محمد بن طولون (880-935/1476-1546

اولا: حياته ومؤلفاته:

1 – سيرته: هو محمد بن علي بن محمد بن خمارويه بن طولون الصالحي الدمشقي ولقبه شمس الدين. ولد بالصالحية في دمشق عام 880/1476، وابوه علي وامه ازدان الرومية، دوّن سيرة حياته في كتابه « الفلك المشحون في احوال ابن طولون»[1]ويرجع فيه نسبه الى جده الاعلى احمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية في مصر وبلاد الشام[2]. وتتباين آراء المؤرخين حول صحة نسبه، فأكّده الدكتور محمد مصطفى زيادة مستدلا من الكتابين الذين تركهما مؤرخنا:« العقود اللؤلؤية في الدولة الطولونية» و«حوار العيون في تاريخ ابن طولون»[3]، طبعا لم يقدم جديدا لأنه استند على المؤرخ نفسه الذي ينسب نفسه الى الطولونيين. وتوفيت والدته وهو بعد رضيع لا يقوى على المشي[4]، فعاش في كنف ابيه وعمّه المفتي، واخي جده لأمه برهان الدين بن قنديل[5]، فتربى في كنف اسرة ميسورة تعمل في التجارة، واشتهرت بتعاطيها العلوم ولا سيما الدينية؛ فعمّه جمال الدين يوسف بن طولون اتقن العلوم الدينية وتولى مناصب عديدة مهمة كالقضاء والإفتاء فقد شغل منصب مفتي دار العدل بدمشق[6].

    لعب عمّه دورا اساسيا بتوجيه حياته منذ نعومة اظفاره فادخله المدرسة الحاجبية، ثم نقله الى مسجد العساكر القريب من منزله. وابدى مؤرخنا نجابة ومحبة للعلوم اذ حفظ المختار في الفقه الحنفي، ثم المنار في اصول الفقه، فألفية ابن مالك، والمقدمة الجزرية في علم التجويد، والمقدمة الآجرومية في النحو وكتاب الحدود للأبدي[7]. ثم شرع يعرض السماعات على شيوخ عصره لكي يجيزوه[8]، كما عمد الى حفظ متون اكثر صعوبة ذكرها كلها مع اجازاتها في« الفلك المشحون»[9]. ولزم محمد بن ابي بكر المشهور بابن زريق عشر سنين قرأ عليه سبع مائة جزء من كتب الحديث الستة المشهورة[10].

   على الرغم من تولي مؤرخنا مناصب عالية، وحصوله على اجازات عديدة فان اهميته اشد ما تبدو في مؤلفاته العديدة في حقل التأريخ التي ناهزت 476 مؤلفا [11] بعضها لا يتجاوز الصفحات المعدودات.

2- مؤلفاته: قد تمكنت من الحصول على بعض مؤلفاته منها المنشور ومنها المخطوط، وسأذكرها تباعا:

« ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر» .

 حارات دمشق، نشره حبيب الزيات في مجلة المشرق عام 1937 ص 33-35، كما نشر احمد تيمور قسما آخر منه بعنوان « ربوة دمشق ومنتزهاتها وميدان القبق» في مجلة المجمع العلمي العربي، دمشق، عدد2، سنة 1922، ص147-152

مفاكهة الخلان في حوادث الزمان، نشره محمد مصطفى زيادة في جزأين، القاهرة، 1962-1964

اعلام الورى بمن ولي نائبا من الاتراك بدمشق الشام الكبرى، حققه محمد احمد دهمان، دمشق، 1962-1964

قرّة العيون في اخبار باب جيرون، حققه صلاح الدين المنجد، دمشق، 1964

التمتع بالاقران بين تراجم الشيوخ والاقران، حققه صلاح الدين الشيباني الموصلي ضمن« الضرة المضية في الوصايا الحكمية » الذي لم يحقق بأكمله، دمشق، مطبعة الفردوس، 1986

ضرب الحوطة على جميع الغوطة، نشره محمد طلس في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، المجلد 21، آذار- نيسان 1946، وايار- حزيران 1946، ص 236-247، وتموز –آب 1946، ص 238-251

اللمعات البرقية في النكت التاريخية، نشرته مكتبة القدسي والبدير، دمشق، مطبعة الترقي، 1348ه.

نقد الطالب لزغل المناصب، حققه محمد احمد دهمان، دار الفكر المعاصر، بيروت، 1992

القلائد الجوهرية بتاريخ الصالحية، حققه محمد احمد دهمان، قسمان، دمشق، 1949

فص الخواتم في ما قيل في الولائم، حققه نزار اباظة، دار الفكر، دمشق، 1983

الفلك المشحون في احوال ابن طولون، نشرته مكتبة القدسي والبدير، مطبعة الترقي، دمشق، 1348ه.

تبييض الطرس بما ورد في السمر ليالي العرس، نشرته مكتبة القدسي والبدير، دار الترقي، 1348ه.

ضوء السراج فيما قيل في النسّاج، وثيقة قدمتها ليلى صبّاغ الى المؤتمر الثاني لتاريخ بلاد الشام، ج1، 1978، ص 75-94

المعزّة فيما قيل في المزّة، حققه محمد عمر حمادة ونشره في « تاريخ المزة وآثاره »، دار قتيبة، دمشق، 1404/1983

الثغر البسام في ذكر من تولى قضاء الشام، حققه صلاح الدين المنجد ، 1956

اعلام السائلين عن سيد المرسلين، نشره بدمشق حسام الدين القدسي.

وهناك عدد من مؤلفاته ما يزال مخطوطا وموجودا في مكتبة الظاهرية بدمشق، وينتظر همّة المؤرخين لكي يبصر النور ويوضع بتصرف الباحثين.

ثانيا: منهجهه

Iنظرته التاريخية:

    من العسير جدا دراسة كل مؤلفات محمد بن طولون في هذا الكتاب لأنها تقتضي أكثر من كتاب واحد لإيفائها حقها، فعمدت الى انتخاب بعضها كنماذج لمنهجه ونظرته التاريخية. فجاء التركيز على« مفاكهة الخلاّن» و« اعلام الورى» وبدرجة اقل على بعض من كتبه الاخرى التي لها صلة بالتاريخ الاجتماعي، متمّما ما افتقر اليه الكتابان الرئيسياّن، او بالحري تكاملاً لموقفه من التاريخ، ما جعل نظرته التاريخية تتفاوت بعض الشيء تبعا للموضوعات المبحوثة كالاوضاع السياسية والادارية خصوصا في دمشق،  ولكنها تتقاطع بوجه عام بالتركيز على التاريخ الاجتماعي.

1- موقفه من الاقتصاد: ونعني بالاقتصاد هنا كل ما له علاقة مباشرة باوضاع الناس الاقتصادية بما في ذلك الضرائب، وبات معروفا ان المماليك ابتدعوا انماط من الضرائب تحت عناوين متعددة لا تمت الى الشرع الاسلامي بصلة. واذا كانت هذه الانماط الضرائبية قد بدأت مع دولة المماليك الاتراك فانها تجاوزت كل حد، على ما ازعم، في عهد الدولة الجركسية لأسباب متنوعة؛ لأن هذه الدولة كانت تعاني عجزا ماليا مستمرا بفعل عدم الاستقرار الداخلي الناجم عن تدهور النظام العسكري المملوكي، بل عن فساده[12]. وهو أثّر ايضا على النظام الاقطاعي حتى كاد يفرغه من محتواه، بل من الاسس التي من اجلها وضع، فاصابه بدوره الفساد والانحطاط[13]. اضف الى ذلك الصراعات المستمرة بين فئات الاجناد، وصراع كبار الامراء شبه الدائم، وتقاعس الاجناد عن القيام بمهامهم، وهم طالما تمرّدوا بسبب تأخر جوامكهم. هذا فضلا عمما تطلّبته الحروب شبه الدائمة مع الامارت التركمانية المنتشرة على الاطراف الشمالية الشامية. وزاد في الامر سوءا بذخ المماليك المنقطع النظير. ان كل ذلك جعل بيت مال المماليك يشكو العجز الدائم، ودفع الحكام المماليك الى ابتداع اساليب ملتوية لاستخراج الاموال من الناس، ومن الاوقاف التي كانت قد زادت بشكل ملحوظ في تلك الفترة، ولم تسلم منها ايضا ممتلكات المساجد والمدارس والترب…

أ- المصادرات:  ولعلها ابرز مصادر الدخل غير المشروع، او ما يطلق عليه طرقا ملتوية، وقد تعددت اسماؤها، فهي حينا رميا، وحينا آخر طرحا، وثالثة احاطة على املاك فلان، وقد ذكرها كلها ابن طولون في اماكن متعددة من مؤلفاته ولا سيما في مفاكهة الخلاّن، وانتقد السلطات المملوكية على هذه الممارسات غير المشروعة.

   فكثيرا ما تعرضت المؤسسات الدينية والمدارس التي كان قضاة القضاة مسؤولين عنها لشتى انواع الضغوط كي يدفعوا عنها اموالا غير مبررة ، بل دون وجه حق[14]. وكانت تتم هذه المصادرات، بكل قحة، لصالح السلطان احيانا[15]، وليس من اجل اعداد الحملات العسكرية جريا على العادة او اي امر يتعلق بامن الدولة او لتأسيس مشروع اجتماعي.

ب موقفه من الرمي: ويندرج الرمي في الاطار عينه، وهو فرض مبلغ من المال على حارة من حارات دمشق لأسباب يجترحها نائب السلطان فيها او مساعدوه. وقد استمد المماليك هذه الضريبة غير الشرعية من اصول جاهلية فسّرها كيفيّا بعض رجال الدين تقرّبا من ارباب السلطة من دون ان يتلاءم التفسير مع اصول الفقه الاسلامي، محاولين تجاوزا ملاءمة الامر مع توجهات المذهب الحنفي من دون التقيّد بحذافيره؛ اذ كان يرمى مبلغ معين على احدى حارات دمشق ديّة لقتيل وجد فيها لم يعرف قاتله عملا بالمذهب الحنفي[16] لكي تعطى لأهله. ولكن المماليك تجاوزوا هذا التشريع بحيث كان يدفع قسم من الدية لأهل القتيل والقسم الآخر يذهب الى جيوب من فرضها[17]. وكانت تتحمّل الحارة ايضا الرمي لإعداد الحملات العسكرية[18]، او لدفع رواتب العامة من الناس ممن جُنّدوا كمشاة[19].

ج- موقفه من الطرح : اما الطرح فهو مصادرة سلع الناس قسرا باثمان بخسة ثم اعادة بيعها من التجار باسعار مرتفعة، او فرض سلع محددة صادرها رجال السلطة لصالح السلطان او نائبه او كبار الاداريين على التجار باسعار تفوق الاسعار الرائجة. وشمل الطرح انواع حيوانات النقل والاغنام والابقار، والحبوب على انواعها، والاقمشة[20].
   وكان مؤرخنا يوجه اللوم، بل يحمّل نائب دمشق والسلطان في القاهرة مغبة هذه التصرفات السيئة التي لا تمت الى اصول التشريع الاسلامي باية صلة، لأن من كان تُفرض عليهم هذه الضرائب كانوا يجهدون بدورهم لرفع الاسعار، واذا سُئلوا عن السبب اجابوا علينا مال نؤديه للسلطان، وبالتالي كانت ترتفع الاسعار.

د- موقفه من الغلاء: لم يسلم المسؤولون المماليك من سلاطة لسان ابن طولون بسبب موجات الغلاء غير المبرر معظمها لأنها كانت تطال حياة الناس بشكل مباشر، وتُضخّم جيوب التجار وأولي السلطة. ويرد اسباب الغلاء الى امرين على الاقل: سوء تصرف الحكام وجشعهم المنقطع النظير للمال، والعوامل الطبيعية كشح المطر، وكثافة الثلوج، والجفاف. وكانت عدالته تحتم عليه انصاف الحكام عندما يتدخلون لردع جشع التجار والامراء المتواطئين معهم. وهو يحدد الاصناف التي كان يصيبها الغلاء وتؤثّر مباشرة على حياة الناس: القمح،[21] والشعير،[22]الخبز ذاكرا انواعه ومحددا اسعاره[23]، وموضحا انه صار يباع بالاوقية بدلا من الرطل لشدة الطلب عليه ولندرة وجوده، ويوضح ايضا ان الخبازين عمدوا الى تصغير الارغفة طمعا بالكسب غير المشروع[24]، ولم يهمل ذكر تطور اسعار سلع اخرى مثل السكر،[25] والارز والدبس[26]، والبطيخ ، والعنب،  والدرانق، والزيت[27]، والسمسم[28]، والحلاوة[29]. ويركّز مؤرخنا على غلاء اللحوم ويرجع السبب الى العاملين الاساسيين المذكورين، اضافة الى عامل اضافي هو دخول حملة عسكرية الى دمشق اما لقمع تمرّد فيها، او للانطلاق الى مكان آخر، بحيث كان يعمد جنودها الى احتلال منازل الدمشقيين ونهب الاسواق[30]

 هالنوازل الطبيعية:  لا تقف رؤية ابن طولون الاجتماعية عند هذا الحد، بل نجده يضرع الى الله كي تخف النوازل الطبيعية رحمة بوضعي الدمشقيين الاجتماعي والاقتصادي. اذ كانت كثرة الامطار وازديادها عن المعدل العام تؤدّي الى تلف المحاصيل، وقل الامر عينه عن الثلوج، وقد فنّد مؤرخنا العامليين الطبيعيين من حيث مواعيد تساقطهما، شارحا تأثير تأخر هطول الامطار وتساقط الثلوج على حياة الناس[31]. ويلوم السلطة لتقاعسها عن تنظيف الانهار لأنها كانت تفيض وتدخل الى البيوت المحاذية وتتلف محتوياتها وتقتل حيواناتها، وتأتي على المزروعات ايضا[32]. وكانت العوامل الطبيعية ولا سيما البرد والصقيع يؤديان الى انتشار الامراض لا سيما المعدية كالطاعون[33]، والى فقدان الغلال.[34]

   ونلاحظ ان نظرته تركزت بشكل رئيسي على النواحي الاجتماعية والاقتصادية، وهي نظرة قلما نجدها عند مؤرخي العصور الوسطى. وربما ان هذا الامر تأتّى من منهجه المبني على تأريخ الحوادث يوميا[35]، ما جعله يعيش اوضاع الناس عن قرب من خلال مشاهداته اليومية. ومن خلال هذا التوجه نظر الى التجارة لا ليدرسها كموضوع قائم بذاته، انما من حيث ارتباطها بتوجهه الاجتماعي الاقتصادي العام. 

والتجارة : نجد لمحات تجارية وصناعية في مؤلفات ابن طولون، ما يعني انه لم يُعن بالامرين الا من حيث ارتباطهما بالحوادث العامة المتصلة اساسا بالسلطة، او بالغلاء عن طريق فرض الضرائب. من هذه الزاوية لم يؤرّخ للإقتصاد الدمشقي الصرف بل تناوله لمحات.

    ان التجار في عهده احتلوا مركزا مرموقا، ولكنهم لم يسلموا من عسف السلطة وتخصيصا التجار الاوروبيين، لأن نائب دمشق كان يستغل مركزه احيانا لمصادرة بعض بضائعهم، ثم يعود فيبيعها منهم باثمان مرتفعة، بمعنى كان يمارس عليهم عمليتي المصادرة والطرح[36]. ويذكر ابن طولون في سياق الاحداث بعض الخانات، والقيساريات[37]، والاسواق[38]، من دون ان يتحدث عن دورها واهميتها التجارية.

زالصناعة: لا تختلف رؤية ابن طولون الى الصناعة عن موقفه من التجارة، بحيث يمكننا التعرف من خلال سياق الحوادث على بعض الصناعات مثل النجارة، والنحاس المطعم بالذهب والفضة، والمطرزات وبعض المنسوجات، وبعض الصناعات المعدنية، ولوازم الخيل[39].

   وعليه، يمكن اعتبار رؤية ابن طولون الى التاريخ نظرة الى الاوضاع الاقتصادية التي كانت تؤثّر على احوال الناس الاجتماعية، وقد هدف من خلالها الى توجيه اللوم الى السلطة المملوكية المتقاعسة عن واجباتها تجاه رعاياها، موجّها اليها نقدا لاذعا احيانا. ونظرته الى التاريخ تتكامل بموقفه من المجتمع المملوكي من حيث تركيبه وعلاقة افراده بعضهم بالبعض الآخر، وقد تكون فرادته التأريخية تأتت من تركيزه على المجتمع المدني.

2- المجتمع الدمشقي: لم يقصد ابن طولون الدخول الى تركيب بنية المجتمع الدمشقي والكلام عن خاصات كل فئة من فئاته الاجتماعية، او لم تكن تلك غايته، لأنه تحدث عن المجتمع عشوائيا وبشكل اجمالي من خلال تدوينه يومياته من جهة، ومن خلال بعض كتاباته المتخصصة بناحية معينة من جهة ثانية مثل القلائد الجوهرية، ونقد الطالب لزغل المناصب… التي تحدث بها عن رجال الدين اجمالا[40]. ومع ذلك يمكننا من خلالها تحديد التفرعات او البنى الاجتماعية الدمشقية.

21– المجتمع المدني: وتألف هذا المجتمع، تبعا لأبن طولون، من : رجال الدين على اختلاف الديانات والمذاهب، ومن العامة، والزعر. واستكمالا لرؤيته الاجتماعية يتحدث في سياق يومياته عن المفاسد الاجتماعية وما يناسبها من عقوبات، بل ما كان يفرض من عقوبة على كل ذنب، فضلا عن بعض المظاهر الاجتماعية التي سترد في موضعها المناسب.

أ- رجال الدين المسلمون: جاء موقفه منهم من خلال الحديث عن اخباره العامة، بل عن يومياته في « مفاكهة الخلان» وتراجمه في «اعلام الورى» اضافة الى ما ورد في كتبه المتخصصة مثل « نقد الطالب لزغل المناصب»…

   نظر الى رجال الدين نظرتين: ايجابية، وسلبية. اما الايجابية فتتمثّل بارشاد الناس الى الصراط المستقيم، ومحاولة تقويم الاعوجاج في المجتمع[41]، وكانت الصوفية بنظره شديدة الورع والتفقه بالعلوم، واظهر تعلّق الناس بهم[42]، كما تناول المذاهب الاسلامية الاخرى ووظائف العلماء[43]. وفي السياق الايجابي يبرز دور رجال الدين في مؤازرة العامة ضد طغيان السلطة، واستجاباتهم لإستغاثات العامة الدمشقية[44]. وتتناول السلبيات بعض رجال الدين ممن صب جام غضبه عليهم لجهلهم وغيّهم، فابرزسلبياتهم وانتقدها وحدّد مسببيها « مثيري فتن على غير فقه شرعي» لأنهم برأيه اجازوا لبعض الزعر بقتل بعض اعوان الظالمين، فصار كل من رغب بقتل شخص ما يدفع مالا للزعر فيقتلونه، فذهب ابرياء كثر ضحية هذه الفتوة الجاهلة[45]. يدرج ابن طولون بعض القضاة بالاطار السلبي ممن لا يتّصفون بعلو المنزلة الدينية والخلقية مقارنا بينهم وبين منزلة القضاة الحقيقيين بنظره ممن يتصفون بالاخلاق الحميدة والنفس العفيفة، وعلو الهمة، والتفقه العالي بالعلوم. ويحث الأُول على ممارسة اعمالهم بصدق ونزاهة[46]، مبرزا قدرات القاضي الذهنية، والمهام التي من اجلها وجد النظام القضائي[47]. ويصب جام غضبه على فساد النظام القضائي ولا سيما انتشار الرشوة بين العديد من اعضائه[48]، حتى ان بعض القضاة بنظره ما كانوا اهلا لمناصبهم لأنهم لم يتثقفوا بالعلوم الدينية والفقهية بشكل صحيح، وصار يُستبدل القضاة برشوة[49]، حتى صارت المناصب القضائية تشرى بالمزاد[50]، ما دفع بعض القضاة لأن يتصارعوا، بكل قحة، على اختلاس اموال الناس، ويصدرون احكاما ثم يتراجعون عنها بشفاعة النافذين[51]، وصار لبعضهم، بسبب سوء سلوكه، احتكارات في سوق البازورية[52].

   لم يكن حال جميع القضاة على هذا النحو بل مارس بعضهم اعمالهم بنزاهة وعدل ليس القضائية فحسب بل الاخرى- ومن خلالها يمكننا التعرف على الوظائف الديوانية التي كانت موكلة الى القضاة- كالتدريس، والافتاء لا سيما مفتي دار العدل، والوعظ، والارشاد، ووظائف النظار: الجيش، والجوالي، ووكالة بيت المال، والبيمارستان[53]، ما فتح آفاقا للناس المظلومين والمقهورين فتعلقوا بهم واستبشروا خيرا[54].

    اضافة الى الوظائف التي ذكرناها يتحدث ابن طولون عن وظائف اخرى تولاها كبار رجال الدين مثل نقابة الاشراف[55]. وهم كانوا قيمين على اوقاف المدارس والمساجد، فضلا عن الوقفيات الذرية. وقد ذكر مؤرخنا بعض الوقفيات فامدنا بمعلومات قيمة جدا عن الاوضاع الاجتماعية والرواتب والمهام الادارية التي كانت توكل للقيمين على الاوقاف على اختلاف مستوياتهم، وعن الاهداف السامية للوقفيات عموما، وتلك التي تمّ التلاعب او التحايل على الشرع من خلالها ليصار الى توريثها.[56]

  بالعامة الدمشقية: تألفت العامة الدمشقية تبعا لابن طولون من اصحاب الحوانيت، والباعة المتجولين، وباعة المفرّق، والعمال كالنجارين والبنائين، والحرفيين، وضمّت اصحاب الصفقات المشبوهة والمخادعين والسماسرة، وتجار النخاسة، وبائعي الخمور، والقصابين، واصحاب بيوت الدعارة واصحاب المهن الوضيعة.

    وهكذا تجانس العامة من حيث العمل الذي يؤدونه؛ فلم يكن ممنوعا على الذميين ممارسة اي مهنة يمارسها المسلمون، فامتلك المسيحيون محلات كثيرة غصّت بمختلف انواع الملابس والاواني النحاسية وغيرها[57]. وتساوى جميع العامة بنسبة الضرائب المفروضة عليهم وتذمّروا جميعهم منها، وكانت لكل حرفة نقابة ان جاز التعبير يرأسها شيخ. والاحياء انتظمت وحدات اجتماعية وفق ترتيب عائلي. ويمكننا من خلال مؤلفات ابن طولون تتبع المهن وعلاقات الافراد بعضهم بالبعض الاخر، بل علاقات الجماعات فيما بينها، وهي لعمري خاصات لا نجدها في مؤلفات معاصرة له ولا سابقة عليه، ما يعطيه رؤية فريدة للتاريخ الاجتماعي.

جاهل الذمة: كان موقف ابن طولون من اهل الذمة عادلا عموما اذ تناول اوضاعهم كما شاهدها في يومياته، ولم يعتبرهم طارئين على المجتمع الدمشقي بل من صلبه. ويمكننا من خلال كتاباته التعرف على احيائهم الخاصة[58]، وطرق عيشهم، ومعاملة السلطة لهم؛ كانت الجزية إلزامية عليهم وينتقد طريقة جبايتها احيانا، ويقول:« يجب ان تؤخذ بالمعروف»، ويتحدث عن منشور سلطاني يطلب ممن ظلم من الذميين التوجه الى الابواب السلطانية [59]. ويذكر ايضا تعرضهم الى إلزامية التقيد بالشروط العمرية احيانا وطرق تنفيذها[60]، ويقول اذا جلس احدهم في حانوت يحفر له حفرة ولا يصدّر[61]. وهو يأسف للمضايقات التي مارسها الدمشقيون احيانا ضد اليهود التي وصل بعضها الى حد الشتم والضرب[62]. وفي الاطار عينه يتحدث عمن اسلم من اليهود لأسباب غير ايمانية والظروف التي دعتهم الى ذلك[63]. ولم يُمنع اليهود من حقهم بممارسة الصلاة فكان لهم كنيس في قرية جوبر قرب دمشق[64]. ويتحدث عن الوظائف التي تسنّموها بما فيها تلك التي كانت حكرا على المسلمين مثل دار الضرب[65]، ومارسوا حياتهم الاقتصادية ككل الدمشقيين فكانت لهم محالهم التجارية الغاصة بالملابس.[66] ولا نجد تفاصيل عنده عن المسيحيين ولا عن رجال الدين المسيحيين واليهود ربما لأنه لم يقصد الحديث عن كل فئة من فئات المجتمع الدمشقي.      

دالذعر : كثر المعدمون في دمشق على عهد ابن طولون، ومرد ذلك الى ظلم السلطة والى الاوضاع الاقتصادية السيئة المتراكمة عبر العصور، وقد يكون ان تردّت كثيرا على عهد الدولة المملوكية الثانية او الجركسية. وقد تالف الزعر اجمالا من الشطار ( سليلي العيارين والاحداث على الارجح )، والبلاصين، والغوغاء، والاوباش والحرامية (غير اللصوص المحترفين)، والاوغاد ومن شابههم[67]. ويعتقد مؤرخنا ان بعضهم كانوا دخلاء على دمشق اذ لجأوا اليها على اثر الغزو المغولي للعراق وما جاوره[68]. وانشأ الزعر حارات خاصة بهم في عدد من احياء دمشق[69]، وكانت كناية عن مجمعات بؤس تفتقر الى الحد الادنى من الشروط الصحية. وساهم الزعر بازدياد الازمة الاقتصادية وبتدهور الاوضاع الاجتماعية لأنهم عزفوا عن ممارسة الاعمال الشريفة. وكوّنوا خلايا خاصة بهم كل خلية في احدى الحارات يتزعمها كبير زعر محلته، واتخذ كل واحد منهم لقبا تباهى به[70]. ويحدثنا عن لباس الزعر المتميز عن لباس بقية الناس ليمكنهم من اخفاء الاسلحة التي يحملونها[71].

    ولايهمل الحديث عن موارد رزق الزعر، فقد ملك بعضهم الحوانيت، وفي هذه الحال فرضوا سطوتهم على بقية حوانيت المحلة بحيث كانوا يقيمون فيها من يبيع لحسابهم وباسعار مرتفعة نسبيا حتى ينصرف الزبائن الى محلات الزعر التي تبيع باسعار ادنى، وفرضوا الاتاوات على المحال المجاورة، واحيانا على كامل محال السوق او المحلة[72]. ومن المفارقات الغريبة ان السلطة الحاكمة كانت تشجّع الزعر على المضي بغيّهم، وهذا الامر كان يضير ابن طولون كثيرا. حتى ان نائب السلطان في المدينة وكبار موظفيها كانوا يحضرون العروض التي كان يقيمها الزعر ويخلعون الخلع على اكابرهم[73]. وكانوا يستقبلون نائب المدينة الجديد بكامل عدتهم العسكرية[74]. هذه الاعمال كانت تؤذي ابن طولون كثيرا وتدفعه للإستهجان، ولكن الذي لم يقبله ابدا هو تسويغ بعض الفقهاء للزعر قتل اعوان الظلم ما ادى الى قتل عدد كبير من الابرياء [75]. والافدح من ذلك، وتحت ستار هذه الفتوى صاروا يخرجون باسلحتهم ويسطون على اعمال الناس ومن امتنع عليهم قتلوه باسم الدفاع عن مساوئ المجتمع[76]. واذا تجرأ احد وشكا امرهم للسلطان كان يدفع حياته ثمنا بحيث كثرت كمائنهم واغتيالاتهم[77].

هالمفاسد الاجتماعية: يبدو ان المفاسد الاجتماعية استشرت في عصر ابن طولون بسبب التركيب الاجتماعي الآخذ بشد الفئات الاجتماعية نحو القاعدة، لأن المجتمع المملوكي كان مغلقا، اذ نادرا ما تمكن افراد فئة ما اختراق حواجز الفئة التي تعلوها، بل العكس كان صحيحا. وبالتالي فان الفقر وسوء تصرف السلطة كانا يؤديان الى مشاكل اجتماعية متعددة لم يغفل عنها ابن طولون، ولعل ابرزها:

* – الدعارة: كانت الدعارة منظمة ولها بيوت مرخصة، وتدر اموالا طائلة لمن اقطعت لهم. وكان بعضهم يمارس الدعارة والتحشيش معا، وقد تفنن مروجو الحشيش بابتداع انواعه كمزجه بالحلويات مثلا[78]. وما كانت الدعارة مقتصرة على النساء بل كان يتم اغتصاب المردان، واحيانا كان يصار الى قتلهم بعداغتصابهم[79].

* شرب الخمر: انتشر شرب الخمر انتشارا واسعا من دون مراعاة شعور الناس، اذ كان بعض الموظفين يشرب الخمر علانية في شهر رمضان احيانا[80]. ويثور مؤرخنا على نواب السلطان الذين كانوا اما يضمنون الخمّارات او يحمونها[81]، ويفنّد مساوئ الخمر وينهي عنه[82].

* الجرائم: كانت تسود مجتمع ابن طولون انواع الجرائم، فقد اتخذ موقفا معاديا منها  بعد ان فنّد انواعها. وكان ينهى عنها ويلوم ارباب السلطة المتقاعسين عن ردع المجرمين[83].

* السرقات: استشرت السرقات واشتدت وطأتها بسبب الفقر، وسوء تدبير نواب دمشق ومساعديهم، وازدياد عدد منظمات الزعر، وكثرة الحرامية واللصوص، فعمدت الحارات الى تحصين احيائها ضد الجريمة[84]. واقتضت تلك الجرائم البشعة عقوبات لردع المعتدين وحماية المجتمع، او على الاقل للتقليل من انتشارها. وقد وصف لنا ابن طولون انواع العقوبات وطريقة تنفيذها بدقة متناهية، وتأسّف على من كانت تنفّذ به ليس اسفا على اعماله الشنيعة، بل لوحشية بعض العقوبات التي تخطت حدود الشرع، ولعل ابرزها: الصلب[85]، والشنق[86]، والتوسيط[87]، وضرب الاعناق[88]، والخوزقة[89]، والتسمير[90]، والتجريس[91]. ويحدثنا في مؤلفاته عن عقوبات اخرى مثل قطع الايدي والارجل، والاخصاء، والاغراق بالانهر، والسلخ، والرجم…[92]

 و-  شؤون اجتماعية اخرى :لم يركز مؤرخنا على الجوانب الاجتماعية السيئة وحدها، بل تناول معظم الشؤون الاجتماعية بما فيها الايجابية، ومنها:

* – الطلاق والزواج: هي علاقات تطال كل الناس، فحدثنا عن عقود الزواج وانواعها، واعمار الفتيات في سن الزواج، ووصف الاعراس[93]. وتعرّض باطار المشاكل الزوجية الى الطلاق معللاً اسبابه[94].

قافلة الحج: ان الحج برأيه يتمّم الدين، لذلك وصف محمل الحج والاستعداد للسفر، وما كان يصيب الناس جراء فرض الاموال عليهم وجبايتها منهم قسرا لصالح امير الحج[95]. ويصف ايضا المصاعب المتنوعة التي كانت تصيب القافلة[96]، والنشاط الصناعي الذي كانت تحدثه تلبية لمتطلبات الحجيج[97].

* زينة دمشق: ما كانت المدينة تزيّن الا بمرسوم سلطاني شريف، وتنوعت دواعي زينتها: مجيء قاصد سلطاني، او اعتلاء سلطان جديد العرش، او تعيين نائب جديد للمدينة، واحتفالاً بانتصار المماليك على اعدائهم[98]. ويأسف ابن طولون لما كان يرافق عملية تزيين المدينة من اعمال نهب وسرقة، وحرائق، وامور شنيعة بل فاسدة، اضافة الى الغرامات التي كانت تفرض على الاسواق للمساهمة في تكاليف الزينة[99].

* الاعياد: شكّلت الاعياد مظاهر اجتماعية واضحة في المجتمع الدمشقي وتحدث ابن طولون عنها وعن احتفالات الدمشقيين بها في بعض مؤلفاته، من هذه الاعياد: المولد النبوي[100]، وعيدي الفطر والاضحى[101]، واحتفلوا باعياد غير دينية مثل: بعد هطول الثلج[102]، وخميس الحلاوة وخميس البيض[103]، عيد الزبيب[104]… 

    على هذا النحو كان المجتمع المدني الدمشقي من منظار ابن طولون، ولكن نظرته التاريخية الاجتماعية هذه تكاملت بالحديث عن القسم الثاني من المجتمع عنيت به المجتمع العسكري او الفئة ( الطبقة) العسكرية الحاكمة لأنها بممارساتها اثّرت على تطور الاحداث كلها.      

22 –المجتمع العسكري: يمكن من خلال مؤلفات ابن طولون التعرف على افراد الطبقة العسكرية الدمشقية ومراكزهم ورتبهم ومسؤولياتهم وسلوكهم تجاه الناس، كما على قسم كبير من الجسم الاداري في القاهرة.

الوظائف العسكرية بدمشق: وردت متفرقة في مؤلفاته وتبعا لعلاقة احد اصحاب الوظائف بالحوادث، ومن دون ان يقصد الكلام على الوضعين الاداري والعسكري الدمشقيين، ولعل ابرز الوظائف ومهام اصحابهاهي: نائب السلطان، ونائب القلعة[105]، الحاجب الكبير مع ذكر صلاحياته[106]، النائب الكبير ويكون عادة حاجبا[107]، الامراء الكبار وهم عادة اربعة من مقدمي ألاوف[108]، حاجب الحجاب[109]، اتابك العسكر وهو مقدم ألف[110]، واستدار النائب[111]

الامراء والاجناد: ذكر ابن طولون في اماكن متفرقة من مؤلفاته الامراء والاجناد مثل: مقدمي الالوف مع ذكر اقطاعاتهم بدمشق احيانا[112]، امراء الطبلخاناه[113]، المماليك السلطانية[114]، العبيد البارودية اي الذين يستخدمون البنادق مشاة بين يدي نائب السلطان[115]

العلاقات في ما بين افراد الطبقة العسكرية الحاكمة: ان سوء تدبير نائب دمشق احيانا، ونظام الجاسوسية الذي افرزه النظام العسكري المملوكي لكي يتجسس افراده بعضهم على البعض الآخر، كي يأمن السلطان ولاء نائب دمشق. ان كل ذلك عقّد النظام الاداري المملوكي، وجعل مسؤوليات افراده تتضارب، وكانت تؤدي باستمرار الى صراعات غير منتهية فيما بينهم، وتنعكس سلبا على الاوضاع الاقتصادية والحياة الاجتماعية الدمشقية. وقد يكون تعدي المماليك الجلبان ابّان خروجهم من القاهرة بحملة عسكرية وحلولهم بدمشق، قد يكون الاسوأ اذ كانوا يمارسون فسادا خلقيا بربرياعلى حد تعبير مؤرخنا[116] مثل لواط الاولاد وخطفهم وخطف النساء والتعدي عليهن[117]، وافساد البساتين بترك خيولهم ترعى فيها[118]، وانتزاع ابواب وشبابيك المنازل واستعمالها حطبا[119].

   هذه التعديات والصراعات بين فئات المماليك اضافة الى تعديات الزعر غير المنتهية كانت تؤدي الى نتائج مدمّرة على كل المستويات البشرية والاقتصادية والاجتماعية[120]. وجاءت ردات فعل الدمشقيين عليها عنيفة احيانا، وباساليب متنوعة: الثورة ومهاجمة النائب ومساعديه[121]، والتكبير في المساجد والجوامع[122]، والتجمّع امام المساجد[123]، او النزول بالاعلام الى الشوارع[124].

   كانت هذه الممارسات تؤّدي الى تصلب رجال السلطة وتسلطهم معظم الاحيان، فيقبضون على المحرّضين، ما يستدعي تدخّل رجال الدين لإطلاق سراح المعتقلين بعدة اساليب[125].

23- العلاقات الخارجية: لم يغفل ابن طولون عن التحديات المصيرية التي واجهت دولة المماليك منذ اواسط القرن التاسع/ الخامس عشر التي تمثّلت بتدخل الدولة العثمانية بالشؤون الداخلية المملوكية عن طريق تحريض الامارات التركمانية المنتشرة على الحدود الشمالية المملوكية للثورة على المماليك. فتحدث عن الحملات المملوكية ضد تلك الامارات والعثمانيين معا[126]، وعن تأثيرها على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية على الدمشقيين[127]. وهذه العلاقات ادت بالنهاية الى الصراع المدمر بين العثمانيين والمماليك الذي انتهى بزوال دولة المماليك.

III-طريقة المعالجة:

1-المصادر: من العسير معالجة منهج ابن طولون في كل مؤلفاته لأنها مجموعة ضخمة جدا وبعضها ما يزال مخطوطا، وسأكتفي بنموذجين منها: مفاكهة الخلان، واعلام الورى لأنهما يمثّلان نموذجين رئيسين في منهجه وواحدهما يكمّل الاخر للتشابه بين موضوعاتهما، ومن جهة ثانية لأن مفاكهة الخلاّن تأريخ حولي مبني على اليوميات، والثاني تراجم. ففي الاول تنعدم المصادر لأن مؤرخنا كان شاهد عيان على الاحداث، ودوّنها بطريقة اليوميات وقد يكون رائد هذا المنهج. اما في الثاني فيذكر بوضوح وجلاء الاشخاص الذين اخذ عنهم، ولعلّ ابرزهم: تقي الدين الاسدي[128]، السيد الحسيني[129]، ابن حجر العسقلاني[130]، والذهبي[131]، وشمس الدين الزملكاني الذي اعتمد عليه كثيرا بحيث ان معظم معلوماته استمدها منه[132]،  وعندما كان يلاحظ انها غير وافية اتمّها من «ذيل السيد الحسيني» . ومن شدة اعجابه بالزملكاني ذيّل اعلام الورى على كتابه[133]

2-التراجم، وعهود نواب الشام: دوّن اعلام الورى كما اسلفت وفقا لمنهج التراجم، من دون ان يسير على خطة واحدة في كل الترجمات، فبعضها بالنسبة اليه لم يكن ذا اهمية كبرى خصوصا المتعلقة بالنواب السابقين على عصره، وتحديدا في الفترة الممتدة منذ بداية العهد المملوكي وحتى سنة 865/1462 بحيث جاءت تراجم بعض النواب في سطر او سطرين[134]، وبعضها الآخر في عدة اسطر[135]. وتنعدم الترجمات الموجزة بعد ذلك اعتقادا منه ان ذكر الحوادث مفّصلة في عهد كل نائب يغني عن الترجمة الموجزة، وبالتالي صار يؤرّخ لعصره على اساس عهود نواب دمشق المرتبطين بعهد السلطان.[136] فصار عهد السلطان يشكّل مفصلاً تاريخياً بارزاً، ونوّاب السلطان في دمشق يشكلون محورا رئيسا فيها يدور في فلك السلطان وفي آن يطغون عليه كليا بالنسبة للاحداث الدمشقية. ما يعني ان الشخصية الرئيسة صارت المحور الاساسي وتدور حولها مجموعة كبيرة من جزئيات الاحداث. وبتعبير اوضح فان الحدث في هذه العهود ليس تاما بذاته، بل شبه خبر لسببين على الاقل؛ لأنه خبر لما جرى في اليوم الواحد متلازما مع عدد وافر من جزئيات الاحداث شديدة الاختصار لا ارتباط بينها، وكأنها يوميات لا لحمة اجمالا بين مجريات حوادثها، بل تتناول مواضيع متنوعة لا يشدّها الى بعضها موضوع رئيسي، فجاءت اخبارا مفككة لا تعكس رؤية واضحة للشخصية المحورية. ومن النماذج على هذا المنهج ماذكره في ترجمة سودون العجمي:« وفي اليوم المذكور دخل من مصر الى دمشق الامير قلج متسلم دمشق لنائب الشام الجديد سودون العجمي المصري امير مجلس بمصر. وشاع في هذه الايام بدمشق ان سيباي نائب حلب عرض عسكره…وشاع بدمشق ايضا عصيان نائب طرابلس…وشاع ايضا عصيان نائب حماه دولة باي.

    وفي يوم الخميس ثامن عشر جمادى المذكور ورد مرسوم سلطاني الى دمشق بتحليف الامراء بقلعة دمشق…»[137]

 3- التأريخ الحولي: وقد اعتمد في منهجه على التأريخ الحولي المبني على يوميات مختارة توافق رؤيته كمؤرخ اجتماعي، راسما لنفسه منهجا خاصا اعتمده ايضا في مفاكهة الخلاّن.

   ان التأريخ الحولي الموزع على الايام والشهور يبدو واضحا في مفاكهة الخلاّن ولا يختلف كثيرا عن منهج اعلام الورى من حيث مضمون الاخبار وتبعثرها، بل ان الحدث الذي يجاوز اليوم نجده غير تام في مكانه، اذ يقطعه مؤرخنا ليروي احداثا اخرى شديدة الاختصار وفاء ليومياته، ليعود ويكمله في المكان المناسب ولو اضطر لقطعه مرات عدة[138].

   نجد اخبار بعض السنوات لا يجاوز الصفحة الواحدة[139]، وبعضها الآخر يقتصر على صفحات عدة[140] تتخلّلها احيانا اخبار من مناطق اخرى كمصر[141]، او نيابات شامية[142].

   كلما استهلت سنة في مفاكهة الخلان كان يذكر اسم السلطان، واسماء نائب دمشق وارباب الوظائف العسكرية والدينية فيها[143]. اما في اعلام الورى فيذكر حين اعتلاء النائب منصبه في دمشق العادات المتبعة في تقليده، ويحدد مكان اقامته، ومبايعة القضاة له، ونوعية الخلع التي كان يقدمها لأرباب الدولة خصوصا اصحاب الوظائف الدينية[144] . وبالتالي يكون ابن طولون قد اختط لنفسه منهاجا خاصا، وهو وان بني على بعض ميزات التأريخ العام في العصور الوسطى فانه جاء نابضا بالحيوية.

ثالثا: قيمة ابن طولون: يمكننا الخلوص من خلال مؤلفات ان طولون بالملحوظات التالية:

1- المؤرخ الاجتماعي: تفّرد محمد بن طولون بين معظم المؤرخين المعاصرين له والسابقين عليه بالتركيز على التاريخ الاجتماعي، حتى بات دارس مؤلفاته يشعر بنبضات المجتع بين دفتي كل كتاب من مؤلفاته العديدة. فقد طرح مشكلة الزعر ليس كفئة اجتماعية عاشت داخل المجتمع وخارجه في آن، على الرغم من ان المؤرخين لم يحسبوهم من ضمن فئات المجتمع المملوكي[145] بل جعلوهم عالة على الفئات المكوّنة له، حتى انهم لم يصنّفوهم من بين فئات سواد العامة. في حين ان ابن طولون جعلنا ندرك انهم نحوا باتجاهين لتحقيق مكاسب شخصية: فلم يكن صراعهم فيما بينهم الا احلالاً لزعامة احدهم او توكيدا لها، وبالتالي فان هذه الصراعات كانت تشبه في مضمونها العام ومن حيث توجّهها ما كان يتصارع عليه افراد الفئات الاجتماعية الاخرى او على الاقل قادتها. وصراعاتهم تلك كانت تجرّ ويلات على حاراتهم والمناطق المحيطة بها، تماما كما كان يحصل نتيجة للصراع بين افراد الطبقة العسكرية الحاكمة. وسلكوا من جهة ثانية طريق الجريمة واللصوصية لتأمين معاشهم حتى صاروا اعداء للناس واعداء للسلطة احياناً. وهذا السلوك يشابه بعض الاساليب التي اعتمدت عليها الطبقة العسكرية الحاكمة بفارق انها جعلت ممارساتها شرعية في حين ان تصرّفات الزعر بدت خارجة على الشرع والقانون. ولكن ومع ذلك جعلنا مؤرخنا ندرك ان نتائج ممارسات السلطة بدت في مفاكهة الخلان واعلام الورى شبيهة بنتائج اعمال الزعر من حيث عداء الناس لها، كما لم يكن صراع الزعر مع السلطة سوى انجراف مع التيار الشعبي العام الناقم على ممارساتها غير الانسانية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. لم يتصرف الزعر على وتيرة واحدة اذ ناهضوا السلطة الحاكمة حينا، وآزروها حينا آخر جريا وراء مصالحهم، وبالتالي سقطت قيمتهم الاجتماعية كقوّة مؤثّرة في ايجابية احداث المجتمع.

    وجاء تصويره القاتم للعهد المملوكي وبخاصة الجركسي هادفا الى ارشاد الحكام الى السبل الآيلة الى تقويم المجتمع واصلاح الراعي والرعية على حد سواء، ولكي يعتبر الخلف من السلف.

2- الادارة: لم يدرس الادارة كموضوع قائم بذاته، بل جاء كلامه عليها تبعا لما تقتضيه حوادثه اليومية. ومع ذلك فاننا نجد في كتبه بعضا من مؤلفات العمري، والنويري، والمقريزي، والقلقشندي، وخليل بن شاهين الظاهري، والخالدي وغيرهم من منظّري الادارة المملوكية مع فارق اساسي وهو ان ابن طولون تحدث عن الجانب التطبيقي للنواحي الادارية باظهاره ممارسات ارباب السلطة ومعاونيهم، وهي لعمري خاصة شديدة الاهمية لأن النظري لم يحترم احيانا كثيرة وظلّ فارغ المضمون، ما جعل معلومات ابن طولون الادارية أكثر واقعية.

3 – الخطط: يمكننا اجمالا من خلال اخباره اليومية اعادة تخطيط مدينة دمشق باسواقها، وابوابها، وحاراتها، ومساجدها، وجوامعها، ومنتزهاتها، ومبانيها الحكومية، وما اصاب بعضها من تدمير، وما اضيف اليها من ربض وغير ذلك من المعلومات الطبوغرافية…

4 رجال الدين: نال رجال الدين حيزا واسعا في مؤلفات ابن طولون، واعتبرهم ضابطي الاخلاق في المجتمع الاسلامي عامة والمملوكي خاصة. فابرز الفاسدين منهم بخاصة قضاة القضاة، والقضاة ايضا. ومعلوماته تكمل ما ورد عند البصروي في تاريخه، والمقريزي في السلوك وغيرهما من مؤرخي العهد المملوكي. ولم تكن قساوته شديدة على بعض رجال الدين الاّ لأنه رجل دين ويعرف مدى فاعلية اضطلاع رجال الدين بمسؤولياتهم في تصويب المسارات في الحياة عامة.

5- التاريخ العام: لا تقل مؤلفاته، في هذا الاطار، قيمة عن مؤلفات العصر المملوكي منهجا ومضمونا، وقد يكون فاق معاصريه وسابقيه من حيث المعلومات الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بمدينة دمشق. وهو يمدنا بمعلومات فريدة عمّا اصاب المدينة على يد العثمانيين اثر سقوط المماليك في مرج دابق عام 1516، وعن سياسة العثمانيين فيها. واذا كان لا يجاري ابن اياس من حيث التفصيل، وهما شاهدا عيان على اواخر الدولة المملوكية، من اوضاع المماليك اواخر ايامهم وعمّا حصل في مرج دابق وقبيلها، فان معلوماته أكثر لصوقا وصدقا عمّا حلّ دمشق.

    وعلى هذا فان مؤلفات ابن طولون العديدة تشكّل– ان جاز التعبير- موسوعة  تاريخية حضارية لحقبة اواخر العصور الوسطى المشرقية. ومع هذا فانها لم تنل الجهد الكافي من قبل الباحثين والمؤسسات العلمية.


[1] – ابن طولون (محمد)، الفلك المشحون في احوال ابن طولون، مكتبة القدسي والبدير، مطبعة الترقي، دمشق، 1348ه.

[2]  – احمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية في مصر والشام سنة 154/868 وتوفي عام 270/884 استمرت بعد وفاته الى ان سقطت عام 292/905، انظر البلوي، سيرة احمد بن طولون، تحقيق كرد علي، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، لا تاريخ، ص 56-58

[3]  – زيادة (محمد مصطفى)، المؤرخون في مصر في القرن الخامس عشر الميلادي، ط2، مصر، 1964، ص79

[4]  – الفلك المشحون، ص7

[5] – المكان نفسه

[6] – المكان عينه

[7] – ابن طولون ( محمد)، اعلام الورى بمن ولّي نائبا من الاتراك بدمشق الشام الكبرى، تحقيق محمد احمد دهمان، دار الفكر، دمشق، ط2، 1984، ص19

[8] – السماع وجمعها السماعات، وهي ان يكتب الشيخ في آخر كتاب الطالب المحاضرات والخطب التي سمعها عليه، والمواضيع التي فاتته، ابن بطوطة( محمد بن ابراهيم)، رحلة ابن بطوطة، دار صادر، بيروت ، 1960، ج1، ص66، وفي العصور الوسطى كانت الاجازات العلمية عديدة: الاجازة بعراضة الكتب وهي ان يجيز المدرس الطالب ما سمعه منه ؛ القلقشندي، صبح الاعشى في صناعة الانشا، دار الكتب، القاهرة، 1913-1918، ج14، ص327، وهناك الاجازة بالمرويات اي المراسلة، انظر: موسى(عمر باشا)، الاجازات العلمية، مجلة التراث العربي، العدد 4، السنة2، ص92، وهناك ايضا المناولة العلمية وهي ان يناول الشيخ الطالب كتابه =   = ويقول له: اروه عني، اضافة الى الاجازة التحريرية خصوصا التي تدوّن على ظهر الكتاب، انظر: السبكي، طبقات الشافعية، تحقيق محمود طناحي، مطبعة عيسى البابي الحلبي، 1864، ج2، ص194

[9] – الفلك، 9-11

[10] – المصدر السابق، ص 11، ويذكر في الفلك المشحون الشيوخ الذين اخذ عنهم والذين اجازوه

[11]  – انظر مقدمة اعلام الورى لمحمد احمد الدهمان، ص 21

[12] – Precis d’Histoire d’Egypte, par divers historiens et archéologues, T2, Paris, 1932, pp 246-247…

وانظر ايضا، ضومط (انطوان) الدولة المملوكية التاريخ السياسي والاقتصادي و العسكري، دار الحداثة، بيروت، 1980، ص76-82

[13] – الطرخان (ابراهيم علي)، النظم الاقطاعية في الشرق الاوسط في العصور الوسطى، دار الكتاب العربي،  القاهرة، 1968، في اماكن متعددة خصوصا ص 261 – 294

[14]– اعلام الورى، ص 74-76، 117، 163، 167، 171…ومفاكهة الخلاّن ج1، ص 78، 91، 108، 248، 258، 291…

[15] – مفاكهة ج1، ص 78، 81، 86، 93، 108، 11، 170، 176، 179…

[16] – البصروي ( علي بن يوسف الدمشقي)، تاريخ البصروي، تحقيق اكرم العلبي، دار المأمون للتراث، دمشق، 1988، ص198 هامش رقم 1، وانظر ايضا: نصّار( اندره)، العامة بدمشق المملوكية، رسالة دبلوم دراسات عليا غير منشورة، باشراف الدكتور انطوان ضومط، الجامعة اللبنانية، كلية الآداب، الفرع الثاني ، ص320

[17]  – اعلام الورى، ص 123، 194، 198، 205، و مفاكهة ج1، ص 157، 247، 249…

[18] – اعلام، ص 171، 200، 203، 208، 222…و مفاكهة ج1، ص261، 275، 289، 306، 343…

[19]  – ابن طولون، المعزّة فيما قيل في المزّة، ص 47-48، اعلام، ص 115-116، 194، 222-223…مفاكهة ج1، ص 41، 44، 45، 119، 231، 249، 292…

[20] – مفاكهة، ج1، ص41، 44، 45، 119، 231ن 292

[21] – مفاكهة، ج1، ص 29، 30، 98، 104، 111، 118، 120، 123، 155، 261، 266-268، 317، 361، واعلام، ص 93-95، 169، 173، 174، 217

[22]  – مفاكهة، ج1، ص83-84

[23]  – مفاكهة، ج1، ص 90، 97، 268، اعلام 174

[24] – مفاكهة، ج1، ص83-84، 90، 97، 256، 267، 291، 292، 369، 375، واعلام، ص 174، 177، 188، 189، 193، 215-217

[25]  – مفاكهة، ج1، 41، 48

[26]  – مفاكهة، ج1، ص97

[27]  – مفاكهة، ج1، ص 97، 239، واعلام، ص 138

[28]  – مفاكهة، ج1، ص 267، 286

[29]  – مفاكهة، ج1، ص 367، 377

[30]  – مفاكهة، ج1، ص 121

[31] – المصدر السابق، ج1، ص 74ن 134، 135، 155

[32]  – مفاكهة، ج1، ص 49، 102، 126، 152، 272، 350، 339

[33]  -المصدر السابق، ج1، ص 164ن 176، 187، 272، 376، 379، واعلام، ص101، 177

[34]  – مفاكهة، ج1، ص 10، 13، 34، 68، 255، واللمعات البرقية، ص 27-28

[35]  – انظر منهجه لاحقاً

[36]  – اعلام، ص 96

[37]  – مفاكهة، ج1، ص 112، 224

[38] – مفاكهة، ج1، ص 26، واعلام، ص 61

[39]  – مفاكهة، ج1، ص 127-128

[40] – انظر مؤلفاته اعلاه

[41]  – القلائد الجوهرية، القسم الاول، ص 108-109، القسم الثاني، ص 357، 359، 366-368، ومفاكهة، ج1، ص172،

[42]  – القلائد، ق2، ص392، ومفاكهة، ج1، ص21، 263، 264، 323

[43] – القلائد، ق1، ص50، 53، 60، 81، 93، 116، 120، 132، 141، 142، 153، 155، 173،

[44] – مفاكهة، ج1، ص 42، 43، 48، 181، 696، 124، 125، 132، 153، 360، 384، 385…

[45] – مفاكهة، ج1، ص181

[46] – الثغر البسام، ص 102، 124، 131، 149، 160، 164، 174، 179، 250…

[47] – المصدر السابق، ص 122، 124، 126، 131، 132، 134، 149، 160، 172، 203…

[48] –  الثغر البسام، 129، 130، 157، 165، 207، 255، 298…

[49]  – الثغر، ص 155، مفاكهة، ج1، ص159…

[50]  – مفاكهة، ج1، ص42، 133…

[51]  – المصدر السابق، ج1، ص11، 42، 133

[52]  – المصدر عينه، ص 117

[53]  – مفاكهة، ج1، ص122-124ن 149، 179، 208…

[54]  – نفسه، ج1، ص 129، 130، 149، 150، 151…

[55] – مفاكهة، ج1، ص53

[56]  – المصدر السابق، ج1، ص148

[57]  – مفاكهة، ج1، ص35، 68، 100…

[58] – مفاكهة، ج1، ص 124

[59] – المصدر السابق، ج1، ص16، 198

[60]  – نفسه، ص87

[61]  – مفاكهة، ج1، ص 288، واعلام، ص 188

[62]  – مفاكهة، ج1، ص 73، 289

[63] – مفاكهة، ج1، ص147، 157

[64]  – ضرب الحوطة، ص 155

[65]  – نقد الطالب، ص 187، ومفاكهة، ج1، ص 115، 350

[66]  – مفاكهة، ج1، ص35، 68، 100

[67]  – مفاكهة، ج1، ص3، 166، 168، 186، 191، 195، 204، 261، 262…واعلام، ص 108، 127، 183…

[68] – مفاكهة، ج1، ص212، اعلام، ص51

[69]  – ترد هذه الاحياء في اماكن عديدة من مفاكهة الخلان،ج1، ص: 27، 92، 127، 153، 160، 179، 185، 212-214، 224، 224، 250-252…وفي اعلام الورى ص: 101، 102، 121، 122…ونذكر من هذه الاحياء: الغوطة، الشاغور، القبيبات، ميدان الحصى، القراونة، حارة المزابل، الشويكة، زقاق البركة، باب السريجة… 

[70]  – مفاكهة، ج1، ص65، 66، 196، 224، 225، 258، 295…واعلام، ص121-122، 167، 168، 196، 197

[71]  – مفاكهة، ج1، ص268، واعلام، ص174، 195، 199، 203…

[72]  – مفاكهة، ج1، ص292، 293، اعلام، ص195

[73]  – مفاكهة، ج1، ص185

[74]  – عينه، ص 247

[75]  – مفاكهة، ج1، ص160

[76]   – مفاكهة، ج1، ص177، 204، 213، 214، 238، 239، 181 واعلام، ص 118، 119، 127…

[77]  – مفاكهة، ج1، ص238، 239

[78]   -مفاكهة، ج1، ص7، 8، 9ن 20، 21، 65ن 93، 104…

[79]  – تبييض الترس، ص4

[80]  – مفاكهة، ج1، 109، 210

[81]  – مفاكهة، ج1، ص21، 30، 84، 203، 228 واعلام، ص108ن 186، 188…

[82] – عينه، 1/ 109، 210

[83] – اعلام، ص59، 136ن 151، 181ن 254، ومفاكهة 1/ 17، 46، 66، 92، 109، 127، 142، 153-154، 162، 164، 177، 180، 196، 204، 209، 225، 235، 257، 268، 274، 279، 320، 350، 354، 370

[84]  – اعلام، ص188-189، 203، ومفاكهة، 1/ 27، 35، 49، 66، 84، 105، 118، 127، 132، 142، 161، 172، 174، 179، 230، 240، 284، 300…

[85] – اعلام، ص119، 121، 131، ومفاكهة، 1/ 66، 150ن 220، 224، 227

[86]  – اعلام، ص121، 157، 162، 195، ومفاكهة، 1/ 87، 134، 204، 214، 232، 246، 292، …

[87]  – اعلام، ص123، 191، ومفاكهة، ج1، ص 150، 186، 196، 247، 289، 366، 390…

[88] – مفاكهة، ج1، ص108، 110، 262، 383، واعلام، ص 170

[89]  – مفاكهة، 1/ 172-173، 287، واعلام 99، 118-119، 187

[90]  – مفاكهة، ج1، ص108، 271، 272 واعلام، ص177

[91]  – مفاكهة، 1/ 176، 334

[92]  – مفاكهة، 1/ 106، 109، 196ن 385، واعلام 151

[93] – تبييض الترس، ص4ن مفاكهة، 1/ 3، 12ن 362،

[94]  – شهوة الاخر، والخيانة الزوجية، وقلة التقوى مفاكهة، 1/ 358

[95] – مفاكهة، 1/ 187، 273، 341، 351، 360 واعلام، ص 150-151، 178، 217…

[96]  – مفاكهة، 1/ 34، 59-60، 218

[97]  – مفاكهة، 1/341

[98] – مفاكهة، 1/ 9، 138-139، 167

[99]  – مفاكهة، 1/ 8-9، 98، 138-139، 165، 167، 204، 262

[100] – مفاكهة، 1/40

[101] – نفسه، 1/30، 228-229، 279

[102] – فص الخواتم، ص65

[103] – مفاكهة، 1/37، 76، و282، وضرب الحوطة، ص159

[104]  – مفاكهة، 1/ 185، 202، 376

[105]  – مفاكهة، ج1، ص5

[106]  – نفسه، ص11

[107]  – نفسه، ص21

[108]  – مفاكهة، 1/ 13، 24، 140

[109]  – نفسه، ص 52

[110] – المصدر السابق، ص 48، 60

[111]  – نفسه، ص 127

[112]   – مفاكهة، 1/140

[113]  – نفسه، ص142

[114]  – المصدر عينه، 1/219

[115] – مفاكهة، 1/211

[116]  – مفاكهة، 1/ 123، 192، 208، 226، 309

[117]  – نفسه، 1/17

[118]  – نفسه، 1/123، 130

[119]  – مفاكهة، 1/ 192

  [120]  – مفاكهة، 1/164، 222، 256 واعلام، 119، 209…

[121]  – مفاكهة، 1/ 240، 245، اعلام، 79-80، 155، 157، 96، 97…

[122]  – مفاكهة، 1/ 8-9، 65، 227، 234، 299 واعلام، 96-97، 123، 143-144، 198-199…

[123]  – مفاكهة،1/71، 73، 108ن 124-125، 132، 147، 153، 154، 178، 249

[124] – المصدر السابق، 1/79

[125]  – مفاكهة، 1/ 15، 160، 215، 254-255

[126] – مفاكهة، 1/ 4، 26، 84، 90، 125، 175، 226، 240، 252، 256، 261، …واعلام، ص، 61-64، 70-71، 110-112، 122، 125، 141، 155…

[127] – انظر ما سبق عن دور الجلبان عند حلولهم بدمشق، ودور الزعر وهامش رقم 123

[128]  – اعلام، ص60، 61، 63…

[129]  – نفسه، ص 16، 63، 64، 66، 68، 71…

[130]  – نفسه، 71، 73…

[131]  – اعلام، ص 40

[132]  – المصدر عينه، ص 31، 49، 50، 54،…

[133]–  ذكر ابن طولون في الصفحة 79 من اعلام الورى ” من هنا نشرعفي الذيل عليه”

[134]  – انظر مثلا ترجمة طشتمر واقطمر ص 52، 53، وايضاجمال الدين آقوش، ص33 وغرلو، ص 36…

[135]  – مثلا ترجم الطنبغا 12 سطراً ، ص 42 ، وجار قطلي في 16 سطرا، ص68…

[136] – انظر مثلا ما اورده في الصفحة 152 : [ سلطنة الغوري] ليجعل كل الاحداث مرتبطة بها

[137] – اعلام، ص182

[138]  – مفاكهة، 1/ 212-213، 214، 217 والنماذج كثيرة جدا

[139]  المصدر السابق، 1/167

[140]  – نفسه، 1/160-167،175- 289، 352-368…

[141]  – مفاكهة، 1/ 151…

[142] – المكان نفسه

[143]  – انظر مثلا ص 168، 275، 183، 368…

[144]  – اعلام، ص121…

[145]  – انظر تصنيف المقريزي للمجتمع المملوكي في هذا الكتاب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *