لها تدافع عن الحاكم ضد اية اعتدآت[53].ولينا نموذج واضح علىذلك ، اذ عينت جنوا ، عندما امتلكت ثلث جبيل ، اسمه انسالدو كارسو[54]. وقد تمتع البايلو بصلاحيات واسعة جدا: مثل عقد المعاهدات بالنيابة عن دوق البندقية ، والاحتجاج لدى المراجع الصليبية كلما دعت الحاجة الى ذلك ،  وكان يعتبر المرجع الرئيسي لكل الموظفين البنادقة في صور وطرابلس وبيروت وغيرها من المدن الصليبية [55]، ويجهد كي لا يتلقى رعاياه امرا او يلتمسوا عدالة من موظفي الدولة الفرنجية[56].  وكان للبيازنة موظف كبير يدير شؤونهم عرف بالقنصل وكان مركزه في عكا.[57]اما الجنويون فقد احتكر آل امبيرياتشي ادارة جالياتهم لمدة طويلة اي لغاية عام 119. وكان مقرهم في مدينة جبيل.[58]وثم مارس الحكام الجنويون هذا الدور فعينوا قنصلا لتولي المهام الادارية كلها وفيكونتا لتولي الامور القضائية[59] ، وبما ان طرابلس شكلت مركز الثقل التجاري للجنويين ، عينت فيها جنوا فيكونتا تلي رتبته الفيكونت الاعلى[60]. ومنذ عام 1274 استبدل القنصل ب بودستا وحل مكانه في جميع صلاحياته واستقر في مدينة صور.وكان عمل ممثل الجاليات يشبه الى حد كبير دور البايل البندقي ، وبالتالي تعددت الصلاحيات في المدينة الواحدة ، وتضاربت مع الوظيفة الاساسية للحاكم الصليبي ، وادى الى مشاكل جمة ، وكادت السلطة الرئيسية تضيع في خضم تلك الصلاحيات المتداخلة ، ولاسيما ان كل جالية جهدت لتأمين مصالحها التجارية والسياسية.

 ان كل ذلك ، فضلا عن السيطرة الايطالية العسكرية وحاجة الفرنجة المستمرة لهذ القوة العسكرية افقدت الصليببين القدرة على رعاية التجارة بحيث انهم فقدوا السيطرة على التجار الذين ،وفقا لاحكام المعاهدات التجارية، احتكموا الى محاكمهم الخاصة ، وعاشوا في احيائهم الخاصة ، التي كانت ادارتها محض ايطالية  ، وبالتالي فقدوا القدرات الاقتصادية ، التي كان يمكن لو تمتعوا بها بطريقة صحيحة الاستغناء تدريجا عن الوصاية الايطالية.ولعب ايضا في هذا الشأن تصادم مصالح الحكام الصليبيين في ما بينهم من جهة ، ومع ملك القدس من جهة ثانية ، مما زاد الارباك السياسي ، والحاجة الماسة للقدرة العسكرية الايطالية ، التي تماهت في ذلك الصراع جريا وراء مصالح كل جالية ، ما ادى للاحتكام للسيف ، وتاليا تعرض الجالية المنهزمة لفقدان امتيازاتها.

  وعليه يصعب ادراك ابعاد الحركة التجارية الايطالية في المشرق العربي عموما وفي المدن اللبنانية خصوصا الا من خلال التنافس التجاري والعسكري المنوه عنه آنفا. ومن الامثلة على ذلك الصراع الذي حصل ما بين  1190 و1192 بين غي دي لوزنجيان وكونراد دي مونتفرات على عرش مملكة القدس بحيث جهد كل منهما للتحالف مع القوى العسكرية التجارية الايطالية عن طريق تقديم امتيازات جديدة لمن يؤازره. فدعم البيازنة غي ، في حين آزر الجنويون كونراد ، وبانتصار الاخير طرد البيازنة [61]من صور. وتجدد الصراع على العرش عينه ما بين 1193و 1195 بين غي دي لوزنجيان حاكم قبرص وهنري شمبانيا متولي صور الذي آزره الجنويون فما كان من هنري الا ان طرد البيازنة من صور ولم يتمكنوا من العودة الى احيائهم الا بعد ان وقع الصلح بين الطرفين عام 1195[62]

طرابلس:لم تتمركز الجاليات الايطالية بالمدينة فعليا الا في مطلع القرن الثالث عشر او بعيده، ومرد ذلك الى ان حصول الايطاليين على الامتيازات فيها جاء متأخرا قياسا بالمدن الاخرى.

جبيل : سقطت جبيل عام 1187 بيد صلاح الدين واسر صاحبها (من آل امبرياتشي)،وتم استرداد المدينة عام 1193 وعلى الرغم من بقائها تحت سيطرة آل امبرياتشي ،وعلى الرغم ايضا من ان الجاليات الايطالية فيها كانت معفية من كامل الرسم والضرائب ،الا ان تلك الاسرة غدت تابعة لحكام طرابلس.

صور: كان ميناؤها افضل من ميناء عكا لانه يتسع لمعظم انواع السفن[63].وعلى الرغم من ان فيليب دي مونتفرات طرد البناقة منها وعلى الرغم انهم لم يتمكنوا من العودة اليها الا عام 1277 فانهم استمروا في سك الدنانير الذهبية التي تحمل شعائر اسلامية لانها تجلب التجار المسلمين اليها وتسهل التعامل التجاري[64]. وازدادت اعداد الجاليات الايطالية فيها بعد عام 1187 حين حصل الجنويون والبيازنة على امتيازات تجارية وفيرة. وغدا الجنويون اكثر الجاليات الاخرى نشاطا واهمية بسبب مساعدتهم لحكام صور واستمر الامر على هذا النحوا الى حين الجلاء الصليبي عن الشرق

الطرق والسلع التجارية

الطرق التجارية الرئيسة: كان في العصور الوسطى ثلاث طرق رئيسة تربط الشرق الاقصى بالمشرق العربي تراوحت المخاطر عليها تبعا للظروف السياسية والعبات الطبيعية. كان الطريق الاول بحري ينطلق من الصين مرورا بالهند فالخليج العربي حيث يتفرع باتجاهين: غربا الى دمشق، وشمالا الى ديار بكر[65]. اما الثاني فيأتي ايضا من الشرق الاقصى عبر المحيط الهندي الى البحر الاحمر، ثم يسلك اتجاهين: عبر سيناء الى دمشق فموانئ الساحل الشامي، او الى القاهرة[66]. وكان الثالث بريا عبر الهند وجبالها وهو لا يعنينا اجمالا في هذا البحث.

وقد تعددت المحطات التجارية البحرية والبرية على هذه الطرق مما سهّل عبور القوافل عليها[67]. وقد أمّنت تلك الطرق والمحطات بانتظام وصول سلع الشرق الاقصى الى موانئ ساحل بلاد الشام ومدنها الداخلية، وكذلك السلع الاوروبية باتجاه الشرق الاقصى. وحرص الحكام في منطقة الخليج العربي ومنطقة الحجاز على ان تبقى الطرق الرئيسة خفية على التجار الافرنج على اختلاف جنسياتهم، ومنعوا على الحكام الافرنج ايضا عبور تلك المنطقة.

طرق القوافل او الداخلية : ان الطرق الداخلية التي كانت تربط المدن الداخلية في بلاد الشام والمشرق العربي عموما بالمدن الساحلية كانت متعددة سنركز على ابرزها. الطريق الآتي من الفسطاط( مصر القديمة) الى دمشق مارا بالرملة وطبرية ومنها الى الموانئ الرئيسة على الساحل التي يعتبرها ابن خرداذبه المخرج الطبيعي لتجارة بلاد الشام[68]. وكانت حلب وفق ناصر خسرو ملتقى الطرق التجارية الواصلة اليها من مناطق مختلفة ومنها الى دمشق فبيروت، او الى حمص فطرابلس، لأن حمص كانت بدورها محطة إلتقاء عدد من القوافل القادمة اليها من الرقة والفرات بمحاذاة الصحراء [69]. ويتفرع طريق حماه باتجاهين: احدهما باتجاه الساحل غرب الشام الى عرقة فطرابلس، والآخر جنوبا الى دمشق[70]. ولشدة اهمية الطريق الذي ينطلق من حلب الى دمشق او بالعكس فقد خصّه ابن جبير المعاصر للافرنج بوصف مهم لشدة ازدهاره:” تقيّد اسواقها – اي حلب- الابصار حسنا وعجبا، ومليئة بالحوانيت، واكثر حوانيتها من خشب بديع الصنعة…ومنها الى قنسرين، فمرواحين وفيها خان كبير…يعرف بخان التركمان،  وخانات هذا الطريق كأنها القلاع امتناعا وحصانة، وابوابها حديد…ومنها الى ثمنى وفيها ايضا خان…فبلاد معرّة النعمان فجبال لبنان او الى اللاذقية…ومن معرة النعمان الى حماه…ثم الى حمص فبعلبك…الى بيروت…والطريق من حمص الى دمشق قليل العمارة…”[71].

يمكن الخلوص من وصف ابن جبير الى كثرة الخانات[72]، وسهولة عبوره بسبب التسهيلات الكثيرة عليه هو ومتفرعاته، وامكانية التبادل التجاري في خاناته، او التزود بسلع جديدة، وتؤشر كثرة الخانات الى شدة ازدهار الطرق المذكورة. وقد وصف ابن جبير الطرق البرية التي تصل الى صيدا وصور وعكا: فالقوافل كانت تنطلق من مصر عبر طبرية الى دمشق ومنها الى دارية، فبانياس، ثم الى تبنين حيث كانت السلع تمكس، ومنها الى عكا، ثم الى اسكندرونة فالى صور[73].

ويتبيّن من دراسة طرق القوافل ان دمشق وحلب كانت تزخران بمختلف انواع السلع، ومن ابرز المراكز التجارية الداخلية التي كانت مستودع السلع القادمة اليها عن طريق مصر أكانت مصرية المصدر او من الشرق الاقصى. وكانت الموانئ بخاصة اللبنانية منها ولا سيما صور وطرابلس وصيدا من ابرز الموانئ التجارية والعسكرية على حد سواء. ولعل صور وفق معظم المؤرخين كانت الاهم والاوسع بينها، اذ كان لها ميناآن داخلي وخارجي، الاول لاستقبال السفن الصغيرة لأن الكبيرة قد تتعرض للعواصف من دون امكانية حمايتها، على عكس الثاني الذي كان يفوق ميناء عكا اتساعا ويستقبل السفن من مختلف الاحجام، وكان يشكل مأوى امينا لها.[74]

كانت تخضع لكونتية طرابلس عدة مرافئ ما كان يسهل الاعمال التجارية فيها تتلائم مع كبر السفن واحجامها مثل طرطوس[75] ، وجبيل المخصص لاستقبال السفن الصغيرة ،[76] وميناء طرابلس نفسها تلك المدينة الشديدة التحصين باسوارها العالية الذي كان يستقبل السفن من مختلف الانواع والاحجام[77]. ولم يكن ميناء بيروت من الاهمية الكبرى ليضاهي موانئ طرابلس وصور وعكا، بل كان يستقبل السفن المتوسطة الكبر و، وكانت تكمن منزلته بانه كان ملتقى التجار من حلب ودمشق وبعلبك[78].

وهكذا لعبت الموانئ المشرقية المتوسطية التي كان يسيطر عليها الافرنج دورا اساسيا وبارزا في التجارة التي مارسها الايطاليون بوجه الخصوص مستفيدين من الامتيازات التجارية التي حازوها اثناء تكوين مملكة القدس والكونتيات والامارت الاخرى او السنيوريات التي كانت خاضعة لمملكة القدس اللاتينية. فقد فريدة من حيث قرب بعضها من البعض الآخر اذ كان النجدة تأتي لاي ميناء يتعرض الى الخطر من الموانئ الاخرى، ولسهولة وصول التجار اليها اما بحرا او عبر القوافل، اما وسطاء للتجار الايطاليين وغيرهم من الاوروبيين، او للتجار المشارقة او للقيام باعمالهم التجارية الخاصة. ناهيك بالامان الطبيعي الذي حبته لها الطبيعة من شمالي لبنان حتى مشارف عكا اذ تحيط بها الجبال مكونة لها حصونا طبيعية صعبة الاختراق.

الصادرات : كان طلب الاوروبيين على السلع في المشرق العربي شديدا أكانت منتجة فيه او مصدرة اليه من الشرق الاقصى وبلاد فارس.وقد اورد بيرين Pirenne ثبتا بابرز السلع المشرقية : الارز ، الليمون ، المشمش ، الزبيب ، العطور ن الادوية ن الاصباغ ، الاخشاب الممتازة كالصندل … والقطن الذي اعطى اسمه العربي الى كل اللغات ، والحرير الخام . هذا اضافة الى انواع من الملبوسات ، التي عرفت باسماء مصادرها ، مثل الدمسق نسبة الى دمشق ، و بلدكان BALDAQUIN نسبة الى بغداد ، والموسلين نسبة الى الموصل ، وgaz  نسبة الى غزة [79].هذا فضلا عن اقمشة  Samit و Camelot وانسجة سميكة من وبر الجمال او الماعز او الصوف ، والصابون والاواني النحاسية المكفتة.[80]ناهيك عن المسك ، وخشب الصبر ، والبهار ، والهال ، والقرفة ، والخولخان[81]، وجوز الطيب ، والكافور ، والقرنفل ، والتين واللوز ، وقصب السكر ، والنبيذ ، والسمسم ، والثمار الزيتية ، والنيلة ، والفوة[82]، والخزف والزجاج.[83]

اما سلع الشرق الاقصى التي كانت تصدر الى اوروبا فقد ذكرها كل من ابن خرداذبة والادريسي. وهي مواد طبية مثل القسط والبقم[84]، والبهار والقنا [85]، والخيزران ، والعود[86]، والعنبر الطيب الرائحة تزن الواحدة منه ما يقارب القنطار احيانا ، واللؤلؤ ، والياقوت ، والماس ، والزمرد ، والاحجار الكريمة ، واصناف عدة من العطر والبلور[87].  كانت المنسوجات الحريرية من ابرز الصادرات الى الغرب الاوروبي، وقد تميزت طرابلس بهذه الصناعة خلال العصور القديمة و الاسلامية والبيزنطية وخلال العصر الصليبي ايضا [88].وكان في طرابلس وحدها حوالى اربعة آلاف شخص يعملون في صناعة الحريرخلال القرن الثالث عشر [89].وكان في صورمصانع للحرير شهيرة ولاسيما صناعة الحرير الابيض الذي شكل مصدرا رئيسا للحي البندقي فيها الذي كان يصدر الى الغرب الاوروبي [90]،   ونقلت الى المدن الصليبية وبخاصة اللبنانية منها الاقمشة الحريرية والمنسوجات الاخرى على اختلاف انواعها من المدن السورية ولاسيما دمشق وصدرت منها الى اوروبا[91] . وقد احتل الزجاج الصوري المرتبة العالمية الاولىمن حيث جودته [92]. ، ولاسيما ان صور اشتهرت بمصانع الزجاج التي كان يديرها اليهود ، وقد خصص فيها ربض لصناعة الزجاج الجيد والفخار ايضا على حد تعبير الادريسي.[93] وقداشتهرت صور بصناعة متنوعة للزجاج كالزهريات الشفافة والفائقة الجودة لاستخدام الصوريين مواد اولية ممتازة مستخرجة من المدينة عينها كالرماد مثلا[94] ، وقد كان يصنع ايضا في طرابلس وصيدا بطريقة ممتازة وان لم يكن يضاهي الزجاج الصوري[95] ، وكان قصب السكر يزرع بكميات وافرة في بساتين صيدا وصور وفي طرابلس[96] وصناعة السكر كانت من الصناعات الرئيسية في صور. وكانت معاصره منتشرة داخل المدينة يملك بعضها الملك وبعضها الآخر البنادقة والجنويين[97] ، كما دخلت صناعته في تركيب الادوية. وصدرت المدن اللبنانية زيت الزيتون الذي كان يطلق عليه الصليبين الزيت الطيب والذي كان يجلب اليها من مناطق متعددة كالخليل ونابلس.[98] وتميزت صور ايضا بصناعة الاقمشة البيضاء الممتازة الصنع والباهظة الثمن ولايصنع شبيه لها في سائر البلاد المحيطة بصور وكانت تحمل الى كل الآفاق.[99]وقد اشتهرت صور بعدد آخر من الصناعات ذكرها الامير موريس شهاب مثل صناعة المصاغ والحلي على انواعها.[100]

  الواردات:  ان السلع التي صدرها الايطاليون الى المدن الصليبية كان قسم منها للاستهلاك المحلي والقسم الاخر لاعادة التصدير للداخل المشرقي الى اسواق مصر وسوريا وفلسطين بواسطة الصليبيين انفسهم او بواسطة تجار مشرقيين[101].وبعض هذه السلع تولى تصديرها تجار مشرقيين الى الشرق الاقصى.اما اهم السلع التي صدرها التجار الايطاليون الى الشرق فهي: الاخشاب والاسلحة ولاسيما الخوذ[102] والسيوف [103]،والرقيق وقد شكلت صور احد اهم اسواقه [104]، والاقمشة على اختلاف انواعها ومن مصادر متعددة :ايطالية وفرنسية.[105]     الصادرات الصليبية: نقل الصليبيون السلع المشرقية الى الغرب الاوروبي ولاسيما الصناعات التي اشتهرت بها المصانع في مصر وسوريا وفلسطين ولبنان.فقد نقلوا من مصر اما عبر الاسكندرية او من الموانئ اللبنانية المنسوجات الكتانية التي اشتهرت بصناعتها المدن المصرية مثل تنيس ودمياط والاسكندرية والفرما وغيرها[106] اضافة الى المنسوجات الحريرية والقطنية والصوفية.[107] وتعرف الايطاليون الى اهمية الشب في الصباغة وغدا استخدامه ضروريا في الصناعة الاوروبية.[108] كما نقلوا ايضا من مصر الزمرد[109] ، كما جلبوا منها قصب السكر والسكر.[110]

  الضرائب : ان مسألة دفع الضرائب في الموانئ الفرنجية خضعت لعملية مد وجذر تبعا لحاجة الفرنجة الى الخدمات الايطالية العسكرية،وبالتالي لم تنفذ بنود المعاهدات التي تحدثنا عنها الا كيفيا ان جاز التعبير.انما من الواضح وفق المصادر والمراجع الصليبية كانت السفن عندما تصل الى قبالة اي ميناء صليبي تخضع للتدابير التالية : تقرع الاجراس اعلانا لوصولها،ويتوجه نحوها قارب صغير لارشادها للمكان المخصص لرسوها ، او تعمد عدة قوارب صغيرة لتفريغ حمولتها ونقلها الى الشاطئ. اي يكن التدبير التي كانت تخضع له السفينة من التدابير التي ذكرت ،كان يتبعها المراحل الاربع التالية: انزال البضائع، ثم تسجيلها في الدوائر المختصة منعا للتلاعب ،وبعد ذلك تخزن البضائع، واخيرا تتم عملية البيع ،وهذه العمليات الاربع ادت الى تنوع الضرائب وتعددها بحيث دفع التجار الايطاليون الضرائب التالية : الرسو، والميناء ،والمبادلات التجارية او حركة السوق من بيع وشراء واخيرا ضريبة العودة او مغادرة السفينة الميناء[111] .وقد عمد المؤرخ البريطاني الحديث ماير Mayer  بالاستناد الى مصادرة متعددة الى تحديد الى حد بعيد قيمة الضرائب التي دفعها الايطاليون في الموانئ الفرنجية وهو ميز بين الضرائب على السلع بحيث استوفى الصليبيون ضرائب مرتفعة على السلع المعدة للاستهلاك المحلي فوصلت قيتها الى 15% ،في حين تراوحت قيمة الضرائب المعدة لاعادة التصدير والتي جلبها الايطاليون بين 6،4 و2،11 % من قيمتها الاصلية.

  وكما ذكرنا سابقا فان اهم مرفأين لبنانيين في العهد الفرنجي تمثلا بطرابلس وبصور، ولم يكن فيهما على ما يبدو مراكز للضرائب على السلع المشرقية ،فالسلع القادمة الى صور كانت تخضع للضرائب في حصن هونين التابع  لملك القدس[112].

     التنظيمات التجارية :


[1] – هايد ، تاريخ التجارة في الشرق الادنى في العصور الوسطى ، تعريب احمد محمد رضا ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة ، 4اجزاء ،  ج1 ، ص 146

[2] – سلاجقة ، فاطميون ، ايوبيون ومماليك

[3]  – هايد ، تاريخ التجارة في الشرق الادنى في العصور الوسطى ، تعريب احمد محمد رضا ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1985 ، 4اجزاء ، ج 1 ، ص 149

[4] – زيتون عادل ، العلاقات الاقتصادية بين الشرق والغرب في العصور الوسطى ، دار دمشق ، دمشق ، 1098 ، ص 55 – 56

4-0Byrne , E. H. , Genosese Shipping in the twelfth and thirteenth centuries , Cambridge , 1930 , pp. 5-6

[6]  – هايد ، المرجع السابق ، ج 1 ، ص 146

[7] – المكان عينه

[8] – بالار ( ميشال ) ، ” الجمهوريات البحرية الايطالية والتجارة في الشام- فلسطين ، من القرن الحادي عشر الى القرن الثالث عشر ” ضمن كتاب الصراع الاسلامي – الفرنجي على فلسطين في القرون الوسطى ، تحرير هادية الدجاني شكيل و برهان الدجاني ، مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، بيروت ، 1994 ، ص 182- 183 

[9] – Ashtor , E. , A Social an Economic History of the Near East in the Middle Ages , London , 1977 , pp. 196, 353

[10]  – هايد ، ج 1 ، ص 146

[11] – بالار ، الجمهوريات البحرية ، ص 183

[12]   Cahen , C.,” Le commerce d’Amalfi avant pendant et apres la croisade “Comtes-rendus de l’Academie des Inscriptions et Belles Lettres , Paris , 1977 , pp. 29 – 31. , p. 295

[13] – بالار ، الجمهوريات البحرية ، ص 184

[14] – Recuil des Historiens des croisades , Lois , 2 T. , T.I , Assises de Jerusalem , publie par le conte

Deugnot , T.I , pp. 276 , 29.

[15] – Cahen , C. , Orient et Occident : au temps des croisades , Paris , Aubier , 1983 , p. 1.7

[16] – Ibid , p.p. 78 – 79 

[17] – Wiilliame of Tyre , A History of deeds done beyond the sea , II vols , translated by Bebcok and Kery , Newyork , 1943 , v I , p. 434 – 438 , 454 – 456

[18] – هايد ، ج 1 ، ص 152

[19] – Lamonte , J. L. ,Feudal monarchy in the Latin Kingdom of Jerusalem 11.. – 1291 , Cambridge , Massachusetts . 1932 , p. 264 – 265

[20]   Novar , Philip de , The wars , of Frederick II , against the Ibelins in Syria and Cyprus , translated by Lamont J. I. , New york , 1936 , pp. 136 , 144

[21] – William of Tyr, op. Cit 456

[22] – Novar , op. Cit. P 136

 [23] Lamonte , J. L., Feudal minarchy in the latin kingdom of Jerusalem , 11.. to 1291 , Cambridge , Massachusetts , 1932 , p 229

[24] –    هايد ، تاريخ التجارة ،  ج 1 ، ص 162

  [25] Lamont , feudal , p. 269

[26] – القطار، الياس ، المجتمع في صور في العهد الفرنجي ، ضمن كتاب وثائق المؤتمر الثاني لتاريخ مدينة صور ، 1998 ، ص 123

[27] Chehab,M., Tyr ‏à l’époque des croisades histoire religieuse et economique, ed. Maisonneuve, T2, Paris,1979,pp. 362-372 

[28] – القطار ، الياس ، المجتمع في صور ، ص 124 – 125

[29] – المكان عينه

[30] – القطار ، المرجع السابق ، ص 125

[31] – بما ان بحثي لا يتناول الا المدن اللبنانية فلن اتحدث عن الامتيازات التي نالها البيازنة في امارة انطاكيا التي فصلها كل من : Nicholson , R. . L. , Tancrad , Chicago , 194. , pp. 166.  و Lamonte , Feudal , p. 27. ، وهايد ، ج1 ، ص 154 – 155

[32] – لمزيد من التفاصيل انظر : زيتون ، العلاقات الاقتصادية ، ص 135

[33] – القطار ، المجتمع في صور ، ص 125

[34] – Lamonte , Feudal monarchy , p 269

[35] – القطار ، المجتمع ، ص 126

[36] – Chehab , Tyr , tII , p 362-372

[37] – زيتون ، المرجع السابق ، ص 137 – 138

[38] – القطار ، المجتمع ، ص 126

[39] – هايد ، ج1 ، ص 148 ، و زيتون ، المرجع السابق ، ص 137 – 138

[40] – القطار ، المجتمع ، ص 126

[41] –     – Lamonte , Monarchy , p 271

[42] – انظر ما سبق

[43] – هايد ، ج1 ، ص 155

[44] – هايد ، ج1 ، ص 157

[45] – Guillaume of Tyr , op. Cit. , I , 552 – 556 ، وليم الصوري ، تاريخ الحروب الصليبية ، ج1 ، 702 ، وهايد  ، ج1 ، ص 166

[46] – الصوري ،( وليم ) ، تاريخ الحروب الصليبية ، ترجمة سهيل زكار ، بيروت ، 199. ، جزءان ، ج1 ، 6.1 ، وانظر ايضا ،

Nicholson , r. l. , Tancred , Chicago , 1940 , p 113

[47] – Riley- Smith ,” Governent , in latin Syria and the commercial privileges of foreign merchants “, in the relathons beween east west , Edinburgh , 1973 , p 11.

[48] Richard , J. ,Le Royaume gatin de Jerusalem , Paris . 1953 , p. 225

[49] -Riley-Smith , The feudal nobility and the kingdom of Jerusalem 1174- 1277, London , 1973 ,pp. 67-68

[50] – ابن الاثير ، عز الدين ، الكامل في التاريخ ، ج9 ، ص 179-182

[51] – Riley-Smith , feudality , pp. 67-68

[52] – Novar , op. Cit. , pp. 205

[53] – هايد ، ج1 ، ص 17.

[54] – المكان نفسه

[55] -Lamonte , Feudal , p. 234

[56] – بلار ، الجمهوريات البحرية ، ص 194

[57] – Riley-Smith , nobility , p. 7.

[58] – Mayer , H. E., The crusades , Oxford , 1972 , p 175

[59] – Novar , op. Cit. , p 208

[60] – Brousset , R. , L’Empire du Levant , Payot , Paris , 1979 , p 53.

[61] – Flemhng , W, B. , The history of Tyr , Cogombia , 1915 , pp. 1.7- 11.

[62] – ibid

[63] – ابن بطوطة ، الرحلة ، ص 62

[64] – Mayer , Crusades , p 163

[65] – فهمي، نعيم زكي، طرق التجارة الدولية ومحطاتها بين الشرق والغرب، الهيئة المصرية العامة العامة للكتاب، القاهرة، 1973، ص 124 .

ضومط، انطوان، الدولة المملوكية التاريخ السياسي والاقتصادي والعسكري، دار الحداثة، ط1 بيروت، 1980، ص182

[66] – فهمي، طرق، ص 124

ضومط، الدولة، ص 182

[67] – لمزيد من التفاصيل انظر:                                                                                           Heyd, T I, p. 457, II p.58

Depping, Histoire du commerce entre le Levantet l Europedepuis les Croisades des colonies d Amerique, t II, Paris, 1865, pp. 76-77, 102-103

اليوزبكي، توفيق اسكندر تاريخ تجارة مصر في عصر المماليك، الموصل، مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر، 1975، ص 73-77

ضومط، الدولة، المملوكية، ص 184-189

[68] – ابن خرداذبه، المسالك والممالك، تحقيق محمد مخزوم، دار احياء التراث العربي، بيروت، 1988، ص74-76 

[69] – خسرو، سفر نامة، 46-47

الادريسي، ابو عبد الله محمد، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، طبعة نابولي-روما، ج2، ص137

[70] – خسرو، سفر، ص46-47

[71] – ابن جبير، محمد بن احمد، الرحلة، دار صادر، بيروت، 1983، ص227- 233

[72]  – والخان هو محطة تجارية للتجار الشرقيين، وهو يتألف من مجموعة ضخمة من الحوانيت والمستودعات التجارية، في وسطها بهو كبير مسقوف معد لحفظ سلع التجار. وفي الخان يرتاح التاجر ويريح دوابه، ويمكنه المبيت فيه، وان اراد اكمال رحلته مباشرة ان يفيد من سبيل الماء والحانوت الواقعين خارج الخان حيث يستطيع التزود بما يشاء. انظر ابن بطوطة، محمد بن عبد الله، تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاقطار، المطبعة الاميرية، القاهرة، 1923، ج1، ص 43.

ضومط، الدولة المملوكية، ص210-211   

[73] – ابن جبير، الرحلة، ص 272-274، 282

ابن بطوطة، عجائب، ص 62

[74] – المصدر السابق، ص 62

رانسيمانز، ستيفن، تاريخ الحروب الصليبية، ترجمة السيد الباز العريني، بيروت، 1967-69، ج3، ص61

Ziadeh,N, Urban life in Syria under the early Mamluk, Beyrut, 1953, pp. 135-136

[75] – الادريسي، ج1، ص358 -359

[76] – المصدر السابق، ج1، ص 365

[77] – المكان عينه

[78] – Heyd, t I, pp.459-460

Depping, T I, p. 96

Pirenne , H. , Histoire economique et sociale du Moyen-Age , Presse universitaire , Paris , 1969 , p 122

[80] –  Grousset , op. Cit. , pp. 323 – 324

[81] هو نبات طبي من فصيلة الزنجبيل

[82] – هي عشبة يستخرج من جذورها مادة عشبية تستعمل في صناعة الصوف والحرير

[83] – هايد ، تاريخ النجارة ، ج1 ، ص 176 – 177 و 188 – 189 و 191

[84] – دواء يستخرج من سم الافاعي

[85] – قصب يصنع منه الحصر

[86] – ابن خرداذبه ، المسالك والممالك ، تحقيق محمد مخزوم ، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، 1988 ، ص 62 – 63

[87] – الادريسي ( ابو عبدالله محمد ) ، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ، طبعة نابولي-روما ، دون تاريخ ، ج1 ، ص 64 – 66 ، 68 –69 ، 73 – 74 ، 77 ، 81 – 82 ، 84 ، 88 ، 91 – 92 ، 99

[88] – Prawer , J. , The latin , kingdom of Jerusalem , London , 1972 , p 393

[89] – زيتون ،  ص 172- 173

[90] – الطليطلي ، بنيامين ، رحلة الطليطلي ، ترجمة عازار حداد ، بغداد ، 1945 ، ص 92

[91] – زيتون ، المكان عينه

[92] – Riley-Smith , nobility , pp. 63-64

[93] – الطليطلي ، الرحلة ، ص 92 ،

– الادريسي ، ( محمد بن عبد الله ) ، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ، جزءان ، عالم الكتب ، بيروت ، 1989 ، ص 365 – 366

[94] – هايد ، تاريخ التجارة ، ج1 ، ص 191

[95] – Riley- Smith , nobility , pp. 64 – 65

[96] – Fleming , p 95

[97] – القطار ، ( الياس ) ، الحياة الاقتصادية في صور ، ضمن كتاب وثائق المؤتمر الاول لتاريخ مدينة صور ، 1996 ، ص 79

[98] – ابن بطوطة ،  ج1 ، ص 6.

[99] – الطليطتلي ، الرحلة ، ص 92 ، والادريسي ، نزهة ، ج1 ، ص 366

[100] – Chihab , op , cit. , p 34.

[101] – زيتون ، ص 178

[102] – Riley-Smith , nobility , p 64

[103] – Prawer , op, cit. , p 1..

[104] – Fleming , op. Cit., pp. 113-114

[105] – Prawer , op cit. P 1..

[106] – المقريزي ، ( تقي الدين احمد ) ، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، دار صادر، بيروت ، لا تاريخ ، جزءان ، ج1 ، ص 1.1 – 1.2

[107] – المقريزي ، ( تقي الدين احمد ) ، كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك ، تحقيق سعيد عاشور، القاهرة ، 197. ، ج1 القسم 2 ، ص 449 ، وايضا: الظاهري ، ( خليل بن شاهين  ) ، زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك ، تحقيق ، بولس راويس، باريس ن 1894 ، ص 41

[108] – ابن مماتي ، ( اسعد بن الخطير ) ، قوانين الدواوين ، جمعه وحققه عزيز عطية ، القاهرة ، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، ط1 ، 1991 ن ص 328 ، والمقريزي ، خطط ، ج1 ن ص 1.8

[109] – ابن مماتي ، ص 81 ن

[110] – المقريزي ، خطط ، ج1 ، ص 1.2 ، والظاهري ، ص 35

[111] – Riley-Smith , nobility , pp. 7.-72

[112] – ابن جبير ، الرحلة ، ص 1.2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *