مظاهر اجتماعية من دمشق على عهد الدولة المملوكية الثانية 1382-1516

ان دراسة البنى الاجتماعية لدمشق على عهد الدولة المملوكية الثانية 1382-1516 تقتضي الاحاطة بمفهوم التاريخ الاجتماعي وتاليا علاقة علم الاجتماع بالتأريخ للوقوف على المبادئ المنظمة لدراسة البنى الاجتماعية، وتبيان مظاهرها الحضارية.

ومن الواضح ان ماهية الاجتماع الانساني خضعت لمؤثرات المكان والزمان، وللتقاليد والمعتقدات الدينية، وتأثرت بالعنصر البشري وعرقه وغيرهما. والتاريخ الاجتماعي لا يُعنى بدراسة الفرد كنموذج تحليلي للواقع بل بالظواهر الاجتماعية الناجمة عن المجموعات البشرية التي تربط بينها وحدة ثقافية[1]. والوحدة بهذا المعنى تطلق على كل مجموعة محددة تربط بين افرادها صلات ومصالح كالاسرة والقبيلة والقرية واحياء المدن والطائفة الدينية، واهل الحرفة او الصنعة الواحدة، واهل الحكم جميعهم بدءا برأس الهرم وحاشيته نزولا تدريجيا الى اسفل الهرم.

وتختص دراسة كل وحدة اجتماعية بمعايير محددة لمعرفة الظواهر الاجتماعية الضرورية لدراسة التاريخ الاجتماعي لأن المعايير ليست جامدة، بل تختلف من وحدة الى اخرى تبعا لحجمها ولمعيار التراتب الاجتماعي ضمن كل منها. وتمتاز الظاهرة الاجتماعية بانها عامة فهي في الاساس توافق في التفكير والسلوك والشعور والعادات، وتبنى على اساس التقليد الذي لا يلغي التطور، كما ان التطور لا يلغيه.[2] بل هما متلازمان وضروريان لادراك اسباب التحول في المجتمعات. 

وانطلاقا من هذه الاسس نلاحظ: ان المماليك عندما اسسوا سلطنتهم وركزوها بعد ان انتصروا على المغول وصدوا رحفهم المرعب بل ابعدوه واوقفوه عند حدود بلاد الشام، ثم بسطوا سيطرتهم على الاماكن الاسلامية المقدسة، والحجاز عموما، وانهوا الوجود الصليبي في الشرق عام 690/1291 صار لدولتهم موقعا استراتيجيا مهما جدا اذ استوثق الساحل للمسلمين على حد تعبير ابن كثير[3]؛ وبسطوا سلطانهم على ثلاثة بحار اساسية: المتوسط، والاحمر، وبحر العرب المدخل الرئيسي الى المحيط الهندي والشرق الاقصى. وباتوا يسيطرون سياسيا واقتصاديا وعسكريا على كل موانئ الحوض الشرقي للمتوسط باستثناء ميناء اياس الارمني[4]، كما على معظم الموانئ في البحر الاحمر. وادرك المماليك اهمية ما انجزوه وحاولوا استثماره الى اقصى مدى بالسيطرة شبه المطلقة على الشعوب التي خضعت لسلطانهم في مصر وبلاد الشام بعد ان باتوا على الصعيد الديني الحماة الحقيقيين للمسلمين، والحاضنين الفعليين للشرعية الاسلامية الوحيدة بعد ان احي السلطان الظاهر بيبرس عام 659/1261 الخلافة العباسية في مصر.

   على هذا، اتبع المماليك في الحكم نظاما اداريا خاصا بهم شبيه باللامركزية الحالية، فكانت مصر مركز الحكم لاحتضانها  السلطان الذي اقام نوابا عنه في النيابات المتعددة في مصر وبلاد الشام. وساعد لمماليك  في الحكم عدد وافر من الموظفين العسكريين والاداريين معظمهم من المتعممين[5].

ان التركيبين السياسي والاجتماعي المملوكيين المذكورين افرزا عدة مستويات اجتماعية واضحة المعالم، لكل منها ميزاته المحددة بحيث كانت تحكمه ظواهر اجتماعية واضحة من حيث السلوك السياسي ونمط العيش ومستواه الاقتصادي. ذلك ان المماليك لم ينصهروا بالشعوب في مصر وبلاد الشام، واستمر تفاعلهم الاجتماعي مع رعايهم غير ملحوظ، واستغلوا الاقتصاد العام باسوأ الطرق مسخرين الشعب باستغلال الارض.

لم يعنَ المؤرخون في العالم العربي والمستشرقون الغربيون كفاية بدراسة التاريخ الاجتماعي في العصور الوسطى، فقد درس بمقدار ما يتيحه المؤرخ السياسي والعسكري من مساحات اجتماعية ضيقة. وهو استند بشكل رئيسي على دراسة نظم الحكم كما صورتها كتب الادارة، من دون الاخذ بعين الاعتبار الواقع العملي الذي يتباين احيانا مع النظري. وقد صُّور هذا التاريخ على انه دراسة المباني على تنوعها، مع وصف بعض المظاهر الاجتماعية كالحفلات والاعياد وما شابهها، من دون التطرق الى صلب التاريخ الاجتماعي كدراسة الفئات المكونة للمجتمع من حيث علاقة الافراد في ما بينهم ضمن كل وحدة اجتماعية على حدة، وكذلك دراسة السمات التي تشترك فيها الفئات كافة والمسماة في علم الاجتماع الظواهر الاجتماعية.

 ان التاريخ السياسي والعسكري يستطيع تحديد المفاصل التاريخية الاساسية التي اثّرت في تطوّره وفي تحويل مساراته، ولكنه يصعب عليه توضيحها بمعزل عن قراءة متأنية للعوامل الاقتصادية والاجتماعية التي قد تكون احيانا في اصل تلك التحولات بل العامل الاساسي في توجيهها.

   من هنا يعطي معظم المؤرخين اليوم اهمية قصوة للدراسات الاجتماعية الماضوية من اجل اعادة تركيب الماضي بكل ابعاده بما في ذلك التداخل بين السياسة والاجتماع والاقتصاد .”لأن الزمان يكتسب فعاليته ويمر بتحولات طويلة او متقطعة، او يستمر تراتبيا، من خلال الفعاليات البشرية، ومما يعانيه الانسان في مجتمعه وبيئته.”[6]

  ومن بديهيات الامور ان اناس المجتمع يتفرعون الى فئات متميزة من حيث مراكز اقامتهم، والعمل الذي يؤدونه، وانماط العيش التي يمارسونها، ونظم الحكم التي تسوسهم. وتبقى هذه الصفات افقية الرؤية لعجزها عن تأمين آلية دراسة التاريخ الاجتماعي، لان هذه مهمة البنية الاجتماعية[7]، التي عرّفها بعض المؤرخين وعلماء الاجتماع: بانها مجموعة عضوية من التقارير الشديدة التماسك اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا في آن واحد، واقل ما يمكن قوله فيها: انها تتكامل في تقليد، وفي نظام خلقي، وهي تحدث اعادات ولا تتجدد، لان الحدث التاريخي هو الذي يُحدث التجديد والابداع، اذ يحوّل بعض البنى ولا يقضي كليا على تماسكها الداخلي .[8]

   على هذا، تصعب كثيرا دراسة التاريخ الاجتماعي في العصور الوسطى في الشرق العربي والاسلامي لافتقار مصادرنا للتقارير الاقتصادية الدقيقة، ولاقتصار الحوليات السياسية على لمحات اجتماعية، لان اصحابها اعتادوا التأريخ للخاصة من دون ايلاء العامة ما يستحق دورها من اهمية في تطور الاحداث. وقد ذللت، في هذه الدراسة، بعض هذه العقبات بالاعتماد على مؤلفات المؤرخ الدمشقي محمد بن طولون الغنية باخبار العامة والاعيان و الخاصة على حد سواء، اضافة مصادر اخرى اقل غنى  سترد في البحث .

     ترتبط دراسة التاريخ الاجتماعي في المدن بالتطور المديني او انحطاطه لأنه يحدد مستوى وظائف السكان تقدما او تقهقرا، ويعكس نسبة الديمغرافيا في المدينة، وازدهار الحركتين الصناعية والتجارية فيها. ومن ناحية ثانية يحدد ازدهار الابنية الحكومية، او تلك التي تتم بأمر من الحكام حتى وان كانت غايتها اجتماعية او دينية صرفة، مستوى الثقافة التي تتمظهر بعدد المدارس ومستواها الثقافي وبالمؤسسات الدينية المرتبطة بها. وتوضح دراسة الابنية على المستويين الحكومي والشعبي، بتراتبه المتعدد المنازل، من دون ادنى لبس المستويات الاقتصادية التي تنعكس على التطور الاجتماعي وتاليا على حالة الرفاه عند المجموعات السكانية على اختلاف مراتبها، لأن نوعية الابنية وهندستها البنائية ليست الا انعكاسا للتراتب الاجتماعي. وبالتالي تساهم دراسة الابنية في فهم التفرع الاجتماعي ليس ضمن الفئات المكونة للمجتمع فحسب بل ضمن الفئة الواحدة.

وعليه سندرس نمطين من الابنية: الشعبية، وتلك الخاصة بالاعيان لا سيما المماليك. وسترتبط نسبة وضوح الرؤية في دراسة النمطين بمقدار ما تتيحه لنا المصادر من معلومات.

    المساكن الفخمة: سكن المماليك في محلات خاصة بهم وحدهم، وكانت مميزة من غيرها من المساكن والابنية الاخرى بهندستها البنائية وفخامتها. ومن نماذجها البارزة الشرفان الاعلى والادنى. كانت تنتشر في الاعلى، الذي عرف ايضا ب”دار الامراء”، قصور الامراء ومساكنهم، ومدارس ومساجد[9]. وتوزعت في الشرف الادنى قصور للنزهة، وعدد من المساجد من ابرزها جامع تنكز[10]وعدد من المدارس، والعمائر، والمحلات العامرة، والخوانك[11]. وكان الشرفان يطلان على الميدان، وعلى منتزه الشقرا[12]. وكانت الربوة، الواقعة في سفح جبل قسيون والمشرفة على الغوطة، مسكن الامراء” لان فيها القصور والمباني الشريفة[13]، وتعني كلمة “شريفة” سلطانية.

   ومن الواضح ان دراسة ابنية المماليك هذه جاءت افقية الرؤية، وعامة ولم تغص في تفاصيل الهندسة البنائية، على الرغم من اهميتها على هذا المستوى، لأنها تتطلب جهدا كبيرا ليس الان مكانه. انما الغاية مما اشرت اليه فيها هو الوصول الى التمايز الاجتماعي بين السكان الاصليين في دمشق وحكامهم المماليك. وسنكتفي فقط بدراسة سريعة لقلعة دمشق لانها كانت مركزا حكوميا مهما ويختصر بوجه عام طريقة عيش المماليك في احيائهم الخاصة، بل في مجتمعاتهم التي لم يشاركهم فيها احد من السكان اجمالا.

يعود بناء القلعة الى العهد السلجوقي اذ شيدها اتسز بن اوق الخوارزمي المتوفي عام 471 / 1078م.[14]، واتمّها الايوبيون، وقد كيّفها المماليك بما يلائم نمط حياتهم. وبدت في العهد المملوكي كما يلي:

كان فيها خمسة ابواب: الجديد، السر، النصر، السلامة، والفرج[15]، ويحيط بها خندق دائري عمقه خمسين ذراعا يحميها ابان الحصار، وقد جُّرت اليه المياه من نهر بانياس على جسر عريض محفور ومخفي[16]. ويحيط بها سور ايضا فيه ابواب تفتح عند الحاجة فقط، على كل واحد منها مئذنة لجامع، وينفتح الباب على باشورة انتشرت عليها الحوانيت. وضمت القلعة حمام وطاحون – ما يدل على قلة عدد المماليك فيها- ودار للضرب، ودور حواصل، ومخازن لمختلف انواع العتاد، وآبار. ما يمكنها ابان الحصار من الاكتفاء الذاتي ولمدة طويلة[17]. وبالتالي شكلت مجتمعا مملوكيا خاصا انغلق على ذاته الى حد بعيد، خصوصا اذا ادركنا انه كان يمنع على نائب القلعة ومساعديه الاساسيين الاتصال باي شكل من الاشكال بنائب دمشق، كما كان يمنع على اي كان الدخول اليها الا بمسوغ قانوني. ولا ندري بالضبط اذا كان الامر عينه فرض على الاجناد فيها وان كنا نرجحه.

من دون شك ان هذه القلعة اعتمد في هندستها الضرورات امنية الصرفة، ومع ذلك فانها تشكل نموذجا لمجتمع مملوكي صرف يتمتع بكل خصائص المجتمعات المملوكية من حيث الرفاه على المستويات كافة، وتأمين المستلزمات الامنية واساليبها، لأن نائبها بدا كسلطان لا ينازعه في ادارتها منافس فاليه كانت تنهي الامور ومنه تصدر الاوامر.

  حارات دمشق ومحلاتها: يصعب كثيرا بناء دراسة دقيقة ومفصّلة لحارت دمشق واحيائها كلها، وسنكتفي في هذه العجالة بدراسة بعض مظاهرها المعبرة عمّ كانت عليه حالاتها الاجتماعية لتحديد ظواهرها الاجتماعية التي كانت سائدة فيها ومقارنتها بمثيلاتها عند الطبقة العسكرية الحاكمة.

ومن الواضح ان التجمعات الجغرافية تقوم على وحدة العنصر والاقامة في مكان محدد، وهي لا تلبث ان تولّد مجتمعات جديدة مبنية على حقوق الجوار وواجباته، وعلى حقوق الاقارب، وتتولّد منها جميعها عواطف مشتركة. وتنشأ عن التجمعات المذكورة في المدن مراكز انتاج، واتصال تتمثّل باماكن العبادة، وفي ظل غياب الدولة او تغاضيها عن واجباتها تتأسس فيها مراكز دفاع ضد غارات الآخرين. ما يجعل تلك التجمعات عنصرا عقليا وآخر ماديا في آن واحد.[18]

وعلى هذا شكّلت المحلات والحارات الدمشقية، التي تعددت وشغلتها العامة، تجمعات جغرافية واجتماعية، تشابهت مظاهر بعضها نسبة الى العمل الذي كان يؤدّيه افرادها من حيث الدخل على الاقل. وتفرعت كل محلة الى عدد من الاحياء والحارات. اما ابرز الحارات التي وفرتها لنا المصادر التي اطلعنا عليها فهي: الصالحية، الجسر الابيض، الميدان، برج الروس، الربوة، الخلخال، المنيع، والشرفان، [19] القصاعين، مسجد القصب، حجر الذهب، العقيبة [20]. اما احياء دمشق فهي كثيرة جدا سنذكر بعضها مثل: السنانية، باب البريد، المناخية، الشاغور، العمارة، ومسجد القصب، السويقة، المصلى، ميدان الحصى، القبيبات، القراونة، المزار، المزابل، العقيبة…[21]

   في عهد المماليك بدت دمشق داخل سورها مجموعة حارات مستقلة، وكأن الواحدة منها قرية صغيرة مستقلة بمساجدها وحماماتها وسقاية الماء فيها[22]. وجاءت ابنية بعضها، خصوصا التي شغلها العامة، والزعر متلاصقة، تمد افقيا، لعدم الاطمئنان الناتج عن سوء ادارة المماليك ولاتساع الرقعة الجغرافية[23]. وتنعدم فيها النوافذ والشرفات وقد يكون مرد ذلك لخضوع الابنية الى نظرية الحلال والحرام في الاسلام. وتألف الحي فيها من عدة بيوت شيّد لها باب خارجي مشترك يقفل في المساء وايام الاضطرابات، ويتوسطه باب خوخة ( صغير) يعبر منه سكان الحي كل الى داره[24]. ويرجع اسباب تلاصق الابنية الى ان رغبة رئيس الاسرة باسكان ابنائه واحفاده في المنزل عينه، فكان كلما ضاق المكان بهم اضافوا اليه غرفا حتى بات المسكن داخلا في بيوت الجيران[25]. وتحولت تلك البيوت الى اكواخ نظرا للنمو الديمغرافي.

   والى ذلك، كان الحي من حيث بناؤه الهندسي عبارة عن تشكيل من الابنية غير المتوازية والمتوازنة، ترتفع جدران بعضها الى اكثرمن طبقة والبعض الآخر يشبه الاكواخ ان لم يكن عبارة عن مجموعة من الاكواخ مظلمة يتسرب اليها الهواء عبر الازقة وممرات منخفضة معتمة.[26] وهو فوق ذلك كله شكل وحدة ادارية مستقلة على مستويين حكومي ومحلي اي شعبي.

       فعلى الصعيد الاداري المحلي ترأس الحي شيخ يعينه نائب السلطان المملوكي في نيابة دمشق من اجل حسن سير الاعمال المنوطة بالحي :حفظ النظام، تمثيل الحي في المناسبات العامة التي تقتضيها الدواعي السياسية والاجتماعية في المدينة، ومساعدة الشرطة في تنفيذ مهامها، او تولي هذه المهام بنفسه، كجمع الضرائب القانونية وغير القانونية مثل الرمي او الطرح[27]. لان الاحياء قد انتظمت في مناطق منعزلة ومنطوية على ذاتها لا يتمكن الغرباء من الدخول اليها، ولاسيما انها كانت متداخلة فيما بينها في حياتها العادية. وكانت تتآزر ابان الاضطرابات العسكرية، وتدافع جميعها بعضها عن البعض الآخر اذا تعرض احدها لاي اعتداء خارجي[28]. ولم يكن ينغلق الحي على نفسه اجتماعيا وسكانيا الا ابان الاضطرابات العسكرية والفتن الداخلية ،[29] ما يذكرنا بعمليات الدفاع المشترك التي اشرنا اليها اعلاه.

 ويعتبر عدد المدارس والمساجد والجوامع، وتنامي عدد الحمامات من المعايير الاساسية في ايضاح التطور الديموغرافي في دمشق، وتحديد المستوى الثقافي العام ليس بين سواد العامة انما بين بياضها بشكل رئيس. سنكتفي في هذا في هذا البحث باعطاء فكرة عن مجموعها الذي يعكس بشكل تقريبي عدد السكان، ويوضح نمطا اجتماعيا من العيش قد لا نجده الا في المدن الاسلامية.

 بلغ عدد المدارس كما ذكرها ابن كنان 111 مدرسة توزعت على المذاهب السنية الاربعة[30].وقد اورد منير الكيال ان عدد الحمامات في دشق على عهد ابن عبد الهادي المعاصر لاواخر الدولة المملوكية بلغ 167 حماما عدا حمامات الغوطة[31]، وذكر ابو علي الاربلي المتوفي عام 726 / 1326 ان تعداد حمامات دمشق بلغ خمسة وسبعين حماما. واذا سلمنا بصحة هذه الارقام تكون دمشق المملوكية قد زادت حماماتها على ما يربو على الضعف ما يعكس تطورا ديموغرافيا وبنائيا ملحوظين، لان الحمامات الخاصة كانت قليلة جدا انذاك، ويؤكّد على ان الحمامات العام استمرت حاجات ضرورية للنظافة وبما كان يتم فيها من احتفالات تفرج الناس وتؤاسي بؤسهم الاحتماعي والاقتصادي والسياسي.

الفئات الاجتماعية في دمشق: انطلاقا من النموذجين البنائيين السابقين يمكن دراسة الفئات الاجتماعية في دمشق. لأن من معايير التاريخ الاجتماعي تحديد الفئات الاجتماعية تبعا لمستوياتها المعيشي وانماط حياتها المشتركة، ومن ثم استخلاص الظواهر الاجتماعية التي تخضع لها، وبالتالي دراسة التطور البطيء او السريع الذي تؤمنه الظواهر بهدف تحديد مستوى التطور ايجابا اوسلبا، ويقتضي توضيح الرؤية ودقتها القاء الضؤ على نظام الحكم ودراسة بنية العلاقة بين الحكام وفئات الشعب لما لذلك من دور اساسي في فهم الدينامية الاجتماعية.

وعليه، لا بد من تحديد المبادىء الاساسية المنظمة للمجتمع، مما يقتضي ابراز الفئات في التفرع الطبقي التي منها نحصل على المبدأ المنظم للمجتمع، الذي منه تنتج البنى، ومن ثم دراسة العلائق بين الفئات الاجتماعية التي ستكون جد مختلفة[32]. وارتأيت اعتماد الوظيفة، على اختلاف اشكالها لحكومية والدينية، اوالمهن الحرة المتنوّعة معيارا  للتفريع الطبقي او ما يمكن تسميته المبدأ المنظم، وسيتوضح الامر بما سيلي.

    كان المجتمع المملوكي طبقيا – ان جاز التعبير كون الموضوع يرتبط بالعصور الوسطى ولان استعمال ” طبقة ” مصطلح حديث- جامدا الى حد بعيد، وغالبا مغلقا، فالطبقات مقفلة على ذاتها عموما، فالحكام كانوا جميعهم من المماليك، والطبقة العسكرية على مستويات تتدرج هرميا من السلطان الى الجندي. ورجال الدين من ابناء الشعب وكانوا ايضا على مراتب، وقل الامر عينه عن العامة التي قسّمها المقريزي الى فئتين سوادها وبياضها. وكانت هذه الفئات ( الطبقات ) متفاوتة من حيث الدخل، والطمأنينة، والاستقرار واشتغال المناصب الحكومية والدينية والاقتصادية والاجتماعية، ولم ينظر لحقوق الفرد في (طبقته) فئته الا من خلال انتمائه الوظيفي. وقد بنيت نظرتي هذه انطلاقا من رؤية المقريزي للمجتمع في عهد المماليك اذ قسّمه الى سبع فئات : ارباب الدولة.      

مياسير الناس من التجار والفقهاء والمتعممين.

متوسطو الحال من التجار والباعة واصحاب المعاش والسوقة

الفلاحون من اهل الزراعة .

سكان الارياف والقرى .

ارباب الصناعات والحرف البسيطة .

والمعدمون [33].

     ان هذا التوزيع العام الذي اورده المقريزي يشمل كل المجتمع المملوكي، اما في المدن فيصح اعتماد تفريع آخر ينبثق منه يأخذ بالاعتبار خصوصية المدينة والتجانس الاجتماعي الاكثر شمولا، ويمكن تفريعه كما يلي: الطبقة العسكرية الحاكمة، الاعيان الذين يضمون رجال الدين والتجار وارباب الصناعة، او ما يطلق عليه بياض العامة، وسواد العامة، واخيرا الزعر والارذال والاوباش.

كان سكان دمشق يتألفون من غالبية عربية كبرى، اضافة الى عدد من اجناس مختلفة وفدت اليها عبر تاريخها مثل بربر شمال افريقيا خلال العهد الفاطمي، والتركمان في العهد السلجوقي الاتابكي، والاكراد في العهد الايوبي واستمروا يشكلون اقلية[34].هذا اضافة الى الشعوب المغلوبة من المناطق المجاورة خصوصا من تلك التي تعرضت للغزو المغولي ولا سيما العراق، كما لجأ الى دمشق طائفة دينية كبيرة العدد من المغاربة لاسباب دينية[35]. يضاف اليهم الحكام المماليك على اختلاف مراتبهم، وسندرس كل فئة من هذا المجتمع على حدة لتحديد نظمها الاجتماعية، ومن ثم علاقة هذه الفئات في ما بينها.

 1 – الطبقة العسكرية الحاكمة: شكل السلطان وامراؤه واجناده طبقة عسكرية حاكمة مغلقة عن الشعب. وحدد الانتماء اليها بشروط لم تتوفر بالسكان الاصليين : كالعرق، اي ان يكون مولودا خارج الاراضي المملوكية في الشرق العربي والاسلامي وبالتحديد في السهوب الآسيوية الاوروبية الممتدة من آسيا الوسطى حتى البلقان والبحر الادرياتيكي.[36]والرق[37]، واجادة اللغة التركية لان المماليك كانو يتحدثون بالتركية في اجتماعاتهم ومجتمعاتهم[38]. وقليلون منهم من اتقنوا العربية، لا بل ان بعضهم لم يفقه منها شيئا[39]. والتربية في الطباق ( الثكنة العسكرية )، و العتق، والتدرج بالامرة[40]. وانحصر تزاوج امراء المماليك اما من نساء تركيات جيء بهن خصيصا لهذه الغاية، او من بنات امراء المماليك، وقليلون منهم من تزوجوا من بنات مياسير التجار او بنات المتعممين[41]. وكانت جميع اسماء الامراء تركية، ولم يجرؤ اي منهم مهما ارتفع مقامه على الخروج على هذه القاعدة مخافة القتل او العزل، فالسلطان جقمق ( 1438 – 1453م.) اراد ان يسمى محمدا تيمنا بالرسول (ًصلعم ) ولكنه خاف العزل فتسمى جقمق محمد[42]. انما حق لهم بالالقاب الدينية مثل ركن الدين او عز الدين… وانفرد المماليك بلبس ثياب مميزة مطرزة الكمين تمييزا لهم من افراد الشعب.[43]وارتدوا قباء طويلا ينتهي بأكمام ضيقة، واعتمروا كلوتة صفراء من دون عمامة، وشدوا على خصورهم احزمة من القطن البعلبكي، وتميزت ايضا ثياب الامراء من ثياب الجند [44].

     ومن مميزات الطبقة العسكرية الحاكمة اقتناء الرقيق وركوب الخيل الذي لم يجز ركوبها لغيرهم [45]، وعلى رغم اسلامهم فلم يُقض بين الامراء بالشرع الاسلامي بل ب”الياسة او اليسق ” وهي مجموعة القوانين المغولية التي اصدرها جانكيز خان ( 1206 – 1227م.)[46]. وحاز المماليك وحدهم، سلطانا وامراء واجنادا، الاقطاعات الزراعية وشاركهم بقسم ضئيل نسبيا بعض المتعممين ممن اشرفوا على المؤسسات الدينية والتربوية والاجتماعية[47]، وكذلك بعض العربان وغيرهم ممن اعتبروا اجنادا في الحلقة. كما توزعوا في ما بينهم المرافق الاقتصادية العامة ولا سيما الجمارك التي حازوا عليها عن طريق الاقطاع.

      ان هذه المميزات تشمل كل المماليك خصوصا في القاهرة وهي تنسحب على تواجدهم في كل المدن، لان نائب السلطان في نيابته شكل سلطانا مصغرا، وتميز بخاصات السلطان من حيث الصلاحيات وبيوت الخدمة، انما على مستوى ادنى، فالاول كانت تنعت بيوت خدمته بالشريفة والثاني بالكريمة.

11 – دور وظائف الطبقة العسكرية الحاكمة في دمشق في التفريع الطبقي : عاش بدمشق عدد كبير من ارباب السيوف كان نائب السلطان اعلاهم رتبة، يعينه السلطان بمرسوم شريف ويعبر عنه لاهميته بكافل السلطان ويخصص بألقاب ونعوت لم يسمح بها لغيره.[48] كانت تزين كل احياء المدينة وحاراتها لدخوله اليها، اذ توجّب عليه التطواف حول قلعتها سبع مرات، والصلاة ركعتين عند باب السر[49] قبل توجهه الى مقره في دار السعادة [50]. وكان النائب يخلع الخلع على قضاة القضاة الاربعة بدمشق في دار العدل[51] تعبيرا عن اقراره بدورهم في الحياتين الدينية والاجتماعية وان نظريا.

   وقد تمتع بصلاحيات واسعة جدا ان من حيث التوظيف او العزل، او منح الاقطاعات.[52]كما توجب عليه اداء مهام ادارية وامنية وسياسية واجتماعية ودينية.[53]وتمتع بمنازل خدمة كريمة على غرار منازل الخدمة الشريفة السلطانية: فكان له دواداره، وخزنداره، وامير مجلسه، وامير آخور، وشاد الشرابخاناه، ومهاتر البيوت…[54]

     وعاش في دمشق الى جانب نائبها ثمانية امراء مئة مقدمو ألوف،[55] واحد وعشرون من امراء الاربعين او الطبلخانة [56]، واثنان وعشرون من امراء العشرينات، وواحد وخمسون من امراء العشرات ، وثلاثة وعشرون من امراء الخمسات، عدا عن مقدمي الحلقة واجنادها وهم عدد كبير، اضافة الى عدد آخر من الموظفين لا يسعنا ذكرهم جميعهم بحيث يغدو الموضوع دراسة في الادارة المملوكية.[57]نذكر منهم: امير حاجب وهو مقدم ألف، ويلي نائب دمشق رتبة وينوب عنه اثناء غيابه، واستادار[58]، ونقيب الجيش[59]، والمهمندار، وشاد المهمات، ووالي الشرطة[60]، ونائب القلعة الذي لم يكن لنائب دمشق سلطة عليه[61]، واتابك العسكر ( قائد الجيش ) وبالتالي نشأ نظام عسكري بيروقراطي لتلبية متطلبات السلطان من جهة، وحاجات النائب الذي كان الى حد بعيد مستقلا من جهة ثانية. وتوزع هؤلاء جميعهم، الى جانب الوظائف الاساسية، الاراضي الزراعية بنيابة دمشق اقطاعات كل على قدر الوظيفة التي كان يشغلها، فضلا عن المعاصر المتنوعة و الطواحين وما الى ذلك من المرافق الاقتصادية.

وعلى هذا، اربتطت بهم فئات المجتمع الدمشقي بطريقة مباشرة خصوصا المتعممون الذين استخدموا في الادارة _ سيأتي الحديث عنهم بدراسة المتعممين-، واحيانا اخرى غير مباشرة. وكانت تلك العلائق فوقية لصالح الطبقة العسكرية الحاكمة، التي كان نهمها للمال مستمر، فنتج منه صراعات بين افرادها او جماعاتها اثرت سلبا على تطور الحياة الاجتماعية الدمشقية، بحيث توجّب على الفئات الشعبية كلها تلبية حاجات الطبقة العسكرية الاقتصادية وغيرها بكل السبل المشروعة وغير المشروعة.

      واذا علمنا ان مقدم الالف حق له باقتناء من ماله الخص بمائة مملوك وانه كثيرا ما تجاوز هذا الحق الى مائة وعشرين او اكثر، واجيز لامير الطبلخاناه باربعين، وجوازا بسبعين او ثمانين، وهكذا نزولا حتى امير خمسة، لادركنا العدد الكبير لمماليك الامراء الذي نشاء منه مجتع خاص بهم. اضف الى ذلك انه كان في دمشق عدد من الطباقات للمماليك السلطانية ممن يأتمرون بالسلطان فقط او من ينوب عنه، هذا عدا عن اجناد الحلقة الوافري العدد. فتشكل بذلك ضمن دمشق مجتمعا مملوكيا مغلقا وكامل المميزات، ومتدرج من حيث الدخل والسلطة والحظوة، سنوضح سماته تباعا.

 وتأمينا لسلامة الاوضاع في دمشق، وخوفا من الانقلابات العسكرية، عمد السلاطين الى تدابير احترازية عديدة : كان محظور على نائب القلعة المعين من قبل السلطان الاجتماع بنائب دمشق، ومفروض عليه الا يسلمه القلعة الا بناء على امر سلطاني. وكان السلطان يرسل الى دمشق دوداره الثاني وغيره من الموظفين العسكريين المخلصين له رقبا على نائبها والموظفين الكبار الآخرين. وبالتالي تضاربت صلاحيات ومصالح جميع هؤلاء، وادت الى صراعات شبه دائمة بينهم بدت شديدة الحدة في العهد الجركسي. ما اثر سلبا على كل الاوضاع والاقتصادية فيها،  التي كانت تنعكس باستمرار سلبا على التطور الاجتماعي.

    وقد شكل هذا العدد الكبير من رجال السيف فئة ( طبقة) اجتماعية مميزة جدا عن ابناء البلاد، تدرجت نسبتها الاجتماعية والاقتصادية تبعا للمناصب التي شغلها كل منهم بدءا بنائب المدينة، فامراء المئة نزولا حتى الاجناد. ويمكن اعتبار هذا التفرع اسرويا الى حد، بحيث شكل كل امير نوعا من اسرة قائمة بذاتها بانتماء مماليكه اليه وحده وارتباطهم به بثلاث روابط على الاقل: الرق، والعتق، والوظيفة التي شغلوها في خدمته. وتبعهم بهذا الانتماء اسرهم والعاملون بخدمة الامير في اقطاعاته المتنوعة.

 وعلى الرغم من انتماء افراد الطبقة العسكرية الحاكمة بدمشق الى رجال السيف، فانهم لم يكونو متجانسين من حيث وظائفهم وانتماآتهم، فبعضهم ارتبط بالسلطان مباشرة والبعض الاخر بنائب المدينة، ما ادى الى تمايز وظيفي واستغلال له؛ لأن بعضهم بسبب ارتباطه بالسلطان تجاوز كل الحدود الادارية والاقتصادية والسياسية والامنية[62].

ان كل ذلك جعل الفئة العسكرية الحاكمة بدمشق وحدات شبه مستقلة، ومرتبطة في آن بغيرها من حيث الوظيفة ونمط الحياة العام. ويقتضي السياق عينه الاخذ بالاعتبار التمايز الاداري والوظيفي الذي سبق الكلام عليه لفهم الظواهر الاجتماعية عند المماليك.   

     12 – ثراء الطبقة العسكرية :ادت السيطرة السياسية والادارية للمماليك الى هيمنة اقتصادية هائلة ان لم نقل هيمنة شبه مطلقة على الحياة المدنية جعلت الدمشقيين ينصاعون قسرا لهم، بما في ذلك ارباب الاقتصاد من المدنيين المسيطرين بوجه عام على التجارة. وتجلت تلك السيطرة بطلب الحماية والامان، وبتلبية الاطماع المادية للفئة العسكرية الحاكمة. ومع ذلك فان الصراعات في ما بين المماليك كانت شبه دائمة للحصول على اكبر قدر ممكن من الثراء والنفوذ. وقد يجد الباحث عذرا لهذه الطبقة في الصراعات فيما لو لم تكن امكاناتها المادية هائلة، فالمصادر المملوكية تحدثنا عن ثراء الامراء بما يعيد الى الاذهان اساطير ألف ليلة وليلة. واليك بعض النماذج: عندما توفي الامير سلار ترك كنوزا مذهلة ذكر ابن اياس بعضا منه: خمسة وعشرين رطلا احجار كريمة من زمرد وياقوت، وثلاث مئة قطعة ألماس، ومئة وخمسين حبة لؤلؤ كبيرة زنة الواحدة منها مثقالا، ومئتي ألف دينار ذهب عين ، واربع مئة ألف دينار من الفضة، واربعة قناطير من المصاغ الذهبي، عدا عن الخيل و غيرها من الماشية. ويزعم ابن اياس ان دخله بلغ من اقطاعاته وحماياته مئة ألف دينار.[63]وبلغت قيمة اموال نائب الشام التي صادرها السلطان الناصر محمد بن قلاوون ( 1309 _  1340م.) حوالى المليون ونصف المليون من الدنانير الذهبية. وقد احصي ما تركه “تنكز”الذي حكم الشام بضع سنوات فبلغ مليونين وسبع مئة ألف دينار، وسبع مئة وثلاثين ألف درهم فضي فضلا عن المجوهرات.[64]

     قد تكون هذه الارقام مبالغا بها ،علما انها استقيت من مؤرخين مملوكيين يتحدران من الطبقة العسكرية الحاكمة [65]، ولكنها تدل على مدى الثراء الفاحش الذي اصابته الطبقة العسكرية المملوكية الحاكمة، التي لم يكن لها  مبرر لظلم الفئات الشعبية، لا سيما انها اصابت بعض ثرائها من اعمال الظلم.

    وقد انصب اهتمام المماليك على تنظيم الجيش وتدريبه وتأمين رفاهيته، وبالتلي الحصول على الضرائب لتحقيق هذه الغاية. وبما ان الحكومة المركزية ما كانت مسؤولة عن الخدمات المدنية التي اضحت عرفا على عاتق نائب المدينة بشكل رئيسي، وبدرجة اقل على عاتق الامراء الكبار المتواجدين فيها، وبما ان هذا الامر لم يكن ملزما قانونيا، فان هذه الخدمات ارتبطت بهمتهم وبقدر حاجتهم للتقرب من الشعب، وبشدة الضعط الذي مارسه عليهم الشعب متوسلا رجال الدين لقيادة الحركات المعبرة عن سخطه كالتكبير في المساجد، او في الشوارع الرئيسية.[66]

وهكذا انفصل اجتماعيا رجال السيف عن ابناء البلاد بنظمهم وعاداتهم واخلاقهم وممارساتهم التي جاءت غالبا مجحفة بحق الرعية، وشكلوا فئة اجتماعية سياسية عسكرية مغلقة عن الدمشقيين، ولكن آليتها الداخلية استمرت متحركة باتجاهين اما صعودا نحو القمة، او انحدارا وصولا الى البطالة والعزل. وفي الحالين معا خضعت تلك الفئة لظاهرة اجتماعية واحدة لها خاصاتها وميزاتها في انها فئة ممتازة ومتميزة عن الدمشقيين. وجاء تحولها الاجتماعي بطيئا جدا بما اجازه القانون، او بسبب التغاضي عن تطبيفه. فقد تطلبه تامين الخدمات العامة، وادارة املاك نائب دمشق وامرائها واجنادها عدد كبير من الموظفين على اكثر من مستوى : فكان بعضهم من بياض العامة، والبعض الآخر من سوادها الامر الذي سمح لافرادها الاختلاط بالدمشقيين ضمن حدود ضيقة. وكذلك حصل لصغار الاجناد ما ادى الى تأثر متبادل بين السكان وصغار المماليك ببعض العادات.

   2 – الاعيان

   21- رجال الدين المسلمون : كان لرجال الدين الذين دور اساسي في المجتمع الدمشقي على مستويين اجتماعي ووظيفي، فهم احتلوا المنزلة الاجتماعية الارفع فيه باعين الناس الذين ما انفكوا ينظرون اليهم باكبار حتى في فترات الانحطاط التي انغمس فيها بعض رجال الدين من الرتب كافة بالمفاسد الاجتماعية لسوء ممارستهم وظائفهم. فكان يفترض بهم من حيث المبدأ القيام بدور الرقابة على ممارسة الجهاز العسكري الحاكم لردعهم عن غيّهم ومظالمهم. حتى ان رجال الدين الذين تسرب اليهم الفساد، وجروا وراء مصالحهم الذاتية، بخضوعهم لرغبات الطبقة العسكرية ونفّذوا مآربها على حساب الشعب ظلوا يحتلون منزلة مهمة، ليس على الصعيد الشخصي، انما على مستوى الوظيفة الجليلة التي شغلوها بما كان لها من تقدير عند مختلف فئات  المجتمع الذين كانوا يأملون دائما بعودة الفاسدين الى رشدهم. اما ابرز الوظائف الدينية فكانت :

قضاة القضاة :عرفت دمشق اربعة قضاة قضاة تبعا للمذاهب الاسلامية الاربعة، كان اهمهم الشافعي[67] الذي اشرف على دور الايتام والاوقاف التابعة لها، والمدارس التي كان يتولى التدريس فيها او الاشراف عليها، وهو الذي كان يقيم النائب في نيابة الشام ويثبته فيها، وله اوقاف خاصة يعتاش منها.[68]ويليه اهمية الحنفي، ثم الحنبلي واخيرا المالكي. وكان لكل واحد منهم اوقافه ومدارسه واختصاصاته الاجتماعية والسياسية[69]. ويعتبر قاضي القضاة رئيس الادارة القضائية من حيث تعيين القضاة وعزلهم، وتعيين نواب له، والفصل بين الخصوم، وتنفيذ الاوامر الشرعية.[70]كما توجب عليه افهام نائب دمشق الصحة بالاحكام واصول الشريعة كي لا يقع بالخطأ، كون النائب صاحب ولاية المظالم[71]ويجهل احيانا كثيرة اللغة العربية قراءة وكتابة وبالتالي القواعد الشرعية واحكامها.

     وكان من المفترض ان يختار اهل كل مذهب قاضي قضاتهم بعد موافقة السلطان،[72]لكن هذا الامر لم يراع باستمرار خصوصا على عهد الدولة الجركسية[73]، ولا سيما بعد ان صارت المناصب القضائية تشرى بالرشوة، وبالتالي فسد معها بوجه عام معظم النظام القضائي المملوكي، وغدت تصدر بعض الاحكام بالرشوة[74]. وتمكن بعض القضاة من جمع اموال طائلة بطرق مشبوهة، من دون ان يخجلوا لا بل ان بعضهم راح يتباهى بسطوته ونفوذه غير آبه بتهكم الناس  عليه او مكترث بأحكام الشريعة، فاحتقره زملاؤه والناس كلهم،[75]خصوصا ان بعض اولئك القضاة كان يجهل اصول القضاء واحكام الشريعة، والعلوم الدينية الاخرى التي هي في اساس التربية في المجتمع الاسلامي ومنارة السلوك فيه.[76]ولم تكن حال حميع القضاة على هذا النحو اذ أُثر عن بعضهم الصلاح واعمال الخير والتفقه بالاحاديث النبوية.[77]وقد مارس احيانا قضاة القضاة والقضاة ضغوطا على الطبقة العسكرية الحاكمة بدمشق لاطلاق من اعتقل ظلما وعدوانا، اوللشفاعة بمن اعتقل اثناء الصراع بين الاجناد المماليك والسكان، وما شابه هذه الحالات[78].  

مفتون دار العدل : كان عددهم ،بوجه عام، اثنين شافعي وحنفي، ومن مهامهم حسن تطبيق الشريعة الاسلامية. كان يعيّنهم، السلطان[79]، ما يعني انهم كانوا غير مقيّدين بسلطة نائب دمشق وجهازه الحاكم، بامكانهم ممارسة رقابة حقيقية على النائب واعوانه ان شاءوا.

 ومن الوظاءف الديوانية التي شغلها رجال الدين: وكيل بيت المال المؤتمن على اموال النيابة، و المحتسب الذي يراقب الاسعار و المكاييل و الموازين والاخلاق العامة.[80]وشيخ الشيوخ الذي يوليه نائب دمشق للاشراف على جميع الخوانق والفقراء الصوفية[81]. وكاتم السر الذي يعينه السلطان لاسداء النصح والارشاد للنائب، وكان يعاونه موظفون متعممون معينين ايضا من قبل السلطان مثل: كتاب الدست الذين يجلسون في دار العدل لمساعدته في رفع القضايا الى النائب ليتم اتخاذ القرارات بشأنها[82]، وكتاب الدرج ويعينهم السلطان ايضا.[83]

   قام رجال الدين، اضافة الى وظائفهم الشرعية، بدور مهم جدا على صعيد الحياة اليومية والدينية، اذ كان لبعضهم انصار في توجههم الديني خصوصا من سلك طريق التصوّف، الذين كثر انصارهم وانصاعوا الى تدابيرهم. فمارسوا بذلك ضغوطا كبيرة على اهل السلطة وشكلوا ازعاجا حقيقيا لها،[84] لاحقاق الحق، الذي كان يتنافى احيانا مع مصالح اركانها.

بما ان موضوع التفريع الطبقي يتعلق بالوظيفة فلا بد من ان نتحدث عن دور العلم في دمشق التي عمل فيها قسم مهم من رجال الدين علماء وفقهاء وغيرهم، اضافة الى عدد من الموظفين المدنيين.

أ – المدارس: كانت تؤسس المدارس لبعض الائمة الكبار ممن تعمقوا وتفقهوا بالعلوم الدينية لكي يمارسوا دورهم التعليمي بأمان وباحترام، وتمكين الطلاب من الحصول على الثقافة الضرورية من اجل تطوير المجتمع ليس على الصعيد الديني فقط انما ايضا في مختلف انواع العلوم الاخرى، على الرعم من انها لم تلق الاهتمام الذي خظيت به المدارس الدينية.

كانت معظم المدارس في دمشق تدرس علوم دينية وادبية باستثناء ثلاث منها فقط اعتنت بتدريس الطب نظريا فقط[85]، وهي: الدنسرية، الدخوارية، واللبودية النجمية[86]. والى جانبها اختص بدمشق اربعة بيمارستانات بتدريس الطب نظريا وتطبيقيا هي: الصغير اوالعتيق، باب البريد او الدقاقي، النوري الكبير، والقيمري[87]

وكي نتمكن من اعطاء فكرة عن الوظائف في المدرسة سأدرس الاختصاصات في مدرسة واحدة هي العادلية[88]التي كان فيها مشيخة كبرى[89]، بما في ذلك اقسامها والمدرسون فيها. فقد درس في قسم الفقه  اشهر فقهاء دمشق وقضاتها من امثال: ابن خلكان، والقزويني، وتاج الدين السبكي…وكان يؤمها العلماء واللغويون ويتناقشون بكل ما له علاقة بالفقه واللغة.[90]واعتنى قسم اللغة العربية والقراءات بلهجات القبائل العربية ومذاهب النحاة واللغويين. وسكن في هذه المدرسة المدرس المختص هو وعائلته.

 حظيت كل مدرسة بهيئة تدريس تألفت من: رأس المدرسة وهو من كبار المدرسين، يتولاها بتوقيع اما من السلطان او من نائبه في دمشق لانه ضم احيانا، الى جانب مشيخة المدرسة، مشيخة اختصاصها ( الحديث او الفقه او اللغة العربية)[91]، وتعني المشيخة بتأمين حسن سير التدريس فيها من حيث الاشراف وتأمين الاساتذة ودفع المرتبات. وتألف الجهاز التعليمي فيها من شيخها وناظرها ومدرسيها، ومعيديها[92] – وتفاوت عددهم نسبة الى اتساع المدرسة وعدد طلابها ومساحة اوقافها- ومن امامها، ومؤذنها، وقيّمها[93].

ب – الاوضاع المادية للجهاز التعليمي: تقاضى مدرسو المدارس والخوانق والربط رواتب جيدة عموما أمنت لهم مستوى لائق من العيش، خصوصا اذا كان ناظر المدرسة كريما صالحا ومتقيدا بشروط الواقف[94]. اما مدرسو المساجد فكانوا لا يطلبون اجرا اجمالا سوى الثواب عند الله وما اوقفه بعض الامراء واهل الخير من اوقاف على التعليم في المساجد.[95]وكانت رواتب مدرسي الكتاتيب زهيدة وتكاد لا تقوم بأودهم.

  وقد شكلت المدرسة الركن الاساسي للتآلف الاجتماعي لاستنادها الى مذهب شرعي واحد، ولوجودها في مكان محدد من المحلات او الاحياء، ولأن مهامها استندت على التوعية الدينية بتعليم اصول الدين من فقه واحاديث، وتلقين القرآن. لان الدين الاسلامي كان عقيدة غالبية السكان واستن نظام حياتهم، وبالتالي اصبحت المدرسة النقطة المركزية في التوحيد الشامل لابناء المذهب المنتسبة اليه.

 لم تكن غايتها التعليمية تخريج رجال دين على مختلف المستويات فقط، انما ايضا تثقيف المجتمع، فكان ينتسب اليها ابناء الفئات المتوسطة والغنية تقربا من الله وللتفقه باصول الدين، من اجل الاكتفاء الذاتي. حتى اذا تخرج الواحد منهم ومارس مهنة حرة ادرك اصول المعاملات ومقتضيات الاحوال. وقد يكون هذا الامر دفع (ايرا مارفين لابيدوس) المستند الى كتب السير والتراجم الى القول: ان كثيرين من ابناء المهن الحرة كانوا من العلماء مثل:” البنائين، وعمال الحجارة، والنجارين، والنحاسين، وصناع الصابون والصيادلة… كما كان عدد من صنّاع الحبال والاسرجة والاقواس والنساج والقصابين وتجار الصوف… مطلعين على الشريعة الاسلامية، وتقلدوا العضوية في مدارس الفقه[96].

والى جانب المدرسة اختصت مؤسسات اخرى بالتعليم سأكتفي بذكرها فقط كي لا ادخل في كامل تفاصيل النظام التعليمي الدمشقي المملوكي، وهي: الجوامع، دور القرآن، والكتاتيب، والخوانق، الربط، وبعض الترب التي نص صاحبها بوقفه على هذا الامر. وهم شكلوا فئة اجتماعية الى حد متجانسة لتعاطيهم شؤون الدين وتثقيف الطلاب والرعية معا على الرغم من الفوارق بينهم في الدخل ومستوى الوظيفة. وبالتالي لعبت المدرسة دورا رئيسا في التآلف والتجانس الاجتماعيين. 

  وهكذا تصبح المدرسة راعية الحي، والاساس في التفريع الطبقي، والرائدة في تعميم الظواهر الاجتماعية، ليس للدور التثقيفي الديني فقط انما للدور الاجتماعي والسياسي احيانا الذي كان يمارسه القيمون او المشرفون عليها ضمن الحي الواحد. لانهم شغلوا الى جانب التدريس مناصب جلية: فكانوا قضاة، ومحتسبين، ورجال ادارة، وأئمة مساجد، وكتاب سر وغير ذلك من موظفي الادارة المدنية.   

  وعلى الرغم من الدور الاجتماعي المهم الذي مارسه المتعممون الدمشقيون الذين تألفوا من قضاة القضاة ومساعديهم من القضاة، وارباب الوظائف الديوانية، والمدرسين، فقد شكلوا فئة كبيرة وخاصة ومتميزة ومتدرجة بالرتب الوظيفية، وكانوا جميعهم من المتفقهين بعلوم الدين على مختلف انواعها وان بمستويات متفاوتة، وجاءت ثيابهم متشابهة مع بعض الاختلاف[97]. وفرضوا احترامهم على الدمشقيين والحكام على حد سواء، ونالوا رواتب نقدية او اقطاعات، وبالتالي كانت احوالهم الاقتصادية جيدة الى مريحة تبعا للوظائف التي كانوا يشغلونها. كما كانت لهم منزلة وكلمة مسموعة عند الفئة العسكرية الحاكمة.    

 – رجال الدين المسيحيون : ان الكنيسة المسيحية هرمية، تتدرج الرتب فيها من اعلى الى اسفل كما يلي: البطريرك [98] وهو صاحب اعلى سلطة يأتمر به اصحاب الرتب الاخرى وعامة المسيحيين، وكان مسؤولا عن رعاياه بدمشق امام النائب. يليه نائبه الملقب بالاسقف، ثم المطران المسؤول عن المسيحيين في ناحية جغرافية محددة، ويمارس فيها سلطة قضائية، ثم الكهنة الذين يرتبهم القلقشندي كالآتي : القسيس ، والجاثليق والشماس .[99] ان هذا الترتيب الكنسي ينطبق على طائفتي اليعاقبة والملكيين معا. ويبقى السؤال هل شكل هؤلاء فئة متميزة عن بقية السكان؟ تصعب الاجابة على ذلك نظرا لقلة المعلومات التي وفرتها لنا المصادر التي اطلعنا عليها، انما المرجح، بما ان المسيحيين كانوا يعيشون في احيائهم الخاصة، ويتمتعون بنظمهم الخاصة ايضا، انهم كانوا فئة اجتماعية ميميزة ببعض وجوهها من الفئات الاجتماعية الاسلامية، علما ان الصفة العامة للمجتمع الدمشقي بما هي ظاهرة اجتماعية عامة شملتهم بدورهم، لانهم تشاركوا مع بقية الدمشقيين الاعمال عينها، واحتفلوا معهم بكل الاحتفالات والاعياد، كما شاركهم المسلمون احتفالاتهم.

رئيس اليهود : كان مسؤولا، بوجه عام عن طائفتي اليهود القرائيين و الربانيين معا .[100]اما السامرة فقد كان لهم نائب رئيس بدمشق وهو المتحدث باسمهم [101]، وكان وضعهم الاجتماعي مشابها الى حد بعيد لوضع المسيحيين.

   على ان دور رجال الدين خصوصا المسلمين لم ينحصر فقط بما ذكرت، بل مارسوا مهمات اخرى كالتدريس والافتاء وارشاد الناس والخطابة في دور العبادة مما قربهم من العامة، كما مارسوا ضغوطا على الطبقة العسكرية الحاكمة بدمشق لحل المشاكل الناجمة عن سؤ اداء افرادها تجاه مختلف الفئات الشعبية.

23  – الاعيان الآخرون: لتحديد التفريع الاجتماعي ضمن فئة الاعيان لا بد من اعتماد المبدأ المنظم وهو مبني في هذه الحالة على المستويين الاقتصادي والمنزلة الوظيفية. وان خلو مصادرنا العربية من الارقام تدفع بالباحث لاعتماد الصفة فقط بالنسبة للحالة الاقتصادية التي تعتمدها هذه المصادر كأن تقول فلانا من مياسير او كبار التجار، كتجار الخانات والقيساريات، وارباب القوافل، وتجار الجملة والسماسرة او الوسطاء التجاريين. لقد ضاهى هؤلاء، بسبب ثرائهم ومنزلاتهم الاجتماعية، كبار الامراء من حيث الاهمية وشاركوا بحضور الاحتفالات الرسمية، ونالوا احتراما مميزا من السلطات ومن الشعب على حد سواء[102]، لان التجارة تحتل مركزا مرموقا في الاسلام [103]. ويدرج في هذه الفئة اصحاب الصناعات المهمة وهم غير الحرفيين الصغار. ويصعب علينا اعطاء فكرة واضحة عن عدد هؤلاء وثرائهم حتى وان اعتمدنا على دراسة المصادرات التي كانت تقوم بها السلطات الحاكمة بدمشق لسد عجز موازناتها اولزيادة مداخيلها، لان المصادر الدمشقية تحجم في الغالب عن اعطاء ارقام، على خلاف المصادر المصرية التي تزودنا بارقام عن غنى بعض التجار وغيرهم من المياسير[104]. ولعجزنا ايضا عن تحديد نسبتهم الى مجموع تجار دمشق كما الى مجموع سكان دمشق من جهة.

   اما المبدأ الاخر المنظم للتفريع الطبقي للاعيان فهو السلم الوظيفي: فالى جانب الجهاز القضائي كان هناك العلماء، والمحتسبون، وشيوخ الاسواق ( النقباء)،[105]والاطباء، والمهندسون، وجباة الضرائب…

    ان بياض العامة ممن ذكرنا شكلوا طبقة برجوازية بالاصطلاح الحاضر لان الابناء توارثوا عمل الآباء، وجنى بعضهم ثروات مهمة جعلتهم عرضة اما للمصادرات او للطرح[106]، ما دفع بعضهم لاخفاء ثرواتهم، فكانت تقهقرت الحركة الاقتصادية نسبيا، وكذلك عدد بياض العامة.

   3- العامة [107]: من الواضح جدا ان الاسلام دعا الى المساواة بين المؤمنين بهدف الغاء التفاوت في المجتمعات الاسلامية وتحقيق العدالة على المستويات كافة. لكن سوء ممارسة الحكم لا سيما في العهد المملوكي الذي تقاسم فيه السلطان وامراؤه الخيرات الاقتصادية في الدولة، وكانت وفيرة جدا. افدى الى نوع من العداء بين الحكام والرعية، على الرغم من محاولة الحكام التقرب من الشعب عن طريق بناء المؤسسات الدينية والاجتماعية كالمساجد، والبيمارستينات ( المستشفيات ) والمدارس. انما الضرائب الفادحة وغير المنتظمة، واعمال السخرة، ومختلف انواع المصادرات افرغت كل محاولات التقرب من مضمونها. وراح بعض افراد الطبقات الاجتماعية ( الفئات ) ينحدرون من طبقة الى اخرى حتى استقروا غالبا في القاعدة. وقد افرزت ممارسات المماليك الجراكسة فئة عرفت ب” الزعر” ، وهي استمرار لفئات الاحداث والعيارين والارذال والاوباش[108]التي اثُرت في العهود السابقة على حكم المماليك، ولكنها لم تنحو الى التطرف في الفساد كما اصبح عليه الحال  مع  الزعر .

     وتعبير العامة او اصطلاحه قديم جدا في المجتمع الاسلامي، تناوله الادباء والفقهاء والمؤرخون لدور العامة البالغ الاهمية في المجتمع على الصعيدين الاجتماعي والسياسي: فهم عند الدينوري :”اصحاب الاهانات، وابناء الانذال…ومنهم الرعاع والهمج والغوغاء، واهل السفه والخفة…والدهماء.”[109]وهم عند الطبري: النطاف وباعة الطريق في محتقرات البيوع، وبائعو البطيخ والزجاج، والقصابون، والبقالون، والكناسون.[110]والعامة عند “الصفدي”خلاف الخاصة”[111].

    ولكن هذا التعريف لا ينطبق على العامة في العهد المملوكي الذي عرّفها بعضهم ومنهم (لابيدوس) بأنها الفئات الشعبية التي لم تتلق تعليما، ولا حققت ثروة، ولم تشغل منصبا حكوميا، بل هي جماعات دفعت الضرائب من دون ان تفيد منها اجمالا، وسميت العامة او عامة الناس لاضفاء عليها صبغة من الاحترام وتمييزا لها من الزعر والارذال.[112]

  وتألف العامة في العهد المملوكي كما وصفها مؤرخوه من: اصحاب الحوانيت، والباعة المتجولين، وباعة المفرق، والعمال كالنجارين والبنائين، والحرفيين[113]، وضمت ايضا اصحاب الصفقات التجارية المشبوهة والمخادعين، والسماسرة، والصيارفة،[114]وتجار النخاسة، وبائعي الخمور، والمغنين والنادبين[115]، واضاف اليهم المقريزي القصابين، واصحاب بيوت الدعارة، وضامني الافراح والمآتم، والمشاعلية اي منظفي الاقنية والبيوت[116]. وعمال الدباغة، وضاربي الرمل لكشف الغيب، وسائقي البغال والحمير وغيرهم[117]. وشمل هذا التصنيف مختلف الطوائف: الاسلامية من سنة وشيعة، والمسيحية من نساطرة ويعاقبة، ويهود قرائيين وربانيين وسامرة.

  لقد تجانس جميع طوائف العامة من حيث طبيعة العمل، فمثلا: لم يكن ممنوعا على الذميين ممارسة اي مهنة يمارسها المسلمون، فامتلك المسيحيون محلات كثيرة غصّت بمختلف انواع الملابس والاواني النحاسية وغيرها.[118]ويعتبر “اندريه نصار” ان تجارة الاقمشة شكلت واحدا من القطاعات التجارية الرئيسية للنشاط التجاري اليهودي في القرون الوسطى، اذ تاجر يهود دمشق بالالبسة ومارسوا ايضا بعض الحرف[119] . واشتهروا باعمال الصيرفة وبالربى[120].كما تولوا وظائف كتابة السر ، ودار الضرب.[121]

واختلفت اوضاع اليهود والمسيحيين عن المسلمين بدفع ضريبة الخمر، والجزية او الجوالي عملا بأحكام اهل الذمة، واجحف احيانا جباة الضرائب بحق الذميين، فكانت تصدر بسبب ذلك، ووفقا لهوى السلطان، مراسيم سلطانية تأمر النائب بجباية الجزية وغيرها بالمعروف، وتطلب ممن ظلم من الذميين التوجه الى الابواب الشريفة اي السلطانية.[122] كما طبقت عليهم احيانا شروط الذمة[123]. وعوقبوا جماعيا مرات اخرى بسبب استيلاء القراصنة الاوروبيين على السفن التجارية المملوكية في المتوسط، او اعتداء دولة اروربية او اكثر على دولة اسلامية[124]، او بناء لرغبة السلطان ومن دون اسباب حقيقية[125]. ولم يكن اليهود محبوبين من السكان، وتعرضوا مرات عدة للاهانات والضرب حتى في المواكب الرسمية او في احتفالات النائب[126].

 واختلفت ايضا اوضاع المسيحيين واليهود عن اوضاع المسلمين من حيث السكن، فكان للمسيحيين حيهم الخاص في الزاوية الشمالية الشرقية للمدينة بالقرب من باب توما. وسكن اليهود بالمحلة التي عرفت باسمهم[127]. وكان للطائفتين مقابر خاصة معروفة باسميهما على مقربة من اسوار المدينة.[128] ويصعب اعتبار ذلك اختلافا دقيقيا اومهما لان الاحياء عموما والحارات خصوصا انتظمت وفق ترتيب عائلي؛ فكان لكل عائلة اجمالا حيها الخاص على حد تعبير لابيدوس[129]، الذي يصنف الاحياء وحدات اجتماعية قائمة على التجانس الديني_ من دون ان يحدد الطائفة_ والعرق، وهي، برأيه، مماثلة للوحدات القروية داخل التكتل المديني[130].

4-الزعر: ان نشوء المعدمين في مختلف المجتمعات الانسانية نتج من الصراع على الثروة او على السلطة، او على الاثنين معا لتلازمهما في غائية جنوح الانسان الى العظمة. وفي خضم يأس المعدمين انبرت جماعات تدّعي الدفاع عن مصالحهم منّصبة نفسها قادة عليهم باسم الانسانية. وهذه القيادات، في الغالب، تكوّنت من افرازات اوضاعهم البائسة المنبثقة من رفض الواقع المظلم والمرير، ومن جنوحها بدورها للاستغلال، ولشراسة في اخلاقها وطبائعها. فتكونت اذ ذاك احزاب عفوية اخذت على عاتقها تغيير الواقع المشكو منه وفق اساليبها الخاصة، واقنعت المعدمين بأن ما تصبو وتسعى اليه، وفق وسائلها الخاصة، يمثل انجع السبل لتطوير احوالهم البائسة. ولنا امثلة  في التاريخ العربي والاسلامي الوسيط على انتظام الشطار او العيارين بما يشبه الاحزاب، او الانتظام العسكري.[131]

   تألف الزعر اجمالا من الشطار (سليلي العيارين على الارجح)، والبلاصين، والغوغاء، والاوباش، والحرامية – وهم غير اللصوص)، والاوغاد ومن شابههم[132]. ولم ينتج هؤلاء من الافراز الاجتماعي الدمشقي فقط فبعضهم كانوا دخلاء على المدينة؛ اذ لجأوا اليها على اثر الغزو المغولي للعراق وما جاوره.[133]وأنشأوا حارات خاصة بهم في عدد من احياء المدينة، ومن اشهرها: الغوطة، الشاغور، القبيبات، ميدان الحصى، القراونة، حارة المزابل، الشويكة، زقاق البركة، باب السريجة وغيرها. ولم تشكل سوى احزمة بؤس في طفرات المدن الحالية[134]. وهي ساهمت بزيادة التدهور الاجتماعي والاقتصادي الدمشقي، لأن الزعر ومن شابههم عزفوا، بوجه العموم، عن ممارسة أعمال شريفة.

لقد كوّن الزعر خلايا خاصة بهم تمركزت في العديد من حارات دمشق، وكان يتزعمالتنظيم او الخلية قائد عرف بكبير زعر محلته، واسبغ على نفسه احيانا لقبا يستشف منه المنزلة العالية او النبيلة تدليلا على كرم في المحتد: مثل “قريش” او ابن “الاستاذ”. ولكي يضفي على  تنظيمه هالة من الاحترام ظنا منه ان التسمية تمحو الصفات السيئة التي طالما اتصفت بها منظمات الزعر. وتسمى بعضهم الآخر ب” أبي طاقية”[135]، او “الجاموس”.[136]دلالة على ضخامة الجثة والقوة البدنية،[137]او كي يستشف من اللقب القوة والمهابة لاخافة الاعداء. 

 وتمييزا لهم من بقية الناس تزيّ الزعر بلباس خاص هو كناية عن”فرعاني” يلفونه على رؤوسهم، وثياب يقلبونها على أكتافهم، وارتدوا الابشات بأكمامها الطويلة والعريضة ليتمكنوا من اخفاء السلاح فيها[138]. وقد اشترطوا على المريد الذي ينوي الانخراط بصفوفهم حسن استعمال الخناجر والسيوف وغير ذلك من الاسلحة التي كانو يقتنونها[139]، لان تنظيمهم كان يقوم على القتال اما للدفاع عن انفسهم او للاعتداء على الناس بأموالهم، او مهاجمة الاسواق.[140]

-موارد رزقهم:  اعتاش الزعر من موارد متعددة: كان يمتلك بعضهم الحوانيت، وفي هذه الحال كانوا يفرضون سطوتهم على الحوانيت المجاورة واحيانا على معظم حوانيت السوق او المحلة. فكانوا يقيمون في بعضها، ورغم عن ارادة اصحابها، من يبيع لحسابهم او باسعار مرتفع نسبيا لينصرف المشترون الى محلات الزعر لتزدهر دكاكينهم. كما كانوا يفرضون الاتاوة “الخوة” على بعض الحوانيت، وذا رفض اصحابها الانصياع تعرضت حوانيتهم اما للسرقة او لاعتداءات شتى. فكان تواجد حوانيتهم في محلة ما يشكل كارثة على اصحاب الحوانيت الاخرى، ليس بسبب ما ذكرت فقط، انما لان المحلة اذا تعرضت للرمي او للطرح كانوا يفرضون، بقوة السلاح او السطوة، المال المتوجب لتلك الضرائب على الحوانيت الاخرى  [141]. واذا ارادوا الاحتفال- وكانت احتفالاتهم باذخة – بسبب اقامة الهدنة العسكرية بين منظماتهم على اثر قتال كانوا يحمعون الاموال من”المستورين او المحتاجين على وجه الحياء والقهر” على حد تعبير ابن طولون.[142]

لقد شكّل الزعر (مافيات) حقيقية امام اعين السلطة. أليس من المفارقات الغريبة ان تشجّع السلطة الحاكمة الزعر على التمادي بغيّهم، لاسيما عندما كانت تحتاج الى خدماتهم؟ فأحيانا كان نائب دمشق وبعض كبار الموظفين العسكريين فيها يحضرون العرض العسكري الذي يقيمه الزعر ارضاء لهم، وكان يتوّج ذلك الاحتفال بخلع يشرّف بها النائب اكابرهم[143]. وكانوا يشاركون باستقبال نائب المدينة الجديد شأن سكان دمشق جميعهم بعدتهم الكاملة اي بثيابهم (الميليشياوية) واسلحتهم الظاهرة،[144]مما كان يعني اعترافا ضمنيا بتنظيماتهم وسطوتهم، بل بممارساتهم غير الاخلاقية. ومما يؤكّد هذا الرأي ان النائب كان يعلم احد كبار منظماتهم انه سيمر بموكبه في محلته، فيعمد زعره الى اخذ اموال الناس قهرا كي يزيّنوا له عند زاوية المحلة[145]. وهذا اعتراف آخر وصريح بسلطتهم وتشجيع لممارساتهم الشاذة، بل ان السلطة بهكذا ممارسات كانت تشجّع، وان بطريقة غير مباشرة في ابعد تعديل، الجريمة المنظّمة. وكثيرا ما كان يعمد الحكام المماليك كنائب المدينة، او اتابك العسكر الى ملاطفة الزعر، واقامة الصلح بين فئاتهم المتنازعة عوضا عن ان يردعوهم بالاقتصاص منهم بسبب تعدياتهم اللاخلاقية المتكررة[146]، علما ان الزعر كانوا احيانا يزدرون باهل السلطة بمن فيهم اصحاب المناصب رفيعة[147]ودليلنا على ذلك تعدياتهم المتكررة على المماليك السلطانية من دون ان يردعهم احد[148]. ومن المؤسف ان نائب المدينة ساهم بطريقة فعالة باعلاء شأن الزعر والاعتراف العلني والصريح بتنظيماتهم وبتدريبهم العسكري العلني لأنه كان يستعين بهم عسكريا كلما دعت الحاجة وافتقر الى المناصرين[149].

وهكذا تمّ الاعتراف بهم رسميا، واعطوا صفة معنوية، على الرغم من ان الظاهرة الاجتماعية التي كانت تحكم تصرفهم تمثّلت بالتعديات على اختلاف انواعها بما فيها الجريمة واللصوصية، والعزوف عن ممارسة اعمال شريفة. 

  ومن المؤسف حقا ان بعض الفقهاء ساهموا بطريقة غير مباشرة بازدياد اعمال الزعر الشائنة حينما اجازوا لهم قتل اعوان الظلم والمجرمين من البلاصين واللصوص وغيرهم من دون ان يدروا ربما انهم كانوا يحاولون استئصال الجريمة بجريمة اخرى قد تكون ابشع. لان الزعر استندوا لتبرير جرائمهم على فتوى دينية، وعلى مساندة بعض رجال الدين الذين كانوا يشفعون بهم لدى نائب المدينة او غيره من المسؤولين لكي لا يقتصاصوا منهم بسبب تلك الجرائم[150]. والافدح من ذلك كله انهم صاروا يخرجون باسلحتهم ويسطون على اموال الناس، ومن كان يمتنع عليهم يعمدون الى قتله باسم الدفاع عن المساوىء الاجتماعية[151]وهم كانوا رأس حربة فيها. ولم يقف الامر عند هذا الحد بل صار الناس يبذلون لهم الاموال للقضاء على اعدائهم[152]. واذا تجرأ احد وشكا امرهم للسلطات دفاعا عن حقه الطبيعي كان يدفع حياته ثمنا، لأن كمائنهم انتشرت في كل مكان وكثرت اغتيالاتهم، والسلطة الرسمية غائبة.[153]

ومن الفضائح الاجتماعية الاقتصادية التي شجّعها المماليك بسبب نهمهم الدائم للمال مباركتهم بل تسويغهم لعادة درجت وهي: اذا وجد قتيل في محلة ما، مجهول قاتله، كان يغرّم اصحاب حوانيت المحلة او سكانها بديته، وتختم حوانيتهم ريثما يتم تسديد الدية[154]مما جعل اصحاب المحلة يتعرضون الى الخوف الدائم على حياتهم والى دفع ديات متلاحقة لكثرة تكرار تجهيل القاتل، وكان الزعر من يقومون بالقتل.

 ان كل ذلك يدفعنا للاعتقاد ان (طبقة) فئة احتماعية تم الاعتراف بها رسميا من اعلى سلطتين في دمشق المملوكية: السلطة العسكرية، ورجال الدين. وهذا يدل من دون ادنى شك على انتشار الجريمة والمساوئ الاجتماعية المتنوعة على نطاق واسع، وعلى عجز السلطة العسكرية والجهاز الحاكم عن ردع مرتكبيها، وعن عجز السلطات الدينية عن القيام بمهامها بدقة لخضوع معظم افرادها لارادة اهل الحكم تقربا منهم للحصول على الوظائف التي صارت تشرى بمال.

ان سواد العامة بوجه عام تعرض الى مصدري اساءة: الطبقة العسكرية الحاكمة التي كان من اولى واجباتها حمايتهم، والزعر الذين استغلوا حاجة الحكام المماليك الى خدماتهم، ويضاف اليهما سوء تقدير بعض رجال الدين للسبل الآيلة لتنظيف المجتمع من الجرائم.  

العلاقات بين فئات المجتمع الدمشقي :دخل معظم المماليك الى مصر وبلاد الشام صغارا، وتربوا تربية اسلامية في الطباق[155]اشرف عليها الطواشية ومقدمو المماليك السلطانية[156]، الذين كانوا بدورهم يتحدرون من المماليك، وبعض رجال الدين. وقد جهدوا جميعهم كي يتخرج طلابهم منضبطين طائعين لرؤسائهم، ومنعوا في بداية العهد المملوكي من الزاوج من بنات البلاد والاختلاط بالسكان، ما عزز التمايز الاجتماعي. وكان المماليك يشعرون باستمرار بانفة واستعلاء بما حظوا من امتيازات على مختلف الاصعدة المادية والاجتماعية، وتقاعسوا  عن تلبية حاجات الناس عموما، وما لبّوه لم يكن الا تقرّبا من الله لبراء احد السلاطين من علة، او عندما كان الناس يضجّون بسبب تردي الاحوال الاقتصادية، او عندما كان يضرب البلاد وباء ويستفحل امره.

 وزاد في الوضع سوءا عندما شرع المماليك السلطانية”الجلبان” يدخلون البلاد كبارا في السن، وتألف معظمهم ممن ثقل عليهم العيش في بلادهم، او امتهنوا حرفة او مهنة، فانخفض مستوى تعليم المماليك في الدين والتدريب على حد تعبير المقريزي.[157]

وادى ذلك التركيب الاجتماعي، الذي حافظ الحكام المماليك على استمراره، الى انفصام بين الحكام الاغراب وجهازهم العسكري من جهة، والسكان من جهة ثانية. فلم يدرك السلاطين اهمية السكان في منعة الدولة وتطور المجتمع وتماسكه بما في ذلك نواب دمشق واجهزتهم العسكرية. فاعتبروا السكان كل السكان مصدرا ماليا لاينضب، وخدما لتحقيق رفاهيتهم، ومارسوا عليهم اساليب لا يقرها لا الشرع الاسلامي ولا اي شرع آخر، ولعل ابرز تلك الاساليب الملتوية:

الرمي : وأصله ان تفرض على حارة او حي بأكمله مبالغ من المال دية لاهل قتيل وجد فيها لم يعرف قاتله عملا باجتهاد المذهب الحنفي[158]. ولكن نواب دمشق او من ينوبون عنهم صاروا يستوفون مبالغ طائلة يقتطعون قسما ضئيلا منها دية لأهل القتيل ويحتفظون ببقية المال لانفسهم. حتى غدا الامر سياسة مالية اجتماعية انتهجتها الطبقة العسكرية الحاكمة وافتنّ المماليك باختلاق الذرائع تبريرا لهذه الاساليب الملتوية، فمنها مثلا تذرع نائب دمشق بفقدان اشخاص بمحلة ما من دون التثبت من ان الغائب قتل او انه غائب لسبب غير معروف ليفرض الرمي على سكانها[159]. او من اجل ملاقاة قافلة الحج[160]. او كي يتمكن من كان يتولى من رجال الدين وظيفة برشوة من تسديد المال للنائب الذي كان يشترط عليه لتعيينه في المنصب الجديد القبول بل فرض الرمي على الحارات والاحياء[161]. او بسبب الصراع بين مملوك واحد الاهالي[162]. وبات الرمي مصدرا ماليا شبه ثابت لنائب دمشق؛ اذ فرض ايضا لتسديد نفقات الحملات العسكرية[163]، وغير ذلك من انماط الاحتيال التي ابتدعها نائب دمشق ومعاونوه.[164]ومن الامثلة الصارخة على الضرر الذي كان يلحقه الرمي بالناس هو ان تاجرا دمشقيا شنق نفسه لعجزه عن دفع مال الرمي، الذي قرره السلطان على تجار دمشق في ربيع آخر من عام 894 /1489، ولما جاء والده يشتكي للنائب امر بشنقه بعد ان اتهمه برفض اقراض ابنه المال المتوجب عليه لدفع بدل الصابون المرمي عليه[165].    

الطرح : وهو بيع قسري يفرضه نائب دمشق على التجار وبأسعار يرتئيها لسلع يريد التخلص منها، او ان يشتري سلعا من الاسواق بالسعر الذي يناسبه ثم يعيد بيعه من التجار قسرا وبثمن اغلى. ومن تلاوينه الاخرى ان يصادر النائب سلعا متذرعا بانها فاسدة ومن ثم يلزم التجار بشرائها منه[166]. ومؤلفات ابن طولون مليئة بنماذج ابتدعها نواب دمشق ليمارسوا الطرح على تجار المدينة، ومنها: بناء على مرسوم سلطاني طرح على تجار دمشق عام 886/1481 كمية كبيرة من السكر بزيادة ثلاثة دراهم على السعر الرائج للرطل الواحد[167]، وفي عام 904/1498 طرح نائب دمشق جمالا على اهاليها كان نهبها من عرب حوران، ولما شكا اهالي القبيبات فقرهم وعجزهم عن شرائها، امر المشاعلية بضرب المشتكين، ومن ثم غرّمهم اموالا كثيرة اضافية، وطرح بقية الجمالا باثمان مضاعفة على اهالي دمشق[168].  

المصادرة : وهي مصادرة اموال الناس من دون حجة شرعية. وقد برّرها السلاطين ونواب دمشق كيفيّا، حينا من دون سبب وجيه كحاجة السلطان الى المال، وفي هذه الحال كان يرسل قاصدا من عنده يحدد قيمة المبلغ الذي يجب مصادرته،[169]او لسبب لا يمكن الركون الى صوابيته كالتذرع بتسديد نفقات الحملات العسكرية للدفاع عن الاطراف الشمالية لبلاد الشام، او اعداد حملات تخدم النائب نفسه عندما كان يقرر الثورة على السلطان بقصد احتلال منصبه.[170]والمصادر المملوكية ولا سيما الدمشقية مليئة باسباب المصادرات وانواعها، لأن لجوء الحكام اليها غد اسلوبا مشروعا للحصول على الاموال من دون مشقة، وكأنهم لم يكفهم استيلاؤهم على معظم مصادر الدخل في دمشق .

المشاهرة والمجامعة :وهي كناية عن مال شهري يفرض على الاسواق لصالح السلطان او نائب دمشق. فكان يعمد التجار الى رفع اسعار سلعهم كي يتمكنوا من تسديد المتوجب عليهم، وفي الوقت عينه كانوا يستغلون الامر لزيادة الاسعار اكثر مما تقتضيه المشاهرة، فيقع سكان دمشق ضحية للتجار والحكام على حد سواء.[171]

تعديات معتنوعة:مارس المماليك تعديات متنوعة سأكتفي بذكر ابرزها: كالنهب التي طالما تعرضت له دمشق في مناسبات عديدة من دون ان يلقى المنكوبون انصافا في أكثر الاحيان[172]. وتجاوزات الاجناد التي طالمم تعرض لها الدمشقيون أكان من الذين اقامو فيها او الذين كان يستقدمون اليها لاكثر من سبب، وفي الحاليين معا سام الجند الدمشقيين انواع الاعتداءات في املاكهم وارزاقهم ونسائهم، وزهق الانفس.[173]

ثالثا: موقف الدمشقيين:لم يتقبل الدمشقيون الواقع المرير بسهولة، وادركوا انهم مغلوبون على امرهم وان اصلاح الحكام اصلاحا جذريا بات غير ممكن، فحاولو جاهدين تغيير المعادلات للتخفيف من انواع الظلم الذي تمادى الحكام بافتعاله بل افتنّوا باستنباطه، بان لجوأوا الى الوسائل الدينية في معظم الاحيان، وعبروا عن مواقفهم بما اوتوا من امكانات محدودة؛ فكانوا يهرعون الى رجال الدين لأنهم كانوا وفق الشرع الناطقين باسم المسلمين، رقباء على الحكام والمجتمع على حد سواء. وكانت لهم من منزلة عالية عند الحكام، الا اولئك الذين تولوا مناصبهم برشوة. وقد نجحوا احيانا في رفع الحيف عن المظلومين.[174]وعندما كانت تفشل الوساطة كانوا يعتمدون بدائل اخرى كالاحتجاج السلمي- المعروف بالتكبير- بالنزول الى الاسواق هاتفين الله اكبر- تدليلا على ان الله ينصر المظلومين، ويشكل مضمونه دعوة الى اهل الظلم الى الثواب. وكان يتم التكبير اما في الشوارع باعترض مواكب النائب او احد مساعديه، او في الجوامع، وفي الحالين كان القضاة والعلماء يتقدمون المتظاهرين تأكيدا على استرجاع حق سليب واضفاء الصفة الشرعية على التظاهرة علّ الحكام يرعوون. وكانت تلك التظاهرات تخيف المماليك، بوجه عام، بما تخلق من حالات عدم الاستقرار التي قد ينفذ من خلالها المصطادون بالماء العكر للاخلال بالامن او للتعدي على من يجدون من المماليك منفردين.[175]

    وكان لفشل تلك المساعي آثار سيئة على الوضع العام في دمشق، يؤدي الى يأس العديد من متوسطي الحال، لان التعديات المتكررة حولتهم الى ما دون متوسطي الحال بل الى فقراء، وعجزوا بالتالي عن تأمين اود الحياة مما دفعهم ان يسلكوا دروب الجريمة المتنوعة، فازدهرت اعمال اللصوصية والحرامية، وكثرت الجرائم، ومناسر الليل، والسرقات واعمال النهب[176]. وانخرط بعضهم في منظمات الزعر مما زاد في الطين بلة وزاد بسوء اوضاع الدمشقيين. حتى بات المجتمع الدمشقي يحفل بانواع المفاسد الاخلاقية نتيجة ممارسات الحكام الجائرة وبسسب الفقر واليأس، ولعل ابرز تلك المفاسد الدعارة على انواعها[177] والتحشيش،[178]وما الى ذلك.

من المؤسف حقاان تنتهك القيم المشرقية عامة والاسلامية خاصة في المجتمع الدمشقي على يد المماليك الجراكسة الذين هم في واقع الامر اغراب اكتسبوا حديثا الاسلام دينا ومن دون ان يتثقفوا بعمق بمبادئه وقيمه الاخلاقية، ولا هم انخرطوا اجتماعيا في مظاهر الحياة التي عاشها كل الدمشقيين المدنيين او تحسسوا روعتها وانسانيتها، وبالتالي لم يدركوا ان السكان هم الاساس لرئيسي للحياة المرفهة التي عاشها المماليك، ولم يقدروا الانسان فيهم انمانظروا اليهم بامتهان واستعلاء. وقد تأتت كل تلك العلل من سوء تدبير القادة لتأصل عاداتهم الاصلية في نفوسهم، ولامتناعهم عن فرض عقوبات صارمة على من يعتدي ممن كانوا يحمونهم، ولاعتمادهم “الياسة”قانونا عوضا عن الشرع. ويعوزني التعبير الصحيح لشرح تلك المعادلة بين الاغراب والاهلين.

     لقد غدا الفقر والظلم وعدم الاطمئنان الظاهرة الاجتماعية لمعظم احياء دمشق، وعلى الرغم من تنوع الاحياء وتمايز بعضها عن البعض الآخر بالسلوك الاجتماعي احيانا المتأتي عن الوظيفة بوجه العموم، فان اللصوصية، والنهب، وتعديات المماليك الفردية احيانا، والمنظمة احيانا اخرى، ناهيك بالصراع بين المماليك انفسهم نوابا وارباب ادارة، فضلا عن الصراعات بين طوائف الجند. اضف الى ذلك تسرّب المفاسد الاجتماعية على اختلاف انواعها الى الجهازين الاداري العسكري، والى بعض المتعممين، بسبب التنافس على المناصب وشرائها، واستشراء شرب الخمر وحماية الخمارات[179] والدعارة[180].

ان كل ذلك شكل السمات الاجتماعية لدمشق على عهد المماليك. ولم تكن اعمال البر والخير النادرة[181]، فضلا عن بناء المؤسسات الدينية العديدة على اختلاف انواعها سوى تكفير عن ممارسات الظلم غير المبررة، وتقرب من الله من جهة ثانية. وعلى الرغم من العقوبات المتعددة التي انزلت ببعض اهل الظلمة من ابناء دمشق، وببعض المماليك احيانا، فان سلوك الحكام الفاسد، بدا سلوكا عاما في اواخر عهد المماليك، حتى ان بعض المناصب الادارية العسكرية فضلا عن معظم مناصب المتعممين صار يشرى بمال. فانعكس هذا السلوك الملتوي على المجتمع الدمشقي وحول في مظاهر بنيته الاجتماعية على رغم بذل جهود بعض المتعممين من اجل التخفيف من اعمال الظلم وتوعية الحكام.

              الدكتور انطوان ضومط استاذ (متقاعد) التاريخ الاسلامي الوسيط في الجامعة اللبنانية

مصادر البحث ومراجعه :

اولا المصادر العربية:

1 -ابن ابي اصيبعة،(احمد بن القاسم)،عيون الانباء في طبقات الاطباء،تحقيق اوغست مللر،القاهرة ،1822،

2-ابن اياس،بدائع الزهور في وقائع الدهور،بولاق ،1311هجري

3-ابن بطوطة،(محمد بن عبد الله)،تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاسفار،المطبعة الاهلية،باريس،1874-1879.

4-ابن تغري بردي،(جمال الدين ابو المحاسن)،النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة،طبعة دار الكتب ،القاهرة،1930-1956

5-ابن جبير،(حسين)، رحلة ابن جبير،دار صادر بيروت،1961.

6-ابن جماعة،(بدر الدين محمد)،تذكرة السامع والمتكلم في آداب العلم والمتعلم،مطبعة دائرة المعارف العثمانية،حيدر اباد الدكن،1353ه.

7-ابن طولون،( شمس الدين محمد)،-  مفاكهة الخلان في حوادث الزمان،نشر محمد مصطفى زيادة،القاهرة، 1962-1964

8-اعلام الورى بمن ولي من الاتراك بدمشق الشام الكبرى،تحقيق محمد احمد دهمان،دار الفكر ،دمشق،1984.

9-ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر،مجلة المشرق ،بيروت،1937،

-10نقد الطالب لزغل المناصب،حققه محمد احمد دهمان وخالد محمد دهمان،دار الفكر المعاصر نبيروت،1992.

11-الثغر البسام في ذكر من تولى قضاء  الشام،تحقيق صلاح الدين المنجد،دمشق،1956.

12=القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية،تحقيق محمد احمد دهمان،دمشق،198.

13-ابن كثير،(عماد الدين اسماعيل)،البداية والنهاية في التاريخ،مكتبة المعارف،بيروت،1966.

14-ابن كنان،(محمد بن عيسى)، المواكب الاسلامية في الممالك والمحاسن الشامية، جزءان، تحقيق حكمت اسماعيل، وزارة الثقافة، دمشق، 1993

15-حدائق الياسمين في ذكر قوانين الخلفاء والسلاطين، تحقيق عباس صباغ، دار النفائس، بيروت، 1991

16-البدري،(ابو البقاء عبد الله)،نزهة الانام في محاسن الشام،القاهرة،1341ه.

17-البصروي،( علي بن يوسف الدمشقي)،تاريخ البصروي،تحقيق اكرم العلبي،دار المأمون للتراث،دمشق ،1988.

18الخالدي،(مجهول الاسم الاول)،المقصد الرفيع المنشا الهادي لديوان الانشا،مخطوط حققه خليل شحادة،اطروحة دكتوراه باشراف الاب الدكتور جان فييه غير منشورة،جامعة القديس يوسف،بيروت،1988.

19-الدينوري،(نصر بن يعقوب)،التعبير في الرؤية،مخطوط في متحف بغداد،رقم 598.

20-السبكي،(تاج الدين)،معيد النعم مبيد النقم،دار الحداثة،بيروت،1983.

21-الصفدي،(خليل بن ايبك)، تحفة ذوي الالباب،وزارة الثقافة ،دمشق،1991.

22-الصولي،(محمد بن يحي)،اخبار الراضي بالله والمتقي بالله مطبعة الصاوي،مصر،دون تاريخ.

23-الطبري،(محمد بن جرير)،تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، دار المعارف بمصر،القاهرة،1960-1969.

24-الظاهري،(خليل بن شاهين)،زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك،اعتنى بتصحيحه بولس راويس،المطبعة الجمهورية،باريس،1891.

25-العمري،(ابن فضل الله)،مسالك الابصار في ممالك الامصار،تحقيق دوروتيا كراوفولسكي،المركز الاسلامي للبحوث،بيروت،1986.

26-المسعودي،(ابو الحسن)،مروج الذهي ومعادن الجوهر،تحقيق شارل بلا،منشورات الجامعة اللبنانية،بيروت،1973.

27-المقريزي،(تقي الدين احمد)- المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار،بولاق،1270 ه.

28- السلوك لمعرفة دول الملوك،تحقيق محمد مصطفى زيادة،دار الكتب ،القاهرة،1934-1936.

29-النعيمي،(محي الدين عبد القادر محمد)،الدارس في تاريخ المدارس،مطبعة الترقي ،دمشق،1948.

     المراجع العربية

– الدوري،(عبد العزيز)،مقدمة في تاريخ صدر الاسلام،المطبعة الكاثوليكية،بيروت،1960.

30-العلبي،(اكرم)،دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين،الشركة المتحدة للتوزيع،دمشق،1986.

  • سوفاجيه،(جان)،دمشق،نقله الى العربية فؤاد افرام البستاني،حققه اكرم العلبي،دار الوارف،دمشق،1989.

31-زيادة،(نقولا)،دمشق في عصر المماليك،مؤسسة فرانكلن للطباعة والنشر،بيروت-نيويورك،1966.

32-سعد،(فهمي)،العامة في بغداد في القرنين 3و4 الهجريين،الاهلية للنشر والتوزيع،بيروت،1983

33-ضومط،(انطوان)،الدولة المملوكية التاريخ السياسي والاقتصادي والعسكري،دار الحداثة،ط2،بيروت،1981

34-كرد علي،(محمد)،خطط الشام،مطبعة الترقي دمشق،1927.

35-كيال،( منير)، الحمامات الدمشقية، مطابع ابن خلدون، دمشق، 1986

36-عزب،(خالد)،”الاحياء السكنية”،مجلة الوعي الاسلامي،العدد 327،السنة 30.

37-لابيدوس،(ايرا مارفين)،مدن الشام في عصر المماليك،نقله الى العربية سهيل زكار،دار حسان،دمشق،1985.

38-نصار،(اندريه)، العامة بدمشق المملوكية،رسالة دبلوم دراسات عليا باشراف الدكتور انطوان ضومط،الجامعة اللبنانية،كلية الآداب،الفرع الثاني -الفنار،1997

                               Bibliographies

39-Ashtor,E., Histoires des Prix et des Salaires dans l,Orient Medieval , Ecole pratique des hautes etudes, Paris , 1959

40-Ayalon,D,” The Muslim City ahd the Mamluk aristocacy”,Proceeding of the  Israel Academy of Sciences and Humanities,2(Jerusalem 1968),pp. 311-329

41-Heyd,W, histoire du Commerce du Levant au Moyen-Age,T2,Leipzig, 1885-1886

-42Institut francais d,archeologie orientale du Caire,Precis d,Histoire d,Egypte,par divers historiens et archeologues, 1932.

-43Soboul,A, L,Histoire sociale- Sources et Methodes,Colloque de l,Ecole Normale Superieure de Saint-Cloud,15-16 mai 1965,Paris, 1965.


[1]  – بدوي (السيد)، مبادئ علم الاجتماع، دار المعارف، مصر، 1981، ط2، ص 204

[2]  – بدوي، علم، ص 207

[3] – ابن كثير (ابو الفداء الحافظ)، البداية والنهاية، مطبعة السعادة، مصر، لا تاريخ، 14 جزءا، ج13، ص321

[4] – ضومط (انطوان)، الدولة المملوكية، دار الحداثة، بيروت، ط1، 1980، ص203

[5] – سيرد تفصيل كل ذلك بدراسة الطبقة العسكرية الحاكمة.

[6] – شرف (جان )،الايديولوجية المجتمعية ، منشورات الجامعة اللبنانية،بيروت،1996، ص 100

[7] -Soboul, Albert, L’histoire sociale_ Sources et Méthodes, Colloque de l’Ecole Normale supérieure de Saint-Cloud, 15-16 MAI 1965, Paris 1965, p.10.

[8] – ibid  , p.  15

[9] – المواكب ، ج1 ، ص251-252

[10]  – عينه ، ج1 ، 252

[11]  – المكان عينه

[12] – المكان عينه ، وانظر الحاشية رقم 6 التي استند فيها المحقق على الاعلاق الخطيرة ، ونزهة الانام

[13]  – ابن بطوطة (محمد بن عبد الله )، تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاسفار ،المطبعة الاهلية ،باريس ، 1874 – 1879 ، ج1 ، ص235

[13] – نفسه ، ج1 ، ص 229 – 230

[14] – ابن الاثير ( عز الدين)، الكامل في التاريخ، دار صادر، بيروت، دون تاريخ، ج10، ص 68، 98 ، و نزهة الانام ، ص 27 ، والمواكب الاسلامية، ج1 حاشية رقم5

[15] – المواكب، ج1، ص 214-215

[16]  – المكان عينه

[17]  –  المواكب ، ص 215 -216

[18]  – بدوي، السيد محمد، مبادئ علم الاجتماع، دار المعارف، مصر، 1981، ص 218-221

[19] – ابن طولون ( شمس الدين محمد بن علي)، القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية، تحقيق محمد احمد دهمان، نشر مكتب الدراسات الاسلامية، دمشق، 1956 ،ج1، ص 10 ، 74 ، ونزهة الانام، ص 82 ، والمواكب الاسلامية، ص 380-381

[20]  –  ابن كنان ، حدائق الياسمين في ذكر قوانين الخلفاء والسلاطين ، تحقيق، عباس صباغ، دار النفائس بيروت، 1991 ، ص 147، 149 156 ، 206

[21] – المواكب، ج1 ، ص 281 –  282، مفاكهة، ج1، ص 298، 358 ، اعلام الورى، 116 ، العلبي ،  ص 61-63

[22] – كيال ( منير)، الحمامات الدمسقية، وزارة الارشاد القومي، دمشق،  1966 ، ص212

[23] – المكان عينه

[24]  عينه

[25] – الكيال، ص 212

[26]  – نصار ، المرجع السابق ، ص 22 .

[27]  – الرمي هو ان ترمى على حارة معينة مبالغ من المال لصالح السلطان او نائب دمشق او لاقتراف احد ابناء الحي جرم او جريمة او اتهامه باحداهما ، وذلك بعدما بعدما تمكن الحكام المماليك من انتزاع فتاوى شرعية بشأن الرمي والطرح وما شابههما .انظر حول هذاه المواضيع : ابن طولون ، مفاكهة الخلان في حوادث الزمان ، نشر محمد مصطفى زيادة ، القاهرة ، 1962 – 1964 ، ج1 ، ص 227، 249 ، 309 ، 363 ، 366 ، وغيرها .

اما بالنسبة لتنظيم الاحياء فانظر ايضا ابن طولون ، المرجع السابق ، ج1 ، ص 213 ، 274 ، 282 ، 289، 330 ، 374 ، وايضا لابيدوس ، مدن الشام ، ص 152 .

[28] – ابن طولون ، المصدر السابق ، ص 227، 234 ، 267 ، 287 ، 363 ، 366 و377 .

[29] – لابيدوس ، المرجع السابق ، ص 145 وما بعد .

[30] – حدائق الياسمين ، ص 146 –157  

-38  كيال( منير)، الحمامات [31] الدمشقية، وزارة الارشاد القومي، 1966 ، ص43

[32]  – L’Histoire Sociale- Sources et Méthodes p.19 ,28 .

[33]  – المقريزي ( تقي الدين احمد ) ، اغاثة الامة بكشف الغمة ، نشر محمد مصطفى زيادة وجمال الدين الشيال ، القاهرة ، 1940 ، ص 72 – 73 .

[34] – زيادة ، دمشق ، ص 131

[35] – ابن جبير( محمد بن احمد)، الرحلة، دار صادر ، بيروت، 1980، ص 257 وابن بطوطة( شمس الدين محمد)، تحفة النظار في غرائب الامصار، جزآن، القاهرة، 1964،ج1، ص63

[36] – القلقشندي ( احمد بن علي )، صبح الاعشى في صناعة الانشاء ، مطبعة دار الكتب المصرية ،القاهرة ، 1913 ، ج4 ، ص 472 .

[37] – اعتبر الرق شرطا لدخول الفرد الى الطبقة العسكرية الحاكمة الا في احيان نادرة مثل انعام السلاطين على اولادهم احيانا او على اولاد الامراء الكبار احيانا اخرى . انظر : ابن تغري بردي ، النجوم الزاهرة ، ج 9 ، ص 99 -100 ، وابن اياس ، بدائع الزهور ، ج1 ، 227 ، و ج2 ، ص 5 .

[38] – – Ayalon ( david ), “the Musgim City and the Mamluk Mititary Arhstocracy “ , Proceeding of the Israel Academy of Sciences and Humanities, 2 ( Jerusalem 1968 ) , p. 323

[39] – النجوم الزاهرة ، ج9 ، ص 51 -52 .

[40] – ضومط ( انطوان ) الدولة المملوكية التاريخ السياسي والاقتصادي و العسكري ، دار الحداثة ، بيروت ، ط2 ، 1981 ، ص 86

[41] – Ayalon , ibid .

[42] – ibid

[43] – القلقشندي ، ج4 ، ص 40 – 41 .

[44] – المصدر نفسه ، ج4 ، ص 6 ، 10 ، و 40 ، وانظر المقريزي ، المواعظ والاتبار بذكر الخطط والآثار ، بولاق ، 1270 ه. ، ج2 ، ص 98 .

[45] ضومط ، الدولة المملوكية ، ص 88

[46] – القلقشندي ، ج4 ، ص 310 – 312 ، وقد اورد المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار- المعروف بالخطط – ، مطبعة الساحل ، بيروت ، 1959 ، ج3 ، ص 357 – 358 .

[47] – القلقشندي ،صبح الاعشى ، ج4 ، ص 50 – 51 ، وج3 ، ص 485 ، وج6 ، ص 185 ، المقريزي خطط ، بولاق ،ج1 ، ص 87 و90 ، ابن تغري بردي ، النجوم الزاهرة ، ج8 ، ص 52 ، ابن اياس ، بدائع ، ج1 ، ص 90، ج

[48] – العمري ( ابن فضل الله ) ، التعريف بالمصطلح الشريف ، مطبعة العاصمة بمصر ، 1894 ، ص 84 ، القلقشندي ، ج4 ، ص 184 ، الخالدي ، ( مجهول الاسم الاول )، المقصد الرفيع المنشا الهادي لديوان الانشا ، مخطوط حققه خليل شحادة ، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، جامعة القديس يوسف ، بيروت ، 1988 ، ص 272 . وهو مؤلف في الادارة على غرار التعريف بالمصطلح الشريف للعمري ، وصبح الاعشى للقلقشندي . وهو يعتبر احدث المصادر المملوكية في هذا الشأن .

[49] – المقريزي ، السلوك ، تحقيق سعيد عاشور ، دار الكتب القاهرة ، 1972 – 1973 ، ج4 ، القسم الاول ، ص 174 . ابن طولون ، اعلام الورى ، ص 73 – 75 ،92 ، 99 ، 121 ، 186 وغيرها .

[50]  – اعلام الورى ، ص 82 ، 186 .

[51] – ابن طولون ، مفاكهة ، ج1 ، ص 224 . كان بدمشق اربع قضاة قضاة للمذاهب السنية الاربعة ، الخالدي ، المصدر السابق ، ص  273 .

[52] – لن ادخل في تفاصيل صلاحيات نائب دمشق لان الموضوعي ينحصر بالتاريخ الاجتماعي ، ولمزيد من الاطلاع على صلاحياته انظر : العمري ،مسالك الابصار ، ص 115 ، والقلقشندي ، ج9 ، ص 253 – 259 .

[53] – لمزيد من الاطلاع انظر  : السبكي ، ( تاج الدين عبد الوهاب ) ، معيد النعم مبيد النقم ، دار الحداثة ، بيروت ، 1983 ، ص 23، و  القلقشندي ، ج13 ، ص 124 ، 194 – 197 ، وابن طولون ، اعلام ، ص  59 ، 61 ، 70 ، 83 ، 115 – 116 ، 122 ، 153 ، 165 – 166 ، 200، 203 ، 220 و غيرها ، والسلوك ، ج4 ، ق1 ، ص 136 – 137

[54] – القلقشندي، ( ابو العباس احمد)، صبح الاعشى في صناعة الانشا ، القاهرة،ج ،4 , ص182 -183

[55] – الخالدي ، المصدر السابق ، ص 272 . بلغ عدد اراء المئة في الدولة المملوكية 24 اميرا بوجه عام ، وكان ينقص عددهم احيانا الى 18 ويزيد الى 26 او 28 اميرا ، انظر الظاهري ( خليل بن شاهين ) ، زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك ، اعتنى بتصحيحه بولس راويس ، المطبعة الجمهورية ، باريس ، 1891 ، ص 113 ، والقلقشندي ، ج4 ، ص13 – 14، و الطرخان ( ابراهيم علي ) ،مصر في عهد دولة المماليك الجراكسة ، القاهرة ، 1960 ، ص 229 .

[56] – الخالدي ، ص 272 . كان من حق امير المئة اقتناء مئة مملوك يشتريهم من ماله الخاص ، وحق لامير اربعين اقتناء اربعين مملوكا ، وسمي ” طبلخاناه ” لانه حق له بقرع الطبول على بابه كل يوم ،اما تسمية الامراء الاخرين فتنبع من عدد المماليك الذين سمح لكل واحد منهم باقتنائهم ، لمزيد من الاطلاع على هذا الموضوع انظر : ضومط ، الدولة المملوكية ، ص 63 – 65 .

– الخالدي ، ص 272 .[57]، والمواكب، ج2ن ص 12

[58] – القلقشندي، ج4، ص 185 ، والمواكب، ج2، ص13

[59] – القلقشندي، ج4، ص185 ، والمواكب، ج2 ، ص15

[60] – المواكب، ج2، ص16

[61] – الصفدي ، ق2 ، ص 182 ، القلقشندي ، ج9 ، ص 253 ، السلوك ، ج4 ، ق1 ، 425 ، 442 ،والخالدي ، ص 272 .

[62] –  ابن طولون ( شمس الدين محمد)،  مفاكهة الخلان في حوادث الزمان، تحقيق محمد مصطفى، الؤسسة المصرية العامة، القاهرة، 1962 ، ص50، 155، 157، 164، 183 وغيرها

[63] – ابن اياس ، بدائع ، ج1 ، ص 155 – 156

[64] – نجوم، ج10، ص 4،6، 44، ودمشق في عهد المماليك ، ص 145 .

[65] – كان والد ابن تغري بردي امير مئة ومقدم ألف وتولى نيابة دمشق ، وكذلك ابن اياس .

[66] –  ابن طولون ، مفاكهة ، ج1 ،ص 8 – 9 ، 240 ، 245 .

[67] – المواكب، ج2 ، ص 16-17

[68] – الخالدي ، ص 273 .

[69] – المكان نفسه .والمواكب، ج2 ، ص 16

[70] –  القلقشندي ، ج4 ، ص 34 – 36 .

[71] – السبكي ، 56 ، القلقشندي ، ج11 ، ص 408 – 414 ، ابن طولون ، نقد الطالب لزغل المناصب ، دار الفكر المعاصر ، بيروت ، 1992 ، ص 46 ، ونصار ، العامة ، ص 356 – 357 .

[72] – البصروي ( علي بن يوسف الدمشقي ) ، تاريخ البصروي صفحات مجهولة من تاريخ دمشق في عصر المماليك من سنة 871ه. – لغاية 904 ه. ،نحقيق اكم العلبي ، دار المأمون للتراث ،دمشق ، 1988 ، ص 136.

[73] – ابن طولون ، مفاكهة الخلان ، ج1 ، ص 36 ، 37 ، و 50 وغيرها .

[74] – ابن طولون ( شمس الدين محمد الصالحي الدمشقي )، الثغر البسام في ذكر من تولى قضاء الشام ، تحقيق صلاح الدين المنجد ،دمشق 1956، ص 130، 165، 219، 255 ،  وابن طولون ، نقد الطالب لزغل المناصب ، حققه محمد احمد دهمان وخالد محمد دهمان ، دار الفكر المعاصر ،بيروت ، 1992 ، ص 45 والمقريزي ، السلوك ، ج3، ق3، 1073 و 1168 ، والبصروي ، ص 174

[75] – ابن طولون ، الثغر البسام ، ص 128 – 130

[76] – ابن طولون ، الثغر البسام ، ص 155 . ولمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع انظر انريه نصار ، العامة ، 354 – 355 .

[77] – البصروي ، تاريخ البصروي ، ص 41، 43، 85- 86 ، وابن طولون ، الثغر البسام ، 124-125،160، 164، 180 وغيرها.

[78] – مفاكهة ،ص 115،158، 160 ، 162 وغيرها كثير

[79] – الخالدي ، ص ، 273، المواكب، ج2، ص 17

[80] – الخالدي ، ص 273 .

[81] – القلقشندي، ج4 ، ص 193

[82] – عينه، ج4 ، ص 30 ، والمواكب، ج2 ، ص 19

[83] – المكانان عينهما

[84] – لمزيد من التفصيل حول هذا الموضوع انظر:انريه نصار ، العامة في دمشق ، ص 360- 364

[85] – ابن ابي اصيبعة ، ( احمد بن القاسم )، عيون الانباء في طبقات الاطباء ، تحقيق اوغست مللر ، القاهرة ، 1822 ، ج2 ، ص 155

[86] – ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج13 ، ص 262، والنعيمي الدارس ، ج2 ، ص 129 – 133،و135

[87] – كرد علي ، (محمد )،خطط الشام ،مطبعة الترقي ، دمشق ، 1927 ، اما ج6 ، فطبع في مطبعة المفيد ، دمشق ، 1928 ، ج6 ، ص 161.لن اتوسع بدراسة البيمارستانات لانها لا تتعلق اجمالا بالوظائف الدينية

[88] – اسسها نور الدين زنكي ، ابن كثير ، البداية والنهاية، ج13 ، ص 58، والنعيمي ، الدارس ، ج1 ، ص 359

[89] – المصدر السبق ، ج2 ، ص 261 – 270 .

[90] – النعيمي ، ج1 ، 365 – 367 .

[91] – البداية والنهاية ، ج13 ، ص 339 ، والقلقشندي ، ج4 ، ص 192 .

[92] – كان المدرسون بوجه عام من القضاة والفقهاء ، والمعيدون من القضاة احيانا ومن العلماء انظر حول هذا الموضوع :ابن جماعة ، تذكرة السامع ، ص 150، 201، 204، والسبكي ، معيد النعم ، ص 108، والنعيمي، الدارس ، ج1 ، ص 297

[93] – القلقشندي ، ج5 ، ص 465 .

[94] – البداية والنهاية، ج14، ص 84، 321

[95] – ابن كثير ،المصدر السابق ، ج14، ص 71، 321

[96] – لابيدوس ، مدن الشام، ص 176

[97] – لمزيد من التفاصيل عن ازياء المتعممين انظر : العمري ، مسالك الابصار ص 112-113

[98] – الخالدي ، ص275 . القلقشندي ، ج5 ، ص 473 .

[99] – القلقشندي ، ج5 ، ص 473 – 474 .

[100] – الخالدي ، ص 275 .

[101] – القلقشندي ، ج4 ، ص 194 . الخالدي ، ص 275 .

[102] – لابيدوس ،المرجع السابق ، ص 136.

[103] – سعد،( فهمي عبد الرزاق )، العامة في بغداد في القرنين الثالث والرابع الهجريين، الاهلية للنشر والتوزيع،بيروت ، 1983، ص 121 .

[104] – الظاهري ،زبدة كشف الممالك ، ص41 فهو يقول ان احد تجار الكارم استطاع بناء مدرسة من مدخول يوم واحد،ويقول القلقشندي ان بعض التجار دين السلطان مئة الف درهم فضة ،ج4،ص 32 وما بعد. ابن تغري بردي ، نجوم ، ج10، ص279، وابن اياس  ،ج1 ،ص 197 وانظر ايضا Ashtor , Eliahu ,Histoire des Pix et Salaires dans  l Orieht Medieval , Ecole Pratique des Hautes etudes ,Paris ,1959 , p 271

[105] – مفاكهة ، ج1 ، ص 100 وغيرها

[106] – مفاكهة ، ج1 ، ص 41، 44 – 45، 78 ، 89 ، 91 ، 119، 231، 164 وغيرها، اعلام ص194، 203 ، 222.

[107] – لن اتحدث عن بياض العامة اي مياسير التجار واصحاب الحرف الكبرى بتفصيل لان هذا الموضوع يتطلب دراسة قائمة بذاتها .

[108] – الصولي ( محمد بن يحي ) ، اخبار الراضي لله والمتقي بالله ، مطبعة الصاوي ، مصر ، دون اتريخ ، ص 202 – 211 وغيرها ، المسعودي ( ابو الحسن ) ، مروج الذهب و معادن الجوهر ، تحقيق شارل بلا ، منشورات الجامعة اللبنانية ، بيروت ، 1973 ، ج2 ، ص 307 – 308 وغيرها .

[109] – الدينوري،( ابو سعد نصر بن يعقوب )،التعبير في الرؤية،او القادر في التعبير،مخطوط متحف بغداد رقم 598 ، نقلا عن سعد ( فهمي)،العامة في بغداد، ص 66.

[110] – الطبري،( محمد بن جرير)،تاريخ الرسلوالملوك،دار المعارف، القاهرة،1960- 1969،ج8،ص448 – 468

[111] – الصفدي ، ( خليل بن ايبك) ، نكت الهميان في نكت العميان ، ص 10 ، نقلا عن العامة في بغداد لفهمي سعد ،ص66 .

[112] – لابيدوس ، مدن الشام ، ص ، 137.

[113] – خطط ج1، ص 89 ، لابيدوس ، المرجع السابق ، ص 137 – 138 .

[114] – السبكي ، معيد النعم ، ص 9 – 10

[115] – لابيدوس ن مدن الشام ، ص 138 .

[116] – المقريزي ، خطط ، ج1، ص  89

[117] – لابيدوس ، ص 138 .

[118] – ابن طولون ، مفاكهة ، ج1 ، ص 35 ، 68 ، 100 ، نصار ، العامة ، ص 88

[118] – نصار ، العامة ، ص 88 ، يستمد رأيه من Goitein  , S. D . , “Artisans en Méditerrannée orientale au haut Moyen-Age “in annales E.S.C., n 5 (1964), PP.847-868, P.852.

[119] – نصار المكان نفسه

[120] – مفاكهة ، ج2 ، ص  10

[121] – المصدر نفسه ،ج1 ،ص 115 .

[122] – المصدر نفسه ،ج1، ص 16 و 198 .

[123] – ابن طولون ،اعلام الورى ،ص 118  ، ومفاكهة، ج1، ص16 ، 87

[124] – المقريزي ، السلوك ،ج3 ، ق1 ، ص106 – 107 .Heyd .W , Histoire du commerce du Levant au Moyen -Age ,T2 , Leipzig , 1885 – 1886 ,p. 52 . 

[125] – مفاكهة، ج1، ص 130

[126] – مفاكهة، ج1، ص87

[127] – النعيمي ( عبد القادر بن محمد )،الدارس في تاريخ المدارس ،دار الكتب العلمية ، بيروت، 1990،ج2 ،ص 244.وابن طولون ،مفاكهة،ج1 ،ص 124 .

[128] – زيادة ، ( نقولا ) ، دمشق في عصر المماليك ،مؤسسة فرانكلن ،بيروت – نيويورك،1966، ص 131 – 133.

[129] – مدن الشام ، ص ، 157.

[130] – المكان نفسه .

[131] – المسعودي ، مروج الذهب ، ج2 ، ص 318 . وانظر ايضا: ضومط (انطوان )،بالاشتراك مع آخرين : الشرق العربي في العصور الوسطى ، الدار الجامعية للنشر، بيروت ، 1995 ، ص 208 – 209 .

[132] – ابن طولون ، مفاكهة، ج1 ، ص 3 ، 166 ، 168 ، 186 ،191، 195 ، 204 ، 261 – 262 ، واعلام الورى، ص 108 ، 127 ، 183 ، وغيرها .

[133] – ابن طولون ، مفاكهة ، ج1، ص 212 واعلام،ص 51 ، ونصار ،العامة ، ص 97 .

[134] – ابن طولون ،مفاكهة ، ج1 ، ص 27،92، 137، 153،160، 179- 185 ، 212 – 214 ، 224- 225، 250-252 وغيرها، واعلام،ص 101- 102 ،121 – 122 وغيرها .

[135] – مفاكهة ، ج1 ، ص 283 .

[136]  المصدر نفسه ، ج1 ، ص247 .

[137] – ابن طولون ،مفاكهة ، ج1 ، ص 65 -66 ، 196 ، 224- 225، 258 – 259 ،295 وغيرها ، و اعلام الورى ، 121- 122 ، 167 – 168 ، 196 – 197 ، وغيرها . الاستاذ في الاصطلاح المملوكي هو من يشتري المماليك ، وتعني ايضا من اشترى المماليك وتربوا بعهدته ،ومن ثم اعتقهم وظلوا ابدا يرتبطون به برابط الولاء والطاعة عموما ، من هنا تأتي اهمية لقب ابن الاستاذ . اما لقب قريش فهو ادعاء نسبي للدلالة على ان صاحبه يتحدر من آل قريش

[138] – نفسه ، ج1 ، ص 268 ، واعلام الورى ، ص 174، 195، 199، 203

[139] – مفاكهة ،ج1 ، ص 238- 239 ، 292 – 293 ،و314

[140] – ان مؤلفي ابن طولون :مفاكهة الخلان واعلام الورى مليئة بهذه الاخبار وسأكتفي فقط بذكر بعض الصفحات ، مفاكهة ، ج1 ،ص 179، 180، 182، 183، 247، 283..

[141] – مفاكهة ، ج1 ، ص 292 – 293 ، واعلام ، 195 ، ونصار ، العامة، ص 101

[142] – ابن طولون ، مفاكهة ، ج1 ، ص 180 .ويقول كانت بالغة ولم يسعدوا بها لانها نهبت.

[143] – نفسه ، ج1 ، ص 185 ، 247 ويسنهجن ابن طولون ،وكان قاضيا بدمشق، هذا الامر

[144] – مفاكهة ، ج1 ، ص  247

[145] – نفسه ، ج1 ن ص 225

[146] – مفاكهة، ج1، ص 179، 182-183،

[147] ، عينه ص 232، 200 ،

[148] -مفاكهة، ج1، ص219

[149] – مفاكهة، ج1، ص 185، 201 ، 200

[150] – عندما قتل الزعر احد الظالمين غرمهم نائب دمشق بخمس مئة دينار فتدخل لصلحهم قاضي القضاة ابن الفرفور لدى النائب فعفا عنهم ، مفاكهة ، ج1 ، ص 160

[151] – اعلام الورى ، ص 118 – 119 ، 127 و مفاكهة، ج1 ، ص 177، 204، 213-214، 238-239و181.

[152] – مفاكهة ،ج1 ، ص 181، 207 ، 278 -279، 293، واعلام ، ص 175و 181، ونصار ، ص 102 .

[153] – مفكهة ، ج1 ، ص 204

[154] – نفسه ، ص 238 – 239 .

[155] القلقشندي ،ج3، ص 375 – 376 ، Preؤprecis de l Histoire d Egipte , par divers historiens et rcheologues ,P240 t 2  , Istitut Francais De Damas ,1932   

[156] – الظاهري ، زبدة ، ص 122

[157] – خطط، ( بولاق ) ، ج3 ، ص 347 – 348 ، ولمزيد من التفاصيل حول تربية المماليك ومميزاتهم انظر : ضومط ،الدولة المملوكية ، ص 28 – 38 .

[158] – البصروي ، ص 198 ، هامش رقم1 ،ونصار ، العامة ، ص 320 .

[159] – البصروي ، ص 179

[160] – اعلام ، ص 157 ، ومفاكهة، ج1 ، ص 275

[161] – مفاكهة ، ج1 ، ص 247

[162] – نفسه ، ص 249

[163] – مفاكهة، ج1 ، ص 261

[164] – انظر ابن طولون في اماكن متعددة من كتابيه : مفاكهة،ج1 ، ص 275 ،289، 316 ، 342-343 وغيرها،واعلام، 171، 178، 205، 208،222 وغيرها

[165] – مفاكهة ، ج1 ، ص118-119

[166] – البصروي، ص 110  مفاكهة ، ج1 ، ص 41 ، 44 – 45 ، 119 ،231،292، 

[167] –  مفاكهة، ج1 ، ص44

[168] – مفاكهة، ج1، ص 213

[169] – مفاكهة، ج1 ، ص 78، 91،

[170] – المقريزي، السلوك، ج3، ق3، ص1145، مفاكهة، ج1، ص 108، ، 146 ، 180- 181 ، 209، 291،

[171] – مفاكهة، ج1، ص 287، 374، اعلام، ص 187، ونصار ن العامة، ص 326

[172] – البصروي، ص 125، 176، مفاكهة ، ج1، ص132 167،، 158،199 222، اعلام الورى، ص79، 99،119، 187، 209،

[173] – مفاكهة، ج1 ،17،92،100،101،127،208، 214،222،260،286،وغيرها،اعلام الورى، ص 79،119، وانظر نصار ،العامة، ص 327 – 331

[174] – مفاكهة، ج1، ص 6، 41، 62،  64، 65، 79،  124-125 ، 146 ، 147 ، 160، 178، 215، اعلاو الورى، ص 96، 97،

[175] – ابن طولون ، مفاكهة الخلان، ج1، ص 8-9،41، 65،124 79، – 125، 227، 299، 234،

[176] – البصروي، ص183،207،219،239، اما مفاكهة الخلان فهو مليء باخبار الجرائم واللصوصية وغيرها من المفاسد سأكتفي بذكر بعض الصفحات فقط:ج1،17، 92، 153،164،177،204،225،234،257، واعلام، ص،122، 136،164،181،وغيرها كثير

[177] – سلوك، ج4،ق3، ص 1066- 1067، السبكي، معيد النعم، ص 35-36، وفاكهة، ج1، ص 93-94، 142-143، 204- 205، 297

[178] – البصروي، ص 101- 102، ومفكهة،ج1، ص 7-9،65

[179] – مفاكهة، ج1، 30، 84، 158، 215، 248-249

[180] – مفاكهة، ج1 ، ص20-21

[181] – مفاكهة، ج1، ص 42، 203

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *