جوانب من الحياة الاجتماعية في دمشق المملوكية

1382 – 1516م./  784 – 922                 

   لقد احتل بوجه عام التاريخ العسكري والسياسي وما يزال، مركز الصدارة في التأريخ لمختلف العصور والحقبات التاريخية للذاكرة العربية، واعتمد فيه على النمط التقليدي المبني على توالي العهود من دون الاخذ بعين الاعتبار التطور المنهجي المستند على المفاصل التاريخية لتحديد تطور مفهوم السلطة ايجابا او سلبا.كما لم يعن كفاية بالتاريخ الاجتماعي، الذي ظل يدرس بمقدار ما يتيحه المؤرخ السياسي والعسكري من مساحات ضيقة.او انه استند بشكل رئيسي على دراسة نظم الحكم كما صورتها كتب الادارة، من دون الاخذ بعين الاعتبار الواقع العملي الذي، يتباين ، احيانا، مع النظري.او صور هذا التاريخ على انه دراسة المباني على تنوعها. واضيف اليه احيانا وصف بعض المظاهر الاجتماعية كالحفلات او الاعياد وما شابه، من دون التطرق الى صلب التاريخ الاجتماعي كدراسة الفئات المكونة للمجتمع من حيث علاقة افراد كل منها في ما بينهم من جهة، وعلاقات الفئات كافة في ما بينهم من جهة ثانية. واذا كان التاريخ السياسي والعسكري يحدد المفاصل التاريخية ولكنه يصعب عليه توضيحها بمعزل عن قراءة متأنية للعوامل الاقتصادية والاجتماعية التي قد تكون احيانا في اصل تلك التحولات اوالعامل الاساسي في دفع التاريخ السياسي والعسكري وتوجيهه، فان التاريخ الاجتماعي يجهد لتوضيحها.    

      من هنا يعطي معظم المؤرخين اليوم اهمية قصوة للدراسات الاجتماعية الماضوية لاعادة تركيب الماضي بكل ابعاده بما في ذلك التداخل بين السياسة والاجتماع والاقتصاد .”لأن الزمان يكتسب فعاليته ويمر بتحولات طويلة او متقطعة ،او يستمر تراتبيا، من خلال الفعاليات البشرية. ومما يعانيه الانسان في مجتمعه وبيئته.”[1]

     يتكون المجتمع من اعداد من الناس تعيش على رقعة جغرافية محددة، لها عاداتها، وتقاليدها ، ونظمها، التي تشكل القواسم المشتركة في كل مجتمع، ويتفرع اناس المجتمع الى فئات متميزة من حيث العمل الذي يؤدونه ،وانماط العيش التي يمارسونها.

  ان هذه الخاصات ،على اهميتها، لا تؤمن آلية دراسة التاريخ الاجتماعي ،لان دراسة البنية الاجتماعية تؤمن هذه الآلية[2]، ولاسيما ان كل مجتمع يتألف من عدد من البنى الاحتماعية قد نجد بينها قواسم مشتركة و تباينا. وتتبدى صعوبة دراسة التاريخ الاجتماعي، في العصور الوسطى، اذا ادركنا ان البنية الاجتماعية هي مجموعة عضوية من التقارير الشديدة التماسك، في آن، اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا، واقل ما يمكن قوله فيها :انها تتكامل في تقليد، وفي نظام خلقي، وهي تحدث اعادات ولا تتجدد، لان الحدث التاريخي هو الذي يحدث التجديد والابداع، اذ يحول بعض البنى ولا يقضي كليا على تماسكها الداخلي .[3]

 على هذا، تصعب كثيرا دراسة التاريخ الاجتماعي في العصور الوسطى، لافتقارنا، في الشرق العربي والاسلامي، للتقارير الاقتصادية الدقيقة، ولاقتصار الحوليات على لمحات اجتماعية لان اصحابها اعتادوا التأريخ للخاصة من دون ايلاء العامة ما يستحق دورها من اهمية في تطور الاحداث. وقد ذللت بعض هذه العقبات بالاعتماد على يوميات المؤرخ الدمشقي محمد بن طولون الغنية باخبار العامة والاعيان و الخاصة على حد سواء. هذا فضلا عن مؤلفات اخرى، وان كانت اقل غنى، سيرد ذكرها في البحث.

     وترتبط دراسة التاريخ الاجتماعي بالتطور المدني اوانحطاطه ،ذلك ان انتشار الابنية  الحكومية ،او تلك التي تتم بأمر منها ،  وان كانت غايتها اجتماعية او دينية صرفة ، على نطاق واسع ،فضلا عن الابنية الخاصة التي تشيدها فئات المجتمع. ان كل ذلك يحدد مستوى التطور، كما ويصب في الغاية عينها ازدحام المدينة بالسكان ،وازدهار الحركتين الصناعية والتجارية، اضف الى ذلك مستوى الثقافة من حيث المدارس والمؤسسات الدينية المرتبطة بشكل ما بالثقافة

      ولا بد في دراسة التاريخ الاجتماعي من تحديد الفئات الاجتماعية من حيث مستوياتها ، وتحديد الظواهر الاجتماعية التي تخضع لها، ودراسة التطور البطيء او السريع لهذه الظواهر بهدف تحديد مستوى التطور ايجابا اوسلبا.ولا بد ايضا من القاء الضؤ على نظام الحكم ودراسة بنية العلاقة بين الحكام وفئات الشعب لما لذلك من دور اساسي في فهم الدينامية الاجتماعية.

  اولا خطط دمشق وابرز ابنيتها المملوكية :                                             

    1 – خطط دمشق: ان مدينة دمشق تمثل تراكما حضاريا بنائيا وسكانيا لا يمكننا تحديد تاريخ بداياته  بالضبط ، ويصعب في الوقت عينه اعطاء فكرة واضحة عن تطور خططها عبر العصور ، وساكتفي في هذا البحث بذكر خططها تبعا للمصادر المملوكية .

       تمركزت احياء دمشق على شارع رئيسي مستقيم في وسطها يربط بين بابين : شرقي  شرقا، والجابية  غربا ، ومنه تفرعت شوارع اخرى رئيسية مستقيمة  ينتهي كل واحد منها بباب.[4]والملفت للانتباه ان دمشق قد تكون المدينة العربية الوحيدة التي تفتقر الى شارع رئيسي آخر مستقيم يخترقها من الشمال الى الجنوب.[5]اما ابواب دمشق فهي بدورها نتيجة تراكم بنائي عبر العصور نشأ الواحد منها لضرورات امنية بالدرجة الاولى. وابوابها تحدد اوضاعها الامنية والتجارية والاجتماعية، وقد جاءت على الوجه الآتي:الصغير ويقع جنوبيها[6]، وكيسان وهو ايضا في جنوبيها[7]0ولها في شرقها بابان: باب شرقي، وباب توما[8]، ولها في الشمال ثلاثة ابواب:السلام وسمي كذلك لصعوبة دخول الاعداء الى المدينة من خلاله لانه يؤدي الى منطقة كثيرة الغابات والانهار[9]والفراديس والفرج[10]، وفي الغرب باب النصر او الجنيز وباب السر[11].وكان يحيط بالمدينة سوران:الاول خارج الخندق ويبلغ ارتفاعه حوالى ثلاثين ذراعا، والثاني داخل الخندق بارتفاع حوالى اربعين ذراعا[12].وفي السور اربعة ابواب صغار تفتح عند الحاجة ينفتح كل منها على ” باشورة” وهي طريق صغيرة فيها منعطفات تعرقل دخول الاعداء، وهي كالسوق مليئة بالحوانيت، ولها بابان احدهما داخلي والآخر خارجي[13].

    ان كثرة الابواب الرئيسة تدل على تطور الحركة البنائية في المدينة لانها لم تنشأ جميعها دفعة واحدة بل جاءت تراكما عبر العصور، كما تدل ايضا على تطور ديموغرافي – سنعود للحديث عنه – خصوصا اذا ادركنا ان بعض الابواب كانت له ثلاثة ابواب فرعية مثل باب الجابية وباب شرقي، وقد خصص الباب الفرعي الاوسط للمشاة ، وآخر لمن يشرق بدابته والاخير لمن يغرب بدابته حتى لا يلتقي راكبان[14]، ما يدل على ان هذه الابواب الداخلية لم تكن واسعة ربما لضرورات امنية.وتكمن اهمية هذه الابواب التي اربت على العشرين بابا في انها شكلت المنطلق الرئيس لاسواق المدينة كلها التي شيدت على اطرافها، وعلى شوارعها الفرعية وصولا الى الازقة، وبالتالي يمكن تصور الرسم المديني لدمشق من حيث الكثافة في الشوارع الرئيسة، والمتوسطة، والفرعية والازقة.ما يدفعنا ، باستنتاج اولي، الى القول انها مدينة كانت زاخرة بالحياة.

2 – اسواق المدينة:  وانتشرت على طرفي الشارع الرئيسي الاسواق المركزية ،والمساجد الكبرى ،والحمامات العامة الرئيسية .[15] في حين توزعت على اطراف الشوارع الرئيسية المنطلقة من الشارع المركزي الانشطة التجارية والحرفية لكل حي ، اضافة الى حماماته ومساجده .[16] وتوزعت من هذه الشوارع، وهي بوجه عام شوارع ضيقة نسبيا لانها رافقت المدينة منذ نشأتها ولم تطور، شوارع اخرى اقل اتساعا خصص وسطها للفرسان واطرافها للمشاة، فجاءت احياء متلاصقة انتشرت فيها المحلات [17]، ومنها توزعت الحارات الشعبية المكتظة بالسكان [18].وانتشرت في كل حارة ازقة شيدت عليها ابنية شعبية تفتقر الى ابسط الشروط الصحية .انطلقت جميعها من شارع الحارة الرئيسي المعروف بالسويقة الذي يحوي الحمام العام ،والفرن ، والمسجد ، والحوانيت التجارية والحرفية [19].

      ويمكننا من خلال المصادر المملوكية تعداد ما يربو على العشرين سوقا متخصصا لعل ابرزها:الحرير، الدهشة ( الثياب الجاهزة)- وهو امر ملفت للانتباه انذاك ويدل على بحبوحة عند بعض السكان- الكوفيين، الذهبيين، الوراقين، الذراع، السرامجيين ( الاحذية)، السلاح، الوراقين، السقطية ( الالبسة المستعملة)، البزوريين، القطانيين، الجواري والرقيق، جقمق – نسبة الى السلطان الظاهر جقمق وكان مخصص لبيع الثياب- السروجيين، اللحامين، الخيل…[20]ان اهمية تعداد هذه الاسواق تكمن في اختصاصاتها، وهي تدل اولا على تفرع طبقي ان جاز التعبير تبعا لاختصاص كل من الباعة، وعلى التجانس في ما بين باعة كل سوق. ما يدفعنا للاعتقاد ان سمة ظاهرة اجتماعية بمعناها العلمي يخضعون لها جميعهم، وبالتالي يؤلفون فئة اجتماعية لها عاداتها وتقاليدها الخاصة.وتدل ثانيا، على رغم تمايز كل فئة، خضوعهم جميعهم الى عرف عام اوتقليد يحكمهم جميعهم بانتمائهم الى الباعة.ويدل ثالثا على مستوى تعامل كل فريق ، تبعا لاختصاصه، مع نوع من الزبائن، وبالتالي على تمايز اجتماعي من حيث لا يدرون.ويدل رابعا على مستوى الدخل الذي ينعكس على مستوى الحياة الاجتماعية، على الاقل من حيث السكن، خصوصا ان بعض هذه الاسواق اقيم على حدود الحارت، وسنلاحظ لاحقا ان الحارات ، بوجه العموم كانت مقفلة بوجه الاغراب.

   3 – حارات دمشق :وعلى ذلك، يمكن الانطلاق الى دراسة المحلات والحارت الدمشقية لارتباطها بشكل وثيق بالاسواق وبفئات الناس الاجتماعية، لا سيما ان كل محلة تفرعت الى عدد من الاحياء والحارات.اما ابرز الحارات الدمشقية التي وفرتها لنا المصادر التي اطلعنا عليها فهي:الصالحية، الجسر الابيض، الميدان، برج الروس، الربوة، الخلخال، المنيع، والشرفان،[21]القصاعين، مسجد القصب، حجر الذهب، العقيبة [22]. اما احياء دمشق فهي كثيرة جدا سنذكر بعضها مثل: السنانية، باب البريد، المناخية، الشاغور، العمارة، ومسجد القصب، السويقة، المصلى، ميدان الحصى، القبيبات، القراونة، المزار، المزابل، العقيبة…[23]

       والسؤال المطروح :هل كانت جميع محلات المدينة متشابهة ؟ من العسير ان نجيب عليه لان المصادر لم توفر لنا معلومات كافية، بل لمحات.ويمكننا من خلالها تبيان التمايز بين الشعبي، وبعض المحلات التي سكن فيها المماليك من دون غيرهم، وبالتالي فقد كانت مميزة من غيرهاعلى الاقل بامرين: نوعية المساكن والابنية الاخرىمن حيث  الهندسة البنائية والفخامة، ونوعية السكان التي اقتصرت بوجه العموم على المماليك الذين تميزت عاداتهم وتقاليدهم من السكان الاصليين.مثلا كان الشرفان مخصصا للفئة العسكرية الحاكمة، وهو قسمان: الاعلى، والادنى.كانت تنشرت في الاعلى قصور الامراء ومساكنهم، وكان يعرف ايضا “بدار الامراء” وفيه ايضا مدارس ومساجد[24]، وتوزعت في الشرف الادنى قصور للنزهة، وعدد من المساجد من ابرزها جامع تنكز[25]وعدد من المدارس، والعمائر، والمحلات العامرة، والخوانك[26].وكان الشرفان يطلان على الميدان، وعلى منتزه الشقرا[27].وكانت الربوة، الواقعة في سفح جبل قسيون والمشرفة على الغوطة، ايضا مسكن الامراء” لان فيها القصور والمباني الشريفة[28]، وتعني كلمة “شريفة” سلطانية، ونتساءل بالتالي هل كانت تلك الابنية ملكا للسطان، وسمح لبعض الامراء السكن فيها ؟ او انه كان يستغلها ؟ وكان فيها عدة مساجد احدها مسجد خطبة[29]، وفيها ايضا اطباق ( ثكنات للماليك السلطانية)، ومرابط للدواب، وسويقتان، وحمام فريد من نوعه على حد تعبير ابن كنان[30].

     لا يمكننا دراسة جميع محلات دمشق بالتفصيل لان ذلك يتطلب مجهودا جبارا، ويحتاج لكتاب وليس لبحث، انما الغاية من هذه العينة الوصول الى التمايز الاجتماعي بين السكان الاصليين في دمشق وحكامه المماليك0لان المحلات الشعبية كانت كثيرة، وخالية من القصور، ومكتظة بالسكان، وتتفرع الى عدد من الاحياء انغلقت على نفسها، خصوصا ان جميع اسواق المدينة كانت مسقوفة تتيح فسحة محددة من الضؤ كافية لانارة السوق، وباكتظاظ المحلات بالحارات غدا النور غير كاف وبالتالي خافتا.

       وبدت دمشق داخل سورها مجموعة حارات مستقلة، وكأن الواحدة منها قرية صغيرة مستقلة بمساجدها، وحماماتها، وسقاية الماء فيها[31].وجاءت ابنيتها متلاصقة، تمد افقيا، ويرجح الكيال اسباب ذلك لعدم الاطمئنان ولاتساع الرقعة الجغرافية[32]، وتنعدم فيها النوافذ والشرفات وقد يكون مرد ذلك الى نظرية الحلال والحرام في الاسلام. وتألف الحي فيها من عدة بيوت شيد لها باب خارجي مشترك يقفل في المساء وايام الاضطرابات، ويتوسطه باب خوخة ( صغير) يعبر منه سكان الحي كل الى داره.[33]ويرجع اسباب تلاصق الابنية الى ان رغبة رئيس الاسرة بان يسكن ابناؤه واحفاده في المنزل عينه، وكلما ضاق المكان بهم اضافوا اليه غرفا حتى بات المسكن داخلا في بيوت الجيران[34].واذا اضفنا الى ذلك النمو الديمغرافي ادركنا بوضوح تحول تلك البيوت الى اكواخ.

   وكان الحي من حيث بناؤه عبارة عن تشكيل من الابنية غير المتوازية وغير المتوازنة  ايضا من حيث  التصميم الهندسي ، بعضها ترتفع جدرانه الى اكثرمن طبقة والبعض الآخر يشبه الاكواخ ان لم يكن عبارة عن مجموعة من الاكواخ مظلمة يتسرب اليها الهواء عبر الازقة وممرات منخفضة معتمة.[35]وتميزت ازقة دمشق بأنها كانت مرصوفة ولكل واحد منها رصيفان خصصا للمشاة،ويمر بينهما الراكبون[36].لقد شكل الحي وحدة ادارية مستقلة على مستويين حكومي ومحلي اي شعبي.

       اما على الصعيد الاداري المحلي فقد ترأس الحي شيخ يعينه نائب السلطان المملوكي في نيابة دمشق من اجل حسن سير الاعمال المنوطة بالحي :حفظ النظام ،تمثيل الحي في المناسبات العامة التي تقتضيها الدواعي السياسية والاجتماعية في المدينة ، مساعدة الشرطة في تنفيذ مهامها ،او تولي هذه المهام بنفسه ، كجمع الضرائب القانونية وغير القانونية مثل الرمي او الطرح [37]. لان الاحياء قد انتظمت في مناطق منعزلة ومنطوية على ذاتها لا يتمكن الغرباء من الدخول اليها ، ولاسيما انها كانت متداخلة فيما بينها في حياتها العادية ، كما انها تتآزر ابان الاضطرابات العسكرية ،وتدافع جميعها بعضها عن البعض الآخر اذا تعرض احدها لاي اعتداء خارجي [38]. وكل حي انغلق اجتماعيا وسكانيا على نفسه فقط ابان الاضطرابات العسكرية والفتن الداخلية [39].

      وهكذا يتبدى التمايز واضحا بين محلات التي سكنها الحكام المماليك بابنيتها الفخمة والمشرفة على المناظر الخلابة، وغير المكتظة بالسكان، والمحلات التي سكنها العامة في دمشق.ويصعب علينا دراسة الابنية التي شغلها رجال الدين لان المصادر لا توفر لنا معلومات كافية.وثمة ظاهرة اخرى مهمة توضح لنا التطور الديموغرافي لدمشق وهي تتمثل بعدة امور:تطور حركة البناء، وفرة عدد المدارس والمساجد والجوامع، وتنامي عدد الحمامات.وان كنا لن ندرس كل ذلك في هذا البحث، ولكننا سنعطي فقط فكرة عن عددها الذي يعكس بشكل تقريبي عدد السكان. فقد بلغ عدد المدارس كما ذكرها ابن كنان 111 مدرسة توزعت على المذاهب السنية الاربعة[40].وقد اورد منير الكيال ان عدد الحمامات في دشق على عهد ابن عبد الهادي المعاصر لاواخر الدولة المملوكية بلغ 167 حماما عدا حمامات الغوطة[41]، وذكر ابو علي الاربلي المتوفي عام 726 / 1326 ايضا ان تعداد حمامات دمشق بلغ خمسة وسبعين حماما.واذا سلمنا بصحة هذه الارقام تكون دمشق المملوكية قد زادت حماماتها على ما يربو على الضعف ما يعكس تطورا ديموغرافيا وبنائيا ملحوظين، لان الحمامات الخاصة كانت قليلة جدا انذاك.

       ولا يمكننا اغفال قلعة دمشق لانها كانت مركزا حكوميا مهما، ويعود بناؤها الى العهد السلجوقي بحيث شيدها اتسز بن اوق الخوارزمي المتوفي عام 471 / 1078م.[42]وكان فيها خمسة ابواب:الجديد، السر، النصر، السلامة، والفرج[43]، وجميع هذه الابواب شيدت في العهدين السجوقي والايوبي.وكان يحيط بالقلعة خندق دائري عمقه خمسين ذراعا يحميها ابان الحصار جرت اليه المياه من نهر بانياس على جسر عريض محفور ومخفي[44].ويحيط بها سور ايضا فيه ابواب تفتح عند الحاجة فقط، على كل واحد منها مئذنة لجامع، وينفتح الباب على باشورة انتشرت عليها الحوانيت، وضمت القلعة ايضا حمام وطاحون – ما يدل على قلة عدد المماليك فيها- ودار للضرب، ودور حواصل، ومخازن لمختلف انواع العتاد، وآبار.ما يمكنها ابان الحصار من الاكتفاء الذاتي ولمدة طويلة[45].وبالتالي شكلت مجتمعا مملوكيا خاصا انغلق على ذاته الى حد، خصوصا اذا ادركنا انه كان يمنع على نائب القلعة ومساعديه الاساسيين الاتصال باي شكل من الاشكال بنائب دمشق، كما كان يمنع على اي كان الدخول اليها الا بمسوغ قانوني.ولا ندري بالضبط اذا كان الامر عينه فرض على الاجناد فيها وان كنا نرجحه.

   2 – تطور حركة البناء : شهدت دمثق المملوكية  تطورا ملحوظا على هذه المستويات ، فعلى صعيد الابنية الحكومية تم بأمر من السلطان بيبرس بناء القصر الابلق غربي المدينة  سنة 659/1260م [46]، وشيد نائب دمشق عز الدين ايدمر بناء على رغبة السلطان السعيد بركة خان المدرسة الظاهرية بالقرب من الجامع الاموي [47]. كما شيد نائبها تنكز سنة 739/ 1339م. خارج سور المدينة دارا لتعليم الحديث النبوي الشريف، ومسجدا ،[48]وكان الامراء يتقربون من الناس بتشييد المباني الدينية كبناء الامير مكي بن حيوط مسجدا شرقي الشويكة في وسط بستان واوقف عليه ” جهات عديدة ” [49].وانتشرت اسماء السلاطين المماليك ونوابهم في دمشثق منقوشة على عدد كبير من الابنية خصوصا خارج اسوار المدينة[50]. مما يدل على ازدياد في عدد السكان، قد لا يكون التزايد السكاني بهذا الشكل ناتجا عن تطور طبيعي داخل المدينة، انما ايضا عن هجرة سكانية من الارياف الى المكدن بشكل عام نتيجة لسؤ استغلال الارض المرتبط اساسا بالانحطاط الذي اصاب النظام الاقطاعي.[51] وعن انتشار الابنية الخاصة والحكومية خارج اسوار المدينة وفي داخلها.

   ان هذا الامور توضح بدون ادنى لبس ان دمشق تطورت سكانيا وعمرانيا بشكل ملحوظ ،ويزيد في قناعتنا هذه ما اورده العمري عن ازدياد عدد الاجناد بدمشق ، وقد ادت حاجاتهم للوازم الخيل وغير ذلك الى نشوء الاسواق المتخصصة، فاتسعت الاسواق وما عادت قادرة على استيعاب الطلب ،فانتقل المختصون ببيع لوازم الخيل الى خارج المدينة حيث اقيم سوق الخيل ،وتبعهم اصحاب بعض حوانيت الخضار والمواد الغذائية الاخرى فصار يقام بقرب السوق المذكور سوق خاصة عرف باسم ” دار البطيخ “.[52]ومما يعزز الرأي بتطور المدينة السكاني والبنائي ما اورده كل من “سوفاجيه “وابن بطوطة،فيتحدث الاول عن انشاء ضاحيتين جديدتين السويقة في الجنوب الغربي ،وسويقة ساروجا في الشمال [53].ويصف ابن بطوطة ضاحيتين جديدتين شيدتا في العصر المملوكي:الربوة الواقعة في اسفل جبل قاسيون” وبها القصور المشيدة والمباني الشريفة”[54]وتعبير المباني الشريفة هي صفة المباني السلطانية مما يدفعنا للاعتقاد اما ان السلاطين ساهموا بانشائها او انها اوقفت لصالحهم على غرار الاراضي الاقطاعية. والضاحية الثانية هي الصالحية التي شيدت خارج” باب شرقي” بدمشق وهي مدينة “عظيمة” على حد تعبير ابن بطوطة فيها سكك واسعة ومدرستان،[55]وصار فيها في اواخر العهد المملوكي سبع دور للحديث، وستة عشر رباطا، وثمان وثلاثون حارة وواحد وسبعون مسجدا.[56]          

   ان هذا التطور الملحوظ لم يرافق دمشق المملوكية عبر كل تاريخها ، فهي تعرضت لازمات متعددة احيانا متسارعة واحيانا اخرى متباعدة ، نتيجة التكوين الاجتماعي من جهة ، او بسبب اعتداء خارجي من جهة ثانية . فالحالة الاولى تكررت مرات عديدة وفي ظروف متقاربة من حيث علاقة الحكام بافراد الشعب على مختلف فئاتهم ، او من حيث علاقة هذه الفئات بعضها بالبعض الآخر. اما الحالة الثانية فليست سوى تغيير شبه جذري نتج من تعرض المدينة لغزوات المغول خصوصا غزوة تيمور سنة 1400م. التي ادت الى تهديم للبنى الاجتماعية والاقتصادية.[57]

 ثانيا :  البنى الاجتماعية  ان التاريخ الاجتماعي يأخذ بالاعتبار المجموعة الكلية للتكوين الاجتماعي ،ومن الصعب تحديد اطره ومعناه التام الا بدراسة، او التطرق الى جميع الاطر المعنوية المتعلقة بمختلف المجموعات، اضافة الى دراسة علاقة الفرد بالجماعة. وبما انه يتعذر علينا دراسة علاقة الفرد بالجماعة، بسبب قلة الوثائق، سأتناول في هذه الدراسة، حركية كل فئة اجتماعية، وبنيانها وعلاقة الفئات الاجتماعية بعضها بالبعض الآخر بحسب ما توفره المصادر التاريخية .

    ان من المبادىء الاساسية في التاريخ الاجتماعي تحديد المبدأ المنظم للمجتمع ، وبالتالي تحديد الفئات في التفرع الطبقي التي منها نحصل على المبدأ المنظم للمجتمع، الذي منه تنتج البنى، وكذلك العلائق بين الفئات الاجتماعية التي ستكون جد مختلفة[58]. واعتمدت على الوظيفة مبدأ للتفريع الطبقي او المبدأ المنظم.

    كان المجتمع المملوكي طبقيا – ان جاز التعبير كون الموضوع يرتبط بالعصور الوسطى ولأن استعمال ” طبقة ” مصطلح حديث- جامدا الى حد بعيد، وغالبا مغلقا، بحيث لم ينظر لحقوق الفرد فيه الا من خلال انتمائه الوظيفي – وظيفي بمعناها الواسع -. وكانت هذه الفئات ( الطبقات ) متفاوتة من حيث الدخل، والطمأنينة، والاستقرار واشتغال المناصب الحكومية والدينية والاقتصادية والاجتماعية.

     قسم المقريزي المجتمع المملوكي الى سبع فئات :      

  -ارباب الدولة.

  • مياسير الناس من التجار والفقهاء والمتعممين.
  • متوسطو الحال من التجار والباعة واصحاب المعاش والسوقة .
  • الفلاحون من اهل الزراعة .
  • سكان الارياف والقرى .
  • ارباب الصناعات والحرف البسيطة .
  • والمعدمون [59].

 ان هذا التوزيع العام الذي اورده المقريزي يشمل كل المجتمع المملوكي، اما في المدن، وخصوصا في بلاد الشام، فيمكن اعتماد تفريع آخر ينبثق من توزيع المقريزي يأخذ بالاعتبار خصوصية المدينة والتجانس الاجتماعي الاكثر شمولا، فيصبح على الشكل التالي: الطبقة العسكرية الحاكمة، الاعيان الذين يضمون رجال الدين والتجار وارباب الصناعة، او ما يطلق عليه بياض العامة، وسواد العامة، اضافة الى الزعر والارذال والاوباش. وكان سكان دمشق يتألفون من غالبية عربية كبرى، اضافة الى عدد من اجناس مختلفة وفدت اليها عبر تاريخها مثل بربر شمال افريقيا خلال العهد الفاطمي، والتركمان في العهد السلجوقي الاتابكي، والاكراد في العهد الايوبي واستمروا يشكلون اقلية[60]. هذا اضافة الى الشعوب المغلوبة من المناطق المجاورة خصوصا من تلك التي تعرضت للغزو المغولي ولا سيما العراق، كما لجأ الى دمشق طائفة دينية كبيرة العدد من المغاربة لاسباب دينية[61]

    1 – الطبقة العسكرية الحاكمة : شكل السلطان وامراؤه واجناده طبقة عسكرية حاكمة مغلقة عن الشعب. وحدد الانتماء اليها بشروط لم تتوفر بالسكان الاصليين: كالعرق، اي ان يكون مولودا خارج الاراضي المملوكية في الشرق العربي والاسلامي وبالتحديد في السهوب الآسيوية الاوروبية الممتدة من آسيا الوسطى حتى البلقان والبحر الادرياتيكي.[62]، والرق[63]، واجادة اللغة التركية لان المماليك كانو يتحدثون بالتركية في اجتماعاتهم ومجتمعاتهم[64]. وقليلون منهم من اتقنوا العربية ،لا بل ان بعضهم لم يفقه منها شيئا[65]. و التربية في الطباق ( الثكنة العسكرية )، و العتق ، و التدرج بالامرة[66]. وانحصر تزاوج امراء المماليك اما من نساء تركيات جيء بهن خصيصا لهذه الغاية، او من بنات امراء المماليك، وقليلون منهم من تزوجوا من بنات مياسير التجار او بنات المتعممين[67]. وكانت جميع اسماء الامراء تركية ، ولم يجرؤ احدهم الخروج على هذه القاعدة مخافة القتل او العزل، فالسلطان جقمق ( 1438 -1453م.) اراد ان يسمى محمدا تيمنا بالرسول (ًصلعم ) ولكنه خاف العزل فتسمى جقمق محمد[68]. انما حق لهم بالالقاب الدينية مثل ركن الدين او عز الدين… وانفرد المماليك بلبس ثياب مميزة مطرزة الكمين تمييزا لهم من افراد الشعب.[69]وارتدوا قباء طويلا ينتهي بأكمام ضيقة ، واعتمروا كلوتة صفراء من دون عمامة، وشدوا على خصورهم احزمة من القطن البعلبكي ، وتميزت ايضا ثياب الامراء من ثياب الجند[70].

 ومن مميزات الطبقة العسكرية الحاكمة اقتناء الرقيق وركوب الخيل الذي لم يجز ركوبها[71]لغيرهم، وعلى رغم اسلامهم فلم يقض الامراء في ما بينهم بالشرع الاسلامي بل ب”الياسة او اليسق ” وهي مجموعة القوانين المغولية التي اصدرها جانكيز خان ( 1206 – 1227م.)[72]. وحاز المماليك وحدهم ، سلطانا وامراء واجنادا ، الاقطاعات الزراعية وشاركهم بقسم ضئيل نسبيا بعض المتعممين ممن اشرفوا على المؤسسات الدينية والتربوية والاجتماعية[73]، كما توزعوا في ما بينهم المرافق الاقتصادية العامة الاخرى ولا سيما الجمارك التي حازوا عليها عن طريق الاقطاع.

 ان هذه المميزات تشمل كل المماليك خصوصا في القاهرة وهي تنسحب على تواجدهم في كل المدن ، لان نائب السلطان في نيابته شكل سلطانا مصغرا ، وتميز بخاصات السلطان من حيث الصلاحيات وبيوت الخدمة، انما على مستوى ادنى ، فالاول كانت تنعت بيوت خدمته بالشريفة والثاني بالكريمة .

   11 – وظائف الطبقة العسكرية الحاكمة في دمشق :

   عاش بدمشق عدد كبير من ارباب السيوف كان نائب السلطان اعلاهم رتبة، يعينه السلطان بمرسوم شريف ويعبر عنه، لاهميته، بكافل السلطان ويخصص بألقاب ونعوت لم يسمح بها لغيره،[74]كانت تزين كل احياء المدينة وحاراتها لدخوله اليها ، بحيث يطوف حول قلعتها سبع مرات ، ويصلي ركعتين عند باب السر[75]. ومن ثم يتوجه الى مقره في دار السعادة[76]. وللدور الديني اهمية اساسية في تولية النائب كون الدولة اسلامية، خصوصا ان  السلطان يستمد شرعية حكمه من الخليفة وقضاة القضاة و العلماء والفقهاء، لذلك كان النائب يخلع الخلع على قضاة القضاة الاربعة بدمشق في دار العدل[77] تعبيرا عن اقراره بدورهم في الحياتين الدينية والاجتماعية وان نظريا.

 تمتع نائب دمشق بصلاحيات واسعة جدا من حيث التوظيف والعزل، ومنح الاقطاعات.[78]وتوجب عليه اداء مهام ادارية وامنية وسياسية واجتماعية ودينية.[79]وتمتع بمنازل خدمة كريمة على غرار منازل الخدمة الشريفة السلطانية: فكان له دوادار، وخزندار، وامير مجلس، وامير آخور، وشاد الشرابخاناه، ومهاتر البيوت…[80]

 وعاش في دمشق الى جانب نائبها ثمانية امراء مئة مقدمو ألوف[81]، واحد وعشرون امراء اربعين او الطبلخانة[82]، واثنان وعشرون امراء عشرين، وواحد وخمسون امراء عشرة، وثلاثة وعشرون امراء خمسة. عدا عن مقدمي الحلقة واجنادها الكثر، والعديد من الموظفين لا يسعنا ذكرهم جميعهم كي لا يغدو الموضوع دراسة في الادارة المملوكية[83]. نذكر منهم:امير حاجب وهو مقدم ألف، ويلي نائب دمشق رتبة وينوب عنه اثناء غيابه، واستادار[84]، ونقيب الجيش[85]، والمهمندار، وشاد المهمات، ووالي الشرطة[86] ونائب القلعة الذي لم يكن لنائب دمشق سلطة عليه[87]، واتابك العسكر ( قائد الجيش ) وبالتالي نشأ نظام عسكري بيروقراطي لتلبية رغبات السلطان من جهة، وحاجات النائب شبه ال مستقلا من جهة ثانية. وتوزعوا الوظائف الاساسية، والاراضي الزراعية بنيابة دمشق اقطاعات كل على قدر الوظيفة التي يشغلها، وحصلوا ايضا على المعاصر المتنوعة و الطواحين وما الى ذلك من المرافق الاقتصادية. وبالتالي فقد اربتطت بهم فئات المجتمع بطريقة مباشرة خصوصا من استخدم من المتعممين في الادارة _ سيأتي الحديث عنهم بدراسة المتعممين- ، واحيانا اخرى غير مباشرة، وكانت تلك العلائق فوقية لصالح الطبقة العسكرية الحاكمة، حتى ان الصراع بين افراد هذه الطبقة اثر سلبا على تطور الحياة الاجتماعية الدمشقية، ناهيك بنهمها للمال غير المرتوي وهو اقتضى من الفئات الشعبية بكل مستوياتها تلبيته.

 واذا علمنا ان مقدم الالف حق له باقتناء من ماله الخص مائة مملوك وقد تجاوز هذا الحق الى مئة وعشرين، واجيز لأمير الطبلخاناه باربعين، وجوازا بسبعين او ثمانين، وهكذا نزولا حتى امير خمسة، ادركنا العدد الكبير لمماليك الامراء، ومن جهة ثانية كان في دمشق عدد من الطباقات مما يدفعنا للاعتقاد انه كان يعيش فيها عدد من المماليك السلطانية ممن يأتمرون بالسلطان فقط او من ينيبه عنه، هذا اضافة الى اجناد الحلقة. وتأمينا لسلامة الاوضاع فيها، وخوفا من الانقلابات العسكرية، عمد السلاطين الى تدابير احترازية: فمنع نائب القلعة، المعين من قبل السلطان، تسليمها او الاجتماع بنائب دمشق الا بامر سلطاني. وكان السلطان يرسل الى دمشق دوداره الثاني رقيبا على نائبها، وغير ذلك من الموظفين العسكريين المخلصين له. وبالتالي تضاربت مصالح العسكريين الاداريين العسكريين وتصارعوا في ما بينهم، صراعات غير منتهية اجمالا، ما اثر سلبا على اوضاع الناس الامنية والاقتصادية تنعكس باستمرار والاجتماعية.

شكل هذا العدد الكبير من رجال السيف فئة( طبقة) اجتماعية مميزة جدا عن ابناء البلاد، وتدرجت نسبتها الاجتماعية والاقتصادية تبعا للمناصب من اعلى الى اسفل بدءا بنائب المدينة، فامراء المئة نزولا حتى الاجناد. وهو تفرع اسروي الى حد، فكل امير شكل بجهازه الاداري والعسكري نوعا من اسرة قائمة بذاتها لانتماء مماليكه اليه وحده بثلاث روابط على الاقل:الرق، والعتق، والوظيفة، وارتبط به اسرهم، والعاملون في اقطاعاته المتنوعة. وعلى الرغم من انتماء افراد الطبقة العسكرية الحاكمة بدمشق الى رجال السيف، فانهم لم يكونو متجانسين من حيث وظائفهم وانتماآتهم، فبعضهم ارتبط بالسلطان مباشرة والبعض الاخر بنائب المدينة، ما ادى الى تمايز وظيفي، حتى ان بعضهم استغل ارتباطه بالسلطان وتجاوز كل الحدود[88].ان كل ذلك جعل الفئة العسكرية الحاكمة بدمشق وحدات شبه مستقلة، ومرتبطة في آن بغيرها من حيث الوظيفة ونمط الحياة العام.

  12 – ثراء الطبقة العسكرية :هيمن المماليك بسلطتهم السياسية والادارية والاقتصادية شبه تامة على الحياة المدنية جعلت الدمشقيين ينصاعون قسرا لهم، بما في ذلك ارباب الاقتصاد كالتجار وارباب الصناعة، طلبا للحماية. ومع ذلك لم تتوقف الصراعات في ما بين المماليك بغية الحصول على اكبر قدر ممكن من الثراء والنفوذ. وقد يجد الباحث عذرا لهذه لهم لو لم تكن امكاناتهم المادية هائلة، فالمصادر المملوكية تحدثنا عن ثراء الامراء بما يعيد الى الاذهان اساطير ألف ليلة وليلة. واليك بعض النماذج: عندما توفي الامير سلار ترك كنوزا مذهلة ذكر ابن اياس بعضا منها: خمسة وعشرين رطلا احجار كريمة من زمرد وياقوت، وثلاث مئة قطعة ألماس، ومئة وخمسين حبة لؤلؤ كبيرة زنة الواحدة منها مثقالا، ومئتي ألف دينار ذهب عين، واربع مئة ألف دينار من الفضة، واربعة قناطير من المصاغ الذهبي، عدا عن الخيل و غيرها من الماشية. ويزعم ابن اياس ان دخله بلغ من اقطاعاته وحماياته مائة ألف دينار.[89]وبلغت قيمة اموال نائب الشام التي صادرها السلطان الناصر محمد بن قلاوون ( 1309 _  1340م.) حوالى المليون ونصف المليون من الدنانير الذهبية .[90]ووزع الامير قوصون المعين نائبا على الشام النفقة على غرار السلاطين، منها ثمانين جارية، واثني عشر ألف اردب غلة[91]، وكثيرا من الذهب و الجواهر. ولكثرة عطاءاته توجس السلطان منه خيفة فاوقع به، فصادر له العامة اربع مئة ألف دينار ذهب عين، وعددا كبيرا من الكلفتاه المزركش والاواني الفضية والذهبية، فضلا عن ثلاثة اكياس اطلس كبيرة مليئة بالجواهر قدرت بمئة ألف دينار[92]. وقد احصي ما تركه “تنكز”الذي حكم الشام بضع سنوات مليونين وسبع مئة ألف دينار، وسبع مئة وثلاثين ألف درهم فضي فضلا عن المجوهرات.[93]

 لعلها ارقام مبالغ بها، وهي مستقاة من مؤرخين مملوكيين ثقة ويتحدران من الطبقة العسكرية الحاكمة[94]، انما تدل على مدى الثراء الفاحش للطبقة العسكرية المملوكية الحاكمة، التي لم يكن لها مبرر لظلم الفئات الشعبية، بخاصة انها جمعت بعض ثروتها ظلما.

  وقد انصب اهتمام المماليك على تنظيم الجيش وتدريبه وتأمين رفاهيته، من تحصيل الضرائب. ولم الحكومة المركزية مسؤولة عن الخدمات المدنية التي اضحت، عرفا، على عاتق نائب المدينة بشكل رئيسي، وبدرجة اقل على الامراء الكبار فيها، فهي ارتبطت بهمتهم وبقدر حاجتهم للتقرب من الشعب، وبمقدار ضعوط الشعب عليهم بقيادة بعض رجال الدين، او باعمال الشغب المشروعة _ ان جاز التعبير _ كالتكبير في المساجد، او التظاهر مكبيرين في الشوارع الرئيسية.[95]

وهكذا انفصل رجال السيف عن ابناء البلاد بنظمهم وعاداتهم واخلاقهم وممارساتهم المجحفة بحق الرعية، وشكلوا فئة اجتماعية سياسية عسكرية مغلقة عن الدمشقيين. وكانت آليتها الداخلية متحركة اما نحو القمة، او الى البطالة والعزل. وفي الحالين معا خضعت لظاهرة اجتماعية واحدة ممتازة ومتميزة عن الدمشقيين. وجاء تحولها بطيئا جدا بما اجازه القانون، تبعا، لافرادها بالاختلاط بالدمشقيين ضمن حدود ضيقة، دفعت ببعض السكان ان يحذوا حذوها متأثرين ببعض العادات المملوكية خلافا القانون، كما في كلامنا لاحقا عن الزعر.

     وتطلب تامين الخدمات العامة ، وادارة املاك نائب دمشق وامرائها واجنادها عدد كبير من الموظفين على اكثر من مستوى : فكان بعضهم من بياض العامة،  والبعض الآخر من سوادها ، اضافة الى رجال الدين الذين كان دورهم اساسي قي المجتمع الدمشقي على مستويين اجتماعي ووظيفي.

   2 – الاعيان

   21- رجال الدين المسلمون : شكل رجال الدين ، بوجه عام ، صمام امان في المجتمع الاسلامي لانهم احتلوا المنزلة الارفع فيه، وظل الناس ينظرون اليهم باكبار حتى في فترات الانحطاط ، لممارستهم شؤونا مدنية اجتماعية مثلت دور الرقابة على ممارسة الجهاز العسكري الحاكم. حتى ان رجال الدين الذين تسرب اليهم الفساد، وجروا وراء مصالحهم الذاتية، بخضوعهم لرغبات الطبقة العسكرية وتنفيذهم مآربها على حساب الشعب، وحتى ايضا الذين تندر بهم الناس ظلوا يحتلون منزلة مهمة ، ليس على الصعيد الشخصي، انما على مستوى الوظيفة الجليلة التي شغلوها بما كان لها من تقدير عند مختلف فئات  المجتمع. اما ابرز الوظائف الدينية فكانت :

قضاة القضاة :عرفت دمشق اربعة قضاة قضاة تبعا للمذاهب الاسلامية الاربعة، كان اهمهم الشافعي[96] الذي اشرف على دور الايتام والاوقاف التابعة لها ، والمدارس التي اما يتولى التدريس فيها او يشرف عليها، وهو الذي يقيم النائب في نيابة الشام اي يثبته فيها، وله اوقاف خاصة يعتاش منها.[97]ويليه اهمية الحنفي ، ثم الحنبلي واخيرا المالكي، ولكل واحد اوقافه ومدارسه واختصاصاته الاجتماعية والسياسية[98]. ويعتبر قاضي القضاة رئيس الادارة القضائية من حيث تعيين القضاة وعزلهم ، وتعيين نواب له ، والفصل بين الخصوم، وتنفيذ الاوامر الشرعية.[99]كما توجب عليه افهام نائب دمشق الصحة بالاحكام واصول الشريعة كي لا يقع بالخطأ ، كون النائب صاحب ولاية المظالم[100]ويجهل احيانا كثيرة اللغة العربية قراءة وكتابة وبالتالي القواعد الشرعية واحكامها.

     وكان من المفترض ان يختار اهل كل مذهب قاضي قضاتهم بعد موافقة السلطان،[101]لكن هذا الامر لم يراع باستمرار خصوصا على عهد الدولة الجركسية[102]،ولا سيما بعد ان صارت المناصب القضائية تشرى بالرشوة،وبالتالي فسد معها،بوجه عام، معظم النظام القضائي المملوكي، وغدت تصدر بعض الاحكام بالرشوة[103]. وتمكن بعض القضاة من جمع اموال طائلة بطرق مشبوهة، من دون ان يخجلوا لا بل ان بعضهم راح يتباهى بسطوته ونفوذه غير آبه بتهكم الناس، وغير مكترث بأحكام الشريعة،فاحتقره زملاؤه والناس كلهم.[104]خصوصا ان بعض هؤلاء كان جاهلا اصول القضاء واحكام الشريعة ،والعلوم الدينية الاخرى التي هي في اساس التربية في الاسلام ومنارة السلوك الاجتماعي.[105]ولم تكن حال حميع القضاة على هذا النحو اذ أثر عن بعضهم الصلاح واعمال الخير والاجتهاد بتلاوة كتاب الله والاكثار من الصلاة والتفقه بالاحاديث النبوية الشريفة.[106]كما مارس قضاة القضاة والقضاة ضغوطا على الطبقة العسكرية الحاكمة بدمشق لاطلاق من اعتقل ظلما وعدوانا، اوللشفاعة بمن اعتقل اثناء الصراع بين الاجناد المماليك والسكان، وما شابه هذه الحالات[107]   

مفتون دار العدل : ومن مهامهم حسن تطبيق الشريعة الاسلامية ، وكان عددهم ،بوجه عام ، اثنين : شافعي وحنفي، ويتم تعيينهما من قبل السلطان [108].

 ومن الوظاءف الديوانية التي شغلها رجال الدين: وكيل بيت المال ، وهو مؤتمن على اموال النيابة ، و المحتسب الذي يراقب الاسعار و المكاييل و الموازين والاخلاق العامة .[109]وشيخ الشيوخ الذي يوليه نائب دمشق للاشراف  على جميع الخوانق والفقراء الصوفية[110]، وكاتم السر الذي يعينه السلطان لاسداء النصح والارشاد للنائب، وكان يعاونه موظفون متعممون معينين ايضا من قبل السلطان مثل:كتاب الدست الذين يجلسون في دار العدل لمعاونة كاتم السر في رفع القضايا الى النائب ليتم اتخاذ القرارات بشأنها[111]، وكتاب الدرج ويعينهم السلطان ايضا.[112]

   قام رجال الدين، اضافة الى وظائفهم الشرعية،بدور مهم جدا على صعيد الحياة اليومية والدينية، اذ كان لبعضهم انصار في توجههم الديني خصوصا من سلك طريق الصوفية، بحيث كثر هؤلاء الانصار وانصاعوا الى تدابير رجال الدين، الذين مارسوا ضغوطا كبيرة على اهل السلطة لاحقاق الحق ،الذي كان يتنافى احيانا مع مصالح السلطة،وبالتالي شكلوا ازعاجا حقيقيا لها.[113]

  دور رجال الدين التعليمي:

بما ان موضوع التفريع الطبقي يتعلق بالوظيفة فلا بد من ان نتحدث عن دور العلم في دمشق التي عمل فيها قسم مهم من رجال الدين علماء وفقهاء وغيرهم اضافة الى عدد من الموظفين المدنيين.

أ -تأسيس المدرسة: كانت تؤسس المدارس لبعض الائمة الكبار ممن تعمقوا وتفقهوا بالعلوم الدينية لكي يمارسوا دورهم التعليمي بأمان وباحترام ،وبالتالي تمكين الطلاب من الحصول على الثقافة الضرورية من اجل تطوير المجتمع ليس على الصعيد الديني فقط انما ايضا في مختلف انواع العلوم الاخرى وان لم تلق الاهتمام الذي خظيت به المدارس الدينية.

  كانت المدارس في دمشق على نوعين ما يشاد خصيصا للتدريس،وفي هذه الحال جاء تصميمها على الشكل التالي: صحن مكشوف غير مسقوف تتوسطه نافورة محفورة من الرخام،تحيط به اروقة من جهاته الاربعة، احدها يؤدي الى الجامع الملاصق بها، وآخر الى قبر من اسسس المدرسة وهو عبارة عن مقصورة تعلوها قبة.اما الرواقان الآخرن فيحازيان الايوانات المعدة للتدريس،التي تعلوهما غرف اعدت لمنامة الطلاب[114].او ان تكون منزلا وتحول الى مدرسة فيأخذ في هذه الحالة طابعا خاصا.[115]ويذكر النعيمي ان عدد المدارس بدمشق قد جاوز المئة وثلاثين مدرسة ، انما يجب الاخذ بالاعتبار انه كان يذكر المدرسة اكثر من مرة احيانا[116].

كانت معظم المدارس المذكورة ذات اختصاصات دينية وادبية باستثناء ثلاث اختصت بتدريس الطب وهي: الدنسرية،الدخوارية،واللبودية النجمية[117]،وهي مدارس خاصة.والى جانبها اختصت البيمارستانات بتدريس الطب نظريا وعمليا لان المدارس الخاصة اقتصر عملها على الدروس النظرية فقط[118]،وكان في دمشق المملوكية اربعة بيمارستانات هي:الصغير اوالعتيق،باب البريد او الدقاقي،النوري الكبير،والقيمري[119].

وكي نتمكن من اعطاء فكرة عن الوظائف في المدرسة سأدرس الاختصاصات في مدرسة  واحدة هي العادلية[120]، بما في ذلك اقسامها والمدرسون فيها .قسم الفقه : درس فيه اشهر فقهاء دمشق وقضاتها من امثال:ابن خلكان،والقزويني،وتاج الدين السبكي…وكان يؤمها العلماء واللغويون ويتناقشون بكل ما له علاقة بالفقه واللغة.[121]وقسم اللغة العربية والقراءات الذي اعتنى بلهجات القبائل العربية،ومذاهب النحاة واللغويين.وسكن في هذه المدرسة المدرس المختص هو وعائلته.وكانت لها ايضا مشيخة كبرى.[122]

   حظيت كل مدرسة بهيئة تدريس تألفت من:رأس المدرسة وهو من كبار المدرسين، يتولاها بتوقيع اما من السلطان او من نائبه  في دمشق لانه ضم احيانا ،الى جانب مشيخة المدرسة،مشيخة اختصاصها ( الحديث او الفقه او اللغة العربية)[123]،وتعني المشيخة بتأمين حسن سير التدريس فيها من حيث الاشراف وتأمين الاساتذة ودفع المرتبات.وتألف الجهاز التعليمي في المدرسة ،الى جانب شيخها،من ناظرها،ومدرسيها، ومعيديها[124]– وتفاوت عددهم نسبة الى اتساع المدرسة وعدد طلابها ومساحة اوقافها- ومن امامها،ومؤذنها،وقيمها[125].

ب-الاوضاع المادية للجهاز التعليمي: تقاضى مدرسو المدارس والخوانق والربط رواتب جيدةعموما أمنت لهم مستوى لائق من العيش،خصوصا اذا كان ناظر المدرسة كريما صالحاومتقيدا بشروط الواقف[126].اما مدرسو المساجد فكانوا لا يطلبون اجرا اجمالا سوى الثواب عند الله وما اوقفه بعض الامراء واهل الخير من اوقاف على التعليم في المساجد.[127]وكانت رواتب مدرسي الكتاتيب زهيدة وتكاد لا تقوم بأودهم.

  وقد شكلت المدرسة الركن الاساسي للتآلف الاجتماعي لاستنادها الى مذهب شرعي محدد، ولوجودها في مكان محدد من المحلات او الاحياء، وبما انها كانت تقوم اساسا على التوعية الدينية وتعليم اصول الدين من فقه واحاديث، وخصوصا تلقين القرآن الكريم، لان الدين كان الى جانب كونه عقيدة غالبية السكان فانه كان ايضا نظام حياة، وبالتالي اصبحت المدرسة النقطة المركزية في التوحيد الشامل لابناء المذهب المنتسبة اليه.ولم تكن غايتها التعليمية تخريج رجال دين على مختلف المستويات فقط، بل ايضا تثقيف المجتمع، فكان ينتسب اليها ابناء الفئات المتوسطة والغنية تقربا من الله وللتفقه باصول الدين، وللاكتفاء الذاتي على هذا الصعيد.حتى اذا تخرج الواحد منهم واشتغل بمهنة حرة ادرك اصول المعاملات وفقتضيات الاحوال.وقد يكون هذا الامر دفع ايرا مارفين لابيدوس بالاستناد الى كتب السير والتراجم الى القول ان العديد من ابناء المهن الحرة كانوا من العلماء مثل:” البنائين، وعمال الحجارة والنجارين والنحاسين، وصناع الصابون والصيادلة… كما كان عدد من صناع الحبال والاسرجة والاقواس والنساج والقصابين وتجار الصوف… مطلعين على الشريعة الاسلامية، وتقلدوا العضوية في مدارس الفقه[128].

    وهكذا تصبح المدرسة راعية الحي ، والاساس في التفريع الطبقي، والرائدة في تعميم الظواهر الاجتماعية، ليس للدور التثقيفي الديني فقط انما للدور الاجتماعي والسياسي احيانا الذي كان يمارسه القيمون او المشرفون عليها.لانهم شغلوا مناصب جلية الى جانب التدريس ، فكانوا قضاة، ومحتسبين، ورجال ادارة، وأئمة مساجد، وكتاب سر وغير ذلك من موظفي الادارة المدنية.وبالتالي لعبت المدرسة دورا رئيسا في التآلف والتجانس الاجتماعيين.    

والى جانب المدرسة اختصت مؤسسات اخرى بالتعليم سأكتفي بذكرها فقط كي لا ادخل في كامل تفاصيل النظام التعليمي الدمشقي المملوكي،وهي: الجوامع، دور القرآن الكريم،والكتاتيب، والخوانق ،الربط ،وبعض الترب التي نص صاحبها بوقفه على هذا الامر.

    وعلى الرغم من الدور الاجتماعي المهم الذي مارسه المتعممون الدمشقيون فقد شكلوا فئة اجتماعية خاصة، فاذا اخذنا فقط بالاعتبار قضاة القضاة ومساعديهم من القضاة، وارباب الوظائف الديوانية، والمدرسين ندرك تماما العدد الكبير لهؤلاء الذين شكلوا فئة متميزة وان على درجات تبعا لوظائفهم.فقد كانوا جميعهم من المتفقهين بعلوم الدين على مختلف انواعها وان بمستويات متفاوتة، وجاءت ثيابهم متشابهة مع بعض الاختلاف[129]، وفرضوا احترامهم على الدمشقيين والحكام على حد سواء، ونالوا رواتب نقدية او اقطاعات، وبالتالي كانت احوالهم الاقتصادية جيدة الى مريحة تبعا للوظائف التي كانوا يشغلونها.كما كانت لهم منزلة وكلمة مسموعة عند الفئة العسكرية الحاكمة.    

22 – رجال الدين المسيحيون : ان الكنيسة المسيحية هرمية ، تتدرج الرتب فيها من اعلى الى اسفل كما يلي: البطريرك [130] وهو صاحب اعلى سلطة يأتمر به اصحاب الرتب الاخرى وعامة المسيحيين ، وهو المسؤول عن رعاياه بدمشق امام النائب. يليه نائبه الملقب بالاسقف ، ثم المطران المسؤول عن المسيحيين في ناحية جغرافية محددة ، ويمارس فيها سلطة قضائية ، ثم الكهنة الذين يرتبهم القلقشندي كالآتي : القسيس ، والجاثليق والشماس .[131] ان هذا الترتيب الكنسي ينطبق على طائفتي اليعاقبة والملكيين معا.ويبقى السؤال هل شكل هؤلاء فئة متميزة عن بقية السكان؟ تصعب الاجابة على ذلك نظرا لقلة المعلومات التي وفرتها لنا المصادر التي اطلعنا عليها، انما المرجح، بما ان المسيحيين كانوا يعيشون في احيائهم الخاصة، ويتمتعون بنظمهم الخاصة ايضا، انهم فئة اجتماعية ميميزة ببعض وجوهها من الفئات الاجتماعية الاسلامية، علما ان الصفة العامة للمجتمع الدمشقي بما هي ظاهرة اجتماعية عامة شملتهم بدورهم، لانهم تشاركوا مع بقية الدمشقيين الاعمال عينها، واحتفلوا معهم بكل الاحتفالات والاعياد ، كما شاركهم المسلمون احتفالاتهم.

رئيس اليهود : وهو المسؤول ، بوجه عام عن طائفتي اليهود القرائيين و الربانيين معا .[132]اما السامرة فقد كان لهم نائب رئيس بدمشق وهو المتحدث باسمهم [133]، وكان وضعهم الاجتماعي مشابها الى حد بعيد لوضع المسيحيين.

       على ان دور رجال الدين خصوصا المسلمين لم ينحصر فقط بما ذكرت ، بل مارسوا مهمات اخرى كالتدريس والافتاء وارشاد الناس والخطابة في دور العبادة مما قربهم من العامة ، كما مارسوا ضغوطا على الطبقة العسكرية الحاكمة بدمشق لحل المشاكل الناجمة عن سؤ اداء افرادها تجاه مختلف الفئات الشعبية

23  – الاعيان الآخرون: لتحديد التفريع الاجتماعي ضمن فئة الاعيان لا بد من اعتماد المبدأ المنظم وهو مبني في هذه الحالة على المستويين الاقتصادي والمنزلة الوظيفية.ان خلو مصادرنا العربية من الارقام تدفع بالباحث لاعتماد الصفة فقط بالنسبة للحالة الاقتصادية التي تعتمدها هذه المصادر كأن تقول فلانا من مياسير التجار او من كبار التجار،كتجار الخانات والقيساريات، وارباب القوافل وتجار الجملة والسماسرة او الوسطاء التجاريين.

 لقد ضاهى هؤلاء كبار الامراء من حيث الاهمية وشاركوا بحضور الاحتفالات الرسمية،ونالوا احتراما مميزا من السلطات ومن الشعب على حد سواء[134]،لان التجارة تحتل مركزا مرموقا في الاسلام [135].ويدرج في هذه الفئة اصحاب الصناعات المهمة وهم غير الحرفيين الصغار. ويصعب علينا اعطاء فكرة واضحة عن هؤلاء حتى وان اعتمدنا على دراسة المصادرات التي كانت تقوم بها السلطات الحاكمة بدمشق لسد عجز موازناتها اولزيادة مداخيلها،لان المصادر الدمشقية تحجم،غالبا، على خلاف المصادر المصرية التي تعطي ارقاما عن غنى بعض التجار وغيرهم من المياسير[136].وهناك صعوبة اخرى تتمثل بتحديد نسبتهم الى مجموع تجار دمشق من جهة ،والى مجموع سكان دمشق من جهة ثانية.

اما المبدأ الاخر المنظم للتفريع الطبقي للاعيان فهو السلم الوظيفي :فالى جانب الجهاز القضائي كان هناك العلماء، والمحتسب، وشيوخ الاسواق ( النقباء)،[137]والاطباء،والمهندسون،وجباة الضرائب. ان بياض العامة ممن ذكرنا شكلوا الطبقة البرجوازية بالاصطلاح الحاضر لان الابناء توارثوا عمل الآباء،وجنى بعضهم ثروات مهمة جعلتهم عرضة اما للمصادرات او للطرح[138]،ما دفع ببعضهم لاخفاء ثرواتهم،ما ادى لتقهقر نسبي في الحركة الاقتصادية عامة

 3- العامة [139]: من الواضح جدا ان الاسلام دعا الى المساواة بين المؤمنين بهدف الغاء التفاوت في المجتمعات الاسلامية وتحقيق العدالة على المستويات كافة . انما سير الفتوحات السريعة وما نتج عنها من غنائم مذهلة مادية وبشرية ، وخضوع مساحات جغرافية شاسعة للسلطة الاسلامية بسقوط الامبراطرية الساسانية ، وانحصار رقعة الدولة البيزنطية ، واعتناق بعض سكانها الاسلام دينا والبعض الآخر ظل على ديانته السابقة وفق مفهوم الذمة ، فترتب على كل ذلك ظهور اول ترتيب اجتماعي عفوي ، الذي يصنفه عبد العزيز الدوري كما يلي : الفاتحون العرب ، المسلمون من غير العرب ، الذميون والارقاء ( العبيد )[140] وزاد برسوخ هذا الترتيب جنوح الانسان بطبعه الى السلطة وما افرزه من  صراعات لم تترك آثارا سلبية على المستوى السياسي فقط ، انما ايضا على المستوى الاقتصادي، بالاضافة الى نشوء المذاهب في الاسلام الذي ادى الىتحولات اجتماعية استمرت تتراكم عبر العصور حتى اربكت التوازن الاجتماعي ، وبالتالي نجم منها تمزق شديد .

ولم يحاول القيمون على دول الخلافة رأب صدعه ، ولا سيما عندما تصدر السلطة السياسية الاغراب عن المجتمع العربي بدءا بالاتراك خلال العصر العباسي الثاني وصولا الى العهد المملوكي ، فازدادت الهوة بين الحكام والمحكومين ، ونشأ فراغ في الولاء ، حتى باتت شرائح كبيرة تعيش على هامش الحياة ، خصوصا في المدن.

 واشد ما نلادظ ذلك في العهد المملوكي بحيث تقاسم السلطان وامراؤه الخيرات الاقتصادية في الدولة ، وهي وفيرة جدا. ونشأ نوع من العداء بين الحكام والرعية، على الرغم من محاولة الحكام التقرب من الشعب عن طريق بناء المؤسسات الدينية والاجتماعية كالمساجد، والبيمارستينات ( المستشفيات ) والمدارس. انما الضرائب الفادحة وغير المنتظمة، اضافة الى السخرة، ومختلف انواع المصادرات، افرغت كل محاولات التقرب من مضمونها. وراح بعض افراد الطبقات الاجتماعية ( الفئات ) ينحدرون من طبقة الى اخرى ، وبتعبير اوضح كان تحولهم ينحدر باستمرار نحو القاعدة ، حتى تفرع على عهد الدولة المملوكية الثانية فئة اصطلح على تسميتها ب” الزعر” ، وهي عرفت في ما مضى بالعيارين والارذال والاوباش وتحديدا في العصور العباسية [141]، ولكنها لم تنحو الى التطرف في الفساد كما اصبح عليه الحال  مع  الزعر .

وتعبير العامة او اصطلاحه قديم جدا في المجتمع الاسلامي،تناوله الادباء والفقهاء والمؤرخون للدور البالغ الاهمية الذي مارسته العامة في المجتمع على الصعيدين الاجتماعي والسياسي: فهم عند الدينوري :”اصحاب الاهانات،وابناء الانذال…ومنهم الرعاع والهمج والغوغاء،واهل السفه والخفة…والدهماء.”[142]وهم عند الطبري:النطاف وباعة الطريق في محتقرات البيوع، وبائعو البطيخ والزجاج ،والقصابون ،والبقالون،والكناسون.[143]والعامة عند “الصفدي”خلاف الخاصة”[144]

وعلى هذا ، يمكن تعريف العامة في العهد المملوكي بأنها الفئات الشعبية التي لم تتلق تعليما ، ولا حققت ثروة ، ولم تشغل منصبا حكوميا ، بل هي جماعات دفعت الضرائب من دون ان تفيد منها اجمالا ، وسميت العامة او عامة الناس لاضفاء عليها صبغة من الاحترام وتمييزا لها من الزعر والارذال.[145]

وتألف العامة في العهد المملوكي من: اصحاب الحوانيت ، والباعة المتجولين ، وباعة المفرق ، والعمال كالنجارين والبنائين، والحرفيين[146]،وضمت ايضا اصحاب الصفقات التجارية المشبوهة، والمخادعين،والسماسرة،والصيارفة،[147]وتجار النخاسة،وبائعي الخمور،والمغنين والنادبين[148]، واضاف اليهم المقريزي القصابين،واصحاب بيوت الدعارة، وضامني الافراح والمآتم،والمشاعلية اي منظفي الاقنية والبيوت[149]،ويضاف الى هؤلاء عمال الدباغة،وضاربي الرمل لكشف الغيب،وسائقي البغال والحمير وغيرهم[150]. وشمل هذا التصنيف مختلف الطوائف: الاسلامية من سنة وشيعة ، والمسيحية من نساطرة ويعاقبة ، ويهود قرائيين وربانيين وسامرة.

لقد تجانس جميع العامة من حيث طبيعة العمل ، فمثلا: لم يكن ممنوعا على الذميين ممارسة اي مهنة يمارسها المسلمون، فامتلك المسيحيون محلات كثيرة غصت بمختلف انواع الملابس ، والاواني النحاسية وغيرها .[151]ويعتبر “اندريه نصار” ان تجارة الاقمشة شكلت واحدا من القطاعات التجارية الرئيسية للنشاط التجاري اليهودي في القرون الوسطى ، وتاجر يهود دمشق بالالبسة ، ومارسوا ايضا بعض الحرف .[152]واشتهروا باعمال الصيرفة وبالربى عن طريق اقراض الناس الاموال [153].كما تولوا وظائف كتابة السر ، ودار الضرب.[154]

واختلفت اوضاع اليهود والمسيحيين عن المسلمين بدفع ضريبة الخمر، والجزية او الجوالي عملا بأحكام اهل الذمة ،واجحف احيانا جباة الضرائب بحق الذميين ، فكانت تصدر بسبب ذلك، ووفقا لهوى السلطان،مراسيم سلطانية شريفة تأمر النائب بجباية الجزية وغيرها بالمعروف،وتطلب ممن ظلم من الذميين التوجه الى الابواب الشريفة اي السلطانية.[155]كما طبقت عليهم احيانا شروط الذمة[156].وعوقبوا جماعيا مرات اخرى بسبب استيلاء القراصنة الاوروبيين على السفن التجارية المملوكية في المتوسط ،او اعتداء دولة اروربية او اكثر على دولة اسلامية[157]، او بناء لرغبة السلطان ومن دون اسباب حقيقية[158].ولم يكن اليهود محبوبين من السكان، وتعرضوا مرات عدة للاهانات والضرب حتى في المواكب الرسمية او احتفالات النائب[159]

واختلفت ايضا اوضاع المسيحيين واليهود عن اوضاع المسلمين من حيث السكن، بحيث كان للمسيحيين حيهم الخاص في الزاوية الشمالية الشرقية للمدينة بالقرب من باب توما،وسكن اليهود بالمحلة التي عرفت باسمهم[160]، وكانت للطائفتين مقابر خاصة معروفة باسمهما على مقربة من اسوار المدينة.[161] ويصعب اعتبار ذلك اختلافا دقيقيا اومهما لان الاحياء عموما ،والحارات خصوصا انتظمت وفق ترتيب عائلي ، فكان لكل عائلة حيها اجمالا على حد تعبير لابيدوس[162]، الذي يصنف الاحياء وحدات اجتماعية قائمة على التجانس الديني_ من دون ان يحدد الطائفة_ والعرق، وهي، برأيه، مماثلة للوحدات القروية داخل التكتل المديني[163].

4-الزعر: ان نشوء المعدمين في مختلف المجتمعات الانسانية نتج من الصراع على الثروة او على السلطة،او على الاثنين معا لتلازمهما في غائية جنوح الانسان الى العظمة.وفي خضم يأس المعدمين انبرت جماعات تدعي الدفاع عن مصالحهم،ونصبت نفسها قادة عليهم باسم الانسانية.وهذه القيادات، في الغالب،تكونت من افرازات اوضاعهم البائسة المنبثقة من رفض الواقع المظلم والمرير،ومن جنوحها بدورها للاستغلال،ولشراسة في اخلاقها وطبائعها.فتكونت اذ ذاك احزاب عفوية اخذت على عاتقها تغيير الواقع المشكو منه ،وفق اساليبها الخاصة،واقنعت المعدمين بأن ما تصبو وتسعى اليه، وفق وسائلها الخاصة، يمثل انجع السبل لتطوير احوالهم البائسة،وبالتالي نشأت منظمات الزعر.

ولنا امثلة  في التاريخ العربي والاسلامي الوسيط على انتظام الشطار او العيارين بما يشبه الاحزاب،فضلا عن انتظامهم العسكري،فقد حفظ لنا المسعودي هذا التراتب.[164]

وقد تألف الزعر اجمالا من الشطار(سليلي العيارين على الارجح)،والبلاصين،والغوغاء،والاوباش ،والحرامية – وهم غير اللصوص)،والاوغاد ومن شابههم[165].ولم ينتج هؤلاء من الافراز الاجتماعي الدمشقي فقط بل ان بعضهم كانوا دخلاء عليها اذ لجأوا اليها على اثر الغزو المغولي للعراق وما جاوره.[166]وأنشأوا حارات خاصة بهم في عدد من احياء المدينة من اشهرها:الغوطة،الشاغور،القبيبات،ميدان الحصى،القراونة،حارة المزابل، الشويكة،زقاق البركة،باب السريجة وغيرها. وهي عبارة عن احزمة بؤس في طفرات المدن الحالية[167]،ساهمت بزيادة التدهور الاجتماعي والاقتصادي الدمشقي،لأن الزعر ومن شابههم عزفوا،بوجه العموم،عن القيام بأعمال شريفة.

لقد كون الزعر خلايا خاصة بهم تمركزت كل خلية في حارة من الحارات التي ذكرتها اعلاه يتزعمها قائد عرف بكبير زعر محلته،ولقب نفسه احيانا بلقب يستشف منه المنزلة العالية او النبيلة تدليلا على كرم في المحتد: مثل “قريش” او ابن “الاستاذ”، ولكي ايضا يجعل من  تنظيمه تنظيما محترما ظنا منه ان التسمية تمحو الصفات السيئة التي طالما اتصفت بها منظمات الزعر، [168]اومثلا للتدليل على القوة والمهابة لاخافة الاعداء فتسمى بعضهم الآخر ب” أبي طاقية”[169]،او “الجاموس”[170] للدلالة على ضخامة الجثة والقوة البدنية.

    وتمييزا لهم من بقية الناس تزي الزعر بلباس خاص هو كناية عن”فرعاني” يلفونه على رؤوسهم،وثياب يقلبونها على أكتافهم،وارتدوا ايضا الابشات بأكمامها الطويلة والعريضة لتخفي سلاح الواحد منهم [171].وبما ان تنظيمهم يقوم على القتال اما للدفاع عن انفسهم او مهاجمة الآخرين كالاعتداء على الناس بأموالهم، او مهاجمة الاسواق،[172]فقد اشترطوا على المريد الذي ينوي الانخراط بتنظيمهم حسن استعمال الخناجر والسيوف وغير ذلك من الاسلحة التي كانو يقتنونها[173].

-موارد رزقهم:  اعتاش الزعر من موارد متعددة:فقد امتلك بعضهم الحوانيت،وفي هذه الحال فرضوا سطوتهم على الحوانيت المجاورة واحيانا على معظم حوانيت السوق او المحلة،بأن اقاموا،في بعضها،من يبيع لحسابهم او باسعار مرتفع نسبيا فينصرف المشترون الى محلات الزعر فتزدهر محلاتهم،او انهم فرضوا الاتاوة “الخوة” على بعض الحوانيت،وذا رفض اصحابها الانصياع تعرضت حوانيتهم اما للسرقة او لاعتداءات اخرى،وكان تواجد حوانيتهم في محلة ما يشكل كارثة على اصحاب الحوانيت الاخرى، ليس بسبب ما ذكرت فقط،بل لان المحلة اذا تعرضت للرمي او الطرح فرضوا،بقوة السلاح او السطوة، المال المتوجب لتلك الضرائب على الحوانيت الاخرى،وبالتالي ينجون هم من دفع الضرائب.[174]واذا ارادوا الاحتفال- وكانت احتفالاتهم باذخة – بسبب اقامة الهدنة العسكرية بين منظماتهم حمعوا الاموال من “المستورين او المحتاجين على وجه الحياء والقهر”على حد تعبير ابن طولون.[175]

تمادي الزعر : ان من المفارقات الغريبة،تشجيع السلطة الحاكمة الزعر على التمادي بغيهم، لاسيماعندما كانت تحتاج الى خدماتهم:فأحيانا كان نائب دمشق وبعض كبار الموظفين العسكريين يحضرون العرض العسكري الذي يقيمه الزعر،ومن ثم يخلع الخلع على اكابرهم[176].وكان الزعر يستقبلون نائب دمشق الجديد ، كبقية السكان،انما بعدتهم الكاملة،[177]وهذا يعني اعترافا ضمنيا بسلطتهم. واذا اعلم نائب دمشق احدى منظماتهم انه سيمر بموكبه في محلتهم اخذوا اموال الناس قهرا وزينوا له عند زاوية المحلة[178]، وكأني به يشجع ممارساتهم ،وبالتالي يشجع الجريمة.وكثرا ما عمد الحكام المماليك الى كنائب المدينة، او اتابك العسكر الى ملاطفة الزعر، واقامة الصلح بين فئاتهم المتنازعة من دون ان يردعوهم او يقتسوا منهم بسبب تعدياتهم[179]، علما انهم ابدوا قلة احترام لاهل السلطة بمن فيهم من يحتل مناصب رفيعة[180]، بعد ان كانوا تعدوا مرات عديدة على المماليك السلطانية[181].والمؤسف ان نائب المدينة ساهم بطريقة فعالة بالاعتراف بالزعر وبتنظيمهم عسكريا وتدريبهم والاستعانة بهم[182].وبالتالي تم الاعتراف بهم رسميا، واعطوا صفة معنوية، على الرغم من عن الظاهرة الاجتماعية التي كانت تحكم تصرفهم كانت التعديات على اختلاف انواعها اضافة الى مختلف انواع الجريمة واللصوصية. 

ومن المؤسف ايضا ان بعض الفقهاء ساهموا بطريقة غير مباشرة بازدياد اعمال الزعر الشائنة حينما اجازوا لهم قتل اعوان الظلم والمجرمين من البلاصين واللصوص وغيرهم من دون ان يدروا او انهم كانوا يدركون انهم حاولوا استئصال الجريمة بجريمة اخرى قد تكون ابشع،لان الزعر استندوا لتبرير جرائمهم على فتوى دينية وعلى مساندة بعض رجال الدين اذا اراد نلئب المدينة او غيره من المسؤولين الاقتصاص منهم[183].والافدح من ذلك كله انهم صاروا يخرجون باسلحتهم ،ويسطون على اموال  الناس ومن امتنع عليهم قتلوه باسم الدفاع عن مساوىء المجتمع[184].ولم يقف الامر عند هذا الحد بل صار الناس يدفعون لهم الاموال  لقاء القضاء على اعدائهم[185].واذا تجرأ احد وشكا امرهم للسلطات دفع حياته ثمنا بحيث انتشرت كمائن الزعر وكثرت الاغتيالات.[186]

والاغرب من كل ذلك انه جرت العادة اذا وجد قتيل في محلة ما ،مجهول قاتله، غرم اصحاب حوانيت المحلة او سكانها  بديته،وتختم حوانيتهم ريثما يتم تسديد الدية[187].ان كل ذلك يدفعنا للاعتقاد ان (طبقة) فئة احتماعية تم الاعتراف بها رسميا من اعلى سلطتين في دمشق المملوكية: السلطة العسكرية ، ورجال الدين.وهذا يدل من دون ادنى شك على انتشار الجريمة والمساوئ الاجتماعية المتنوعة على نطاق واسع، وعلى عجز السلطة العسكرية والجهاز الحاكم.  

العلاقات بين فئات المجتمع الدمشقي :دخل معظم المماليك الى مصر وبلاد الشام صغارا،وتربوا تربية اسلامية من حيث اعتناق الدين فقط لانهم عاشوا في الطباق [188]،واشرف على تربيتهم الطواشية ،ومقدموهم[189]،الذين هم بدورهم يتحدرون من المماليك،فضلا عن بعض رجال الدين. وقد جهدوا كي يتخرج طلابهم منضبطين طائعين لرؤسائهم،  ومنعوا في بداية العهد المملوكي من التزاوج من بنات البلاد والاختلاط بالسكان فانعكس الامر سلبا على الانصهار الاجتماعي. وشعر المماليك باستمرار بانفة واستعلاء بما حظوا على مختلف الاصعدة المادية والاجتماعية والحظوة عند امرائهم وعند السلاطين ايضا.

وازداد في الوضع سوءا عندما جيء بالمماليك كبار السن، اي”الجلبان” ممن ثقل عليهم العيش في بلادهم،او كانوا قد امتهنوا حرفة او مهنة، فانخفض مستوى تعليم المماليك في الدين والتدريب على حد تعبير المقريزي.[190]

لقد ادى كل ذلك الى انفصام بين الحكام الاغراب وجهازهم العسكري من جهة، والسكان من جهة ثانية. فلم يدرك السلاطين اهمية السكان في منعة الدولة وتطور المجتمع ،ولم يشذ نائب دمشق عن هذه القاعدة ،وحذا الجهاز العسكري الدمشقي الخطى عينها.فاعتبروا السكان كل السكان مصدرا ماليا لاينضب،وخدما لرفاهيتهم،فاعتمدوا اساليب لا يقرها لا الشرع الاسلامي ولا اي شرع آخر، ولعل ابرز تلك الاساليب الملتوية:

الرمي : وأصله ان تفرض على حارة او حي بأكمله مبالغ من المال دية لقتيل وجد فيها لم يعرف قاتله عملا بالمذهب الحنفي[191]،ولكن المذهب المذكور اجاز دفع الدية لاهل القتيل انما بدمشق صار النائب او من ينوب عنه يستوفي مبالغ طائلة يدفع – ان دفع- قسما ضئيلا منها دية ويحتفظ ببقية المال. حتى غدا الامر سياسة مالية اجتماعية انتهجتها الطبقة العسكرية الحاكمة وافتن المماليك باختلاق الذرائع تبريرا لهذا الاساليب الملتوية.فتذرع نائب دمشق بفقدان الاشخاص بمحلة ما من دون التثبت من ان الغائب قتل او انه غاب في المحلة موضوع الرمية ليفرض الرمي على سكانها[192].وغدا الرمي آفة مادية اجتماعية بحيث تذرع نائب دمشق بمختلف الاجتهادات ليفرض المال على اهل دمشق مثل ملاقاة قافلة الحج[193]،او ليسدد من تولى وظيفة برشوة مالا للنائب الذي كان يشترط عليه لقبوله في المنصب الجديد الرمي على الحارات والاحياء[194]، او بسبب الصراع بين مملوك واحد الاهالي[195]،وبات الرمي مصدرا ماليا شبه ثابت اذ فرض لتسديد نفقات الحملات العسكرية[196]، وغير ذلك من انماط الاحتيال التي ابتدعها نائب دمشق ومعاونوه.[197]ومن الامثلة الصارخة على الضرر الذي كان يلحقه الرمي بالناس ان تاجرا دمشقيا شنق نفسه لعجزه دفع مال الرمي ، الذي قرره السلطان على تجار دمشق في ربيع آخر من عام 894 ه، ولما جاء والده يشتكي للنائب امر بشنقه بعد ان اتهمه برفض اقراض ابنه المال المتوجب عليه لدفع بدل الصابون المرمي عليه[198]    

الطرح : وهو بيع قسري يفرضه نائب دمشق على التجار وبأسعار يرتئيها كأن يملك سلعا يريد التخلص منها او ان يشتري سلعا من الاسواق بالسعر الذي يرتئيه ثم يعيد بيعه قسرا بثمن اغلى،او نهب سلع ما يمكن ان تكون فاسدة ويلزم التجار بشرائها[199].ومؤلفات لبن طولون مليئة بالنماذج على الطرح سنكتفي بذكر بعضها:بناء على مرسوم سلطاني طرح على تجار دمشق عام 886 ه كمية كبيرة من السكر بزيادة ثلاث دراهم على السعر الرائج للرطل الواحد[200]،وفي عام 904 ه طرح نائب دمشق جمالا على اهالي دمشق، كان نهبها من عرب حوران فشكا اهالي القبيبات فقرهم وعجزهم عن شرائها، فما كان من النائب الا ان طلب المشاعلية وامرهم بضرب المشتكين، ومن ثم غرمهم امالا كثيرة اضافية، وطرح بقية الجمالا باثمان مضاعفة على اهالي دمشق[201]  

المصادرة : وهي مصادرة اموال الناس من دون حجة شرعية. وقد بررها السلاطين ونواب دمشق كيفيا ،حينا من دون سبب وجيه كحاجة السلطان الى المال فيرسل قاصدا من عنده ويحدد قيمة المبلغ الذي تجب مصادرته،[202]او لسبب لا يمكن الركون الى صوابيته وهو تسديد نفقات الحملات العسكرية للدفاع عن الاطراف الشمالية لبلاد الشام ،او حملات تخدم النائب نفسه خصوصا عندما يثور على السلطان بقصد احتلال منصبه.[203]والمصادر المملوكية عامة والدمشقية خاصة مليئة باسباب المصادرات وانواعها،التي غدت عادة يلجأ ايها الحكام للحصول على الاموال من دون مشقة ،وكأنهم لم يكفهم استيلاؤهم على معظم مصادر الدخل في دمشق .

المشاهرة والمجامعة :وهي كناية عن مال شهري يفرض على الاسواق لصالح السلطان او نائب دمشق.فيعمد التجار الى رفع اسعار سلعهم كي يتمكنوا من تسديد المتوجب عليهم،وكانوا يستغلون الامر لزيادة الاسعار اكثر مما تقتضيه المشاهرة وبالتالي وقع سكان دمشق ضحية للتجار والحكام معا.[204]

تعديات معتنوعة:مارس المماليك تعديات متنوعة،لا يمكن دراستها كلها في هذا البحث لانها وحدها تشكل بحثا قائما بذاته،وسأكتفي بذكر ابرزها او عناوينها:كالنهب التي طالما تعرضت له دمشق في مناسبات عديدة من دون ان يلقى المنكوبون انصافا في أكثر الاحيان[205].

تجاوزات الاجناد:تعرضت دمشق لانواع رهيبة من التعديات الناتجة من ممارسة الجند أكان الذين اقامو فيها او الذين قدموا اليها لاكثر من سبب،وفي الحاليين معا سام الجند الدمشقيين انواع الاعتداءات في املاكهم وارزاقهم ونسائهم،اضافة الى زهق الانفس.[206]

ثالثا: موقف الدمشقيين:لم يتقبل الدمشقيون الواقع المرير بسهولة، وادركوا انهم مغلوبون على امرهم،وان اصلاح الحكام اصلاحا جذريا غير ممكن،فحاولو جاهدين تغيير المعادلات باللجوء الى الوسائل الدينية في معظم الاحيان،وعبروا عن مواقفهم بما اوتوا من امكانات محدودة، وهرعوا الى رجال الدين،الذين ينطقون باسمهم ان لم نقل انهم ممثلوهم، على اعتبار ان لهم منزلة مهمة قد يقدرها الحكام،وقد نجحوا احيانا في رفع الحيف عن المظلومين.[207]وفي حال فشلت الوساطة اعتمدوا بدائل اخرى كالاحتجاج السلمي وهو المعروف بالتكبير- النزول الى الاسواق هاتفين الله اكبر- وهو تدليل على ان الله ينصر المظلومين وبالتالي دعوة الى اهل الظلم الى الثواب.وتم التكبير في الشوارع باعترض مواكب النائب او احد مساعديه، وفي الجوامع،وكان القضاة والعلماء يتقدمون المتظاهرين تأكيدا على استرجاع حق سليب ولاضفاء الصفة الشرعية على التظاهرة عل الحكام يرعوون.وكانت تلك التظاهرات تخيف المماليك ،بوجه عام،بما تخلق من حالات عدم الاستقرار التي قد ينفذ من خلالها المصطادون بالماء العكر للاخلال بالامن او للتعدي على من يجدون من المماليك منفردين.[208]

      وكان لفشل تلك المساعي آثار سيئة على الوضع العام في دمشق،ادى الى يأس العديد من متوسطي الحال،اذ ان التعديات المتكررة حولتهم الى ما دون متوسطي الحال بل الى فقراء،وعجزوا ،بالتالي عن تأمين اود الحياة فسلكوا دروب الجريمة المتنوعة،فازدهرت اعمال اللصوصية والحرامية ،وكثرت الجرائم،ومناسر الليل ،والسرقات واعمال النهب[209]. وانخرط بعضهم في منظمات الزعر ما زاد في الطين بلة ،وساءت ،بوجه عام،احوال الدمشقيين. كما حفل المجتمع الدمشقي بانواع المفاسد الاخلاقية نتيجة ممارسات الحكام الجائرة وبسسب الفقر واليأس والكفر ان جاز التعبير، ولعل ابرز تلك المفاسد الدعارة على انواعها[210]والتحشيش.[211]وما الى ذلك.

من المؤسف حقاان تنتهك القيم المشرقية عامة والاسلامية خاصة في المجتمع الدمشقي،فالمماليك هم في واقع الامر اغراب اكتسبوا حديثا الاسلام دينا ولم يتثقفوا بعمق بمبادئه وقيمه الاخلاقية،ولا هم انخرطوا اجتماعيا في مظاهر الحياة التي عاشها كل الدمشقيين المدنيين او تحسسوا روعتها وانسانيتها،وبالتالي لم يدركوا ان الدمشقيين هم الاساس لرئيسي للحياة المرفهة التي عاشها المماليك ولم يقدروا الانسان فيهم،انما، ابدا، نظروا اليهم بامتهان واستعلاء.وقد تأتت كل تلك العلل من سوء تدبير القادة لتأصل عاداتهم الاصلية في نفوسهم،ولامتناعهم عن فرض عقوبات صارمة على من يعتدي ممن كانوا يحمونهم،ولاعتمادهم “الياسة”قانونا عوضا عن الشرع.ويعوزني التعبير الصحيح لشرح تلك المعادلة بين الاغراب والاهلين.

         لقد غدا الفقر والظلم وعدم الاطمئنان الظاهرة الاجتماعية لمعظم احياء دمشق، وعلى الرغم من تنوع الاحياء وتمايز بعضها عن البعض الآخر بالسلوك الاجتماعي احيانا المتأتي عن الوظيفة بوجه العموم، فان اللصوصية ، والنهب، وتعديات المماليك الفردية احيانا، والمنظمة احيانا اخرى، ناهيك بالصراع بين المماليك انفسهم نوابا، وارباب ادارة آخرين، فضلا عن الصراعات بين طوائف الجند، وقد تطرقت المفاسد الاجتماعية على اختلاف انواعهاالى الجهازين الاداري العسكري، والى بعض المتعممين، ولا سيما التنافس على المناصب وشراؤها، وشرب الخمر، وحماية الخمارات[212] ، والدعارة[213] .ان كل ذلك شكل السمات الاجتماعية لدمشق على عهد المماليك.ولم تكن اعمال البر والخير النادرة[214]، فضلا عن بناء المؤسسات الدينية العديدة على اختلاف انواعها سوى تكفيرا عن ممارسات الظلم غير المبررة، وتقربا من الله من جهة ثانية.وعلى الرغم من العقوبات المتعددة التي انزلت ببعض اهل الظلمة من ابناء دمشق، وببعض المماليك احيانا، فان سلوك الحكام الفاسد، بدا سلوكا عاما في اواخر عهد المماليك، حتى ان بعض المناصب الادارية العسكرية فضلا عن معظم مناصب المتعممين صار يشرى بمال.فانعكس هذا السلوك الملتوي على المجتمع الدمشقي وحول بنيته الاجتماعية.

                          الدكتور انطوان ضومط استاذ التاريخ الاسلامي الوسيط في الجامعة اللبنانية

    مصادر البحث ومراجعه :

اولا المصادر العربية:

-ابن ابي اصيبعة،(احمد بن القاسم)،عيون الانباء في طبقات الاطباء،تحقيق اوغست مللر،القاهرة ،1822،

ابن اياس،بدائع الزهور في وقائع الدهور،بولاق ،1311هجري

ابن بطوطة،(محمد بن عبد الله)،تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاسفار،المطبعة الاهلية،باريس،1874-1879.

ابن تغري بردي،(جمال الدين ابو المحاسن)،النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة،طبعة دار الكتب ،القاهرة،1930-1956

ابن جبير،(حسين)، رحلة ابن جبير،دار صادر بيروت،1961.

ابن جماعة،(بدر الدين محمد)،تذكرة السامع والمتكلم في آداب العلم والمتعلم،مطبعة دائرة المعارف العثمانية،حيدر اباد الدكن،1353ه.

ابن طولون،( شمس الدين محمد)،-  مفاكهة الخلان في حوادث الزمان،نشر محمد مصطفى زيادة،القاهرة، 1962-1964

اعلام الورى بمن ولي من الاتراك بدمشق الشام الكبرى،تحقيق محمد احمد دهمان،دار الفكر ،دمشق،1984.

ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر،مجلة المشرق ،بيروت،1937،

نقد الطالب لزغل المناصب،حققه محمد احمد دهمان وخالد محمد دهمان،دار الفكر المعاصر نبيروت،1992.

الثغر البسام في ذكر من تولى قضاء  الشام،تحقيق صلاح الدين المنجد،دمشق،1956.

القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية،تحقيق محمد احمد دهمان،دمشق،198.

ابن كثير،(عماد الدين اسماعيل)،البداية والنهاية في التاريخ،مكتبة المعارف،بيروت،1966.

ابن كنان،(محمد بن عيسى)، المواكب الاسلامية في الممالك والمحاسن الشامية، جزءان، تحقيق حكمت اسماعيل، وزارة الثقافة، دمشق، 1993

حدائق الياسمين في ذكر قوانين الخلفاء والسلاطين، تحقيق عباس صباغ، دار النفائس، بيروت، 1991

البدري،(ابو البقاء عبد الله)،نزهة الانام في محاسن الشام،القاهرة،1341ه.

البصروي،( علي بن يوسف الدمشقي)،تاريخ البصروي،تحقيق اكرم العلبي،دار المأمون للتراث،دمشق ،1988.

الخالدي،(مجهول الاسم الاول)،المقصد الرفيع المنشا الهادي لديوان الانشا،مخطوط حققه خليل شحادة،اطروحة دكتوراه باشراف الاب الدكتور جان فييه غير منشورة،جامعة القديس يوسف،بيروت،1988.

الدينوري،(نصر بن يعقوب)،التعبير في الرؤية،مخطوط في متحف بغداد،رقم 598.

السبكي،(تاج الدين)،معيد النعم مبيد النقم،دار الحداثة،بيروت،1983.

الصفدي،(خليل بن ايبك)، تحفة ذوي الالباب،وزارة الثقافة ،دمشق،1991.

الصولي،(محمد بن يحي)،اخبار الراضي بالله والمتقي بالله مطبعة الصاوي،مصر،دون تاريخ.

الطبري،(محمد بن جرير)،تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، دار المعارف بمصر،القاهرة،1960-1969.

الظاهري،(خليل بن شاهين)،زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك،اعتنى بتصحيحه بولس راويس،المطبعة الجمهورية،باريس،1891.

العمري،(ابن فضل الله)،مسالك الابصار في ممالك الامصار،تحقيق دوروتيا كراوفولسكي،المركز الاسلامي للبحوث،بيروت،1986.

المسعودي،(ابو الحسن)،مروج الذهي ومعادن الجوهر،تحقيق شارل بلا،منشورات الجامعة اللبنانية،بيروت،1973.

المقريزي،(تقي الدين احمد)- المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار،بولاق،1270 ه.

– السلوك لمعرفة دول الملوك،تحقيق محمد مصطفى زيادة،دار الكتب ،القاهرة،1934-1936.

النعيمي،(محي الدين عبد القادر محمد)،الدارس في تاريخ المدارس،مطبعة الترقي ،دمشق،1948.

     المراجع العربية

 الدوري،(عبد العزيز)،مقدمة في تاريخ صدر الاسلام،المطبعة الكاثوليكية،بيروت،1960.

العلبي،(اكرم)،دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين،الشركة المتحدة للتوزيع،دمشق،1986.

سوفاجيه،(جان)،دمشق،نقله الى العربية فؤاد افرام البستاني،حققه اكرم العلبي،دار الوارف،دمشق،1989.

زيادة،(نقولا)،دمشق في عصر المماليك،مؤسسة فرانكلن للطباعة والنشر،بيروت-نيويورك،1966.

سعد،(فهمي)،العامة في بغداد في القرنين 3و4 الهجريين،الاهلية للنشر والتوزيع،بيروت،1983

ضومط،(انطوان)،الدولة التاريخ السياسي والعسكري ، دار الحداثة،ط2،بيروت،1981

كرد علي،(محمد)،خطط الشام،مطبعة الترقي دمشق،1927.

كيال،( منير)، الحمامات الدمشقية، مطابع ابن خلدون، دمشق، 1986

عزب،(خالد)،”الاحياء السكنية”،مجلة الوعي الاسلامي،العدد 327،السنة 30.

لابيدوس،(ايرا مارفين)،مدن الشام في عصر المماليك، نقله الى العربية زكار،دار حسان،دمشق،1985.

نصار،(اندريه)،العامة بدمشق المملوكية،رسالة دبلوم دراسات عليا باشراف الدكتور انطوان ضومط،الجامعة اللبنانية،كلية الآداب،الفرع الثاني -الفنار،1997

                               Bibliographies

-Ashtor,E., Histoires des Prix et des Salaires dans l,Orient Medieval , Ecole pratique des hautes etudes, Paris , 1959

-Ayalon,D,” The Muslim City ahd the Mamluk aristocacy”,Proceeding of the  Israel Academy of Sciences and Humanities,2(Jerusalem 1968),pp. 311-329

-Heyd,W, histoire du Commerce du Levant au Moyen-Age,T2,Leipzig, 1885-1886

Institut francais d,archeologie orientale du Caire,Precis d,Histoire d,Egypte,par divers historiens et archeologues, 1932.

Soboul,A, L,Histoire sociale- Sources et Methodes,Colloque de l,Ecole Normale Superieure de Saint-Cloud,15-16 mai 1965,Paris, 1965.


[1] – شرف (جان )،الايديولوجية المجتمعية ، منشورات الجامعة اللبنانية،بيروت،1996، ص 100

[2] -Soboul, Albert, L’histoire sociale_ Sources et Méthodes, Colloque de l’Ecole Normale supérieure de Saint-Cloud, 15-16 MAI 1965, Paris 1965, p.10.

[3] – ibid  , p.  15

[4] – هذه الابواب هي بالتسلسل من الجنوب الى الشرق فالشمال فالغرب :الباب الصغير ، باب كيسان ، الشرقي ، توما ، السلامة ، الفراديس ، الفرج ، الحديد ، الجناز ، والجابية ، ابن طولون ( محمد بن علي )، الشمعة المضية في اخبار القلعة الدمشقية ، مطبعة الترقي ، دمشق ، ص 17 .

ابن بطوطة ( محمد بن ابراهيم ) ، رحلة ابن بطوطة ،دار صادر ، بيروت ، 1960 ، ص 97

البدري ( ابو البقاء عبد الله )، نزهة الانام في محاسن الشام ، القاهرة ، 1341 ه.، ص 25-28 .

العلبي ( اكرم حسن )، دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ، الشركة المتحدة للتوزيع ، دمشق ،ص 49-50 .

[5]  – عينه ، ص 51

[6] – ابن كنان ( محمد بن عيسى الصالحي الدمشقي )، المواكب الاسلامية في الممالك والمحاسن الشامية ، تحقيق حكمت اسماعيل ، وزارة الثقافة، دمشق، 1992 ، ج1 ، ص208 

7- عينه ، ص209

8- المكان عينه

9- البدري ( عبد الله بن محمد )، نزهة الانام في محاسن الشام ، المطبعة السلفية ، القاهرة، 1341 ه. ، ص26

[10] – المواكب الاسلامية ، ج1 ص 211-212

[11] – العلبي ، ص 50

[12] – زيادة ( نقولا ) دمشق في عهد المماليك ، بيروت، 1966 ، ص 96

[13] -المواكب الاسلامية ، ص 215 ، وانظر حاشية رقم 7

[14]  – عينه ، ص 210

[15] – عزب ( خالد )، ” الاحياء السكنية “، مجلة الوعي الاسلامي ،العدد ، 327 ،السنة 30 ،ص 86-91 .

[16] – المكان نفسه

– نصار ( اندريه طانيوس ) ، العامة بدمشق المملوكية ، رسالة دبلوم دراسات عليا غير منشورة ،الجامعة اللبنانية ،كلية الاداب ،الفرع الثاني – الفنار- ،ص 22 .

[17] – مفردها محلة وهي حي ينفتح على ازقة ضيقة تعرف بالحارات

[18] – لابيدوس ( ايرا مارفين )، مدن الشام في عصر المماليك ، نقله الى العربية سهيل زكار ، دار حسان ، دمثق ، 1985 ، ص 81 .

[19]  – لابيدوس ، المرجع السابق ، ص 142

– بدرو ( شالميتا )، “الاسواق ” مجلة المدينة الاسلامية ، ص 109- 119 .

[20] – ابن المبرد ( يوسف بن عبد الهادي)، نزهة الآفاق عن حالة الاسواق ، نشر حبيب الزيات ، مجلة المشرق ، بيروت، 1939 ، ص 18 وما بعد

وانظر العلبي، دمشق، ص 251-253

[21] – ابن طولون ( شمس الدين محمد بن علي)، القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية، تحقيق محمد احمد دهمان، نشر مكتب الدراسات الاسلامية، دمشق، 1956 ،ج1، ص 10 ، 74 ، ونزهة الانام، ص 82 ، والمواكب الاسلامية، ص 380-381

[22]  –  ابن كنان ، حدائق الياسمين في ذكر قوانين الخلفاء والسلاطين ، تحقيق، عباس صباغ، دار النفائس بيروت، 1991 ، ص 147، 149 156 ، 206

[23] – المواكب، ج1 ، ص 281 –  282، مفاكهة، ج1، ص 298، 358 ، اعلام الورى، 116 ، العلبي ،  ص 61-63

[24] – المواكب ، ج1 ، ص251-252

[25]  – عينه ، ج1 ، 252

[26]  – المكان عينه

[27] – المكان عينه ، وانظر الحاشية رقم 6 التي استند فيها المحقق على الاعلاق الخطيرة ، ونزهة الانام

[28]  – ابن بطوطة (محمد بن عبد الله )، تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاسفار ،المطبعة الاهلية ،باريس ، 1874 – 1879 ، ج1 ، ص235

[28] – نفسه ، ج1 ، ص 229 – 230

[29] – المواكب، ج1، ص292-293

[30] – عينه ، ج1 ، ص 293

[31] – كيال ( منير)، الحمامات الدمسقية، وزارة الارشاد القومي، دمشق،  1966 ، ص212

[32] – المكان عينه

[33]  عينه

[34] – الكيال، ص 212

[35]  – نصار ، المرجع السابق ، ص 22 .

[36] ابن جبير ( حين ) ، رحلة ابن جبير ، دار صادر، بيروت ، 1961 . ص 238 .

[37]  – الرمي هو ان ترمى على حارة معينة مبالغ من المال لصالح السلطان او نائب دمشق او لاقتراف احد ابناء الحي جرم او جريمة او اتهامه باحداهما ، وذلك بعدما بعدما تمكن الحكام المماليك من انتزاع فتاوى شرعية بشأن الرمي والطرح وما شابههما .انظر حول هذاه المواضيع : ابن طولون ، مفاكهة الخلان في حوادث الزمان ، نشر محمد مصطفى زيادة ، القاهرة ، 1962 – 1964 ، ج1 ، ص 227، 249 ، 309 ، 363 ، 366 ، وغيرها .

اما بالنسبة لتنظيم الاحياء فانظر ايضا ابن طولون ، المرجع السابق ، ج1 ، ص 213 ، 274 ، 282 ، 289، 330 ، 374 ، وايضا لابيدوس ، مدن الشام ، ص 152 .

[38] – ابن طولون ، المصدر السابق ، ص 227، 234 ، 267 ، 287 ، 363 ، 366 و377 .

[39] – لابيدوس ، المرجع السابق ، ص 145 وما بعد .

[40] – حدائق الياسمين ، ص 146 –157  

-38  كيال( منير)، الحمامات [41] الدمشقية، وزارة الارشاد القومي، 1966 ، ص43

[42] – ابن الاثير ( عز الدين)، الكامل في التاريخ، دار صادر، بيروت، دون تاريخ، ج10، ص 68، 98 ، و نزهة الانام ، ص 27 ، والمواكب الاسلامية، ج1 حاشية رقم5

[43] – المواكب، ج1، ص 214-215

[44]  – المكان عينه

[45]  –  المواكب ، ص 215 -216

[46]  – العمري ( ابن فضل الله ) ، مسالك الابصار في ممالك الامصار ، تحقيق دوروتيا كرافولسكي ، المركز الاسلامي للبحوث ، بيروت ، 1986 ، ص 181- 182 . وانظر ايضا ابن طولون ، اعلام الورى بمن ولي نائبا من الاتراك بدمشق الشام الكبرى ، تحقيق محمد احمد دهمان ، دار الفكر ، دمشق ،1984 ،ص 89 ، وايضا ابن طولون ،ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر ،مجلة المشرق ، بيروت ، 1937، ص 33 .

[47]  – المقريزي ( تقي الدين احمد ) ، السلوك لمعرفة دول الملوك ، تحقيق محمد مصطفى زيادة ، مطبعة دار الكتب ، القاهرة ، 1934 – 1936 ، ج1 ، القسم الثاني ، ص 162 .

[48]  – العمري ، المصدر السابق ، ص 181 – 182 ، elisseff , ( N), “DIMASHK” EI2, VOL2, pp 286, 293  ، و نصار ، المرجع الذكور ، ص 9  

[49] –  مفاكهة ، ص 20 .

[50]  – الصفدي ( خليل بن ايبك )، تحفة ذوي الالباب فيمن حكم من بدمشق من الخلفاء و الملوك والنواب ، وزارة الثقافة ، دمشق ، 1991 ، ص 170 – 171 ، Elisseff , ibid , p 294 , ، ونصار ، ص 10 .

[51] – Ashtor, Eliahu, Histoire des prix et des salaries dans l’orient medieval, Ecole pratique des hautes etudes, Paris, 1959, pp. 167,268

وانظر، ضومط ( انطوان)، الدولة المملوكية، دار الحداثة، بيروت ، ط2 ، 1981  ، ص 150

[52]  – العمري ، مسالك الابصار ، ص 181 ، و سوفاجيه ( جان ) ، دمشق ، نقله الى العربية فؤاد افرام البستاني ، حققه احمد العلبي ،دار الوارف ، دمشق ، 1989 ،ص 93 – 94 ، و نصار ، العامة الدمشقية ، ص  11 .

[53]  – سوفاجيه ، المرجع السابق ، ص 94 – 95 .

[54] – ابن بطوطة (محمد بن عبد الله )، تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاسفار ،المطبعة الاهلية ،باريس ، 1874 – 1879 ، ج1 ، ص235

[55] – نفسه ، ج1 ، ص 229 – 230

[56] – زيادة ( نقولا )، دمثق في عصر المماليك ،مؤسسة فرانكلن للطباعة والنشر ، بيروت – نيويورك، 1966 ، ص117 – 118

[57]  – ابن تغري بردي ( جمال الدين ابو المحاسن ) ، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، طبعة دار الكتب ، القاهرة ، 1930 – 1956 ، ج 12 ، ص 239 وما بعد ، وابن اياس ( محمد بن احمد ) ، بدائع الزهور في وقائع الدهور ، بولاق ، 1311 ه. ، ج1 ، ص 232 وما بعد .

[58]  – L’Histoire Sociale- Sources et Méthodes p.19 ,28 .

[59]  – المقريزي ( تقي الدين احمد ) ، اغاثة الامة بكشف الغمة ، نشر محمد مصطفى زيادة وجمال الدين الشيال ، القاهرة ، 1940 ، ص 72 – 73 .

[60] – زيادة ، دمشق ، ص 131

[61] – ابن جبير( محمد بن احمد)، الرحلة، دار صادر ، بيروت، 1980، ص 257 وابن بطوطة( شمس الدين محمد)، تحفة النظار في غرائب الامصار، جزآن، القاهرة، 1964،ج1، ص63

[62] – القلقشندي ( احمد بن علي )، صبح الاعشى في صناعة الانشاء ، مطبعة دار الكتب المصرية ،القاهرة ، 1913 ، ج4 ، ص 472 .

[63] – لم يعتبر الرق شرطا لدخول الفرد الى الطبقة العسكرية الحاكمة الا في احيان نادرة مثل انعام السلاطين على اولادهم احيانا او على اولاد الامراء الكبار احيانا اخرى . انظر : ابن تغري بردي ، النجوم الزاهرة ، ج 9 ، ص 99 -100 ، وابن اياس ، بدائع الزهور ، ج1 ، 227 ، و ج2 ، ص 5 .

[64] – – Ayalon ( david ), “the Musgim City and the Mamluk Mititary Arhstocracy “ , Proceeding of the Israel Academy of Sciences and Humanities, 2 ( Jerusalem 1968 ) , p. 323

[65] – النجوم الزاعرة ، ج9 ، ص 51 -52 .

[66] – ضومط ( انطوان ) الدولة المملوكية التاريخ السياسي والاقتصادي و العسكري ، دار الحداثة ، بيروت ، ط2 ، 1981 ، ص 86

[67] – Ayalon , ibid .

[68] – ibid

[69] – القلقشندي ، ج4 ، ص 40 – 41 .

[70] – المصدر نفسه ، ج4 ، ص 6 ، 10 ، و 40 ، وانظر المقريزي ، المواعظ والاتبار بذكر الخطط والآثار ، بولاق ، 1270 ه. ، ج2 ، ص 98 .

[71] ضومط ، الدولة المملوكية ، ص 88

[72] – القلقشندي ، ج4 ، ص 310 – 312 ، وقد اورد المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار- المعروف بالخطط – ، مطبعة الساحل ، بيروت ، 1959 ، ج3 ، ص 357 – 358 .

[73] – القلقشندي ،صبح الاعشى ، ج4 ، ص 50 – 51 ، وج3 ، ص 485 ، وج6 ، ص 185 ، المقريزي خطط ، بولاق ،ج1 ، ص 87 و90 ، ابن تغري بردي ، النجوم الزاهرة ، ج8 ، ص 52 ، ابن اياس ، بدائع ، ج1 ، ص 90، ج

[74] – العمري ( ابن فضل الله ) ، التعريف بالمصطلح الشريف ، مطبعة العاصمة بمصر ، 1894 ، ص 84 ، القلقشندي ، ج4 ، ص 184 ، الخالدي ، ( مجهول الاسم الاول )، المقصد الرفيع المنشا الهادي لديوان الانشا ، مخطوط حققه خليل شحادة ، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، جامعة القديس يوسف ، بيروت ، 1988 ، ص 272 . وهو مؤلف في الادارة على غرار التعريف بالمصطلح الشريف للعمري ، وصبح الاعشى للقلقشندي . وهو يعتبر احدث المصادر المملوكية في هذا الشأن .

[75] – المقريزي ، السلوك ، تحقيق سعيد عاشور ، دار الكتب القاهرة ، 1972 – 1973 ، ج4 ، القسم الاول ، ص 174 . ابن طولون ، اعلام الورى ، ص 73 – 75 ،92 ، 99 ، 121 ، 186 وغيرها .

[76]  – اعلام الورى ، ص 82 ، 186 .

[77] – ابن طولون ، مفاكهة ، ج1 ، ص 224 . كان بدمشق اربع قضاة قضاة للمذاهب السنية الاربعة ، الخالدي ، المصدر السابق ، ص  273 .

[78] – لن ادخل في تفاصيل صلاحيات نائب دمشق لان الموضوعي ينحصر بالتاريخ الاجتماعي ، ولمزيد من الاطلاع على صلاحياته انظر : العمري ،مسالك الابصار ، ص 115 ، والقلقشندي ، ج9 ، ص 253 – 259 .

[79] – لمزيد من الاطلاع انظر  : السبكي ، ( تاج الدين عبد الوهاب ) ، معيد النعم مبيد النقم ، دار الحداثة ، بيروت ، 1983 ، ص 23، و  القلقشندي ، ج13 ، ص 124 ، 194 – 197 ، وابن طولون ، اعلام ، ص  59 ، 61 ، 70 ، 83 ، 115 – 116 ، 122 ، 153 ، 165 – 166 ، 200، 203 ، 220 و غيرها ، والسلوك ، ج4 ، ق1 ، ص 136 – 137

[80] – القلقشندي، ( ابو العباس احمد)، صبح الاعشى في صناعة الانشا ، القاهرة،ج ،4 , ص182 -183

[81] – الخالدي ، المصدر السابق ، ص 272 . بلغ عدد اراء المئة في الدولة المملوكية 24 اميرا بوجه عام ، وكان ينقص عددهم احيانا الى 18 ويزيد الى 26 او 28 اميرا ، انظر الظاهري ( خليل بن شاهين ) ، زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك ، اعتنى بتصحيحه بولس راويس ، المطبعة الجمهورية ، باريس ، 1891 ، ص 113 ، والقلقشندي ، ج4 ، ص13 – 14، و الطرخان ( ابراهيم علي ) ،مصر في عهد دولة المماليك الجراكسة ، القاهرة ، 1960 ، ص 229 .

[82] – الخالدي ، ص 272 . كان من حق امير المئة اقتناء مئة مملوك يشتريهم من ماله الخاص ، وحق لامير اربعين اقتناء اربعين مملوكا ، وسمي ” طبلخاناه ” لانه حق له بقرع الطبول على بابه كل يوم ،اما تسمية الامراء الاخرين فتنبع من عدد المماليك الذين سمح لكل واحد منهم باقتنائهم ، لمزيد من الاطلاع على هذا الموضوع انظر : ضومط ، الدولة المملوكية ، ص 63 – 65 .

– الخالدي ، ص 272 .[83]، والمواكب، ج2ن ص 12

[84] – القلقشندي، ج4، ص 185 ، والمواكب، ج2، ص13

[85] – القلقشندي، ج4، ص185 ، والمواكب، ج2 ، ص15

[86] – المواكب، ج2، ص16

[87] – الصفدي ، ق2 ، ص 182 ، القلقشندي ، ج9 ، ص 253 ، السلوك ، ج4 ، ق1 ، 425 ، 442 ،والخالدي ، ص 272 .

[88] –  ابن طولون ( شمس الدين محمد)،  مفاكهة الخلان في حوادث الزمان، تحقيق محمد مصطفى، الؤسسة المصرية العامة، القاهرة، 1962 ، ص50، 155، 157، 164، 183 وغيرها

[89] – ابن اياس ، بدائع ، ج1 ، ص 155 – 156

[90] – ابن تغري بردي ، نجوم ، ج9 ، ص 153 . ابن اياس ، بدائع ، ص 156

[91] – الاردب وحدة كيل مصرية ، يساوي 1\3 غرارة او 24 مدا ، القلقشندي ، ج3 ، ص 441 ، وج4 ، ص 181

[92] – نجوم ، ج10 ، ص 6 – 8 ، 44 .

[93] – دمشق في عهد المماليك ، ص 145 .

[94] – كان والد ابن تغري بردي امير مئة ومقدم ألف وتولى نيابة دمشق ، وكذلك ابن اياس .

[95] –  ابن طولون ، مفاكهة ، ج1 ،ص 8 – 9 ، 240 ، 245 .

[96] – المواكب، ج2 ، ص 16-17

[97] – الخالدي ، ص 273 .

[98] – المكان نفسه .والمواكب، ج2 ، ص 16

[99] –  القلقشندي ، ج4 ، ص 34 – 36 .

[100] – السبكي ، 56 ، القلقشندي ، ج11 ، ص 408 – 414 ، ابن طولون ، نقد الطالب لزغل المناصب ، دار الفكر المعاصر ، بيروت ، 1992 ، ص 46 ، ونصار ، العامة ، ص 356 – 357 .

[101] – البصروي ( علي بن يوسف الدمشقي ) ، تاريخ البصروي صفحات مجهولة من تاريخ دمشق في عصر المماليك من سنة 871ه. – لغاية 904 ه. ،نحقيق اكم العلبي ، دار المأمون للتراث ،دمشق ، 1988 ، ص 136.

[102] – ابن طولون ، مفاكهة الخلان ، ج1 ، ص 36 ، 37 ، و 50 وغيرها .

[103] – ابن طولون ( شمس الدين محمد الصالحي الدمشقي )، الثغر البسام في ذكر من تولى قضاء الشام ، تحقيق صلاح الدين المنجد ،دمشق 1956، ص 130، 165، 219، 255 ،  وابن طولون ، نقد الطالب لزغل المناصب ، حققه محمد احمد دهمان وخالد محمد دهمان ، دار الفكر المعاصر ،بيروت ، 1992 ، ص 45 والمقريزي ، السلوك ، ج3، ق3، 1073 و 1168 ، والبصروي ، ص 174

[104] – ابن طولون ، الثغر البسام ، ص 128 – 130

[105] – ابن طولون ، الثغر البسام ، ص 155 . ولمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع انظر انريه نصار ، العامة ، 354 – 355 .

[106] – البصروي ، تاريخ البصروي ، ص 41، 43، 85- 86 ، وابن طولون ، الثغر البسام ، 124-125،160، 164، 180 وغيرها.

[107] – مفاكهة ،ص 115،158، 160 ، 162 وغيرها كثير

[108] – الخالدي ، ص ، 273، المواكب، ج2، ص 17

[109] – الخالدي ، ص 273 .

[110] – القلقشندي، ج4 ، ص 193

[111] – عينه، ج4 ، ص 30 ، والمواكب، ج2 ، ص 19

[112] – المكانان عينهما

[113] – لمزيد من التفصيل حول هذا الموضوع انظر:انريه نصار ، العامة في دمشق ، ص 360- 364

[114] – ابن طولون ، القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية،تحقيق محمد احمد دهمان، دمشق ،1980، ج1، ص 110

[115] – ابن كثير ، ( عماد الدين اسماعيل ) ، البداية والنهاية في التاريخ ، مكتبة المعارف ، بيروت ، 1966، ج13 ، ص 351 ، و النعيمي ، ( محي الدين عبد القادر محمد )، الدارس في تاريخ المدارس، مطبعة الترقي دمشق ، 1948 – 1951 ، ج1 ، ص 56

[116] – النعيمي ، المصدر السابق ، في اماكن متعددة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ،ج1 ، ص 131 ، 159 ، 215، 225 ، 229، 301 ،253، 277 ، 326، 373 ، 429، 431، 438،  455 ، 459 ، 467 ، 474، 488، 496، 498، 537، 542، 555، 560، 569،  588،  592،594، 599، 600، 604، 607،  و ج2 ، ص 59

[117] – ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج13 ، ص 262، والنعيمي الدارس ، ج2 ، ص 129 – 133،و135

[118] – ابن ابي اصيبعة ، ( احمد بن القاسم )، عيون الانباء في طبقات الاطباء ، تحقيق اوغست مللر ، القاهرة ، 1822 ، ج2 ، ص 155

[119] – كرد علي ، (محمد )،خطط الشام ،مطبعة الترقي ، دمشق ، 1927 ، اما ج6 ، فطبع في مطبعة المفيد ، دمشق ، 1928 ، ج6 ، ص 161.لن اتوسع بدراسة البيمارستانات لانها لا تتعلق اجمالا بالوظائف الدينية

[120] – اسسها نور الدين زنكي ، ابن كثير ، البداية والنهاية، ج13 ، ص 58، والنعيمي ، الدارس ، ج1 ، ص 359

[121] – النعيمي ، ج1 ، 365 – 367 .

[122] – المصدر السبق ، ج2 ، ص 261 – 270 .

[123] – البداية والنهاية ، ج13 ، ص 339 ، والقلقشندي ، ج4 ، ص 192 .

[124] – كان المدرسون بوجه عام من القضاة والفقهاء ، والمعيدون من القضاة احيانا ومن العلماء انظر حول هذا الموضوع :ابن جماعة ، تذكرة السامع ، ص 150، 201، 204، والسبكي ، معيد النعم ، ص 108، والنعيمي، الدارس ، ج1 ، ص 297

[125] – القلقشندي ، ج5 ، ص 465 .

[126] – البداية والنهاية، ج14، ص 84، 321

[127] – ابن كثير ،المصدر السابق ، ج14، ص 71، 321

[128] – لابيدوس ، مدن الشام، ص 176

[129] – لمزيد من التفاصيل عن ازياء المتعممين انظر : العمري ، مسالك الابصار ص 112-113

[130] – الخالدي ، ص275 . القلقشندي ، ج5 ، ص 473 .

[131] – القلقشندي ، ج5 ، ص 473 – 474 .

[132] – الخالدي ، ص 275 .

[133] – القلقشندي ، ج4 ، ص 194 . الخالدي ، ص 275 .

[134] – لابيدوس ،المرجع السابق ، ص 136.

[135] – سعد،( فهمي عبد الرزاق )، العامة في بغداد في القرنين الثالث والرابع الهجريين، الاهلية للنشر والتوزيع،بيروت ، 1983، ص 121 .

[136] – الظاهري ،زبدة كشف الممالك ، ص41 فهو يقول ان احد تجار الكارم استطاع بناء مدرسة من مدخول يوم واحد،ويقول القلقشندي ان بعض التجار دين السلطان مئة الف درهم فضة ،ج4،ص 32 وما بعد. ابن تغري بردي ، نجوم ، ج10، ص279، وابن اياس  ،ج1 ،ص 197 وانظر ايضا Ashtor , Eliahu ,Histoire des Pix et Salaires dans  l Orieht Medieval , Ecole Pratique des Hautes etudes ,Paris ,1959 , p 271

[137] – مفاكهة ، ج1 ، ص 100 وغيرها

[138] – مفاكهة ، ج1 ، ص 41، 44 – 45، 78 ، 89 ، 91 ، 119، 231، 164 وغيرها، اعلام ص194، 203 ، 222.

[139] – لن اتحدث عن بياض العامة اي مياسير التجار واصحاب الحرف الكبرى بتفصيل لان هذا الموضوع يتطلب دراسة قائمة بذاتها .

[140] – الدوري ( عبد العزيز ) ، مقدمة في تاريخ صدر الاسلام ، المطبعة الكاثوليكية  ، بيروت ، 1960 ، في صفحات متعددة منها .

[141] – الصولي ( محمد بن يحي ) ، اخبار الراضي لله والمتقي بالله ، مطبعة الصاوي ، مصر ، دون اتريخ ، ص 202 – 211 وغيرها ، المسعودي ( ابو الحسن ) ، مروج الذهب و معادن الجوهر ، تحقيق شارل بلا ، منشورات الجامعة اللبنانية ، بيروت ، 1973 ، ج2 ، ص 307 – 308 وغيرها .

[142] – الدينوري،( ابو سعد نصر بن يعقوب )،التعبير في الرؤية،او القادر في التعبير،مخطوط متحف بغداد رقم 598 ، نقلا عن سعد ( فهمي)،العامة في بغداد، ص 66.

[143] – الطبري،( محمد بن جرير)،تاريخ الرسلوالملوك،دار المعارف، القاهرة،1960- 1969،ج8،ص448 – 468

[144] – الصفدي ، ( خليل بن ايبك) ، نكت الهميان في نكت العميان ، ص 10 ، نقلا عن العامة في بغداد لفهمي سعد ،ص66 .

[145] – لابيدوس ، مدن الشام ، ص ، 137.

[146] – خطط ج1، ص 89 ، لابيدوس ، المرجع السابق ، ص 137 – 138 .

[147] – السبكي ، معيد النعم ، ص 9 – 10

[148] – لابيدوس ن مدن الشام ، ص 138 .

[149] – المقريزي ، خطط ، ج1، ص  89

[150] – لابيدوس ، ص 138 .

[151] – ابن طولون ، مفاكهة ، ج1 ، ص 35 ، 68 ، 100 ، نصار ، العامة ، ص 88

[151] – نصار ، العامة ، ص 88 ، يستمد رأيه من Goitein  , S. D . , “Artisans en Méditerrannée orientale au haut Moyen-Age “in annales E.S.C., n 5 (1964), PP.847-868, P.852.

[152] – نصار المكان نفسه

[153] – مفاكهة ، ج2 ، ص  10

[154] – المصدر نفسه ،ج1 ،ص 115 .

[155] – المصدر نفسه ،ج1، ص 16 و 198 .

[156] – ابن طولون ،اعلام الورى ،ص 118  ، ومفاكهة، ج1، ص16 ، 87

[157] – المقريزي ، السلوك ،ج3 ، ق1 ، ص106 – 107 .Heyd .W , Histoire du commerce du Levant au Moyen -Age ,T2 , Leipzig , 1885 – 1886 ,p. 52 . 

[158] – مفاكهة، ج1، ص 130

[159] – مفاكهة، ج1، ص87

[160] – النعيمي ( عبد القادر بن محمد )،الدارس في تاريخ المدارس ،دار الكتب العلمية ، بيروت، 1990،ج2 ،ص 244.وابن طولون ،مفاكهة،ج1 ،ص 124 .

[161] – زيادة ، ( نقولا ) ، دمشق في عصر المماليك ،مؤسسة فرانكلن ،بيروت – نيويورك،1966، ص 131 – 133.

[162] – مدن الشام ، ص ، 157.

[163] – المكان نفسه .

[164] – المسعودي ، مروج الذهب ، ج2 ، ص 318 . وانظر ايضا: ضومط (انطوان )،بالاشتراك مع آخرين : الشرق العربي في العصور الوسطى ، الدار الجامعية للنشر، بيروت ، 1995 ، ص 208 – 209 .

[165] – ابن طولون ، مفاكهة، ج1 ، ص 3 ، 166 ، 168 ، 186 ،191، 195 ، 204 ، 261 – 262 ، واعلام الورى، ص 108 ، 127 ، 183 ، وغيرها .

[166] – ابن طولون ، مفاكهة ، ج1، ص 212 واعلام،ص 51 ، ونصار ،العامة ، ص 97 .

[167] – ابن طولون ،مفاكهة ، ج1 ، ص 27،92، 137، 153،160، 179- 185 ، 212 – 214 ، 224- 225، 250-252 وغيرها، واعلام،ص 101- 102 ،121 – 122 وغيرها .

[168] – ابن طولون ،مفاكهة ، ج1 ، ص 65 -66 ، 196 ، 224- 225، 258 – 259 ،295 وغيرها ، و اعلام الورى ، 121- 122 ، 167 – 168 ، 196 – 197 ، وغيرها . الاستاذ في الاصطلاح المملوكي هو من يشتري المماليك ، وتعني ايضا من اشترى المماليك وتربوا بعهدته ،ومن ثم اعتقهم وظلوا ابدا يرتبطون به برابط الولاء والطاعة عموما ، من هنا تأتي اهمية لقب ابن الاستاذ . اما لقب قريش فهو ادعاء نسبي للدلالة على ان صاحبه يتحدر من آل قريش

[169] – مفاكهة ، ج1 ، ص 283 .

[170]  المصدر نفسه ، ج1 ، ص247 .

[171] – نفسه ، ج1 ، ص 268 ، واعلام الورى ، ص 174، 195، 199، 203

[172] – ان مؤلفي ابن طولون :مفاكهة الخلان واعلام الورى مليئة بهذه الاخبار وسأكتفي فقط بذكر بعض الصفحات ، مفاكهة ، ج1 ،ص 179، 180، 182، 183، 247، 283..

[173] – مفاكهة ،ج1 ، ص 238- 239 ، 292 – 293 ،و314

[174] – مفاكهة ، ج1 ، ص 292 – 293 ، واعلام ، 195 ، ونصار ، العامة، ص 101

[175] – ابن طولون ، مفاكهة ، ج1 ، ص 180 .ويقول كانت بالغة ولم يسعدوا بها لانها نهبت.

[176] – نفسه ، ج1 ، ص 185 ، 247 ويسنهجن ابن طولون ،وكان قاضيا بدمشق، هذا الامر

[177] – مفاكهة ، ج1 ، ص  247

[178] – نفسه ، ج1 ن ص 225

[179] – مفاكهة، ج1، ص 179، 182-183،

[180] ، عينه ص 232، 200 ،

[181] -مفاكهة، ج1، ص219

[182] – مفاكهة، ج1، ص 185، 201 ، 200

[183] – عندما قتل الزعر احد الظالمين غرمهم نائب دمشق بخمس مئة دينار فتدخل لصلحهم قاضي القضاة ابن الفرفور لدى النائب فعفا عنهم ، مفاكهة ، ج1 ، ص 160

[184] – اعلام الورى ، ص 118 – 119 ، 127 و مفاكهة، ج1 ، ص 177، 204، 213-214، 238-239و181.

[185] – مفاكهة ،ج1 ، ص 181، 207 ، 278 -279، 293، واعلام ، ص 175و 181، ونصار ، ص 102 .

[186] – مفكهة ، ج1 ، ص 204

[187] – نفسه ، ص 238 – 239 .

[188] القلقشندي ،ج3، ص 375 – 376 ، Preؤprecis de l Histoire d Egipte , par divers historiens et rcheologues ,P240 t 2  , Istitut Francais De Damas ,1932   

[189] – الظاهري ، زبدة ، ص 122

[190] – خطط، ( بولاق ) ، ج3 ، ص 347 – 348 ، ولمزيد من التفاصيل حول تربية المماليك ومميزاتهم انظر : ضومط ،الدولة المملوكية ، ص 28 – 38 .

[191] – البصروي ، ص 198 ، هامش رقم1 ،ونصار ، العامة ، ص 320 .

[192] – البصروي ، ص 179

[193] – اعلام ، ص 157 ، ومفاكهة، ج1 ، ص 275

[194] – مفاكهة ، ج1 ، ص 247

[195] – نفسه ، ص 249

[196] – مفاكهة، ج1 ، ص 261

[197] – انظر ابن طولون في اماكن متعددة من كتابيه : مفاكهة،ج1 ، ص 275 ،289، 316 ، 342-343 وغيرها،واعلام، 171، 178، 205، 208،222 وغيرها

[198] – مفاكهة ، ج1 ، ص118-119

[199] – البصروي، ص 110  مفاكهة ، ج1 ، ص 41 ، 44 – 45 ، 119 ،231،292، 

[200] –  مفاكهة، ج1 ، ص44

[201] – مفاكهة، ج1، ص 213

[202] – مفاكهة، ج1 ، ص 78، 91،

[203] – المقريزي، السلوك، ج3، ق3، ص1145، مفاكهة، ج1، ص 108، ، 146 ، 180- 181 ، 209، 291،

[204] – مفاكهة، ج1، ص 287، 374، اعلام، ص 187، ونصار ن العامة، ص 326

[205] – البصروي، ص 125، 176، مفاكهة ، ج1، ص132 167،، 158،199 222، اعلام الورى، ص79، 99،119، 187، 209،

[206] – مفاكهة، ج1 ،17،92،100،101،127،208، 214،222،260،286،وغيرها،اعلام الورى، ص 79،119، وانظر نصار ،العامة، ص 327 – 331

[207] – مفاكهة، ج1، ص 6، 41، 62،  64، 65، 79،  124-125 ، 146 ، 147 ، 160، 178، 215، اعلاو الورى، ص 96، 97،

[208] – ابن طولون ، مفاكهة الخلان، ج1، ص 8-9،41، 65،124 79، – 125، 227، 299، 234،

[209] – البصروي، ص183،207،219،239، اما مفاكهة الخلان فهو مليء باخبار الجرائم واللصوصية وغيرها من المفاسد سأكتفي بذكر بعض الصفحات فقط:ج1،17، 92، 153،164،177،204،225،234،257، واعلام، ص،122، 136،164،181،وغيرها كثير

[210] – سلوك، ج4،ق3، ص 1066- 1067، السبكي، معيد النعم، ص 35-36، وفاكهة، ج1، ص 93-94، 142-143، 204- 205، 297

[211] – البصروي، ص 101- 102، ومفكهة،ج1، ص 7-9،65

[212] – مفاكهة، ج1، 30، 84، 158، 215، 248-249

[213] – مفاكهة، ج1 ، ص20-21

[214] – مفاكهة، ج1، ص 42، 203

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *